[ مدرســه مجانين ! ]
قُمت بهدوء وأنا اتجه للخآرج .. لكن أوقفني صوت ناعم يناديني ( مينـــوري )
إلتفتْ ورائي لأرى نظراتٍ مُــرعبة تُحيطنــي من كُل جهه ( مـ ... مـ .. مـآذآ ؟ )
إقتربت أحدآهُن منيّ والغضب بآدِ على ملامح وجهها الجميلة .. حتى أن صوتها أرعبني ( ماعلاقتكِ بريو ؟ ) ..
هه ! ما إن سألتني هذا السؤآل حتى رغبت بالضحك بشدة .. أهذا حقاً ماتُفــكر فيه ؟
نظرت في عينيها ثم قلت بسخرية ( هكذآ إذاً .. " أعطيتهن ظهري " .. ليس بيني وبينه شيء ابداً )
( بلى .. هنالكِ شيءُ بيننـــآ ! )
نظرنا جميعاً إلى مصدر الصوت .. كان جالساً على طاولتـه مُحنياً ظهره قليلاً مبتسماً بهدوء
صُدمت جميع الفتيـــات من قوله المفاجئ وإبتسامته .. ومنهن أنا !
وبدأت تتعآلىَ أصوات الإعتراض بينهُن
كُنت محاطةً بهنْ حيث أنهن شكّلن حولي حلقةً دائرية .. صرخت بسبب الإزعاج الذي أحدثنه ( سكووووووووت ! )
أحسست بإن نظراتهُن كالخناجر تخترق كل جزءٍ من جسدي
كنت مرتبكــة والخوف يتسلل إلى قلبي شيئاً فشيئاً ليجعله يترآقص رُعباً .. مالمصيبة التي قد يوقعني فيها ؟
لآ .. أتمنى أن لا يكون ما أتصوره .. !
ركضت إليه بسُــرعة لأنظر في عينيه بغضب .. همست ( مـ .. مالذي تقصده ؟ )
حَك أنفه وأشاح بوجهه بعيداً عني .. قال بصوتٍ مرتفع ( ألستِ مُهــرجتي الآن ويجب عليكِ إسعادي ، ألا تٌعتبر هذه علاقة )
رفعت حاجبي الأيمن دلالة التعجب وقلت ( أي نوع من العلاقة الغريبة هذه ؟ )
وما جعلني أتعجب حقاً .. هو همسآت الفتيآت وضحكآتهن مع بعضهن عند سمآع كلآمه ..
وايضاً ! .. لقد رحلن وإبتسامات الرضا المُشرقة بادية على وجوههن ..
على الأقل .. لم أمُت على أيديهِن .. أو ليس كما توقعته ، هذآ أفضل
أجابني بلا مبالاة .. ( المُهــم أنها علاقة على أي حال " أمسك بمعصمي " هيّــا لنذهب لتناول الغداء سوية مع بعض الأصدقاء )سحبت يدي بقوة وعقدت حاجباي بغضب ( مآبك ؟ إن إمساكك ليدي يُصيبني بالحكـة والاشمئزآز ، غير ذلك .. أنا أفضل البقاء وحيدةً هُنــا )
بقي صامتاً ... كان ينظر أمامه الى .. اللآ شيء .. ثم قال ببرود غريب دون النظر إليّ ( كما تشآئين ! )
بقيت أنظر إليــه بغضبٍ لمُده .. لم أعلم طولهآ .. ولكنني وعيت بعد فتره لأُلحظ أنه إختفى .
رجعت إلى مكآني .. سحبت الكُرسي بإتجاهي وجلست عليه بضجر ناظرةً إلى النافذه لأُراقب الحديقه الكبيرة بالخارج
ثم أدرت وجهي إلى باب الفصل لأرى مخلوقاً صغيراً ينظر إليّ من طرفه بنظراتٍ متفحصة
قُلت بهمسٍ مسموع ( أحدُ الأقزام السبعــة ؟ )
وقف ذلك المخلوق بإعتدال .. لأكتشف بإنهُ فتاة قصيرة القامة نوعاً ما ذات وجه طفولــي بريء
تمرقني بنظرة تفحُص جعلت قلبي يترآقصُ رُعبــاً ..
أحسست كأن هالةً سودآء حالكة الظلام تُحيــط بها بشكل رهييب
والمُشكلــة أنه كُلما إقتربت مني تجعلني انتفض أكثر فأكثر !
والمُصيبــة الأكبر أنني الوحيدةُ الموجودة بهذا الفصل .. أتراها شبح ؟
رأيتهُــا تقترب متجهة إلي بخطواتٍ قويّــة .. إلى أن أصبحت أمامي مُبــاشرةً
( أهلاً ) .. ما إن قالت هذه الكلمــة حتى نظرت إلى الاسفل .. لأتأكد أن قلبي لم يسقُط فعلاً
صوتها غريب جداً .. عميـــق وفيه نبرة حزنٍ ممزوجةٍ بحقد دفين ، لا أعلم لكن هذا ما شعرتُ به
( أعرف شعوركِ تماماً .. بإن تكوني الضحية التالية له )
آه يا إلهي .. أحسست أن مساً قد أصابها .. فلقد تغيّر صوتها بشكل مفاجئ عندما قالت آخر جملة لها
ولكن .. ماذا تقصد بإنها تعرف شعوري .. ضحية منْ ؟
أمسكت بيدي فجأةً وجلست على كُرسي ريو بجانبــي مما جعل القشعريرة تسري بجسدي
( سيجعَلُــك أضحوكه ! ، سيُهينــكِ أمام الجميـــع .. إنتبهي ، إن إكتشف أحدى أسرارك .. فلقد إنتهيتي )
نظرت إليهــا بتعجُب وقلت متسائلةً بغير إدراكِ مني ( هل تُشاهدين أفلام رُعبٍ كثيــرة يآ أُختاه ؟ )
رمقتني بنظرةٍ حادة وكأنها إخترقت عيناي ( ستعرفين أني على حق قريباً .. والآن )
وقفت بُسرعه محدثةً ضجه بالكُرسي ( أراكِ لاحقاً مينـــوري ! )
قلبي آهٍ يآ قلبــي .. إنها فعلاً كالشبــح ، نظرتُهــا .. نبرةُ صوتهــا .. كلامُهــا .. غير طبيعي أبداً
حمدتُ الله ألف مرةٍ على ذهابهــا .. فعلاً هذه مدرسةُ مجانيـــن
نظرتُ إلى الساعة المُعلقة أعلىَ السبــورة أمامي .. ( ألم يتأخر وقت الفُسحــة ؟ )
ما إن إنتهيت من هذه الجُملــة حتى رنْ الجرس
مُعلناً نهاية الفُسحـة التي ضاع وقتُهـا كله - بالنسبة لي – في الشجآر والرُعب والتوتُــر
شيئاً فشيئاً أصبح ألطلاب يأتون إلى الفصــل .. والممرات في إزدحآم طلابي ..
لمحت ريو قادماً من بينهــم .. ظللت أنظر إليه وهو يتحدث مع فتىً ما لرُبمــا هوَ صديقهْ ..
إلتفتَ ناحيتــي وابتسم .. مما أثار غيضي كثيــراً
دخلا هُمــا الإثنان وإقتربا ناحيتــي .. وقف ريو خلفــي أما صديقه كان مُقابلاً له
ربت على كتفــي بقوة وقال مازحاً ( آه .. هذه هي مُهرجتــي التي حدثتُك عنهـــا )
إبتسم ذلك الفتى وحيآني بهدوء .. لكنني لم أجبه بل كُنــت أنظر إلى ما خارج النافذة مُدعيةً الشرود ..مرت الحصص الأخرى بشكل عادي جداً وهادئ .. دون مشاجرات ، أو حتى إستفزاز !
وما فاجأني حقاً .. هو أن ريو كان يركز بالشرح كثيراً ، رُبما هو ليس بذاك الغباء الذي توقعتــُه
بنهــاية الدوام ..
أدخلتُ كرسييّ بالطآولة بعدمــا رتبتُ كتبي وأنطلقت مُسرعة .. إلى أن إستوقفني صوتٌ كرهته من يومي الأول
( مينـــوري ! )
( ماذا الآن ؟ ) ( إلى أين ستذهبيـــن ؟ ) .. حقاً لقد كان سؤاله مُحيراً ... إلى أين سأذهب ؟
قُلت بجُرأة ( لا أعلم ) .. ضحك بخفه ثم تقدمنــي وقال ( إتبعيني )
مشيتُ خلفه .. لم أسأله إلى أين .. فإحساسي يقول أنه سيدُلنــي على مكان سكنــي
وها أنا ذا أُثبت صحة إحساسي ... أقف أمام باب غٌرفتي الذي وُضعت أمامه حقائبــي
( إذاً .. علي الذهآب الآن ، أراكِ غداً .. مُ هَ رِ جَ تِ ي ! )
ثم أخذ يركض بخطواتٍ سريعــة خائفاً من أن أنقض عليه كالأسد الهآئج
بخصوص موضوع الأسد الهائج ، أنا أشعر بزئيره في بطنـــي .. فالجوع يكادُ يقتلني بحَق
أسرعتُ بفتح البــاب بالمفتآح .. بحثتُ عن زر تشغيل الأنوار بإصابعي على الجدار إلى أن أحسست به وضغطته
كانت غٌرفتــي واسعةً جـــداً .. جدارها أبيض وأرضها مفروشه بسجّــادٍ وردي يُضفي لمسةً ناعمةً عليهــا
سرير بإحدى زواياهــا .. ومكتــب طويل بسيـــط للدرآســة
ألقيت بحقيبــة المدرسة بعيـــداً وفسخت حذائي بشكل سريع ورميته أيضاً حتى إصطدم بالجدار ووقع إرتميتُ على الســرير بتعب .. قلت هامسةً لنفسي بألم ( آه .. يومُ شاق جداً .. ظهري يؤلمنــي )
أغمضت عينــي بهدوء .. وها أنا ذا ..... أنام أخيراً !
عدة سآعآتٍ مرت .. لم أشعُر بها قَط ..
كُنت أحتضن وسآدتي بقــوه وكأنها شيءٍ ثمين لآ أود ضيآعه منيّ
إستيقظت إثرَ الطرق العنيف لبآب غُــرفتي بشكل مُتتآلي ..
كانت الغرفة مظلمــة تماماً إلا أن جُزءًا من ضوء القمـر يتسلل إليها من النافذة الصغيرة الموجودة بالأعلى
وهذآ ما يسّر علي المشي للإقترآب من البـــاب ..
حككتُ عيني بإنزعاج وأنا أتحسس زر تشغيل الأنوار وقُلت ( مـــن ؟ ) .. إلا أنني لم أحصُل على أي جــواب ..
بل زآد الطرقُ عنفـــاً وإزعاجاً .. وهذآ ماجعلني أتقدم مُسرعةً بغضب لأفتحــه |