عادت بسرعة ومشى خلفها وهو يقول مدافعاً: - لكن لماذا؟ تريدين العثور على سارق حقيبتك! - سنجدهم في مكانٍ آخر! نعم ..
كانت تكلم نفسها وهي تتمتم بكلمات لم يفهمها ... بالأأحرى لم يسمعها! ولكنها كانت تبدو متوترة وخائفة، فكل ما حدث معها حتى الآن لم تتوقعه ولم تتخيله حتى!! تكلم قائلاً : - إذاً ، سنذهب إلى مقصورتي؟ - لا! ظلت تسير في الممر الطويل وتمر بالغرف الصغيرة، الواحدة تلو الأخرى ولم تتوقف أبداً لكي تتحدث أو تتناقش في الأمر، وصمت مستسلماً وهو يسير خلفها وينتظر ماذا ستفعل .. وصلا إلى نهاية القطار ثم رفعت يدها وضغطت على زر الطوارئ! بدأ الجرس بالرنين في انحاء القطار بصوتٍ مرتفع فصاح معاتباً: - يالهي! ماذا فعلتِ!؟ - لقد سرقت حقيبتي!! اليس هذا مدعاة للطواريء! لم يجبها واكتفى بالنظر من خلال زجاج النافذة الخلفية للقطار، كانت واسعة جداً والمنظر رائعٌ من خلالها، كان القطار يسير بسرعة ويمر بالأراضي الثلجية البيضاء .. تكلم باستغراب : - لقد مرّت بضع دقائق وجرس الانذار يرن بلا مجيب!
بدأت تشعر بالخوف وهمست : - ربما القطار فارغٌ من الاساس! تذكرت فجأة وقالت : - لكن هناك شخصٌ ما التقى بي و ..
توقف القطار فجآة فارتطم الاثنان بالزجاج .. "ماهذا؟ يبدو بأن هناك شيء ما غريب في الأمر!" تساءل بسرعة : - هل انتِ بخير؟ استعادت توازنها وقالت بصوت متعب : - أجل.
سار للأمام وسارت خلفه وإذ بهم يرون ابواب القطار تفتح فجأة!! كانت الشمس قد بزغت تقريباً وامتلأت السماء بضوء النهار .. لكن لم تكن هناك أي محطات! علاوة على ذلك، عندما انفتحت الأبواب بشكلٍ مفاجئ، دخلت الرياح الباردة وجعلت المكان مثلجاً! عادت بسرعة وهي تقول : - سأضغط على زر الانذار مجدداً! ركض الاثنان بسرعة والهواء البارد يعيق حركتهما، ضغطت على زر الإغلاق ولكنه لم يغلق، حاولت أن تضغط بقوة ولكنه لم يجدي نفعاً ولهذا قام "هو" بضربه بقوة فعاد إلى مكانه وقفلت الأبواب ثم بدأ القطار في التحرك مجدداً! " هل هذا يعني بأن القطار فارغ؟!" شعرت بأن دموعها على وشكِ النزول، قاومت نفسها ومشت ببطء .. لاحظ توترها فمشى بجانبها بدون ان يقول شيئاً .. توقفت عند الكرسي ثم نظرت إليه وهي تقول بعصبية وجزع : - ماذا؟ أليس هناك حلٌ لذلك الغراء!
نظر امامه وتكلم قائلاً : - لا أعتقد بان القطار فارغ، دعينا نفتح تلك الأبواب . ترددت وهي تقول بدون ان تتحرك : - ماذا؟ لكن بتلك الطريقة سوف نهتك خصوصية الآخرين . - سوف نجرّب فقط .. سارت معه بقلق، بدأ يفتح ابواب الغرف واحدة بعد الاخرى . لكن جميعها كانت مغلقـة من الداخل ، ولهذا تكلمت وهي تحاول أن تبدو قوية : - لأنها مغلقة من الداخل، أي أن هناك أناسٌ نائمون، أليس كذلك؟ "ماهذا! حقاً غريب " .. كان يفكر ولم يستطع الإجابة على سؤالها، وبدلاً من هذا تكلم قائلاً: - سوف ندخل إلى الغرفة المظلمة، يجب أن نجد سائق القطار ليوضح لنا ذلك الشيء الغريب ..! " لا! يا ألهي أنقذني! " دمعت عيناها، لم تستطع اخفاء خوفها وقالت : - لا يجب علينا ان ندخل إلى تلك الغرفة المظلمة .. - لكن لماذا؟ تجمدت في مكانها ورددت : - لا أريد الذهاب إلى هنـاك . شعر بأنها خائفة ومتوترة، لذلك قرر التراجع وقال : - ماذا ستفعلين؟ هل ستقومين بالتخلي عن حقيبتك ..؟ - أ .. أجل . سأتخلى عنها ! توقف الاثنان عن الكلام .. وظلا يتطلعان من النافذة الكبيرة التي توجد بجانب الكرسي على منظر الثلج المتراكم . وعندها قال مبادراً : - الجو بارد هنا، لماذا لا ندخل إلى المقصورة ..؟
نظرت له بسرعة وقالت بفزع : - ماذا؟ معاً؟ تردد وهو يقول : - أ .. أجل ؟
أدارت وجهها وقالت بقوة : - سابقى هنا مهما كلف الأمر . - لكن تبقى أكثر من خمس عشرة ساعة حتى نصل إلى المحطـة ..! " ماذا سافعل في تلك الورطة! لكن هو من بدأ، هو من ألصق يده بملابسي، يستحق هذا" .. كانت تتمتم لنفسها بعصبية وهي تشعر بالجزع والبرد . نظرت إليه بضيق وهي تقول : - هل تشعر بالبرد؟ أليست لديك ملابس ثقيلة ..؟
أجاب وهو ينظر نحو الغرف : - حقيبتي هناك، في المقصورة! على الأقل سأذهب لأحصل عليها قبل أن يقومَ احدٌ ما بسرقتها . الخوف يعتصرها ، وهي تفكّر .. " من هو ..؟ لماذا هو الوحيد الذي لم يختفي على متن هذا القطار، هل يمكن أن يكون شبحاً ا وشخصاً مؤذياً؟ باي حال لا يجب أن أذهب معه إلى أي مكان مغلق .. نعم .. نعم هذا ما سأفعله " عندما رفعت عينيها كان ينظر إلى وجهها، شعرت بالارتباك وصاحت : - لا !! لن نذهب إلى مقصورتك!! كانت ترتجف .. الوقوف بدون فعل أي شيء، مع ذلك الخوف والقلق يجعلان من البرد أشد قسوة .. بدأ يمشي وتبعته على الرغم منها ، كانت مذعورة وحاولت أن تفلت ملابسها من بين يديه ولكنه كان يقبض عليها بإحكام ليسحبها نحو المقصورة .. - اتركني، أيها الوغد .. اتركني ... !! لم يبال لصراخها وظل يسير نحو المقصورة، ولكنه ما إن حاول فتح الباب حتى توقفت عن الصراخ والمقاومة .. لان الباب لم يفتح معه ..!! تأكد من الرقم على الباب وهو يفكر " انا متأكدٌ بأنها مقصورتي! .. لماذا لا يفتح الباب هل هناك طريقة ما ..؟" .. حاول أن يفتحه مجدداً ولكن لا فائدة!! ضرب الباب بعنف ولكنه لم يستجب!! كان هذا غريباً جداً وعندها تكلم قائلاً : - أنا متأكدٌ بانه باب مقصورتي! .. تطلعت إلى الباب باستغراب وهمست: - ولكن لماذا لا يفتح ..؟ أليس معك مفتاح لها؟ - لا، المفتاح موجود بالداخل .. لقد تركت المقصورة على وجه السرعة لكي أغسل يدي من الغراء . -------------------------------------------
__________________
الى اللقاء |