الاصل الثالث من اصول عقيدة اهل السنة والجماعة :
موقف اهل السنة والجماعة من مسالة التكفير من أُصول عقيدة السَّلف الصالح ؛ أَهل السنة والجماعة : انهم لا يكفرون أَحدا بعينه من المسلمين ارتكب مكفِّرا إِلا بعد إِقامة الحجة التي يكفر بموجبها ؛ فتتوافر الشروط ، وتنتفي الموانع ، وتزول الشبهة عن الجاهل والمتأول ، ومعلوم أَن ذلك يكون في الأُمور الخفية التي تحتاج إِلى كشف وبيان ، بخلاف الأَشياء الظاهرة ؛ مثل جَحْد وجودِ الله ، وتكذيب الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وجحدِ عموم رسالته ، وختمهِ للنبوة .
فمن موانع التكفير :
الخطا : وهو أن يقصد بفعله شيئاً فيصادف فعله غيرَ ما قصد ، كمن يريد رمي غزالٍ فيصيب إنساناً ,,
الجهل : وهو خلو النفس من العلم ، فيقول قولاً أو يعتقد اعتقاداً غير عالم بحرمته ، كمن يعتقد أن الصلاة غير واجبة عليه ، أو أن الله غير قادر على حشر الأجساد إذا تفرقت ، والسبب وراء ذلك جهله بوجوب الصلاة وقدرة الله جل وعلا
الإكراه : وهو إلزام الغير بما لا يريد ، ففي هذه الحالة يكون المكرَه في حلٍّ مما يفعله أو يقوله تلبية لرغبة المكرِه دفعا للأذى عن نفسه أو أهله ، وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده ولطفه بهم حيث لم يكلفهم ما يشق عليهم
التأويل : وهذا المانع من التكفير إنما يختص بأهل الاجتهاد دون غيرهم من المتقولين على الله بالجهل والهوى ، وذلك أن المجتهد قد يترك مقتضى نص لنص آخر يراه أقوى منه
و من شروط التكفير :
الأول : ثبوت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة , فإذا لم يثبت أن هذا القول، أو الفعل، أو الترك كفر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة ، فإنه لا يحل لأحد أن يحكم بأنه كفر، لأن ذلك من القول على الله بلا علم .
الثاني : ثبوت قيامه بالمكلف , وإذا لم يثبت قيامه بالمكلف فإنه لا يحل أن يرمى به بمجرد الظن .
الثالث: بلوغ الحجة , وإذا لم تبلغه الحجة فإنه لا يحكم بكفره .
الرابع: انتفاء مانع التكفير في حقه , فإذا أُكره على الكفر فكفر وكان قلبه مطمئناً بالإيمان لم يحكم بكفره، لوجود المانع وهو الإكراه ,, و هكذا مع جميع موانع التكفير .
وأَهل السنة لا يكفرون المكره إِذا كان قلبه مطمئنا بالإِيمان . ولا يكفِّرون أَحدا من المسلمين بكلِّ ذنب ، ولو كان من كبائر الذنوب التي هي دون الشرك ؛ فإِنَهم لا يحكمون على مرتكبها بالكفر ، وإنمَا يحكمون عليه بالفسق ونقص الإيمان ، ما لم يستحل ذنبه ؛ لأنَّ الله- تبارك وتعالى- يقول : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } سورة النساء : الآية ، 48 , ويقول سبحانه : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } سورة الزمر : الآية ، 53
وإذا مات العبد على ذنب- دون الشرك- لم يستحله ؛ فَأَمرُه إِلى الله تعالى ، إِن شاء عذَّبه ، وإن شاء غفر له .
وقد حذر النبي- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أَن يكفر أَحد أَحدا دون برهان ، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « أَيما امْرِئٍ قَالَ لأَخِيه : يَا كَافِر ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ، إِنْ كَانَ كَمَا قال ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْه » رواه مسلم ,, وقال : « مَنْ دعَا رَجُلا بِالكفْر ، أَوْ قَالَ : عَدُوُّ اللهِ ، وَلَيْسَ كَذلِك إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ » رواه مسلم ,, وقال : « لا يَرْمِي رَجُل رَجُلا بالفُسُوق ، وَلا يَرْميهِ بِالكُفْر ، إِلَّا ارْتدتْ عَلَيْهِ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذلِك » رواه البخاري ,, وقال : « ومَنْ رَمى مُؤْمِنا بِكُفْر ، فَهُوَ كَقَتْله » رواه البخاري ,, وقال : « إِذَا قَالَ الرجلُ لأَخِيه : يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا » رواه البخاري ,, وأَهل السنة والجماعة :
يفَرِّقُونَ بين الحُكْم المطلق على أَصحاب البدع بالمعصية أَو الكفر وبين الحكم على شخص معين- ممن ثبت إِسلامه بيقين- صدرت عنه بدعة من البدع ، بأنَّه عاصٍ أَو فاسق أَو كافر ، فلا يحكمون عليه بذلك حتى يبينَ له الحق ، وذلك بإِقامة الحجة وإزالة الشبهة ، وهذا في الأَشياء الخفية ، لا في الأُمور الظاهرة ؛ ثم هم لا يكفرون المعَيَّن إلا إِذا تحققت فيه الشروط وانتفت الموانع .
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |