كان يدفع عربة حقائب السفر في صالة الاستقبال بمطار نيويورك الدولي ..!
قطب حاجبيه وهو ينظر للشابة بجانبه : لما كل هذا العدد من الحقائب ؟!..
تنهدت تلك الشابة و هي تقول : صار لدينا طفلان الآن .. لذا من الطبيعي أن تكثر الحقائب ..!
كانت الشابة تدفع عربة فيها طفل يبدو أنه قد أكمل شهره الخامس ..!
و هناك تلك الطفلة الصغيرة ذات الأربعة أعوام و التي تمسكت ببنطال الشاب وهي تقول : بابا .. هل هذه أمريكا ؟!..
إبتسم وهو يقول : نعم عزيزتي أيكو .. هذه أمريكا ..!
بادلته الابتسامة و نظرت لأخيها الصغير : شو لم يأتي لأمريكا من قبل .. صحيح ؟!..
أومأت والدتها إيجاباً : نعم صغيرتي .. أنتي فقط أتيتِ معنا منذ عامين .. أما شوتا فهذه مرته الأولى ..!
سمعوا حينها صوتاً ينادي : رين .. إليسيا ..!
التفتوا جميعاً حينها لتصرخ أيكو بفرحة : خالي !!..
ركضت حينها ناحيته ليستقبلها بين ذراعيه و يحملها بين يديه بسعادة : أيكو عزيزتي .. اشتقت لك ..!
اقتربت بقيت الأسرة ناحيتهم حيث قال الأب بابتسامه : أهلاً آرثر .. كيف حالك ؟!..
صافحه آرثر حينها بابتسامه : بخير رين .. حمداً لله على سلامتكم ..!
حملت إليسيا الطفل الصغير بين يديها و هي تقول : شوتا .. هذا خالك الطبيب آرثر ..!
تقدم آرثر منه بعد أن أنزل أيكو و حمل الطفل الصغير بين ذراعيه : أووه شو .. مرحباً ..! إنه وسيم إليسيا ..!
كان لشوتا شعر أمه البني و عيناها الزرقاوتان .. أما أيكو فقد اكتسبت الشعر الأشقر من أبيها و كذلك العينان الزرقاوتان ..!
بابتسامة قال آرثر : لقد فاجأتمونا بهذه الزيارة ..!
قطبت حاجبيها حينها : لا تقل لي أنك أخبرتهم ؟!!..
ضحك بخفة حينها و هو يقول : لا .. أعلم أنك تحبين المفاجئات ..!
إبتسم رين بهدوء و قد بدأوا السير ناحية البوابة : لقد حصلنا على تذاكر مجانية للسفر لنيويورك بحكم عملي في شركة الطيران .. و قد صادف هذا وقت إجازة إليسيا من معهد اللغة الإنجليزية في طوكيو ..!
تنهدت حينها تلك المرأة بتعب : العمل معلمة أمر صعب .. لم أعتقد أن جوانا كانت تعاني هكذا ..!
ربت شقيقها الأكبر على رأسها وهو يقول : إن هذا جزاءك بسبب ما كنت تفعلينه للمعلمين في السابق ..! عموماً أنتي الآن أمٌ لطفلين لذا يجب أن تكوني أكثر رزانة ..!
انتبهوا لرين الذي ضحك بسخرية : هذه الفتاة لا يمكن أن تكون رزينةً أبداً حتى لو أنجبت عشرة أطفال ..! نحن لا نزال نتناول الطعام من المطعم أحياناً ..!
بدا عليها الاستياء و هي تقول : قلت لك قبل أن نتزوج بأنني سيئة في الأمور المنزلية و أحتاج وقتاً كي أتعلم ..! لكنك قلت و بكل رومانسية " أنا راضٍ بالحال الذي أنتي عليه " !!!..
نظر إليها بطرف عين وهو يقول : كاذبة !!.. متى حدث هذا ؟!!.. لقد كنت أكبر مقلبٍ في حياتي !!..
شهقت حينها و وضعت يدها على قلبها : أنت تقول هذا بعد خمس سنوات زواج !!.. و أنا التي أقضي طول اليوم أنتظرك بينما تبقى في العمل و لا تعود إلا في المساء منهكاً فتنام و أنتظرك حتى تستيقض فتذهب لعملك و تجعلني أنتظرك مجدداً !!.. قضيت طيلة شبابي أنتظرك !!..
لم يرد عليها .. و هي لم ترد : ما بكما أنتما ؟!!.. فجأةً حولتما الأمر لشجار !!..
لكن آرثر بعد قول تلك الكلمات سمع ضحكة صغيرة فألتفت ليجد أيكو الصغيرة تضحك و هي تقول : إنه الموال اليومي !!..
بدت الدهشة على آرثر .. أيعقل أنهم يعيشون يومياً على هذا المنوال !!..
لكن .. رغم كل ذلك ..!
واضح أنهم يعيشون بسعادة !!..
.................................................. .........
فُتح باب المصعد بعد وصوله للدور السابع من هذه العمارة السكنية الكبيرة .. نزل و خلفه تلك المرأة و الواضح أنهما عادا من العمل سويةً ..!
بابتسامة قال : أظن أن العمل سيسير على ما يرام بوجودك ..!
تنهدت هي بتعب : أن البقاء في المنزل مع الأطفال أفضل بكثير ..!
وصلا حينها إلى تلك الشقة التي تحمل رقم 102 .. فتح الشاب باب منزلهم بالمفتاح الخاص .. و فور أن دخلوا استقبلتهم تلك الشابة ذات العشرين عاماً : أهلاً بعودتكم ..!
بابتسامة سألت الشابة : أهلاً أكاني .. كيف حال الأولاد ؟!!..
بمرح قالت : ليون يلعب بهدوء في غرفته و ريوكي نائم منذ ساعة ..!
تجاوزهم الشاب وهو يقول : شكراً لعملك آنسه أكاني ..!
باحترام قالت : شكراً لك سيدي ..!
حملت حقيبتها و هي تقول : لقد انتهى وقت عملي .. أراكم في الغد ..!
خرجت بعد كلمتها الأخيرة و قد كانت الساعة تشير إلى السادسة مساءاً ..!
بينما خلعت تلك الشابة حذاءها أمام الباب و في تلك اللحظة سمعت صوت بكاء مرتفع : أوه لاشك أن ريوكي استيقظ ..!
أسرعت ناحية الغرفة الصغيرة في الزاوية .. حين دخلت إلى الغرفة كان الطفل قد توقف عن البكاء ..!
ما أذهلها هو ذلك المشهد .. حيث كان ذلك الرضيع ذو الستة أشهر مستلقياً على ظهره و يضحك بخفة بينما كان الطفل الآخر ذو الثلاث سنوات يضع يديه على وجهه ثم يبعدها و هو يقول في وجه أخيه الصغير : بووه ..!
بدا أن تلك اللعبة أعجبت الرضيع فقد توقف عن البكاء و ضل يضحك بينما كان الأكبر مستمتعاً بالأمر هو الآخر و قد بدأ بالقيام ببعض الحركات المضحكة كشد خديه و إخراج لسانه و كذلك بعض الأصوات الظريفة ..!
ضحكت هي الأخرى بخفة و هي تنظر إليهما و أخذت تنادي : ليو تعال بسرعة .. لا يمكن أن يفوتك هذا المشهد ..!
خرج من غرفة أخرى و قد خلع سترته و ربطة العنق : ما الأمر ؟!!..
لكنه حين أطل بوجهه إلى غرفة أبنيه حيث لا يزال الأكبر يلاعب الأصغر بمرح ضحك على ذلك الموقف : يا للأطفال !!..
انتبه الطفل الأكبر لوالديه فهتف حينها : مرحباً ماما .. مرحباً بابا ..!
تقدم والده ناحيته و احتضنه بسعادة : مرحباً عزيزي ليون .. كيف كان يومك ؟!..
بمرح قال : لقد لعبت مع الآنسة أكاني لعبة الاختباء .. و ريوكي كان يزحف و يختبأ خلف الأريكة هو الآخر ..!
جثت تلك الشقراء بجانب زوجها و حملت الطفل الرضيع و احتضنته : عزيزي ريوكي اشتقت إليك .. آسفة لأني تركت وحدك ..!
قطب ذلك الصغير ليون حاجبيه : و أنا ماما ؟!!..
ابتسمت حينها له و تقدمت لتقبل وجنته و هي تقول : و أنت أيضاً اشتقت إليك يا مشاكس ..!
بدا عليه الرضا بعدها بينما وضعت هي ريوكي في حضن والده بجانب أخيه : اهتم بهما بينما أعد شيئاً لنأكله ..!
أمسك الطفل الآخر وهو يقول : هيه راي .. ألا ترين أنهما لن يسمحا لي بالحركة هكذا ..!
وقفت و هي تقول بمرح : اثبت في مكانك إذاً حتى أنتهي ..!
تنهد بتعب و نظر إلى الطفلين ليجد أن ليون عاد لفعل تلك الحركات المضحكة في وجهه أخيه الذي يجلس بجانبه بينما كان ريوكي يضحك مستمتعاً بالأمر ..!
ابتسم والدهما بهدوء و قبل رأس كلٍ منهما وهو يتمتم : انتظر اليوم الذي سأراكما فيه أخوين شابين يدعم كلٌ منكما الآخر ..!
.................................................. .........
الأضواء مغلقه .. و هواء جهاز التكيف باردٌ للغاية .. و الجو مناسب حقاً لنومة هنيئة ..!
هكذا كان ذلك الشاب الذي استلقى على ذلك السرير الكبير و قد تغطى بغطاء الفرو الناعم ..!
كان يومه في العمل شاقاً .. فضابط ذو كفاءة عالية مثله لديه الكثير من المهام اليومية الموكلة إليه .. لذا فور أن يعود من العمل حتى يرتمي في سريره ليأخذ قسطاً من الراحة بعد يوم عمل شاق ..!
في تلك اللحظة الهادئة .. فتح أحدهم باب الغرفة بشدة !!..
فتح الأضواء كلها .. البيضاء و الصفراء !!..
و ركض و هو يصرخ بصوت مرتفع مزعج : استيقظ كرة الطين جاهزة !!..
لم ينته الأمر عند هذا الحد فذلك الجسد الصغير قد قفز قفزة جنباز على ظهر ذلك الشاب حتى كاد عموده الفقري ينحني للداخل رغم أن ذلك الجسد كان نحيلاً للغاية !!..
أيضاً .. تلك الطفلة صرخت في أذنه : بابا .. كرة الطين على السفرة .. إن لم تستيقظ في الحال فستأكل قطة الحي حصتك !!..
وصل ضغطه إلى أعلى حد فجلس حالاً و هو يصرخ بغضب مستاءً : ناتسو .. أخرجي حالاً من هنا !!..
تلك الصغيرة سقطت فوق السرير على ظهرها بعد أن جلس الشاب : يا لك من خشن !!..
التفت إليها مصدوماً : من أين تعلمت هذه الكلمات يا صغيرة ؟!!.. و تقولينها لأبيك أيضاً !!..
نزلت من على السرير و أخذت ترتب شعرها الذي تشقلب فوق رأسها مع شقلبتها من فوق ظهر أبيها : بابا .. سنأكل كرة الطين عنك ..!
أعاد الغطاء على جسده بعدما استلقى مجدداً : اذهبي و اتركيني أنام ..!
لكنها في تلك اللحظة أمسكت شعره بكلتا يديها يدها و بدأت تسحب و هي تقول : بابا .. هيا أفتح عينيك ..!
أمسك بكلتا يديها حينها و قلبها لتصير مستلقيةً أمامه : من أين لك بكل هذه الطاقة ؟!!..
لم تفهم سؤاله و لكنها ببراءة قالت : كرة الطين !!!!!..
جلس حينها أخيراً على السرير و هو يقول : أستسلم .. لكن ألم تملي من أكلها دائماً ؟!..
ضحكة حينها بشيطانية و هي تقول : ماما أفضل من يصنعها في العالم كله ..!
ابتسم حينها ابتسامةً صغيرة وهو يقول : إذاً هيا بنا ..!
نزل من فوق السرير و أتجه لدورة المياه ..!
بينما خرجت الطفلة من الغرفة تركض ناحية المطبخ و هي تقول : ماما .. لقد أيقظته ..!
أجابتها أمها و هي تخرج العصير من الثلاجة : أعلم لقد سمعت صراخه و أنا في مكاني هذا .. هيا ناتسومي .. اجلسي على الكرسي في مكانك .. لكن لا تأكلي شيئاً قبل أن يصل أبوك إلى هنا ..!
جلست تلك الطفلة ذات الشعر الرمادي كشعر والدتها و العينان الزرقاوتان كأبيها و التي تبلغ الآن عامها الخامس على الكرسي في مكانها منتظرةً والديها ..!
بقيت تحدق في كعكة الشوكولا الشبه كروية بشغف .. لقد أحبتها منذ تذوقتها للمرة الأولى و بسبب لونها البني فهي تسميها و بكل براءة كرة الطين !!..
التفتت إلى أمها حينها : ماما .. هل سيأكل معنا أخي كعكة الطين فيما بعد ؟!..
أجابت أمها و هي تسكب العصير في الكؤوس : ربما يكون فتاة .. لا تستعجلي الأمور صغيرتي فقد بقي حوالي شهرين قبل أن يصل المولود الجديد .. ستملين من الانتظار لذا إنسي الأمر حتى يحين الموعد ..!
في تلك اللحظة دخل والدها و هو يقول : أفضل أن يكون فتى .. فإن كان فتاةً تشبه هذه المشاكسة سيكون يوم جنوني بالتأكيد !!..
ضحكة زوجته بخفة و هي تقول : إذاً سأخبرك عزيزي كايد .. إن كان صبياً سيكون أكثر جنوناً من ناتسو لأنك والده !!..
جلس على المائدة حينها و هو يقول : لا أذكر أني كنت بهذا السوء تارا .. لا تظلميني !!..
أعطته كأس عصير التفاح و هي تعلق : أووه نعم بالتأكيد .. كنت أكثر الطلاب تهذيباً في المدرسة ..!
نبرتها الساخرة أكدت له أنه كان مصيبةً عظمى سابقاً : أأنت جادة تارا .. أنا لا أذكر فعلاً ..!
جلست في مكانها و هي تقول : بلا .. أنت مع أكيرا كنتما أكثر من سبب الجنون للمعلمين سابقاً ..!
قطب حاجبيه ليقول : لم تكوني معنا في الابتدائية فكيف علمتِ ؟!..
بابتسامة مرحة قالت : الفضل لمايكل و أكمي .. لقد حدثاني بكل ذكريات الطفولة لكم ..!
قبل أن يرد عليها صرخ أحدهم باستياء : يكفي .. لنأكل الآن فأنا جائعة !!..
كانت تلك ابنتهما الصغيرة التي ملت الاستماع لحديثهما الذي لم تفهم منه شيئاً .. هي متحمسة للغاية لتناول الكعكة التي اعتادت على تناولها و التي لم و لن تسأم من تناولها ..!
نظر الوالدان لبعضيهما و ضحكا بخفة حينها قبل أن تمسك الأم بالسكين و تبدأ بتقطيع الكعكة و هي تقول : إذاً .. هيا لنبدأ بتناولها ..!
.................................................. ..........
في غرفة الجلوس الكبيرة من ذلك القصر العظيم ..!
على تلك الأرائك الفاخرة جلست تلك الأسرة الكبيرة معاً يشربون الشاي و يتحدثون بمواضيع كثيرة لا عد و لا حصر لها ..!
هناك كان رجلان و امرأتان كذلك .. و هناك طفل لم يتجاوز الخمس سنوات وقد كان يجلس بجانب المرأة الأصغر سناً ..!
أحد الرجلين قال بهدوء وهو يرتشف من فنجان شاي في يده : كيف هي أحوال نارو ؟!..
أجابته تلك الشابة و هي تربت على كتف الطفل : اتصلت به بالأمس .. انه بخير و مايا كذلك .. قال أنه سيزورنا حال ما تسنح له الفرصة ..!
ابتسم بهدوء وهو يقول : منذ صار محامياً و هو لا يتصل إلا قليلاً ..!
قالت المرأة الأخرى حينها : لا تلمه مارك .. تعلم أن عمله كمحامي يفرض عليه الكثير من الالتزامات ..!
حول نظره إلى تلك المرأة :أنا لا ألومه جوانا .. لكني قلق على صحته ..!
ضحكة تلك الشابة وهي تقول : ماركو لقد تزوج نارو و صار أباً و أنت لا تزال تقلق عليه عند كل صغيرة و كبيرة ..!
الواقع أني لا ألوم ماركوس مطلقاً .. فهو من قام بتربية نارو منذ طفولته ..!
وقف الطفل الصغير و اتجه إلى الرجل الآخر وهو يقول : بابا .. لنذهب لليابان ..!
ربت والده على رأسه وهو يقول : آسف عزيزي جيمي .. لكني مشغول الآن كثيراً في الشركة ..! لكني أعدك أن نذهب لطوكيو حال ما آخذ إجازة ..!
بمكر قالت تلك الشابة : لقد وعدته يا جاستن .. لذا عليك الوفاء بوعدك ..!
ابتسم حينها وهو يقول : و أنا عند وعدي عزيزتي إليديا .. حال ما نجد الفرصة سنذهب سوية لليابان .. أعلم أن جيمي مشتاق للعب مع ايكو ..!
سمع حينها صوت شاب دخل في تلك اللحظة : و ماذا لو قلت لك أن ايكو حظرت إلى هنا ..!
التفت الجميع إلى آرثر الذي دخل لحظتها و خلفه تلك الطفلة التي دخلت وهي تركض : خالي ماركو ..!
ضحك بخفة و وقف ليمد ذراعيه فيستقبلها و يرفعها عالياً : إنها أجمل مفاجأة يا ايكو ..!
وقفت إليديا حينها و اتجهت إلى شقيقتها الصغرى و احتضنتها : أوه عزيزتي .. لا تتخلين عن تصرفاتك ..! لكنها بالفعل مفاجأة رائعة ..!
ضحكة بخفة حينها و هي تجيب شقيقتها : لقد حدث كل شيء بسرعة و لم أجد الوقت لأخباركم ..!
رين الذي كان يحمل ابنه الصغير شوتا انتبه صوت جوانا التي سألت : كيف حالك رين ؟!.. و كيف حال العمل ؟!..
ابتسم وهو يجيبها : كل شيء بأحسن حال ..!
مدت ذراعيها و حملت الطفل الصغير ذو الخمسة أشهر : شوو الصغير .. أهلاً بك في نيويورك لأول مرة ..!
بعد إلقاء التحيات و السلام جلسوا سوية موزعين على تلك الأرائك الفاخرة ..!
أمسكت ايكو بيد ابن خالتها جيمي وهي تقول : ماما ..سأذهب مع جيمي لنلعب في الحديقة ..!
أومأت لها إيجاباً و هي تقول : لكن احذري من البركة ..!
أردف رين هو الآخر : لا تتجاوزا أسوار الحديقة .. مفهوم ؟!..
وقف الاثنان وقفت الضباط و بتلك التحية العسكرية قالا : مفهوم !!..
حركتهما تلك أجبرت الجميع على الضحك عنوة ..!
ايكو و جيمي في ذات السن تقريباً و بما أنهما ابنا إليسيا و إليديا فهما مقربان .. على الرغم من أن جيمي لا يجيد اليابانية بينما تواجه ايكو صعوبة في الانجليزية إلا أنهما يتواصلان سوية بطريقة شبه سحرية ..!
خرج الطفلان سوية ليلعبا بينما كانت جوانا تطاردهما بناظريها و قد احتضنت شوتا الصغير و تمتمت : حقاً ..الأطفال هم مصدر السعادة الأول في العالم ..!
حياة جوانا لم تتغير كثيراً فهي لا تزال تعيش في أميركا .. لقد تركت التعليم منذ ست سنوات لذا هي متفرغة تقريباً إلا أنها تساعد مارك أحياناً في أمور الشركة ..!
مارك أيضاً لم تتغير حياته نهائياً إلا أنها ازدادت سعادةً بعد أن أستقر معظم أخوته أخيراً ..!
آرثر تخرج منذ ثلاثة أعوام وهو الآن طبيب جراح في أحد المستشفيات الضخمة في نيويورك .. حتى فكرته في عدم الزواج لم تتغير إلا منذ بضعة أشهر بعد لقاءه بإحدى الممرضات معه في القسم .. تلك الشابة المدعوة سارا و التي تبلغ الآن الثانية و العشرين .. لقد ساعدها حين كانت جديدة في العمل و خلال تلك الفترة أيقن انه وجد الفتاة التي يريدها أخيراً و حفل خطوبتهما سيكون خلال الأسابيع القادمة ..!
أما إليديا .. فقد تزوجت منذ ست سنوات بجاستن ذلك الشاب المرح الذي تعرفت عليه خلال دراستهما سويةً في الجامعة حيث كان كلاهما يدرس إدارة الأعمال .. جاستن يعمل الآن في شركة والده الكبيرة و التي لها مشاريع مشتركة مع شركة أندرسو .. أما إليديا فقد أصبحت الوسيط بين الشركتين فهي المسئولة عن أي مشروع مشترك .. و هذه الشراكة البسيطة كانت ربحاً عظيماً لكلا الشركتين ..! بعد زواج اليديا بسنة رزقت بابنها الأول جيمي الذي كان يشبه والده بشعره البني الفاتح الكثيف و عينيه العسليتين ..!
هذه هي حياة النصف الأول من أبناء أندرسو .. ربما لم تحدث الكثير من التغيرات إلا أنها حياة سعيدة خالية من أية مشاكل مزعجة ..!
.................................................. ........
ألمانيا .. برلين ..!
هنا حيث تلك الجامعة الطبية الكبيرة للبحوث الطبية .. و في تلك القاعة التي تتراوح أعمار الطلبة فيها بين الخمسة و العشرين و حتى الثلاثين بحكم مجال دراستهم الطويل حيث ينون التخرج و كلن منهم يحمل لقب " بروفيسور في طب المورثات الجينية " ..!
أنهى ذلك العجوز محاضرته و خرج من القاعة بينما كان الطلبة يلملمون دفاترهم الكبيرة و أقلامهم للخروج و شرب فنجان قهوة قبل المحاضرة التالية ..!
بينما كانت تلك الشابة ذات الستة و العشرين عاماً تجمع أقلامها سقط احدها على الأرض ..!
قبل أن تنحني لأخذه كان أحدهم قد سبقها لهذا ..!
رفعت رأسها إلى ذلك الشاب الألماني الذي قال بابتسامة وهو يعيد القلم إليها : تفضلي آنسه تيما ..!
بادلته الابتسامة وهي تقول : شكراً توماس ..!
أخذت القلم منه و وضعت في المحفظة الصغيرة ثم وضعتها في حقيبتها الوردية حملتها على كتفها و ما إن كادت تغادر حتى استوقفها ذلك الأشقر ذو العيون الزرقاء : آنسه تيما .. هل تقبلين دعوتي للعشاء الليلة ؟!..
التفت ناحيته حينها و خلعت نظارة القراءة الطبية و هي تقول : آسفة توماس .. الامتحانات ستبدأ قريباً و علي الدراسة جيداً ..!
حالاً قال بتوتر : حسناً .. بعد الامتحانات أيمكن أن تقبلي الدعوة ؟!!..
أخذت تفكر للحظات قبل أن تقول : حسناً .. لكني سأعود لليابان فور انتهاء الامتحانات ..!
صمت ذلك الشاب للحظات قبل أن يقول : آنسة تيما .. إن كان هناك من ينتظرك في اليابان فأخبريني فقط ..!
كانت قد فهمت قصده لكنها تظاهرت بعدم ذلك : أمي تعيش وحدها .. لذا علي العودة للبقاء عندها وقت الإجازة ..!
لكنه بجد و تفاعل قال : لا أقصد هذا ..! أقصد .. صاحب العقد ..!
قطبت حاجبيها : صاحب العقد ؟!!..
أومأ إيجاباً قبل أن يقول بهدوء : هذا العقد الصدفي ..منذ أول يوم في الجامعة و أنتي لم تخليعه مرةً واحده ..!
كان يقصد ذلك العقد الذي يبدو كقطعة صدفية صغيرة و الذي كان يلازم رقبتها دوماً و أبداً ..!
نظرت إليه بهدوء قبل أن تقول : أعذرني توماس .. لكني لا أناسبك .. ولا أناسب أي شاب آخر !!.. لست متفرغةً لهذه الأمور و أفضل البقاء هكذا طيلة حياتي ..!
كان مصدوماً من كلامها : لما ؟!!.. لم أسمع بأي فتاة هكذا ..!
ابتسمت بهدوء وهي تقول : إذاً لأكن أول فتاة تعرفها من هذا النوع ..! آسفة مجدداً توماس .. لكن صاحب العقد هو الوحيد الذي أحببته بصدق ..!
لم ينطق حرفاً بينما أرفدت هي وقد استدارت : و صاحب العقد .. يرقد في قبره منذ عشر سنوات ..!
سارت بعدها مغادرةً القاعة تاركةً هذا الفتى في صدمته ..!
بالنسبة لها لم يكن أول شخص يأتي إليها بذات النية و لا تعتقد أنه سيكون الأخير ..!
لكن .. لا يمكن لها أن ترتبط بأحدهم ..!
كارلوس فقط .. تمكن من كسب ثقتها المطلقة لكنه مات و أخذ ثقتها بكل الشباب معه ..!
سام أيضاً .. يعتبر سبباً رئيسياً في حقدها المدفون عليهم ..!
قررت أن تكرس حياتها للدراسة فقط .. ستضمن لها مستقبلاً مليئاً بالأعمال التي ستشغلها عن التفكير في أي شاب قد يصادفها ..!
هكذا قررت تيما هنري أن تعيش حياتها .. وربما كان هذا أنسب خيار لها ..!
.................................................. .......... |