بيان أن الله أكمل الدين وأتم النعمة على هذه الأمة قال -رحمه الله-: فروى طارق بن شهاب قال: جاء يهودي إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرءونها لو علينا -معشر يهود- نزلت نعلم اليوم الذي نزلت فيه، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال أي آية؟ قال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾1 فقال: إني لأعلم اليوم الذي نزلت والمكان نزلت، على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن بعرفة عشية جمعة، فآمنوا بما قال الله -سبحانه- في كتابه.
هذا الأثر رواه الشيخان -رحمهما الله- في صحيحهما البخاري ومسلم اللذين هما أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل-، وفيها بيان كمال هذا الدين، وهذا الأثر لطارق بن شهاب: أن يهوديا جاء إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرءونها لو علينا -معشر يهود- نزلت، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال عمر: أي آية؟ قال له: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾1 الآية من آل عمران: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾1 .
يا لها من آية عظيمة! فيها بيان أن الدين كمل وأن الله أتم النعمة على هذه الأمة، وأنه رضي الإسلام لهم دينا، هذا الدين كامل لا يحتاج إلى أن يزيد فيه أحد أو ينقص منه أحد، وهو محفوظ أيضا بحفظ الله له: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾2 فيه رد على الرافضة الذين يقولون: إن القرآن طار ثلثاه ولم يبق إلا الثلث، فهذا تكذيب لله، ومن كذب الله كفر، الله -تعالى- يقول: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾2 .
بعض الرافضة يقول: لا القرآن ما بقي إلا الثلث وطار الثلثان من القرآن، حتى ألَّف بعض شيوخهم كتابا سماه ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب )، وأثبت أن القرآن محرف -أعوذ بالله- وهذا مصادم لقول الله -عز وجل-: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾1 ولقوله -تعالى-: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾2 صريحة قاطعة، ومن قال: إن القرآن مُحرَّف فقد كذب الله، ومن كذب الله كفر، فالقرآن محفوظ بحفظ الله: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾2 ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾1 ؛ إذًا هذا الدين كامل ما يحتاج إلى حذلقة متحذلق إلى أن يزيد فيه أو ينقص منه.
"وأتممت عليكم نعمتي" أتم الله النعمة، "ورضيت لكم الإسلام دينا" رضي الله لنا هذا الدين، وهذا من آخر ما نزل في سورة المائدة، ولما أكمل الله الدين وأتم النعمة قبض نبيه -عليه الصلاة والسلام- لأنها انتهت مهمته من الدنيا وأنزل عليه: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾3 فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت والمكان الذي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اليوم الذي نزلت فيه يوم عرفة وهو يوم الجمعة، والمكان يوم عرفة في عرفة، في عرفة قبل وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يقارب ثمانين يوما، نزلت هذه الآية يوم الجمعة وهو يوم عيد، يوم الحج الأكبر، وهو يوم عيد، ويوم عرفة يوم عيد، ونزلت في يوم عرفة في يوم عظيم وهو يوم الحج.
يوم عرفة الذي يجتمع الناس فيه الحجاج في صعيد واحد من أقطار الدنيا كلها، نزلت عليه في هذا اليوم، وصادف اليوم يوم عرفة يوم جمعة، الحجة التي حجها النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان يوم عرفة هو يوم جمعة ونزلت عليه هذه الآية: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾1 قال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت والمكان، نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن في عرفة عشية الجمعة، فنزلت في يوم عيد فنحن نتخذه عيدا، هو يوم عيد والحمد لله.
وهذا يدل على أن اليهود يعلمون الحق لكن حملهم البغي والحسد على عدم الإيمان، يعلمون هذا؛ ولهذا يقول: لو علمنا -معشر اليهود- هذا اليوم، لو كانت نزلت علينا لاتخذنا اليوم عيدا، يعرفون الحق لكن لم يوفقوا، قال الله -تعالى-: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾4 .
وقال -سبحانه-: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾5 حملهم الكبر والبغي على عدم الإيمان وظنوا أن النبوة ستكون في بني إسرائيل، فلما كانت في بني إسماعيل جحدوا وكفروا: ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾6 نسأل الله السلامة والعافية ونعوذ بالله من زيغ القلوب، نعم.
العشية -أحسن الله إليك- في قوله: "ونحن بعرفة عشية الجمعة"؟
"عشية الجمعة" يعني: آخر النهار، العشية آخر النهار، معروف أن الوقوف إنما يكون في العشية.
إيه المراد بالرواح الذي يرد في بعض النصوص؟
الرواح يكون بعد الظهر، يسمى رواحا، وكذلك العشية، عشية عرفة يعني: آخر النهار، والوقوف معلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما وقف بعد الظهر، بعدما صلى الظهر، فهي عشية عظيمة عشية مباركة، نعم. 1 : سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:3
2 : سورة الحجر (سورة رقم: 15)؛ آية رقم:9
3 : سورة النصر (سورة رقم: 110)؛ آية رقم:1 - 3
4 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:146
5 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:87
6 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:89
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |