04-16-2012, 02:00 AM
|
|
الإيمان بما قال الله في كتابه وصح عن نبيه كما ورد قال -رحمه الله-: فآمنوا بما قال الله -سبحانه وتعالى- في كتابه وصح عن نبيه، وأمرُّوه كما ورد من غير تعرض لكيفية أو اعتقاد شبه أو مثلية أو تأويل يؤدي إلى التعطيل، ووسعتهم السنة المحمدية والطريقة المَرضِيَّة ولم يتعدوها إلى البدعة المُرْدِيَّة الرَّدِيَّة؛ فحازوا بذلك الرتبة السنية والمنزلة العلية. نعم، يقول المؤلف: "فآمنوا" يشير إلى صالح السلف وخيار الخلف والسادة الأئمة وعلماء الأمة، يقول: "صالح السلف وخيار الخلف وسادة الأئمة وعلماء الأمة، اتفقت أقوالهم وتطابقت آراءهم على الإيمان بالله -عز وجل-" ثم قال: "فآمنوا" الضمير يعود إليهم، يعني: فآمنوا صالح السلف وخيار الخلف والسادة الأئمة وعلماء الأمة اتفقت آراءهم على الإيمان بالله، فآمنوا بما قال الله -سبحانه- في كتابه وصح عن نبيه، يعني: آمنوا بما جاء في الكتاب العزيز وبما صح في السنة النبوية المطهرة. "وأمرُّوه كما ورد" يعني: النصوص، المراد نصوص الصفات، "أمروه كما ورد من غير تعرض للكيفية" يعني: نصوص الصفات وإلا فالأحكام فهم يعلمونها ويفسرونها ويؤولونها على تأويلها الذي دلت عليه النصوص، أما الصفات فهي أمروها كما وردت من غير تعرض لكيفية، فالاستواء والنزول والعلم والقدرة والسمع والبصر كلها يمررونها كما جاءت. يثبتون المعنى ولا يتعرضون للكيفية، من غير تعرض لكيفية أو اعتقاد شبهة أو مثلية، لا يقولون: إن استواء الله كيفيته كذا أو يشبه كذا أو مثل كذا.. لا يتعرضون للكيفية ولا للتشبيه ولا للمثلية، "أو تأويل يؤدي إلى التعطيل" كذلك ما يؤولون استوى، يقولون استوى بمعنى استولى؛ لأن هذا التأويل يؤدي إلى التعطيل، التعطيل يعني تعطيل الصفة ونفيها وهم لا يكيفون بكيفية صفة الاستواء ولا يشبهونها ولا يمثلونها ولا يحرفونها بما يؤدي إلى تعطيل الصفة ونفيها. "ووسعتهم السنة المحمدية" "وسعتهم السنة" يعني: اكتفوا بالسنة، "السنة المحمدية" التي جاء بها محمد -صلى الله عليه وسلم-، "والطريقة المرضية" هي الطريقة التي رضيها الله لعباده ورضيها الصحابة، "ولم يتعدوها إلى البدعة" ما تجاوزوا السنة إلى البدعة، والبدعة كل حدث في الدين، كل حدث في الدين فهو بدعة، قال -عليه الصلاة والسلام-: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد »1 متفق على صحته وفي لفظ لمسلم: « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد »2 لم يتجاوزوا السنة إلى البدعة. والبدعة وصفوها بأنها "مُردية ردية" يعني: تردي صاحبها، هي مردية في نفسها وتردي صاحبها، يعني: توصله إلى الردى، "فحازوا بذلك الرتبة السنية والمنزلة العلية" يعني: الصحابة والتابعون والأئمة والعلماء لما آمنوا بما جاء عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولم يكيفوا الصفات ولم يؤولوها ولم يبتدعوا ولم يوافقوا أهل البدعة حازوا بذلك الرتبة السنية الشريفة والمنزلة العلية، وهي المنزلة العالية، حيث حازوا الله -عز وجل- وأعد لهم وأثابهم الثواب العظيم ورفع درجاتهم ومنزلتهم في الجنة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم، نعم. بعد هذا إن شاء الله نمشي في الرسالة، والمؤلف بدء يتكلم عن الصفات وبدأ بصفة الاستواء، وهي من الصفات التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة وبين أهل البدع، وساق النصوص في هذا، وسوف نمشي إن شاء الله في الأيام القادمة. هذه مجموعة من الأسئلة وصلت عن طريق شبكة المعلومات من دولة الكويت. س: الأخ يسأل يقول: كيف التوفيق بين أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو سيد المرسلين، وبين قوله السيد هو الله؟ ج: لا منافاة بينهما: « فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال الصحابي له: أنت سيدنا. قال: السيد الله -عز وجل- »3 يعني: السيد على الإطلاق، كلمة السيد على الإطلاق هو الله -عز وجل-، والنبي -صلى الله عليه وسلم- خاف عليهم من الغلو، لئلا يغلوا فيه، ولما قالوا: « أنت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا، قال: أيها الناس قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستدرجنكم الشيطان، أنا عبد الله ورسوله »4 فهذا قاله من باب حماية جناب التوحيد وسد كل طريق يوصل إلى الشرك. والسيد إذا أريد على الإطلاق هو الله -عز وجل-، أما إذا أضيف، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « قوموا لسيدكم سعد بن معاذ »5 لما جاء وهو على حمار قال: قوموا لسيدكم. بالإضافة، سيد هنا بالإضافة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- هو سيدنا، قال -عليه الصلاة والسلام-: « أنا سيد الناس ولا فخر »6 وهو سيد المرسلين، أما السيد على الإطلاق فهو الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- سيد الأنبياء والمرسلين، سيد الناس هو الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والله -تعالى- هو السيد على الإطلاق، نعم. المخاطبة بقولهم: سيدي فلان. لا بأس، إذا كان عبدا فلا بأس أن يقول: سيدي فلان، وجاء في الحديث: « لا يقول أحد: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي، وليقل سيدي ومولاي »7 فالسيد بالإضافة لا بأس بها، لا بأس بالإضافة: سيد بني فلان، قوموا لسيدكم.. إذا كان سيدا مطاعا فيهم، لكن السيد على الإطلاق هو الله، نعم. س: أحسن الله إليكم، يقول: يطلق العلماء اسم المعطلة كثيرا، هل لهم مفهوم واضح لها، بمعنى أنها تطلق مثلا على الجهمية أو الأشاعرة أو المعتزلة، وأن هذا لفظ يطلق على كل معطل وبالتالي لا يخص به جماعة؟ ج: المعطلة عام، اسم عام لكل من عطل الرب -سبحانه وتعالى-، والتعطيل أنواع: أن يكون تعطيلا كليا، تعطيل المصنوعات من صانعها هذا تعطيل، المعطلة الذين أنكروا وجود الرب عطلوا المصنوعات من صانعها، هذا تعطيل كامل، كالملاحدة الذين أنكروا وجود الرب من الشيوعيين والدهريين وغيرهم يقال لهم معطلة، فالتعطيل كامل لأنهم عطلوا المخلوقات من خالقها وعطلوا المصنوعات من صانعها فقالوا: هذه المخلوقات ليس لها خالق، وهذه المصنوعات ليس لها صانع، عطلوها من خالق وصانع. وهناك تعطيل الخالق من صفاته، فالذين نفوا الأسماء والصفات كالجهمية هم معطلة أيضا، والذين أثبتوا الأسماء ونفوا الصفات أيضا معطلة، والأشاعرة معطلة؛ لأنهم عطلوا بعض الصفات، فالمعطلة أنواع منهم الكافر ومنهم المبتدع، على حسب التعطيل، فالتعطيل الكامل كالملاحدة الذين عطلوا المخلوقات وأنكروا وجود الله، وكذلك الجهمية الذين عطلوا الله من الأسماء والصفات، هؤلاء ملاحدة أيضا؛ لأن إنكار الأسماء والصفات إنكار لوجود الرب، ليس هناك شيء موجود إلا بأسماء وصفات، فالذي ليس له اسم ولا صفة لا وجود له، والمعتزلة معطلة لأنهم عطلوا الرب من صفاته، والأشاعرة معطلة لأنهم عطلوا الله من بعض الصفات فينفون بعض الصفات وأثبتوا الأسماء، نعم. س: أحسن الله إليكم، يقول: هل الفرد اسم من أسماء الله عز وجل؟ ج: أنا قلت في شرح المقدمة: إن الفرد لا أعلم أنه اسم من أسماء الله وإنما أسماؤه الأحد والصمد، الأحد كاف عن الفرد، أما الفرد فلا أعلم أنه ورد أنه من أسماء الله، نعم. س: أحسن الله إليكم، يقول: اتفقت كل أقوال أهل السنة على أن لكل اسم من أسماء الله صفة تشتق من الاسم، ولكن هذا لا يظهر من اسم الرب والإله والله، فهي أسماء لا تشتق منها الصفة. ج: الرب -سبحانه وتعالى- له صفة الربوبية، ويشتق من صفة الربوبية، والإله وهو المألوه المعبود، والمعبود صفة الألوهية، من قال لك؟! الرب صفة الربوبية، والإله صفة الألوهية، كل اسم، الرحمن صفة الرحمة، كل اسم مشتمل على صفة، نعم، الرب صفة الربوبية والإله صفة الألوهية، الله مشتمل صفة الألوهية، نعم. س: يقول: هل من أنكر صفة من صفات الله كُفرُه خارج عن الدين، أم يكتفى بالقول بأنهم مبتدعة فقط مع دخولهم تحت مسمى الإسلام؟ ج: فيه تفصيل، هذا فيه تفصيل، إذا أنكر الصفة -جحد الصفة- بعد معرفتها وأنكر: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾8 وأنكر الاستواء فهذا يكفر؛ لأنه أنكر من المعلوم من الدين بالضرورة، ولأنه كذب الله، أما من أول الصفة بشبهة فهذا لا يكفر، فالذي يقول: أنا أثبت الاستواء: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾8 أثبت الاستواء ولكن معناها استولى، بشبهة حصلت له، هذا لا يكفر لأنه متأول، أما الذي ينكر الاستواء يقول: لا أقول فيه استواء. منكر أنكر الاستواء، هذا كذب الله ومن كذب الله كفر. فرق بين الجاحد وبين المتأول، فالجاحد هذا أنكر والمنكر يكفر، قال -تعالى-: ﴿ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ﴾9 فمن جحد اسما من أسماء الله أو صفة من صفاته كفر من غير تأويل، ومن تأولها بشبهة فلا يكفر؛ لأنه له شبهة يعذر بها -الشبهة-، فالذي ينكر الاستواء هذا جاحد كافر، والذي ما ينكر الاستواء ولكن يتأول يقول: استوى بمعنى استولى لشبهة حصلت له هذا غير جاحد، فرق بين الجاحد وبين المتأول، نعم. س: أحسن الله إليكم، يقول: هل نفي الصفات عن الله -تعالى- كالإثبات، ينبغي أن يكون بنص من الكتاب والسنة، أم يجوز للمرء أن ينفي عن الله ما شاء من الصفات التي لا ينبغي أن يتصف بها الرب دون التقيد بالنصوص؟ ج: الأسماء والصفات توقيفية لا يسمى الله إلا بما سمى به نفسه وسماه به رسوله، وكذلك الصفات لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، أما ما عدا ذلك فينفى عن الله صفات النقائص والعيوب على الإجمال، ويثبت له الوصف الكامل، قال -تعالى-: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾10 تُنفَى عن الله النقائص كما نفاها عن نفسه: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾11﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا ﴾12﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾13﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾11 تنفى النقائص والعيوب. القاعدة في الأسماء والصفات أن الأسماء والصفات تثبت كل صفة وكل اسم على حسب ما ورد، وأما النقائص والعيوب فإنها تنفى عن الله إجمالا كما نفاها عن نفسه، ليس له مثيل: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾11﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾13﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا ﴾12 ما بقي شيء، جميع النقائص كلها نفيت، أما أن تأتي أو يأتي يثبت يقول: أنا أثبت لله كذا، أثبت لله كبدا، أثبت لله أمعاء.. نقول: لا، هذا باطل؛ الأسماء والصفات توقيفية ما + شيء. والنفي تنفي عن الله جميع النقائص التي نفاها عن نفسه، نفى الله جميع النقائص كلها والعيوب في قوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾14﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾11﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾13﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا ﴾12﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ﴾15 ما في شيء بقي بعد هذا، ماذا تريد بعد هذا؟ تريد تثبت أشياء ما وردت في الكتاب والسنة؟! مردود، انفِ النقائص والعيوب كما نفاها الله عن نفسه إجمالا، نعم، كذلك نفى الله الولد بخصوصه؛ لأن المشركين نسبوا لله ولدا، فإذا جاء بعض النقائص صفة عن الله فهي رد، جاءت في الرد على من يصف الله بهذه النقيصة كالولد، وإلا فالقاعدة أن العيوب والنقائص تنفى عن الله إجمالا إلا فيما ورد تفصيلا، فإنه للرد على من وصف الله بهذه النقائص قال: ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ﴾16 نفى الله عن نفسه الولد. س: يقول: ما معنى القديم، وهل يجوز وصف صفات الله -تعالى- بالقديمة؟ ج: نعم جاء في الحديث: « وسلطانه القديم »17 والقديم ليس من أسماء الله، القديم لأنه ما من قديم إلا وقبله شيء، ولأن القديم يشعر بالقدم والبلى؛ ولهذا أنكر العلماء على الطحاوي حينما قال: قديم بلا ابتداء، قالوا: ليس من أسماء الله القديم، لكنه قيده بقوله: بلا ابتداء، وجاء في النصوص اسمه الأول، فالأول الذي ليس قبله شيء، وهو يشعر بأن كل شيء آيل إليه وليس فيه مخلوق، أما القديم فالقديم ليس من أسماء الله، نعم, قال -تعالى-: ﴿ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴾18 فالعرجون يوصف بأنه قديم لوجود العرجون الجديد، صار قديما بالنسبة للجديد، نعم. س: أحسن الله إليكم: هل كل صفة كمال في الخالق تكون صفة كمال في المخلوق والعكس؟ ج: لا، ليس هذا, صفة الولد صفة كمال في المخلوق وهي نقص في الخالق، من أعظم الجرائم، وصف الله بأنه له ولد أمر عظيم، حتى قال الله -تعالى-: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ ﴾19 أمر عظيم تكاد السماوات أن يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال بهذا العظيم، وهي نسبة الولد إلى الله، وهو كمال في المخلوق والله منزه عن هذا، و الكبر كمال لله والمخلوق ليس له أن يتكبر، نقصٌ وضعف فيه، نعم. س: يقول: نهى كثير من العلماء عند حديث أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: « إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن »20 والحديث أنه يحرك أصابعه تمثيلا لذلك، وهناك حديث اليهودي الذي أشار للنبي -صلى الله عليه وسلم-: « إن الله خلق السماوات على إصبع »21فهل هذا يدل على جواز التمثيل بالأصابع للحديثين أم لا؟ ج: لا، ما جاء في هذا فالمراد به تحقيق الصفة كما جاء في قوله: « إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ »22وأشار إلى عينيه وأذنيه فالمراد تحقيق الصفة، وليس المراد أن الصفة صفة حقيقية، ولا يجب للإنسان أن يمثل شيئا ويقصد بذلك التمثيل، ولكن إذ كان هناك ما جاء من النصوص إنما المراد به تحقيق الصفة وأنها صفة حقيقية، وليس المراد التشبيه، ولا يحتاج الإنسان أنه يشير بإصبعه أو إصبعين، ما نعرف أنه أشار بإصبعه، تحتاج إلى مراجعة وتأمل، نعم. والبينية، البينية واسعة، والبينية في اللغة العربية هي السحاب المسخر بين السماء والأرض، ما يلزم من هذا ما يفهمه بعض المشبهة وأنه يلزم من ذلك مماسة القلوب لأصابع الرب -تعالى الله-؛ لأن البينية واسعة، قال الله -تعالى-: ﴿ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾24 والسحاب ليس ملاصقا لا للسماء ولا للأرض، وهذه البينية يقلب قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، نعم. س: استدراك حول سؤال الأخ قبل قليل، حَوْل قول: "السيد" وقال: كيف نجمع بين قوله -صلى الله عليه وسلم-: لا تسيدوني وبين: « أنا سيد الناس ولا فخر »6 ؟ ج: هذا من باب قوله: « قولوا قولكم أو بعض قولكم »25 قطعا من باب حماية جناب التوحيد، قال -صلى الله عليه وسلم-: « قولوا بقولكم »26 أو: « لما قالوا: سيدنا وابن سيدنا قال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستدرجنكم الشيطان »22 وهذا لحماية جناب التوحيد، وقال في الحديث الآخر: « أنا سيد الناس »6 مثل قوله: لا تسيدوني « ولما قالوا: أنت سيدنا، قال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم »27 المراد حماية جناب التوحيد، وإلا فهو -صلى الله عليه وسلم- سيد الخلق وسيد الناس -عليه الصلاة والسلام-، نعم. س: من ألمانيا هذا السؤال من أحد الإخوة الذين يتابعون هذا الدرس، يقول: أريد منكم يا شيخ أن تبينوا لنا منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الفرق الأخرى كالصوفية والرافضة وغيرهم ممن ينتسبون للإسلام خاصة في بلاد الغرب. ج: هذا سيأتي -إن شاء الله- في إرساء كيفية التعامل معهم أو معرفة مذهبهم، الصوفية طبقات تختلف أحوالهم، والرافضة معروف أن الرافضة يعبدون أهل البيت ويكفرون الصحابة، فإذا عرف أنهم يعتقدون هذا الاعتقاد وهم إن أظهروا ذلك فالإنسان لا يعاملهم معاملة المسلمين، وإن لم يظهروا ذلك وتستروا فيعاملون معاملة المسلمين إذا لم يظهر منهم ما يعتقدون، كما عامل النبي -صلى الله عليه وسلم- المنافقين عبد الله بن أبي وغيره، ومن أظهر منهم نفاقا عومل معاملة المشركين، نعم. س: أيضا هذا من الكويت يقول: ما الضابط أن هذا من باب الإخبار وهذا من باب الأسماء، مثال: عبد المانع، عبد الهادي، هل هي أسماء أم ضابط إخبار فيما يبدو؟ ج: ما ورد في النصوص تسمية الرب به فهو من الأسماء وما لم يرد فليس من الأسماء، وإذا جاء فيه وهو لم يرد يكون من باب الخبر, إذا أخبر عن الله بذلك فلا بأس، قاعدة عند أهل العلم: باب الخبر أوسع من باب الصفات، يخبر عن الله بأنه ذات بأنه موجود، ويقال عنه بأنه صانع الأشياء وبأنه شيء وبأنه شخص، ولا يقال: إن من أسمائه الذات أو من أسمائه أنه موجود أو الشيء قال -تعالى-: ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾28 فأخبر عنه بأنه شيء، قال لا شيء أكبر من الله، وقال عن إبراهيم يجادله في ذات الله، وكذلك خبيب، قال: وذلك في ذات الإله وإن يشأ. هذه كلها من باب الخبر، باب الخبر أوسع من باب الأسماء، أما الأسماء والصفات فتوقيفية، فإذا سمى الله نفسه بشيء أطلق عليه نفسه شيئا وسماه به فهو من الأسماء، أو وصف نفسه أو وصفه به رسوله، وأما بعد ذلك يكون من باب الخبر، نعم. س: يقول: لقد سعيت جاهدا في دعوة أهلي إلى طريق الخير تارة بشريط أو بكلمة وتارة برسالة، ولم ألحظ عليهم أي تغير أو قبول للدعوة، تراودني نفسي أن أعيش مثلهم ولا أهتم إلا بنفسي وأتركهم وشأنهم، فبماذا تنصحني؟ ج: أنصحك بالاستمرار وعدم اليأس وعدم الملل والسأم، لا بد من الصبر والاستمرار، من لم يصبر ويستمر انقطع عن الدعوة، لك أسوة في النبي -صلى الله عليه وسلم- وبالمرسلين والدعاة والمصلحين، هل ملوا هل انقطعوا؟! لازِمْ الصبر والاستمرار، نوح -عليه السلام- مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله، وكذلك نبينا -عليه الصلاة والسلام- استمر في دعوته والصحابة استمروا في دعوتهم، الداعية عليه أن يستمر في دعوته وأن يصبر؛ ولهذا قال الله -تعالى- في صفات الرابحين ﴿ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾29 فهذه هي صفات الرابحين. فهي علم، هي إيمان مبني على العلم الصحيح، وعمل أداء للواجبات، ودعوة إلى الله وصبر، هذا الصبر استمرار، فالذي لا يصبر تريد أن تلغي الصفة الرابعة، تتخلى عن الصفة الرابعة وهي الصبر فتنقطع فلا تكون في ركب الدعاة، اصبر لا بد من الصبر والاستمرار ولا تيئس وأنت على خير سواء قبلوا أو لم يقبلوا، لكن استمر ولا تيئس واصبر ولك أسوة بالرسل، قال الله -تعالى- عن لقمان أنه قال لابنه: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾30 . قال -سبحانه- ﴿ وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾29 "إلا الذين صبروا" استثناهم الله، "وعملوا الصالحات" فلا بد من الصبر، من لم يصبر لا يستطيع أن يؤدي الواجبات ولا أن يترك المحرمات ولا أن يسير في طريق الدعوة ولا يأمر بمعروف وينهى عن منكر، ما يستطع أن يصبر فيستمر، فلا بد من الصبر والتحمل، تحمل الأذى واحتساب الأجر، وفق الله الجميع لطاعته ورزق الله الجميع العلم النافع وعلم السلف، وثبت الله الجميع على الهدى، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه. 1 : البخاري : الصلح (2697) , ومسلم : الأقضية (1718) , وأبو داود : السنة (4606) , وابن ماجه : المقدمة (14) , وأحمد (6/256). 2 : مسلم : الأقضية (1718) , وأحمد (6/146). 3 : أبو داود : الأدب (4806). 4 : أحمد (3/153). 5 : البخاري : الجهاد والسير (3043) , ومسلم : الجهاد والسير (1768) , وأبو داود : الأدب (5215) , وأحمد (3/22). 6 : البخاري : تفسير القرآن (4712) , ومسلم : الإيمان (194) , والترمذي : صفة القيامة والرقائق والورع (2434). 7 : البخاري : العتق (2552) , ومسلم : الألفاظ من الأدب وغيرها (2249) , وأبو داود : الأدب (4975) , وأحمد (2/423). 8 : سورة الأعراف (سورة رقم: 7)؛ آية رقم:54 9 : سورة الرعد (سورة رقم: 13)؛ آية رقم:30 10 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:60 11 : سورة الإخلاص (سورة رقم: 112)؛ آية رقم:4 12 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:22 13 : سورة مريم (سورة رقم: 19)؛ آية رقم:65 14 : سورة الشورى (سورة رقم: 42)؛ آية رقم:11 15 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:74 16 : سورة النحل (سورة رقم: 16)؛ آية رقم:57 17 : سنن أبي داود : كتاب الصلاة (466). 18 : سورة يس (سورة رقم: 36)؛ آية رقم:39 19 : سورة مريم (سورة رقم: 19)؛ آية رقم:88 - 92 20 : الترمذي : القدر (2140) , وابن ماجه : الدعاء (3834). 21 : البخاري : تفسير القرآن (4811) , ومسلم : صفة القيامة والجنة والنار (2786) , والترمذي : تفسير القرآن (3238) , وأحمد (1/457). 22 : 23 : سورة الحج (سورة رقم: 22)؛ آية رقم:75 24 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:164 25 : أبو داود : الأدب (4806) , وأحمد (4/25). 26 : أبو داود : الأدب (4806) , وأحمد (4/25). 27 : أبو داود : الأدب (4806) , وأحمد (4/25). 28 : سورة الأنعام (سورة رقم: 6)؛ آية رقم:19 29 : سورة العصر (سورة رقم: 103)؛ آية رقم:1 - 3 30 : سورة لقمان (سورة رقم: 31)؛ آية رقم:17
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |