نظرلها ثم قال مع ابتسامة :
- انتِ الوحيدة التي قابلتكهنا!
- هل استقبلكموظفواالقطار؟
- استقبلني واحد، يرتدي نظارات الشمسية بعد منتصفالليل!
"هذا ما حصل معي أيضاً، هذا غريب .." وقف الاثنان ينظران من النافذة،كانالقطاريسير على القضيب الحديدي بسرعة، الكثير من المناظر الخلابـة تمر أمامهم بعدأن تخطوا المنطقة الجليدية..
كانت هناك فكرة واحدة تراود عقله ولكنه خشي بأنها لن تقتنع ابداًبفعلها ، ولهذا قام بسؤالها أولاً :
- ماهو اسم البلدة التي تعيش بها جدتك؟
ارتبكت كثيراً، ظهر ذلك في وجهها على الفور، " ياالهي ماهذه الورطة؟ أنا لا أعرف اسم البلاد التي يسيرحولهاالقطارالسنوي " نظرت بعيداً وهي تقول :
- امم .. إنها في المحطة القادمـةبأي حال، لقد كان العنوان في حقيبتي التي اختفت .
- آها! لذا قلتِ بأن حقيبتك تحتوي شيئاًمهماً؟
اومأت بالايجاب، وبدأ يفكر "إذا ضاع عنوان جدتها بأي حال ... لذا من الممكن بأنها ستوافق علىاقتراحي؟" تنحنح قليلاً ثم قال :
- نزولنا في أي مكان بالقرب منالمحطة القادمة لن يؤثر على خطتك صحيح؟
" فيم يفكر هذا الشخص الغريب الأطوار، أنا لن اجيب على تساؤلاته مهماحدث!! " نظرت نحوه بعدوانية وقالت :
- ماذاتقصد؟
نظر إلى وجهها وهو يضحك داخل قلبه " لا اصدق بانها عادت لأفكارها المخيفة مجدداً ، اقتراحي سيجعلها خائفةجداً، لذا .. هل يمكنني أن أغير الموضوع الآن " ، ولهذا ابتسم وقال:
- لا بأس، كنت أظن أن هناك خطـة ما لوصول إلى جدتك بعض أن سرقت منكالحقيبة .
بدأت تفكر " لايمكن، هل يكون هو من سرقها؟ إذا بما انه لم يعترف، علي إذا أنأجعله ينام ثم افتش حقيبته بأي طريقة " ..
وقفا لفترة طويلة وهما يحدقان أمامهمابصمت .. "هي" تفكّر كيف يمكن أن تستعيد حقيبتها من الشخص المخيف الذي يريد منهاشيئاً ما ، لا تعرف حقيقته ..
أما "هو" فيفكر بأن يضغط زر الطوارئوعندما يتوقفالقطار .. سوف ينزل في ذلك المكان الجميل ليستأنف رحلته منجديد!
إنهما يفكران بعمق .
ولهذا فقد كان ينظر لها بشكلٍ لا شعوري، حينما رفعت عينيها كانتنظراته غريبة ومليئة بالغضب والكراهية!! ولهذا شعرت بالذعر وبدأت تقول كلاماً غيرمفهوم :
- ماذا؟ لا تستطيع التفكير بأنالقطارفارغ .. عندما نفتح البابسنجد قائدالقطار .. آآ .. آعني .. الشخص الذي يقودالقطارنحو الـ .. انت لا يمكنك أنتتفهم ..!! إنــ ..
"إنها خائفة جداً، ومذعورة .. هل يعقل بأنه بسبب وجودي ومحاولتيلقرآءة افكارها " تحولت نظرات التفكير الغريبةإلى نظرات دهشـة وعندها قال بسرعة وهو يحاول تهدئتها :
- أعرف انه يوجد الكثير من الناس هنا، ربما هم نائمون فقط، لذا لا داعيللقـ ...
"ماذا سيفعل هذا الشخص بحلول المساء، عندما لا يظهرأحدٌ بداخلالقطارمجدداً، هل يمكن بأنه سيقلتنيأو يؤذيني؟ هل سيفعل هذا؟ " كانتتفكر حتى بدون أن تستمع لما يقوله ، ومن ثم نظرت إليه مستجمعة كل قواها وقالتمقاطعة كلامه :
- سوف أضغط على زر الطوارئ وعندما يتوقفالقطارسوفأنزل هنا! ولا يمكنك الرفض!!
لم يستطع التفكير بأي شيء، وابتسم على الفور وهويقول:
- إذا لم يكن لديكِ مخططات؟ هذا رائع!
بدأت تفهم ان هذا ماكان يريده منذ البداية. ولهذا قالتبتردد:
- هل يعقل أنك .. كنت تقصد ذلك ..!
- أجل . إذا افعليها ..
توجها معاً نحو نهايةالقطار، وقامت بالضغط على زرالطواريء الذي أطلق صافرة الأنذار مرة أخرى، ومن ثم توقفالقطاربشكلٍ مفاجئ ، حمل حقيبته ونظر إليها وهو يقول :
- الآن!
سارامعاً في الممر ولكنأحدهم قام بفتح بابه ونظر للخارجوهو ما أصابها بالذعر فتوقفا مكانهما ينظران للرجل الغريب .. من بعيداقتربأحدالموظفين اللذين يرتدونالنظارات وتساءل بهدوء:
- ما الأمر أيّها السادة؟ لماذا أطلقتم جرسالأنذار!؟
"لا أصدق! إنهم يخرجون الآن!!" تكلم متداركاً الأمر :
- لقد ، قامأحدهم بسرقةحقيبتها!
نظر موظفالقطارنحوها بتفحص وهو يقترب ثم عاد يتساءل :
- متى حصل هذا؟
أجابت وهي تحاولاخفاء توترها:
- بعد منتصف الليل، عندما كنت نائمةهناك!
أشارت نحو المقعد بجانب الباب ،نظر الموظف للخلف ثم تمتم :
- هذا غريب ..
تطلع نحوهما وقال علىالفور:
- لكن ياآنسة نحن لا يمكننا المساعدة بما أنه من غير المسموحتفتيشالقطار ..
عاد الرجل الغريب إلىمقصورته وتكلم الموظف قائلاً:
- من فضلكما، عودا إلى المقصورةالخاصة بكما!
تكلمت معترضة قبل أن يغلق جرسالأنذار :
- سوف ننزل هنا!
تبادلت نظرةمعه .. كانت تفكر " كان هذا اتفاقنا صحيح؟" وأومأ هو بالإيجاب ، ولكن الموظف كان ينظر لهما مندهشاً وتسائلباستغراب :
- حقاً ستنزلونهنا؟
أجاب :
- نعم .
- لكنكم لا تعرفون المكان ، يمكن أن يكون خطيراً ..
- أي مكان من الممكن أن يكون خطيراًلذا اسمح لنا بالنزول .
-------------
تطلعا أمامهم إلى القطار الذي يسير مبتعداً، اختفى صوته الرتيب وسط أكوام الأشجار وآلاف الشجيرات التي تغطي القضيب وكأنه لم يكن موجوداً .. ولهذا تساءل :
- إلى أين سنذهب الآن؟
أجابت وهي تتخذ خطواتها الأولى فوق القضيب الحديدي:
- على مسار القطار نفسه!
مشى خلفها وهو يتسائل باستغراب:
- لما هبطنا إذا ما دمنا سنسير على طريق القطار نفسه؟
نظرت إليه وقال والخوف ظاهرٍ على وجهها :
- لأنه قطارٌ مخيف وأنا لن أتحمل أن يأتي الليل وأنا بداخله!
- هل ستحبين الليل عندما يأتي علينا ونحن في تلك الغابة إذاً؟