عرض مشاركة واحدة
  #47  
قديم 04-19-2012, 04:43 PM
 

مع بزوغ أول ضوء النهار قفز عماد من سريره، هو في الحقيقة شخصٌ لايحب النوم، ويحب ان يركض هنا وهناك طوال اليوم .
قبل أن يخرج من الفندق ، كان هناك شابٌ مختلف خلف مكتب الاستقبال.. وسأله بسرعة :
- هل تعرف أين تباع معاطفالفتيات؟
- المعاطف؟ ليس هناك سوى متجر آل همام . ولكنهاباهظة الثمن .
- وأين عنوانها ...؟
ركض متجولا في المدينة بسعادة وكان الجميع يحدجه بنظرة استغراب، معقميصه الأسود بلا اكمام وبنطاله من قماش الجينز الرمادي وحذاءه الرياضي الابيض .. بدا غريباً للناس الذين يرتدون ملابس كلاسيكية ثقيلة، ملفتٌ للنظر وكأنه قادمٌ منالمستقبل .
كانت هناك عرباتٌ تجرّها الخيول وسأل عماد أحد الرجال الذينيقودونها، كان رجلاً اسمر البشرة غليظ الشارب يرتدي عمامة وثوباً فضفاضاً :
- من فضلك، أين تقع متاجر آل الهمامي .. أوه ان كان اسمهاهكذا!
- هل تريد منيايصالك؟
- من فضلك ..

في ذلك الوقت استيقظت في غرفتها بالفندق ، نظرتحولها باستغراب للحظة، ثم تذكرت على الفور.
ولهذا وقفت واتجهت إلى ملابسها التي قامت بغسلها وفردها علىالاريكتين والطاولة في الليلة الماضية،، تحسستها لكي تتأكد من جفافها . بعد انلمستها قالت لنفسها بقلق " ما تازال رطبة، ولكنلا بأس .. يجب أن اذهب قبل ان يستيقظ عماد ، لن احتمل رؤيته مجدداً، فأنا محرجة .. محرجة بشدة" ..
ارتدت ملابسها الرطبة، كانت تشعر بالبرد وبأن عظامها تؤلمها .. تجاهلت ذلك ونزلت إلى الاستقبال ثم وضعت مفتاح غرفتها على المكتب الخشبيوهيتقول :
- من فضلك، أنا راحلة، هذا مفتاح الغرفة الثالثةعشر.
ابتسم موظف الاستقبال وقال بتهذيب :
- رحلة موفقة آنستي .
ترددت قليلاً قبل أن تقول :
- هل يمكنك إخبار السيد عماد بأنني رحلت ..؟ وأن تشكره على استضافتي .
- بالتأأأكيد آنستي .
- شكراً لك.
كانالجو بارداً وكئيباً، حاولت أن تلهي نفسها بالنظر إلى المنازل والمتاجر والمارةوبائعوا القماش .. كان هناك الكثير من الخيول التي تحب النظر إليها .. ومع ذلك فقدكانت متجمدة وتشعر بالبرد حتى إنها لم تقدر على الابتسام ..
ومن بعيد شاهدت موكباً يتقدم،، وبدأ الناسيبتعدون عن الطريق وبدلاً عن السير يقفون للمشاهدة،، النساء والأطفال، حتى الرجالوالعجائز .. الكل يلوّح بيده بسعادة، فسألت امرأة تقف بجانبها :
- من فضلك ، لمن هذا الموكب الكبير ..؟
- إنه وليّ العهد، الأمير سامي .
- أمير ..؟
لمعت في عيناها الفرحة وهتفتلنفسها :
- يا إلهي أمير سوف يمر من هنا بعد قليل ...
عاد عماد إلى الفندق وهو ينظر بداخل العلبةالورقية ويبتسم، ولكنه سمع صوت موظف الاستقبال ينادي :
- سيد عماد .
التفت خلفه وتساءل :
- ما الأمر ..؟
- لقد تركت لك الآنسة في الغرفة ثلاثة عشر رسالة ..
" تركت .. رسالة !! هل رحلت أمماذا؟ " تابعالموظف كلامه إلى عماد الذي تغيرت ملامح وجهه :
- لقد رحلت .. وهيتشكركعلى استضافتك .
تركه عماد واندفع إلى الخارج، وقف في الشارعينظر يمنة ويسرة وتكلم لنفسه وهو يشعر بالضيق :
- مـ .. ماهذاالزحام!
حاول أن يمشي وسط الناس اللذين بدؤوا يلوحونللموكب الملكي .. وتطلع عماد وتساءل وهو يدخل رأسه وسط الناس :
- ماهذا؟ هل هوالحاكم؟
أجاب أحدهم :
- إنه ولي العهد ..
زفر عماد وأخرج رأسه وهو يتمتم :
- كل هذا من أجل ولي العهد ..
مشى وسط الزحام وهو يدقق في وجوه الناس وتساءللنفسه " هل سيعجبهاأن تقف وتشاهد الموكب الملكي؟ هل تحب تلك الأشياء يا ترى .. أم أنها استمرت بالسيرفي طريقها إلى بلدة جدتها ... " ولكنه بالنهاية كان يشعر بأنها تقف لتشاهد الموكب الملكي ..
بدأ يبحث عن فتاة مميزة، بشعرٍ قصير .. ترتديقميصاً وردياً لطيفاً وبنطالاً أسود اللون .. لكنه لم يصادف أي فتاة ترتدي قميصاًوردياً، جميع الفتيات يرتدين الفساتين .. ولهذا دخل في الزحام وبدأ يمشي نحو الصفوفالأولى وهو يتمسك بالعلبة جيداً .
وقف عند حافة الحاجز الذي وضعهالجنود ونظر يمنة ثم يسرة، وعندها شاهدها .. " أوه! إنها تلوّحأيضاً " انتابتهضحكة قصيرة وصاح باعلى صوته :
- أيتهاالعنزة!
مرّ موكبٌ من الجنود وأحدثوا ضجة مما جعل صوتهيذهب أدراج الرياح، وعندما بدأ الصوت في الخفوت مع اقتراب الموكب الملكي نادى مرةأخرى :
- أيتها العنزةالحمقاء!

- توقف!

توقفت احدى عربات الموكبالملكي وتوقفت بعدها بقيّة العربات . كان الناس متعجبون كثيراً، وأخرجت فتاة غريبةرأسها من داخل العربة المذهبة التي تجرها الخيولوقالتوهيتشيرنحو عماد :
- أحضروا ذلك اللعين إلىهنا!
نظر الجنود نحو عماد وتكالبوا عليه! "ماهذا انهم لايقصدونني بالتأكيد!" .. ولكنه مشى معهم إلى العربة بهدوء وعندما وصل كانت الفتاةتحدجه بنظرات الكراهيةوقالت:
- كيف تجرؤ على أن تسب أميرة؟! أميرة البلاطباكمله!
" يبدو بانها سمعت العنزةالحمقاء " .. تأملفي وجهها ببرود .. كانت غريبة الشكل، لديها حاجبين دائريين وعينان خبيثتان وملامحمستفزة .. فقال وهو يرفع صوته قليلاً :
- ولكنكِ تشبهين العنزةفعلاً!
ضج الناس بالضحك ، فاشتاطت الأميرةغضباًوهيتقول :
- سوف أزج بك فيالسجن!
شاهدت ذلك الموقف .. كانت تضع يديها علىفمهاوهيتراقب بجزع " ماذا سيفعلون به الآن! ذلك المزعجالأحمق! "
أشارت الأميرة الفضولية نحو العلبةوقالت:
- وماهذه؟
أجاب عماد :
- هديّة .. ولكنها ليست لكِ بالتأكيد ، فالعنزاتلا يرتدون مثل تلك الأشياء!
صاحت الأميره :
- خذوه إلى السجن ..

- يالها من فتاة متعجرفة ومثيرة للمشاكل! كيفتجرؤ على تخريب موكبي بتلك الطريقة! كان عليها تجاهل الأمرفقط!!
قالها الأمير سامي الذي كان يستقل العربةالمجاورة بضيق، وعندها تكلم مستشاره بسرعة :
- سوف انزل وأحل الأمر، لا تقلق أبداً يا سيدي .
تابعت الأميره :
- اضربوه أولاً حتى تسمعوا تحطمعظامه!
" لا .. لا .. سيضربونهحقاً!" صرختوهيتزيح الحاجز :
- ارجوكِ لا تفعلي ذلك ، انه .. انه لم يكن يقصد،لقد كان يناديني أنا!
- ابعدوها ..
قالتها بتعجرف، ونظر عماد نحوها بقلق وصاح :
- ابتعدي من هنا! انهلاشيء!
اقترب الأمير ونظر من النافذة يراقب الأمر،وعندها تكلم في نفسه "هذان الاثنان ..!" وبدأ يتذكر :
من أنت، هل هذه المنطقة مهجورة ..؟

لماذا لا تجيب على تساؤلاتنا، هل انت من تلكالأطلال؟

لا تقم باستفزازه ايهاالمزعج!

ضحك ضحكة خافته وهو يتمتم " لقد تحدث مع دعاءبذلك الاسلوب المستفز، جعلها تغضب .. يجب ان اكافئه على هذا حتى اجعلها تموتقهراً " .. نظر إلىنائبه وقال :
- ادعو هذان الاثنان إلى القصر .
- حاضر سيدي .
اتجه المستشار نحوهما ولكن اقترب أحد الجنودوضربها بقوة فأسقطها أرضاً! ترك عماد العلبة لتسقط واندفع نحوها ولكن الجنود أمسكوا به .. " كيف يجرؤ علىضربها!! كيف .." كان يغلي من الغضب ، وتركه الجنود فجأة عندما تكلم مستشار الأمير :
- اتركوه !
اقترب عماد منها وحملهامن فوق الارض فبدأت بضرب كتفهوهيتقول بصوتٍ مهتزٍ بالبكاء :
- دعني انزل ! انا لست طفلة لكي تحملني ..! دعني ! مزعج!
تساءل وهو يتجاهل ضرباتها :
- هل انتِ بخير ..؟
نظرت إليه وأومأت بالايجاب، ولهذا جعلها تقفعلى الأرض برفق .
تكلمت الاميرة دعاءوهيتنظرإليهما بغيظ :
- ماهذا أيّها المستشار! هل تقبل بشخصٍ يرميالسباب إلى أفراد العائلة المالكة ..؟!
تكلم المستشار قائلاً :
- ولكن، سيدي ولي العهد يدعوهما إلى القصر .
ثم فتح باب العربة الثالثة وقال :
- تفضلا، سيدي الأمير يدعوكما لزيارة القصر وحلالخلاف!

------------------
__________________
الى اللقاء