الموضوع: لا تغضب..!
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-24-2012, 08:01 PM
 
Exclamation لا تغضب..!




الغضب بين الشرع والطب


أثنى الله عز وجل على الكاظمين الغيظ فقال في وصف المؤمنين الذين على ربهم يتوكّلون : ( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) .

وتأمل كيف قال (هُمْ يَغْفِرُونَ ) بعد ذِكر الغضب ؟

ذلك أن الغضب يدفع على الانتقام والتعدّي ، فإذا غضب المؤمن لِـحَـظِّ نفسه تذكّر ما أعدّ الله له من الجزاء إذا عفا فيعفو ويغفر ويصفح .
وقال سبحانه وتعالى في وصف المتقين : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
رُوي عن ميمون بن مهران أن جاريتَه جاءت ذاتَ يومٍ بِصَحْفَـةٍ فيها مَرَقَـة حارة وعنده أضياف فعثرَتْ فصبّتِ المرقـةَ عليه ، فأراد ميمون أن يضربـها .
فقالت الجارية : يا مولاي استعمل قولَ الله تعالى : ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ) قال لها : قَدْ فعلتُ ، فقالت : اعمل بما بعده : ( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ) فقال : قد عفوت عنك ، فقالت الجارية : ( وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) قال ميمون : قد أحسنت إليك ، فأنت حـرَّةٌ لوجه الله تعالى .
وروي عن الأحنف بن قيس مثله . ذكره القرطبي في التفسير .

وفي فضل كظم الغيظ ، وامتلاك التّصرّف ، وضبط النفس ، جاءت الأحاديث النبوية

فمن ذلك :

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله . رواه الإمام أحمد وابن ماجه .

ولما كان الغضب يضرّ بصاحبه مع ما يتسبب به من أذية للآخرين فقد جاء الثناء على من ملَك نفسه وقهرها عند غلبة الغضب .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصُّرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب . رواه البخاري ومسلم .

وقال : ما تعدون الصُّرعة فيكم ؟
قالوا : الذي لا يَصرعه الرجال .
قال : ليس بذلك ، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب . رواه مسلم .

ولذا لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أوصني . قال : لا تغضب . فردّد مرارا . قال : لا تغضب . رواه البخاري .

والغضب مدخل من مداخل الشيطان على النفس

قال سليمان بن صرد : كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان ، فأحدهما احمرّ وجهه وانتفخت أوداجه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ذهب عنه ما يجد . فقالوا له : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعوّذ بالله من الشيطان ، فقال : وهل بي جنون ؟! رواه البخاري ومسلم .

ليتأمل الإنسان نفسه حال الغضب

قال ابن ابن القيم رحمه الله : إذا خَرَجَتْ من عدوك لفظةَ سَـفَـهٍ فلا تُلْحِقها بمثلها تُلَـقِّـحْـها ، ونَسْل الخصام نسل مذموم ! اهـ .

وقد حذر علماء الطب الألمان من أن الغضب يشكل خطرا على القلب ، مشيرين إلى أن أكثر الذين أصيبوا بأمراض في القلب كان " الغضب " أحد أسبابه الرئيسية .

وأعلن الأطباء في مؤتمر عقدوه يوم الثلاثاء الموافق 16-4-2002م في العاصمة الألمانية برلين أن أكثر الذين توفُّوا بجلطة قلبية كان " الغضب " وخيبة الأمل أحد أسباب الوفاة الرئيسية، إذ أن الغضب يعمل إما على تقوية سرعة القلب بحيث تخرج عن السيطرة أو إبطاء نبضاته ليُصبح من الصعب إعادته إلى حالته الأولى .
وأشار عالم الطب من المستشفى الجامعي فى مدينة بون " بيتر فاجلر " في محاضرته إلى أن إجراء عملية تبريد القلب يمكن أن تساعد صاحبه على المضي في الحياة بإذن الله إذا ما توفرت العناية به ، مشيرا إلى أن المستشفى الجامعي قام بإجراء بحوث حول عملية التبريد شملت حوالي 275 مريضا وُضعوا في غرفة عناية فائقة لمدة 24 ساعة مجهزة بمكيف هواء بارد يناسب جسم المريض ، على أن تكون حرارة جسمه الداخلي ما بين 32 و 34 درجة مئوية .
وأكد على ضرورة أن يبعد عن المريض الثقلاء من الزوار ! موضِّحا أن نسبة التجارب الناجحة على مرضى القلب بعملية التبريد وصلت إلى 41% من الذين يعانون من أمراض قلبية مختلفة .

ليُعلم أن دِين الله عز وجل هو الدِّين الكامل الشامل لجميع نواحي الحياة ، فما مِن خير إلا دلّ عليه ، وما مِن شرّ إلا حذّر منه .

والله يحفظكم .


عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



رد مع اقتباس