عرض مشاركة واحدة
  #134  
قديم 05-07-2012, 06:57 PM
 

(12)
- ما هو اسمك ..؟
- لديك بطاقتي صحيح ..؟!
صرخ الضابط بعنف وهو يضربالمكتب بقبضته :
- لقد سألتك فلتجب ..
صمت عماد ولم ينطق بكلمة، وعندها غيّر الضابط الكلام قائلاً :
- أتعرف ماعاقبة عدم تعاونك مع الشرطة ..؟
ابتسم ابتسامة ساخرة بجانب فمه المجروح اثر لكمة أحد الجنود التيوجهها إلى وجهه، ثم قال ببرود :
- أولاً ترجع لي حقيبتي، ليس من حقكم الاستيلاءعلى ممتلكاتي الشخصية، ثم اتهامي بالتزوير .. فهويتي ثابتة أمامك ..
امسك الضابط بالبطاقة البلاستيكية وقال وهو يتأمل الصورة :
- اتسمي ذلك اللوح بطاقة هوية ..؟ وما بلاد الجليد تلك؟ أنا لم أسمععنها ..!

" ماذا؟ لا تقل لي بأنك من العصرالديفوني.." التقطعماد انفاسه وقبل ان يتكلم اقترب الضابط من وجهه وهمس :
- اعترف بأنك من المشردين وسوف تكون بخير! وربما ترجع لك حقيبتكالحقيرة!
- من هم المشردين؟
أشعل الضابط سيجاراً، ثم قال بلذة وهو يجلس علىمكتبه :
- إنهم مجموعة من الناس لا هوية لهم، يعملون عند الرئيس بأجر ..
- أجر ..؟
" هل هذا يعني بأنهم أخذو لينا إلى هناك .. " رفع حاجبيهوقاطع الضابط قبل أن يكمل كلامه :
- أنا من المشردين بالفعل ..!
---------------
سارت لينا خلف الخادمة العجوزحتى وصلت إلى بهوٍ واسع، سألتها رئيسة الخدم وهي تقيمّها بنظراتها :
- ماذا تجيدين من الأعمال المنزلية يافتاة ..؟
" اوه لا! يبدو بأنني قد أصبحت مثل الخادمات ، هل تركني الجنود لتلكالمرأة " دمعتعينيها وقالت بارتباك :
- هـ .. هل سأعمل هـ .. هنا؟
صرخت رئيسة الخدم بغلظة :
- بالتأكيد ! الستِ من المشردين؟! يجب أن تعمليوإلا فمصيرك الموت.
" الموت! الموت ..! " تكلمت على الفور قائلة :
- أنا أجيد كل الأعمال المنزلية ..
- إذاً اتبعيني .
وصلت لينا مع رئيسة الخدم إلى جناح يحوي عدة غرف، وخرجت فتاة ترتديزيّ الخدم وقالت بتهذيب :
- أي خدمةسيدتي؟
- وظفي تلك الفتاة واختبريها جيداً .
سلمت الفتاة إلى لينا زي الخادمات الرسمي ، المكون من اللونينالأبيض والأسود، لبسته مستسلمة وقبل أن تسلم المعطف الأبيض للفتاة المسؤولة تسائلت :
- هل يمكنني الاحتفاظ بالمعطف ..؟
أجابت الفتاة بحزم :
- بالتأكيد لا! سوف ترتدين الثياب المقررة فقط .
نظرت إلى المعطف في يد الفتاة التي سارت بعيداً، " ذهب الاثنان فييومٍ واحد ، يالك من أحمق ياعماد! يالكمن عنيد .. أتعرف؟ أنا أكرهك كثيرا .. لايمكن أن اتخيل بأن حياتي سوف تنقضي هكذا بسببك .." استندت على الجدار ودموعها تنهمر على وجههابصمت .

في تلك الاثناء كان عماد يقف في وسط حقلٍ كبير، مع اثنان من الجنود .. تكلم احدهما مع رئيس المزرعة قائلاً :
- ذلك الشاب سيعمل هنا، لقد اختبرناه وهو لا يجيداي عمل، دعه يحمل الأكياس .
صرخ الرجل المسؤول عن المزرعة :
- لا اريد شاباً مدللاً! هل تريد أن يقتلنيبلود؟
" كيف يجرئون على بيعي في سوق العبيد! " كان عماد يتأملهم ببرود وهو يضع يديه فيجيبه، ثم قال وهو يتأمل حديقة القصر البعيدة :
- يمكنني العمل فيالزراعة!
رفض المسؤول عن المزرعة رفضاً باتاً وتابع سيره بعيداً، كانت تلك هيالوظيفة السادسة على التوالي التي تم رفضه فيها .. رفع حاجبيه وقال :
- ألا يبدو لكما من مظهري بأنني شابٌ لا أصلح لمثل تلك الوظائف ..؟
امسك به الجندي بعصبيه وتكلم مع الآخر قائلاً :
- إنها آخر الوظائف المتاحة! يجب أن نأخذه إلى بلود ليعينه بشكلٍ شخصي ..!
- لماذا لا نقتله ونرتاح ؟
رفع عماد رأسه وصرخ :
- خذوني إلى ذلك الرجل، استطيع اقناعه بأن يجعلني أعمل هنا ..

نظر الاثنان بشك، وسحبوه للمرة الثانية، وعندما وصلا إلى مسؤولالمزرعة الذي لم يعرهم اهتماماً تكلم عماد قائلاً :
- دعني أعمل في المزرعة مقابل نومي! إذا لم أخرج لك بعمل جيد، اجعلنيأبيع الزهور مثل الفتيات!

كان يبدو مصراً للغاية، ورفع رئيس المزرعة ودققفي وجهه الجميل فقال على مضض :
- لا تبدو مزارعاً ناجحاً ولكن إذا فشلت فسوفأستفيد من وجهك!
في أول يوم للينا في العمل، كانت مرهقة وغاضبة .. لكنها فعلت الأشياء بشكلٍ صحيح .. كانت مهمتها هي مسح الأرضيات في غرف الأمراء ..
شعرت بالإهانة حقاً . ولهذا استمرت في العمل وهي تصرخ بداخلها .. كان الغضب ظاهراً على ملامح وجهها وعلى حركة يديها السريعة،
دلفت إلى أحدى الغرف بسرعة وبدأت في ازاحة بعض الأثاث الخفيف وعندهاسمعت صوتاً جفلت منه :
- ألم تتعلمي أيتها الفتاة أن تطرقي الباب ..؟
لم تستطع أن ترفع عينيها من المفاجأة التي انتابتها، توقفت عنالحركة وقدميها ترتجفان" ماذا؟ من هناك؟ ما الذي سيحل بي الآن ..؟"
سمعت صوته الثلجي يتردد فيالغرفة مجدداً ولكن تلك المرة مع ضحكة مجلجلة ووقف ثم سار نحوها وهو يتأملها ويقول :
- هل انتِ خادمة جديدة؟ تبدين ساذجة حقاً ..!
- أنا .. حقاً آسفة .
كان يبتسم ابتسامة غريبة،وعندها تساءل :
- لا تنظفي هنا، فقط اخرجي .
- حسناً .
بدأت بإعادة الأثاث إلى مكانه ولكنه أبعد يدهاوقال بحدة :
- لقد أمرتكبالخروج!
رفعت عينيها إليه ولكنها اصطدمت بتلك العينان السوداوين الباردتين،كانت ملابسه أنيقه، شعره طويل وأسود مربوط للخلف و ينسدل إلى منتصف ظهره .
" هل هو أمير ..؟ يبدو مخيفاً بعض الشيء " أخفضت عينيها بسرعة وهرعت للخارج .. " ياله من شاب فظ! انه لم ينتظر حتى آخذ أدوات التنظيف ..؟ هل هو أحمق أمماذا .. " تذكرت الأميرسامي وارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة ، ثم اسرعت عائدة إلى عملها بينما كان هناكالكثير من الرجال يدلفون نحو الغرفة التي تركتها للتو ..
سمعت أحدهم يخاطب الآخر قائلاً :
- أعتقد أن بلود سوف يأمر بقتله على الفورلمخالفته القوانين !
ارتجفت دقات قلبها واسرعت في مشيها وهي تشعربالخوف .
هكذا مر يومان على عمل عماد الشاق في المزرعة، فقد كان يعمل معاثنين آخرين في حرث الأرض والتنسيق وجز الحشائش الضارّة ..
لقد كان في الحقيقة عملاً ممتعاً بالنسبة إليه، فها هو ذا يجربشيئاً للمرة الأولى ، لكنه لم يكن سعيداً جداً، فهو لم يجد لينا في أي مكانٍ ذهبإليه .. وهكذا بات يتسائل وهو ينام في تلك الغرفة الصغيرة مع زميليه " هل انتِ هنا حقاً ..؟ أنا أشعر بأنكِ هنا ولكن لا أجدك أينما رحلت .. إلى أي مكانٍ قامو بأخذك ..؟"كان يفكر كل ليلة حتى يغط في النوم ..
عندما استيقظ من النوم شعربوخزٍ في صدره و حاول أن يأخذ نفساً عميقاً، وعندها تسائل احدى زميليه الذي لاحظالارهاق على وجه عماد :
- هل انتبخير؟
- أجل .
وقف على الفور متوجهاً إلى الخارج، استنشق بعضالهواء المنعش وهو يهمهم بكلمات الغضب لمن أخذو حقيبته ومعها علاجه المهم الذي لايمكن الاستغناء عنه .
سار بصحبة زميليه نحو المزرعة، كان أحدهمارجلاً مسناً ، أما الآخر كان شاباً في عمر عماد أو أكبر بقليل .. لم يكن الرجلالمسن بصحةٍ جيدة ، لذا حاول عماد وزميله الشاب الآخر أن يأخذا ما صعُب من العمل ..
كانا يحملان السلال المليئة بالحبوب والصناديق الثقيلة، أما الرجلالمسن، كان يعمل في الحرث ورش البذور، ومن بعيد شاهدا الرجل يسقط على الأرض مغشياًعليه فاندفعا نحوه ..
" مالذي جرى له ..؟ " كان قلب عماد يدق بعنف وهو يقترب من الرجلوقدماه لا تقويان على حمله، اندفع الشاب الآخر نحوه وأخذ يحركه ولكن عماد منعهقائلاً :
- توقف! لا يجب أن نلمسه ، فقط اطلب المساعدة ..
- ولكنه شاحب الوجه! ربما يكون مختنقاً !
كان الشاب يصرخ بانفعال ولكن عماد نظر اليه واجاب بهدوء :
- ارجوك اذهب لطلب المساعدة، فربما تؤذيهاكثر!
تركه الشاب وركض نحو القصر، أما عماد فقد ارتمى جالساً بجانب الرجلوالأصوات تصرخ في رأسه" ساعدها! لماذا تقف بلا حراك .. ، ماتت ، نعم .. ؟ ماتت بسببك .. لأنك عديم المسؤولية" ضرب جبهته براحة يديه محاولاً طرد الأصوات من داخل رأسه وشعربالصداع ولهذا نظر إلى وجه الرجل المسن بنظرات مهتزة وخائفة ثم تطلع بعيداً وهوينتظر المساعده.
في تلك الأثناء كانت لينا تمارسُ عملها فيتنظيف الغرف، وكانت تطرق الباب قبل أن تدخل، وصلت إلى نفس غرفة الأمس الخاصةبالرئيس الشرير "بلود" واللاتي تحكين عنه الخادمات بأنه أمير دموي وشرير، كثيرالأنانية و لا يهمه سوى نفسه ..
طرقت الباب بيد مرتجفة ولم تسمع إجابة منالداخل، عادت للطرق مرة أخرى " ربما لم يسمع في المرة الأولى! ماذا سيكون عقابي إذا لم انتبه ودخلتوهو موجود ..؟ " استلهمت القليل من الشجاعة وقامت بفتح الباب ثم أدخلت رأسها لتنظر ..
كانت الغرفة ساكنة ولهذا دخلت براحة تامة واقفلت الباب خلفها، ولكنعندما اقتربت من السرير شاهدته ينام بعمقٍ فوقه وهو يرتدي ملابسهالكاملة!
بسبب الفزع الذي لحق بها تراجعت للخلف بسرعة فسقطت على الدلو محدثةضجة كبيرة .
استيقظ بلود فزعاً على تلك الضجة، نظر حولهقليلاً ثم جلس بسرعة وهو يرمق لينا بنظراتٍ حمراء غاضبة من فوق سريره، وسرعان ماهبط مقترباً منها وهو يصرخ قائلاً :
- هل انت حمقاء! ماذا تفعلين هنا ..
" يا إلهي سوف يقضي علي .. سوف يقتلني .. " أجابت بتلكؤ :
- لـ .. لم أكن أظن بأن شخصاً هنـ .. هنا . ..
عاد يزمجر وهو يقترب أكثر :
- يالك من خادمة مزعجة سوف اطردك قريباً ..
اعتقدت لينا بأنه سيقوم بضربها، ولهذا غطت وجهها بكفيها وهي تأن منالخوف، بينما توقف بلود ينظر إليها متعجباً وهو يفكر " لماذا لم تهرب؟ ما الذي تفعله بالجلوس هناوتغطيه وجهها الصغير بتلك الطريقة المضحكة .. " انتابته ضحكة أخفاها على الفور وعاد يصرخ :
- اخرجي!
صمت قليلاً ليعطيها الفرصة على النهوض، فنهضتبدون تفكير وحملت الدلو فتكلم بحدة :
- لا تعودي لتنظيف تلك الغرفة مجدداً هلفهمتي؟
- حاضر!
ركضت إلى الخارج وأغلقت الباب خلفها .


" يمكنك أن تفعلها .. فقط استرخ، انت لن تدع شخصاً ما يموت أمامناظريك وبإمكانك المساعدة .. أرجوك كف عن القلق مثل الصبي الصغير .. " التقط انفاسهبصعوبة وحاول أن يشجع نفسه بالمزيد من الكلمات، ثم انحنى فوق الرجل العجوز وتحسسجانب رقبته الأيسر " لقد أصيب بأزمة قلبيه، مر من الزمن : دقيقة ونصفتقريباً" قامبتمديده على الأرض بحرص، فتح أزرار قميصه على عجل ثم ضرب ضربة واحدة سريعة على صدرالرجل المسن بقبضة يده .. ولكن قلبه كان ما يزال متوقفاً عن العمل ..
بدأ عماد على الفور بالضغط على صدره بكلتا قبضتيه محاولاً تنشيطقلبه .. وعمل التنفس اللازم له، لكن الرجل لم يستجب لمحاولات اسعافه ..
" يجب أن تعيش، سوف تستيقظ .. وسوف تصلك النجدة الآن، ساعده يا رب .. " سقطت دمعات منعينيه بينما لم يكف عن محاولة انعاشه، التي جائت أخيراً بفائدة .. وعاد القلبللنبض، وبعد ثوانٍ أخرى فتح الرجل المسن عينيه الضعيفتان ونظر إلى وجه عمادباطمئنان قبل أن يغلقهما مجدداً ليرتاح .
رفع عماد رأسه عندما سمع تلكالهمهمة من حوله، كانت هناك الكثير من الخادمات اللاتي حضرن بعد أن شاهدن ماحدث ..
وتسائلت احداهن بقلق :
- هل هو حي ..؟
- أجل .
أجاب باقتضاب وهو يشاهد الشاب يعود برفقه بعضالحرس وطبيب، اقترب الطبيب وتحسس النبض ثم طلب من الحرس حمله وعندما وقف سأل عماد :
- هل قمت بعمل شيء له؟
- نعم .
بدأ الطبيب يتحدث بنبرةمتعالية :
- هل تعرف كيف تعالج الآخرين؟ لربما تسببتبمقتله!
نظر له عماد بحدة وقال :
- لكن أنا أعرف ما الذي أفعله، لقد أصيب بأزمةقلبية، إذا لم أقم بإسعافه فوراً فربما يكون قد مات عندوصولك.
- وكيف تعرف بأنه مصابٌ بأزمةقلبية؟
- إنني طبيب .
شهقت بعض الخادمات وبدأن بالكلام مع بعضهن :
- حقاً ذلك الشاب المزارع هو طبيب؟
- ياله منكاذب!
- انظري لقد قام بمعالجته بشكلٍجيد!
انصرف الطبيب خلف الحارسان الذان حملا الرجل المسن على محفة خشبيةبدون أن يقول شيئاً .
أما الشاب الزميل في الزراعة فقد تسائل منبهراً :
- هل يمكن أن يكون هناك طبيبٌ من المشردين ..؟
قال عماد وهو يحمل أحد الصناديق مشيراً للعودة إلى العمل :
- أنا هنا بإرادتي، وأيضاً ما الأمر إذا كان هناك طبيب يعمل مزارعاً؟هل هذه مشكلة؟!
بدأت الخادمات بالانصراف وهناك لمعت فكرة فيرأسه " هل يمكن أنتكون لينا واحدة منهن؟ بالتأكيد ليست هناك وظيفة مناسبة لفتاة مثل الوظائف التيعرضت علي ،.. " أخذينظر إليهن وهن يتجهن للقصر ولكنه سرعان ما أصيب بالأحباط وهمس :
- لو كانت هنا فسوف أعرف بالتأكيد .. على الاقل سوف تتكلم معي ..
" ولماذا تتكلم معك؟ إنها تريد ان تهرب منك باية طريقة ..
- لكن ماذا فعلت؟
انت؟ لقد فعلت لها كل الأشياء السيئة! لم ترمنك الجانب الجيد
- ها! ان كان يوجد جانب جيّد فيالاساس!
لكن اعتقد ان لديك جانب جيد، لكن ظروفك ليستجيدة
- الآن كنت تتهمني ثم تبدأ بالقاء التهم على الظروف ؟! لا اريد أناسمع صوتك بداخل عقلي
انت تخليت عنها، لايمكنك انكار ذلك؟ هل نسيتبأنك وعدتها بأن تحميها؟
- توقف عنلومي!
ثم عاملتها بجفاء بسبب اخطائك! هل تريد أن تكرر ماحدث فيالماضي؟
- توقف ! توقف "
صاح بقهر وهو يرمي أحد الصناديق على الأرض ،اراد أن يوقف حديث نفسه المعتاد، همس بارهاق وهو يجلس على نفس الصندوق :
- لماذا لا أفعل شيئاً بشكلٍ صحيح ...؟!
ثم صرخ بصوت عالٍ وهو يقطع بعض الحشائش :
- لم أنا هكذا الآن!؟
نظر نحوه الشاب الزميل وتوقفعن العمل وهو يتسائل :
- سيدي الطبيب هل انت بخير ..؟
رمقه عماد بنظرة غاضبة وهتف بحدة :
- لا أحب لزميلي في العمل أن يناديني هكذا هل سمعت؟ ادعى عمادفقط!
-------------------------
استيقظت لينا من نومها وارتدتملابسها الخاصة ولكن كان هناك تجمهر من الخادمات حول مائدة الافطار وهن يتحدثن عنطبيب يعمل مزارعاً لدى الرئيس بلود ..
اندست وسط الفتيات وسمعتاحداهن تحكي للأخريات :
- لقد كان رائعاً ! استطاع أن ينقذ زميله المسن! وعندما جاء الطبيب الخاص بالعمال بدأ بتوبيخه ..
تساءلت أخرى :
- وماذا حدث؟
وقفت نفس الخادمة معتدلة وبدأت بالتمثيل :
- اسمع ياهذا أنا طبيب!
تعالت أصوات الاندهاش الصادرةمن الخادمات ، وعندها تابعت :
- انه وسيم للغاية ..
- نعم لقد رأيته !
- هل رايتيه؟ كيف كان ..؟
- إنه طويل القامة ويمتلك وجهاً وسيماً أيضاً شعره ...
ابتعدت لينا عنهن وهي تفكر " يالهن من فتيات غبيات .. من هو؟ أحدُ الأمراء ..؟ " جلست احدىالخادمات بجانبها وتسائلت :
- هل سمعتي قصة المزارع الطبيب؟ ماهي ؟ لقد جئتُمتأخرة ..
" مزارع طبيب؟ إذاً هو ليس أميراً ..؟ يبدو ذلك مشوقاًجداً " ابتسمت ليناوأومأت بالإيجاب وهي تقول :
- يحكون عن مزارع أنقذ زميله من مرض ما .. ولكنيتضح في النهاية بأنه طبيب .
أردات أن تعرف المزيد عن القصة بعد أن علمتبانه مجرّد مزارع عادي، ولكنها تناولت طعامها بسرعة وهمت بالخروج بسبب تأخرها،وسرعان ما توقفت عندما سمعت احدى فتاتين تقول للأخرى :
- سمعت بأن اسمه عماد!
- حقاً. ..؟
- ألم تسمعي ذلك المزارع عندما خاطبه؟ لقد ناداهبذلك الاسم ..
" عماد!"وكأن صاعقة ضربتها، توجهت لينا نحو الفتاتينوتسائلت :
- هل قلتي بأن اسمه عماد ..؟
- نعم ..!
- المزارع؟ الذي اتضح بانه طبيب؟ وأيضاً وسيم .. و ..؟!
- أجل .
" ماهذا الغباء؟ يمكن لأي شخص أن يحمل نفس الاسم! وأيضاً عماد .. لايبدو بأنه طبيب، كان يبدو مريضاً بمرض ما .. نعم كيف يكون هو ؟لقد هرب ذلك البغيض المزعج عند نقطة التفتيش " سألت مجدداً :
- هل هو يعمل لدى بلود ؟
" لماذا أنا مهتمة؟! حسناً .. سوف أذهب وأتأكدفقط! " خرجت لينامسرعة بعد أن عرفت مكان المزرعة من خادمات القصر، وبينما هي تسير في الطريق المرصوفالموصل بين القصر والمزرعة، إذا بها ترى بلود قادماً بسرعة من طريق جانبية مع بعضالرجال ومتوجهاً إلى القصر ..
دارت حول نفسها وهي تشعر بالرعب " يا إلهي! لماذا أنادائماً بمواجهة ذلك الشخص المخيف ! " حاولت أن تجد مكاناً للاختباء ولكنها لم تفلح ..
رآها بلود وهي تسير يمنة ويسرة بسرعة فابتسم وهو يفكر " هل تفكر بالهربالآن؟ يبدو بأنها تحمل الكثير من الأحقاد في قلبها .. " ناداها على الفور :
- انتِ أيتها الخادمة توقفي عندك!
تجمدت لينا في مكانها وهي تنظرللأرض " إذا سألنيماذا أفعل هنا ماذا سأجيب؟ كيف سأجيب .. " تسائل بلود بعد أن أمر رجاله بالانصراف :
- ماهو اسمك ..؟
رفعت رأسهاونظرتله باستغراب ، رددت متسائلة :
- اسمي أنا ..؟
- أجل ..!
- لينا .
تأملها بنظراتٍ فاحصة " منالواضح بانهاأجنبية عن هذا البلد، وحتى انها تحمل هذا الاسم الغريب " عاد يتسائل :
- هل قدمتِ للخدمة أم أنك من المشردين ..؟
" ماذا؟ مشردين وخدمة .. ماهذا الكلام .. " أجابت بسرعة :
- كنت مسافرة، ولكن حقيبتي سُرقت! ثم امسكني رجال الشرطة واخذوني إلىهنا لأنه ليس لدي بطاقة .
- انت من بلدة ايركايل ..؟
- لا . أنا من مكان بعيد للغاية، لقد جئت عبر القطار السنوي .
" القطار السنوي؟ ماذا يكون هذا الشيء .. هل هي حقاً من مكانٍ بعيدللغاية أريد أن أعرف المزيد " تكلم وهو يخرج سيجاراً من معطفه :
- حسناً، عند الخامسة مساءاً سوف انتظرك في غرفتي. أريدك أن تنظفيها .
- حـ .. حاضر!
" لماذا يريد مني الآن بأن أنظفها ..؟ " كانت تتسائلبغيظ وهو تنظر إلى ظهره الذي يبتعد شيئاً فشيئاً ..
تذكرت ماكانت ذاهبة لأجله وتابعت طريقها إلى المزرعة ..
عندما وصلت شاهدت شخصان يعملان من بعيد، ارادت أن تقترب أكثر ولكنهالم تستطع، فاكتفت بالمراقبة لفترة، ومن ثم جاء أحدهما قريباً للغاية ليأخذ شيئاً مامن أحد الأكواخ الخشبية الصغيرة ..
" انه ليس عماد بالتأكيد لا يبدو مثله .. " رفعت رأسهاقليلاً وهي تتأمل الشاب الآخر، لم يكن يظهر بشكلٍ جيد بسبب الأشجار ولذا زفرت بتعبوهي تمتم :
- بقيت نصف ساعة ويجب أن أذهبالآن!
" لا فائدة من المراقبة سوف أغامر وأدخل إلى المزرعة .. ربما أقولبأنني خادمة جديدة ضلّتالطريق " دخلت تمشي في طرقات المرزعة المرصوفة بثقة ولكن زميل عماد سألهاعلى الفور :
- هل أقدم لك أية خدمة ..؟
كانت تقف خلف ظهر عمادونظرتقليلاً متجاهلة ذلك الشابوهي تفكر " هل هو عماد بحق؟ يبدو مثله .. يجب أن أكلمه حالاً" تركته وسارت نحوعماد ثم تسائلت بخفوت :
- عماد؟
التفت عماد ينظر خلفه ولكنالمفاجئة أفقدته الكلام " لينا؟! هل هي لينا فعلاً!! " ظل ينظر لها فاغراً فاه ولم يقل أي شيء ،وسرعان ماتسائلت لينا وملامحها تصبح غاضبة :
- ما الذي تفعله هنا ..؟
- لـ .. لاشيء! من الجيد بأنني ..
لم يكمل جملته حتى تسائلتبسرعة وغضبها يزداد :
- هل أنت حقاًطبيب؟
" لقد عرفت الآن .. ليس هناك مجال للانكار .." أومأ بالايجابالصامت . ولهذا عادت لينا تقول :
- ولماذا لم تخبرني من قبل؟ أتعلم .. لم أكنلأعلم بأنك هنا لولا أنني جئت للتأكد وحسب! أتعرف كم أنت مزعج وبغيض ..؟
ابتسم على الرغم منه لم يكن يسمع أي كلمة فقط كان يركز بالنظر عليهاوهو يقول لنفسه" الحمد لله .. لقد وجدتها، أو .. وجدتني لا يهم، المهم أنها كانت هنا منذ البدايةولم أضيّع الكثير من الوقت . . " .. شاهدته يبتسم بصمت ولم يعطها أي تفسير!

تذكرت الموعد مع الأمير بلود فقالت مسرعة :
- سوف أذهب لدي عمل إجباري ..
أمسك ذراعها بسرعة وهو يقول :
- دعينا نهرب!
حاولت سحب يدها وقالت بعصبية :
- أنا لن أذهب معك في أي مكان! لا تفكر بأنك سوف تراني مرة أخرى! فقطاذهب في طريقك الخاص!

ظل يمسك يدها بلا فكاك، ونظر إلى عينيها بثباتوهو يقول :
- أنا متأسف حقاً لما صدر مني، لكنني كنت أنانيا واردت التقدم ..
- هذا لم يعد يهمني بعد الآن، لا تحاول اللحاق بي أبداً فأنا بخير مندونك!
كان وقع كلماتها شديداً عليه، ولكنه ظل ممسكاً بيدها حتى صاحت وهيتحاول نزع يدها :
- اتركني !
أفلت يدها فركضت عائدة إلىالقصر، بينما وقف يراقبها وهي تبتعد .
__________________
الى اللقاء