عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 05-11-2012, 12:15 PM
 
مقام في القصور على قصور



مقام في القصور على قصور ** مقام مثل ربات الخدور

فنصبح مثلها ونروح أيضا ** على فرح بأنواع السرور

وقلب فارغ من كل هم ** كأنا قد خلقنا للغرور

كأن الدار لم تك في زوال ** ولم تظهر عقيمات الأمور

ولم تأذن لنا أنا عليها ** كمثل الراكبين على البحور

وأن الصالحات لنا سفين ** بها نرجو النجاة من الخطور

وأن المهلكات لنا ذنوب ** وأنواع التمادي والفتور

تركنا الدين مندرسا لدينا ** وعوض عنه أنواع الفجور

فبدل ذكر ربك بالملاهي ** من الغنا ومن ضرب الزمور

فأي فتى تقر له عيون ** على ما قد وصفت من الأمور

وفوق الوصف أشياء لديها ** يفوت الحصر من ظلم وجور

ومن قتل النفوس بغير حق ** ومن سبي ومن شرب الخمور

ألا يا أيها الإخوان هذا ** زمان فيه توفير الأجور

فهل من باذل نفسا لمولى** جزيل الفضل منان غفور

لقد ألهتكم اللذات حتى ** تشبهتم بربات الخدور

لقد أسرتكم الشهوات حتى ** غدوتم مثل سكان القبور

ألم يأمركم الرحمن كنتم ** خفافا أو ثقالا بالنفور

ألم يجِ جاهدوا في الله حتى ** تروا دين الإله على ظهور

ألم يقل اشترى منكم نفوسا ** وأموالا على عظم الأجور

فأنتم بالنفوس عليه بخل ** وبالأموال أنتم في قتور

كأن النفع مرجعه إليه ** بخلنا فيه بالشيء اليسير

فهذا الجهل من غير ارتياب ** وربك إن ذا محض الغرور

كأنا قد شككنا في مقال ** أتى من عند مولانا القدير

كأن الفرض منسوخ فما إن ** لهذا الأمر فينا من نصير

كأن الله لم يبعث رسولا ** ليحيي الدين بالسيف البتور

فقام مجاهدا في الله حتى ** علا دين الإله على البدور

وأمَّ الصحب مقصده وجزوا** رقاب الخصم من أهل الفجور

كذاك التابعون على هداهم ** ولم يرضوا بسفساف الأمور

أقول لسيد قد جل فخرا ** وفاق على المناوئ والنظير

لقد سواك ربك في مقام ** علا قدرا على أفق البدور

وقد جلاك ربك بالمعالي ** وقد ولاك مفتاح الأمور

وقد أعطاك عزما ذاب منه ** قسو الشامخات من الصخور

وقد أعلى بك الإسلام حتى ** غدا دين المهيمن في ظهور

فكم من غارة قد كنت فيها ** كمثل البدر في شرف ونور

وكم جيش سحبت له عباب** تدفق مثل أمواج البحور

وكم خصم تجرع منك كأسَ الـ** ـمنون بصارم ذكر بتور

فجددت الطريق وقد تناست** بها الأعصار في مر الدهور

وهذا الدهر قد أبدى صروفا ** وغير ما عهدت بلا نكير

فهل من عودة في ذا فإني ** عهدتك لا تقر على قصور

لقد فتشت هذا الناس طرا ** فلم أر منهم غير الفتور

وقد ألقوا ذمامهم وكلوا ** حيارى عن طريق مستنير

وقد ألقيت آمالي لأحظى** مرامي منك يا قطب الدهور

أصالح إن أمر الناس ألقي ** على كفيك فانهض للمسير

أصالح إن تسترنا بعذر ** فعند الله تكشيف الستور

أصالح لو تركنا الأمر حتى ** نراه هينا سهل المصير

لكنا في الهوان مدى الليالي ** وكنا في القصور مدى الدهور

فقم فيما مضى لا ذا توان ** ولا كسل لذا الشرف المنير

فيمنحك المهيمن خير فتح** وتظفر في العواقب بالأجور
__________________


****شكراااا »ƒLaKë« على التوقيع الجميل****








ّ
رد مع اقتباس