وهنا تبيين آخر لمدى خطورة إخراج النبي محمد عليه الصلاة والسلام عن بشريته التي فيها نص صريح قطعي الثبوت قطعي الدلالة ، وهو قول ربنا جل وعلى {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي} سورة الكهف الآية /110/ . فأقول: أولاً ـ إن في هذا مخالفة شرعية لمخالفة ظاهر القرآن بغير حجة شرعية ، ومن المعلوم أن الأصل في النصوص ظاهرها ، كما في علم أصول الفقه .
ثانياً ـ إن فيها هدماً لنبوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن صدق نبوته عليه الصلاة والسلام أساسها على أنه كان يخبر عن ربه تعالى ثم يُثبت صدقه بكونه تحدثُ منه وعلى يده أمور خارقة للعادة لا يستطيعها البشر ، فمثلاً من يقول أن محمداً عليه الصلاة والسلام يحضر يقظة معه هو بذلك يخالف نصوصاً قرآنية حيث قال ربنا جل وعلى {إنك ميت وإنهم ميتون}، {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإيْن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} آل عمران / 144/ {قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولا} الإسراء /93/{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي} الكهف /110/.
وهنا لي مثال يقرب هذا الذي أقوله للأفهام : فلو أننا كنا مجتمعاً من الغنم بدلاً من أن نكون من البشر وجاءنا رجل من البشر يضحك ويتكلم ويمشي على اثنتين هل يكون هذا عندنا أمر خارق للعادة ؟!!! . وكذلك ينتج لدينا في تصويرنا النبي عليه الصلاة والسلام في هذا ، فكم سمعنا من البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له ظل أو خيال لأنه مخلوق من نور ، وكم سمعنا منهم عن حضوره عدة مجالس في وقت واحد وخاصة الموالد حيث يحضر بزعمهم ثم يقفون على أقدامهم أدباً مع حضوره وينشدون طلع البدر علينا ، وكم سمعنا منهم عن كون جبريل عليه السلام لما أراد أن ينظر إلى ربه الذي يتلو عليه القرآن من وراء الحجاب ، فلما كشف الحجاب وجد محمداً عليه الصلاة والسلام ، فقال جبريل له: أمنك وإليك ، وكم سمعنا منهم أن أول ما خلق الله نور النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، بل أكثر من ذلك فقد تبجح أحدهم بأن من زعم أن محمداً عليه الصلاة والسلام ولد كما تخرج الأولاد من أمهاتهم فإنه يخشى على إيمانه .
وهؤلاء الذين يقولون بحضوره يقظة عندهم ، نقول لهم: لو كان لديكم أدنى معرفة في علوم الحديث لعرفتم مدى سخف كلامكم لأن مضمونه بإجماع العلماء الذين عرّفوا الصحابي أن مشايخكم الذين تدعون أنهم التقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظةً قد أصبحوا صحابة وأنتم بالتالي أصبحتم تابعين لالتقائكم بهم ، وهلم جرا ، وعليه فإن كل العلماء من أمثال أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني ويحيى بن معين والرازيان والبخاري ومسلم والترمذي وأبي داود وآلاف غيرهم ممن تكلم في علم الجرح والتعديل أغبياء ضلال ـ والعياذ بالله من هذا ـ لأنهم لم يذكروا واحداً فقط تقع عليه هذه الرتبة التي تدعون من بين عشرات الألوف ممن روى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأقول أيضاً أين كان النبي عليه الصلاة والسلام من الحضور يقظة في أوقات كادت وكانت الأمة تذبح: يوم السقيفة يوم وقع الخلاف بين الصحابة من يخلفهم ، ويوم وقعة الجمل يوم ذبح فيه المبشرون بالجنة من الصحابة ، وكاد أن يهتك فيه ستر أزواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم ،
ويوم وقعة صفين يوم ذبحت الصحابة يوم اختلف علي مع معاوية رضي الله عنهما وشرخت الأمة نصفين ، أين كان النبي عليه الصلاة والسلام من الحضور يقظة مع علماء هذه الأمة من فقهاء ومحدثين عندما كانوا يختلفون في مسائل الفقه فالشافعي مثلاً يجتهد ويقول قولاً وأبو حنيفة يجتهد ويقول عكسه ، وعمر بن الخطاب كما في البخاري /5266/ يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهداً: الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا .
سبحان الله عمر الخليفة الراشدي ومن على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أي بحضور الصحابة ـ ولم يكن لواحد منهم هذا المقام المزعوم لدى (أولياء) عصرنا مع رسول الله ليحضر عندهم يقظة ويخبرهم بما ينقصهم من أخبار وأحكام .!!!
وهؤلاء المحدثون يقطعون الصحراء من أجل الحديث ، كل هذا والنبي صلى الله عليه وسلم الرؤوف بأمته يضن عليهم بالحضور إليهم لحقن دمائهم ولإرشادهم ثم يحضر في الزوايا والتكايا عند هؤلاء الجهلة ليخبرهم أن فلانة ستتزوج وأن الأخرى سوف تحبل وأن هذا الزواج ليس فيه وفاق
فأين يمشي بنا هؤلاء الجهلة ، والله إنهم معاول هدم في هذا الدين ، اللهم اكفناهم على النحو الذي تريد وكيف ما تريد ، والحمد لله رب العالمين.
================
منقول من موقع الصوفية
================
مؤمن الرشيدي
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |