إستيقظت إلهام على صوت هاتفها الخليوي:
- السلام عليكم من معي؟
- أنا عوني...أريد أن أراكِ اليوم.
طار كل أكثر للنعاس كان ينتابها و جلست...عوني؟ ماذا يريد الآن؟:
- لن أستطيع اليوم...
- يجب أن أراكِ بدون أي تأخير.
فكرت... لا لن أذهب له يجب أن أخبر يوسف أولاً و كأنه قرأ أفكارها:
- إن لم تأتي سيحدث ما لن يرضيكِ... لا تقلقي أريد أن أراكِ لأحدثك فقط لن أطالبك بأي معلومات.
- لكن يو... السيد عيّاش رآنا المرة السابقة و ثارت شكوكه.
صمت مفكراً ثم قال:
- حسناً سوف نتقابل في المكتبة... لا أظن أن (رجلك) سيذهب إلى مكتبة الإسكندرية إلاّ إذا كان معه فوق سياحي يريد مكتبنا الذاخره.
غضبت من سخريته و كانت على وشك أن تقول له أن يوسف ليس رجلها لكنها صمتت عندما سمعت طرق على باب غرفتها... قال عوني الذي بدى أنه سمع الصوت:
- سوف أراكِ اليوم الساعة الثانية عشر... إلى اللقاء.
دخلت سها:
- هيا أيتها الكسوله... غنني أنتظرك لنتناول الفطور معاً لقد خرج محمد قبل أن أستيقظ و يوسف تناول فطوره سريعاً و ذهب لمقابلة الأستاذ ياسر.
- حسناً سوف ألحق بك بعد خمس دقائق.
بعد أن تناولتا الفطور تقيأت سها و أحست بالتوعك فصحبتها توحه إلى غرفتها و قالت أنها ستلازمها حتى تفارقها نوبة الدوار... نظرت لإلهام نظرة ذات معنى كأنها تخبرها " ألم أقل لكِ بالأمس" سالتها إلهام:
- هل ستحتاجان إلى مساعدتي؟
- لا لا يا ابنتي إذهبي و اكملي عملك.
- حسناً لكنني سأمر على نشوى ظهراً لأرى ماذا فعلت في إمتحانها.
قالت سها بإنهاك:
- أرسلي لها تحياتي ... و خذي سيارتي.
- شكراً عزيزتي.
تناولت المفاتيح و خرجت... وجدت عوني ينتظرها أمام شباك التذاكر، سبقته إلى داخل المكتبه ... أخذت إلهام أحد الكتب و جلست على طاولة فجلس عوني في مقابلها أغلق الكتاب و نحاه جانباً:
- لا داعي لكل هذا التظاهر فنحن لا نقوم بمهمة جاسوسية.
نظرت له بغضب فقال لها:
- مرحى لكِ... يجب أن أهنئك.
- تهنئني؟ على ماذا؟
- على تلك المعلومات الرهيبة.
أحست بشر قادم في الطريق:
- أي معلومات؟
إتسعت عينيها بلوعه ما أن أخرج من حقيبته ظرف.... أن ذلك الظرف الذي كانت تضع فيه أوراقها، سالته من بين أسنانها:
- من أين لك بهذا الظرف؟
- بالمناسبة إن منزلك جميل جداً... أولانه متناسقة و توحي بالبهجة.
مدت يدها لتنتزع منه الظرف لكنه أبعده عندها... عندما لاحظ تلفت الناس نحوهما أعطاه لها:
- على كل حال عندي نسختي المحفوظة.
- أيها الوغد الحقير.
نظر إلى يدها اليمنى ... قال بطريقة بغيضة و هو يضع يده على قلبه:
- أوووووه... لم أنتبه... يجب أن أكون أول من يقدم التهاني.
صفعته بقوة:
- أنت لست إنسان.
صر على أسنانه في محاولة منه لكبت غضبه:
- بالعكس... سوف ترين أكبر دليل على إنسانيتي... سوف أعطيكِ صور أختك و لن أنشرها... لكنني سوف أعرف كيف أجعلك تندمين على صفعتك هذه.
قالت بصوت خرج كالفحيح:
- لو فكرت أن تمس يوسف بأي آذى سوف تندم.
تراجع إلى الخلف متظاهراً بالخوف:
- ياإلهي لقد شعرت بالرعب... من الواضح أنني سأخسر أنشط صحافية عندي لأنها وقعت في الحب... لكن أرجوكِ عندما تفشل هذه القصة الرائعة تعالي إلى العمل في وقتك و لا تتأخري.
لم تتحمل سخريته فوقفت و غادرت نادى لها:
- لقد نسيت أن أخبرك... المكان كان في المطبعة بالأمس من الممكن أن تعودي للمنزل لتجدي السيد عيّاش يقرأ الجريدة هذا لو لم تستطيعي إخفاءها.
قادت سيارتها بسرعة جنونية و هي تدعو الله أن تصل إلى يوسف قبل أن يقرأ الجريدة.... لم تكن تصدق ما فعله عوني لقد دخل إلى منزلها وسرق الأوراق لابد أنه عرف أن الأوراق في حقيبتها، صرت على أسنانها كم كانت غبية عندما تركت حقيبتها و ذهبت إلى الحمام مؤكد أنه فتح حقيبتها و رآى الظرف ضربت المقود بقبضتها... إنني غبية... لماذا لم أتخلص من تلك الأوراق؟ لماذا إحتفظت بها؟ لم تستطع أن تتوقف عن لوم نفسها بالرغم من عدم جدوى ذلك.
رمت مفاتيح السيارة على أقرب طاولة لها و ركضت إلى غرفة المكتب رأت يوسف يجلس وراء المكتب ساهماً لم تحرك وقفت تنظر إلى شحوب وجهه بفزع قالت بصوت مرتجف:
- يوسف أريد أن أخبرك بأمر ضروري.
رمى على الأرض علبة إستقرت تحت قدميها نظرت إلى العلبة بذعر... إنها صور اختها قال لها:
- هل ما ستخبريني به هذه الصور أم هذه...
رمى الجريدة على الأرض فإنحنت و إلتقطتها... مررت عينيها على الأسطر ثم تأوهت:
- آآآآه لا.
قال بعنف:
- آآه نعم.
- يوسف اسمعني يمكنني أن أفسر لك.
إنفجر:
- تفسرين لي؟ ماذا الذي ستفسرينه هذه الصور الرائعة؟ أم المقال الجهمني هذا؟
فكرت... عوني السافل طلب أن يلتقيني ليرسل الصور و الجريده ليوسف.... تقدم منها و انتشل الجريدة من بين يديها و نظر إلى المقال بعينان متوهجتان.
تسمر كأنه تمثال من حجر و ابيض لونه ثم لوح بالجريده و قال بيأس
- لقد قابلت في حياتي كل أنواع الإشاعات و رغب الكثير في تشويه صورتي لكن هذا....
صمت ورمى المجلة بقرف ثم نظر لها بعدم تصديق و سأل:
- أنتِ من كتب هذا الكلام؟
قالت له:
- لقد كنت أريد أن أخبرك....
قاطعها:
- تريدين أن تخبريني بماذا؟....لقد سألت سؤال أنتِ من كتب هذا المقال اللعين؟
نظرت له و عيناها تتوسلانه لفرصة فقال:
- إذن كل ما حدث كان بترتيب منك.
سارعت تقول:
- لا...صدقني لم أرتب لشئ.
سألها:
- ألم تنوي أن تكتبي عني هذا المقال قبل أن نلتقي؟
أطرقت برأسها و صمتت فهز رأسه بأسى:
- إذن كان كل ما حدث مرتب و بدقة و أنا كالأحمق وقعت في الفخ حتى أنني كنت سأتزوجك....
ضحك بمرارة ثم اقترب منها و صر على أسنانه:
- ترى هل هناك ما هو صادق منذ أن دخلت حياتي؟...أتراكِ أيضاً ابتدعت موضوع الحادث و ألقيتِ بنفسك أمام سيارتي؟
تجاهل نظرة الألم التي أطلت من عينيها...بدى أنه لن يتوقف فصرخت به :
- كل ما تقوله غير صحيح...غير صحيح.
قال بصوت راعد و قد فقد السيطرة على اعصابه:
- لن أسامحك على هذا أبداً... أبداً...أتفهمين؟
إختنق صوته:
- اخرجي من حياتي يا ذات الوجه الملائكي المخادع...لا أريد أن أراكِ بعد الآن.
عندما همت بالرحيل أمسك ذراعها:
- انتظري.
نظر لعينيها الدامعتين:
- دموع؟ لا أظنك بحاجه لها فقد صار كل شئ واضح....
هزها بقوه:
- لقد عرفتك على حقيقتك.
قالت إلهام و هي تنتحب:
- أنت لا تفهم.
سألها بصوت مبحوح من شده الغضب:
- ما الذي لا أفهمه؟ها؟ أخبريني....ما الذي لا أفهمه؟
اخفضت رأسها و تساقطت دموعها بغزاره فهزها لتنظر له و عندما رآى ملامح الكرب على وجهها أحس بالألم فأمسك بذراعيها بقوة و توسلها:
- إنكري...أرجوك إنكري أنكِ من كتب هذا و سأصدقك.
هزت رأسها بألم:
- اتركني فأنت تؤلمني.
رفع يديه عنها بنفاذ صبر و عاد لغضبه:
- حسنا...حسنا على الأقل هناك بقية من صدق توجد بداخلك خذي هذه قبل أن ترحلي فأنا أود أن تكون حياتي نظيفه من أي أثر كان لكِ فيها.
أحست أنه كلما طال وقوفها أمامه سيظل يؤلمها فأسرعت بالخروج لكنه استوقفها صائحا:
- لا تنسي أن تأخذيها قبل خروجك إنها الصور السلبية التي كانت مع مديرك و الذي كان يبتزك بها.
إلتفتت له بصدمه و نظرت إلى الأفلام التي كانت في علبه بلاستيكيه و تساءلت "لقد عرف و رغم ذلك لم يعذرها؟؟"...
قال:
- حتى هذه الصور كان صدمه بحد ذاتها...صدمة من إحدى الصدمات الكبيره التي تلقيتها فيكِ و على يديكِ....لا تقلقي لم أنظر لها فيكفي أن صورتك صارت مشوهة في خيالي لا أريد أن أزيدها.
خلعت خاتم الخطوبة و وضعته على المكتب ثم انتزعت الأفلام من بين يديه و انفجرت بالبكاء ثم خرجت راكضه و كأن الشياطين في أعقابها، بعد أن خرجت إنهار يوسف على الكرسي واضعا رأسه بين يديه:
- لماذا؟ لماذا لا أستطيع الاقتراب إلا من نساء غادرات...مدمرات للروح...لا مبادئ لهن.
لكنه توقف ثم صاح بإعتراض مخاطباً نفسه:
- لكنها لم تكن كذلك.
عاد و ضرب جبهته بيده و صرخ:
- إنها كذلك و أسوأ....و أسوأ.
دخلت سها راكضه:
- ماذا حدث يا يوسف لقد رأيت إلهام تركض و هي تبكي بهستيرية....توقفت عن الكلام عندما رأت حالة اخيها و لأول مره في حياتها ترى الدموع تنساب من عينيه.
يتبعــــ........
قراءة ممتعة