[COLOR="DarkSlateGray"] وقفة (9)
قال الشيخ ص 121 – 122: " كان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم – كما جاء في ترجمة الإمام أحمد في طبقات الحنابلة – رأي النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أقرئ أحمد بن حنبل السلام مني وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فأرسل الإمام الشافعي رجلاً من عنده بهذه الرسالة إلى الإمام أحمد إلى بغداد والشافعي في مصر، فلما وصل إلى بغداد وأبلغ الإمام أحمد بن حنبل السلام وبلغه سلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والبشارة بالجنة علي بلوى تصيبه .. بكى الإمام أحمد وقال: الله المستعان وعلى رسول الله السلام .. وفرح ببشارة رسول الله وسلامه .. ومن شدة الفرح خلع الثوب الذي على بدنه وأعطاه لهذا الرجل الذي أرسله الإمام الشافعي .. هدية البشارة .. لأنه كان سبباً في وصول البشارة إليه فلما رجع الرجل إلى مصر سأله الإمام الشافعي فقال له: ماذا قال لك ابن حنبل؟ قال: قال الله المستعان وأعطاني ثوبه، قال: أعطاك ثوبه؟ قال: نعم، قال: أخرجه من خزانته أم من على بدنه؟ قال: من على بدنه، قال: من على بدنه؟ قال: نعم، قال: أما وإنا لن نفجعك في ثوبك ولكن نستأذنك أن نغسل هذا الثوب ونحتفظ بالماء الذي ينزل منه وخذ لك الثوب .. فغسل الإمام الشافعي الثوب وأخذ الماء الذي قطر من هذا الثوب وأخذ غسالة هذا الثوب يتبرك بها من أثر الإمام أحمد بن حنبل . " قلت : [/COLOR]وهذه القصة لا تصح سنداً ، وهاك هذا البحث الذي أصله من موقــع الصوفيـة ( www.alsoufia.com ) مع زيادات عليه ، قال : وقد جاءت هذه القصة بعدة أسانيد . السند الأول أخرجه ابن الجوزي، وابن عساكر من طريق أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان سمعت أبا القاسم بن صدقة سمعت علي بن عبد العزيز الطلحي قال لي الربيع إن الشافعي خرج إلى مصر ...... القصة.
ثم قال : ( وفي هذا الإسناد فيه محمد بن الحسين أبو عبد الرحمن السلمي ، متهم بالوضع ، ومن فوقه فيهم من لم أجد ترجمة له ) . قلت : فأبو عبد الرحمن السلمي محمد بن الحسين الصوفي صاحب الطبقات وهذه ترجمة مختصرة له:
1. أورده ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين وقال: محمد بن الحسين أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي حدث عن الأصم وغيره قال أبو بكر الخطيب قال لي محمد بن يوسف القطان كان السلمي غير ثقة وكان يضع للصوفية الأحاديث(75).
2. وأورده الذهبي في المغني في الضعفاء وقال: محمد بن الحسين أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي صاحب المصنفات تكلم فيه وما هو بالحجة وقال الخطيب قال لي محمد بن يوسف القطان كان يضع الأحاديث للصوفية، قلت: وله في حقائق التفسير تحريف كثير(76).
3. وأورده ابن العجمي الحلبي في الكشف الحثيث فيمن رمي بوضع الحديث وقال: محمد بن الحسين أبو عبد الرحمن السلمي النيسابوري شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم قال الذهبي: تكلموا فيه وليس بعمدة، قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان كان يضع الأحاديث للصوفية وله أربعون حديثا في التصوف رويناها عالية وفيها موضوعات والله أعلم(77).
4. وجاء في لسان الميزان : محمد بن الحسين أبو عبد الرحمن السلمي النيسابوري شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم تكلموا فيه وليس بعمدة روى عن الأصم وطبقته وعنى بالحديث ورجاله وسئل الدارقطني قال الخطيب قال لي محمد بن يوسف القطان كان يضع الأحاديث للصوفية وقال الحافظ عبد الغافر الفارسي في تاريخ نيسابور جمع من الكتب ما لم يسبق إلي ترتيبه حتى بلغت فهرست تصانيفه مائة أو أكثر وكتب الحديث بمرو ونيسابور والعراق والحجاز ومولده سنة ثلاثين وثلاث مائة وقال الخطيب قدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلدته جليل وكان مع ذلك مجودا صاحب حديث وله دويرة للصوفية مات السلمي في شعبان سنة اثنتي عشرة وأربع مائة وفي القلب مما يتفرد به انتهى واسم جده موسى وقال الحاكم كان كثير السماع والحديث متقنا فيه من بيت الحديث والزهد والتصوف وقال محمد بن يوسف القطان لم يكن سمع من الأصم سوى بشير فلما مات الحاكم حدث عن الأصم بتاريخ بن معين وبأشياء كثيرة سواه وقال السراج مثله إن شاء الله لا يتعمد الكذب ونسبه إلى الوهم وكان داعية بقول حدثني أبو عبد الرحمن السلمي من أصل كتابه(78).
وأما محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان أبو بكر الرازي. قال ابن حجر في لسان الميزان: محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان أبو بكر الرازي الصوفي صاحب تلك الحكايات المنكرة روى عنه الشيخ أبو عبد الرحمن أوابد وعجائب وهو متهم طعن فيه الحاكم وروى عنه أبو نعيم وأبو حازم العبدري قال الحاكم انتسب إلى محمد بن أيوب ومحمد لم يعقب قال فأتيته وزجرته فانزجر. وقال أيضا: وقال الإدريسي: ليس هو في الرواية بذاك(79).
علي بن عبد العزيز الطلحي. لم أجد من ترجم له. فلو كان علة واحد من هذه الثلاثة لكان كافيا في رد الخبر، فما بالك إذا اجتمعت. الإسناد الثاني : روى ابن عساكر حدثنا عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري نا عبد الواحد بن عبد الكريم أبو سعيد القشيري أنا الحاكم أبو جعفر محمد بن محمد الصفار أنا عبد الله بن يوسف سمعت محمد بن عبد الله الرازي سمعت جعفر بن محمد المالكي قال الربيع بن سليمان ...
تاريخ دمشق لابن عساكر (5ـ312) ومن طريقه رواها السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (2 ـ35) .
وقد وقع تصحيف في السند بين تاريخ ابن عساكر ففيه: جعفر بن محمد المالكي ، و في الطبقات أبو جعفر محمد الملطي ، وفي هذا الإسناد من لم يترجم لهم ، ومن لم أعرفه ، والله أعلم. قلت : وهو كما قال فلم أجد ترجمة لرواة هذا السند غير الربيع بن سليمان. الإسناد الثالث فأخرجه ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد أخبرنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال وجدت في كتاب أبي حدثنا أبو بكر أحمد بن شاذان حدثنا أبو عيسى يحي بن سهل العكبري إجازة قال البرمكي وكتبت من مدرجة أبي إسحاق بن شاقلا قالا: حدثنا أبو القاسم حمزة بن الحسن الهاشمي حدثنا أبو بكر بن عبد الله النيسابوري حدثنا الربيع بن سليمان ....... القصة. [ ص 610 ] .
وفي هذا الإسناد من لم يترجم له ، ومن لم أعرفه.
قلت : وهو كما قال فهذا إسناد فيه مجاهيل أيضا لم أجد له تراجم، والله المستعان .
قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة الربيع بن سلمان المؤذن صاحب القصة المذكورة آنفاً: "ولم يكن صاحب رحلة فأما ما يروى أن الشافعي بعثه إلى بغداد بكتابه إلى أحمد بن حنبل فغير صحيح" ( 587 – 588/12).
ومما يؤكد قول الذهبي رحمه الله أن الربيع لم يكن صاحب رحلة ، وأنه لم يرد بغداد أن أحدا من محدثي العراق لم ينقل عنه أنه سمع الربيع بالعراق وهو ممن اشتهر بالتحديث ، كذلك فإن الخطيب البغدادي لم يترجم له في كتابه تاريخ بغداد ، مع شهرته ومكانته. والله أعلم . فهذه القصة لم تصح، وإذا صحت فهي ليست مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الأصل في الأحكام الكتاب والسنة ، فكيف بعد هذا الكلام نذكر هذه القصة للناس ونأخذ منها الأحكام ؟
--------------------------
(77) ت 645 .
(78) 45 /5 ، ت 7313 [7425] .
(79) ص 233–234/5 .
يتبع ....
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |