![قديم](stylev1/statusicon/post_old.gif)
05-21-2012, 07:16 PM
|
|
مهما ركضت وركضت .. لن استطع اللحاق بالطائرة .. فقد اختفت في السماء الزرقاء الواسعة ..! لم يكن لدي أي خيـار سوى أن أتبع الزلاجات بأي طريقة، تلك الزلاجات ستتوجه إلى حيث الطائرة ذهبت وهي تحمل أمي .. أمي التي تخيلت عن كل شيء من أجل إنقاذها من بانشيبرا ..!!! الآن تأخذ أمام عيني بكل بساطة .. لن اسمح بأن يحدث هذا! على متن شاحنة ضخمة قرب طريق ممهد، حمل المكوك ووضع فوقها .. وركب اصحاب الزلاجات في مركبات سوداء مربعة الشكل تسير على العجلات .. الحراسة مشددة والناس قد تجمعوا يشاهدون هذا الجسم الغريب وتلك التصرفات الأغرب. كانوا يهتفون بهتافاتٍ غريبة .. وأنا اتساءل من سمح لهم باخذ المكوك وأخذ أمي؟! ما المخالفة التي ارتكبناها؟ لم استطع حتى الاقتراب منهم فقد كانت الحراسة مشددة حولهم، ولكنني باعجوبة تسللت الى الشاحنة ووقفت في مكانٍ ضيّق بجانب المكوك .. كان المعطف الثقيل يمنعني من الاختباء جيداً لهذا اضطررت الى الاستغناء عنه ،، وانتهى بي المطاف ارتجف في مهب الريح وانا اتسائل .. متى سنصل؟! عندما وصلت المركبة فعلياً كان جسدي متجمداً وأدخلوا المركبة في مكانٍ مظلم واقفلوا عليه بوابة كبيرة .. نزلت بصعوبة إلى الأرض ولكنني سقطت ..! إنني حتى لا أستطيع مساعدة نفسي .. شعرت بالعجز .. حاولت تدفئة نفسي بالحركة ومشيت ببطء حول الشاحنة التي تقل المكوك ... كانت مغلقة وما من أحدٍ يقودها.. لقد انصرف الجمع . وتساءلت أين يمكن أن تكون قد توقفت تلك الطائرة الصغيرة ..؟ ربما توقفت في مكان عالٍِ.. هل تشعر امي بالبرد الآن..؟ حتى دموعي تجمدت داخل عيناي وقلبي اصبح عاجزاً عن النبض وأنا اتخيل أنها تتعذب مجدداً لأسباب تافهة ! وجدت معطفاً جلدياً ثقيلاً على كرسي السائق الفارغ، كان عليه نفس الشعار الخاص بالشاحنة ولكنني لم أبالي وارتديته وأنا احك كفاي ببعضهما علي اكتسب القليل من الحرارة .. ولكنني في النهاية لم استطع أن اخرج من المكان ... فقد كان مغلقاً باحكام ولم أجد منفذاً واحداً ولهذا جلست بجانب عجلات الشاحنة وأنا أنظر إلى البوابة الضخمة واتطلع إلى الوقت التي ستفتح فيه .. مرت ساعاتٌ طويلة وبدأت أشعر بالبرودة تتسلل إلى جسدي، وأصبحت عظامي تؤلمني،، واستطعت معرفة أن الليل قد حـل .. وأن أمامي ليلة طويـلة ..! ولكن توقعاتي كانت مغايرة لما حدث، فقد سمعت صوت البوابة وهي تفتح، وقفت بسرعة واختبأت بجانب المكوك،، وكما كنت أعلم .. ادار أحدهم محرك الشاحنة التي تراجعت ببطء إلى الخلف ثم خرجت من المكان وسارت بضعة أميال حتى مبنى كبيـر به مدخل واسع استطاع احتواء الشاحنة مع المكوك بالكامل .. كان هذا المدخل مضيء جداً حتى أن عيناي تأذت حتى اعتدت على تلك الأجواء، الكثير من الاشخاص يتكلمون حول المكوك الذي بدأ يتحرك للأعلى .. عندما رفعت عيناي أنظر كان هناك شيء ضخم مثل الحبل مثبتٌ في اعلاه وهو المسؤول عن سحبه للأعلى بتلك الطريقة .. عرفت أنه سيكشف أمري بسرعة وحاولت أن اتشبث بالمكوك ولكن هذا كان بلا جدوى! وعندها شاهدني الرجال بالأسفل وبدأوا بالصياح لي ولبعضهم البعض .. لم أفهم ماذا يقولون ولكن اثنان من الجنود امسكوا بذراعاي وبدأوا بأخذي للخارج بالقوة .. كانوا ضعاف البنية ولم يستطيعوا سحبي بسهولة .. فقد كنت أنظر يمينا ويساراً علي أجد الطائرة المروحية! اكتشفت أن غالبية البشر ضعاف البنية وقصيروا القامـة أيضاً! مشيت معهم إلى الخارج باستسلام لأني لم أشاهد المروحية في الداخل، وتركوني في الخارج مع بعض الشبان اللذين يرتدون نفس المعاطف الجلدية .. كان هذا نفس المعطف الذي سرقته من الشاحنة، وخمنت بانهم ظنوا أنني واحدٌ منهم .. نظروا لي باستغراب وقال أحدهم كلمة ما . أنا لست من فريقهم لهذا .. ابتسمت ببلاهة وتركتهم وركضت مبتعداً وأنا أنظر على قمة المبنى، ولكنني لم أشاهد الطائرة المروحية أبداً ..! شعرت بأن أنفاسي لا تريد الخروج . كيف سأجد أمي في ذلك المكان الجليدي؟ كرهت الأرض كثيراً .. لو كنت أعرف أنني سألقى كل تلك المعاناة على هذا الكوكب لما جئت، حتى أنني لا أشعر بوجود جاميان في ذلك المكان البارد ..الخالي من المشاعر الدافئة . مشيت في الشارع مترنحاً .. كانت رؤيتي مشوشة بسبب القلق والأرهاق .. كما أنني لم آكل شيئاً منذ عدة أيام ..! هل وضعت أمي في سجنٍ آخر ..؟ هذا هو السؤال الذي ظل يتردد في عقلي كما لو كانت هناك مطرقة تطرق بداخله وتحطم كل شيء .. تلك المرة كنت داخل مدينة كبيرة، وعلى الرغم من أن الجليد يغطي اجزاء من شوارعها وأسقف المنازل إلا أنها كانت مزدحمة بالناس .. في سوقٍ كبير، كانت هناك شاشات عالية ضخمة الحجم وقف أمامها بعض الناس يشاهدون، رفعت رأسي بصعوبة لأنظر وفوجئت بصورة المكوك عندما كان في تلك البقعة الجليدية!! لم أفهم أي شيء مما يقال!! لماذا لا أستطيع أن أفهم ؟ لماذا! أصبت بالجنون ومشيت بسرعة عائداً إلى ذلك المكان الغريب الذي أخرجوني منه عنوة! يجب أن استرجع أمي بأية طريقة وإلا سوف تموت من الجوع والبرد! بسبب الدوار سقطت على ركبتاي مصطدماً بشخصٍ ما .. سمعت صوت فتاة تتكلم وتبعها صوت فتى صغير السن .. وبعدها لم أسمع شيئاً! عندما افقت، كنت أشعر بالدفء .. فتحت عيني ووجدت أنني في غرفة جميلة ومرتبة وهناك مدفئة أمامي تصدر الحرارة وضوء خافت .. مشيت وأنا أنظر حولي .. كانت هناك صور فتى صغير في حوالى العاشرة من عمره معلقة على الجدار، كان هناك الكثير من الصور .. لكن ذلك كان غريباً بعض الشيء لأنه في بانشيبرا لا تعلق على الجدار سوى صور الأبطال والملوك . فتحت الباب وخرجت ببطء وقلت : - مرحبا! في ردهة كبيرة شاهدت نفس الفتى الموجود بالصور ينام على الأريكة وهو يتجه بوجهه إلى شاشة تشبه تلك التي رأيتها في الشارع، لكنها كانت أصغر حجماً .. وكان يمسك بيده جهاز تحكم . تكلمت قائلاً بصوتٍ خفيض: - مرحباً! هل أنت نائم ؟ هو لن يفهمني بالطبع، ولكنه فتح عينيه ببطء ثم جلس بشكلٍ مفاجئ وتركني وركض إلى الداخل . كان المنزل مظلماً ووقفت مكاني اتأمل التماثيل الغريبة والصور التي تملأ الجدران .. خرجت شابة شقراء من الداخل وابتسمت بمودة قائلة شيئاً ما . ابتسمت ولكنني لم أفهم ماقالته واكتفيت بالصمت .. وعندها تكلمت قائلة شيئاً آخر .. هززت رأسي بالنفي .. وتمنيت أن تفهم بأنني لا أعرف التحدث بلغتها ..! كانت نحيلة وقصيرة بعض الشيء، لون عينيها الأخضر وشعرها الأصفر يذكرني بـ ليندا، كانت صوتها هادئاً وابتسامتها واسعة ولطيفة .. صمتت قليلاً ثم قالت : - هل تتحدث الانجليزية؟ انتبهت إلى جملتها وتساءلت في نفسي " اليست تلك لغة ليندا ..؟" أجبت على الفور : - أجل . - كنت أعرف بأنك لست من هنا.. ثم ابتسمت بتوتر وقالت: - الآن سوف نتناول العشاء هل تنضم إلينا ؟ فكرت للحظة وقلت: - هل شاهدت حادثة المكوك على التلفاز؟ أجابت : - أجل .. اتعني المركبة الفضائية ..؟ - كان بداخلها امرأة .. هل تعرفين إلى أين يمكن أن يكونوا قد أخذوها؟ نظرت لي باستغراب وهمست بخوف: - ولماذا يهمك هذا الأمر ..؟ هل انت ارهابي ..؟ لم أفهم معنى تلك الكلمة ولكنني قلت بشكل مباشر: - تلك المرأة هي أمي! صرخت الفتاة بذعر : - ماذا؟ انها من الغرباء ..! انتفض جسمي عندما صرخت ولكنني قلت بهدوء : - ماذا تعنين بالغرباء؟ لقد جئت أنا وأمي من كوكبٍ آخر لاجئون إلى الأرض .. نزلت بمفردي من المكوك لكي أحضر المعونة وعندما عدت فوجئت بانهم أخذوا كل شيء .. حملقت بوجهي مذهولة ولم تقل شيئاً! تابعت بصوت خافت: - أريد أن أستعيد أمي! حياتها تهمني . حركت راسها وأمسكته بطريقة غريبة ثم قالت بصوتٍ مبحوح: - أتعني أنك لست من كوكب الأرض! لم أعرف لم هي متفاجئة جداً، ربما هي لا تعرف أنه هناك كواكب أخرى غير الأرض وأجبت بصراحة : - أجل . أنا من الكوكب الأخضر .. بنتاكوز . عادت تنظر إلى وجهي بتفحص ثم صاحت : - أنت مجنون! أنا لا أصدقك .. هيا أخرج من بيتي! وقفت مستندة على الجدار وهي تنظر لي بذعر فتساءلت بنفس نبرة صوتي الهادئة: - هل تعرفين شيئاً؟ اذا كنتِ تعرفين شيئاً فقط أخبريني، وإذا كنتي لا تعرفين .. سوف أرحل الآن . قالت بسرعة: - لا أعرف أي شيء، أنها في مكانٍ سري بالتأكيد لا يعرفه العامة! تركتها ومشيت في ممر طويل ولكنني توقفت وقلت : - ولكن أين بوابة الخروج ؟ اقتربت وهي ما زالت تنظر لي ثم تكلمت بهدوء : - هل انت حقاً من خارج الأرض؟ انت لن تذهب الآن .. ستتناول العشاء معي أنا وأبني أولاً . كنت أشعر بالجوع الشديد ولكنني قلت : - لا، لن آكل واترك أمي جائعة! سوف أذهب الآن .. أمسكت بمعطفي وقالت بحزم : - لن تستطيع أن تفعل شيئاً وأنت جائع! يجب أن تأكل ! - لكن كيف عرفتي بأنني جائع؟ - لأنك قلت بأن والدتك جائعة . مشيت خلفها باستسلام فقد كانت محقة .. قدماي لا تقوى على حملي من قلة الطعام .. خلعت معطفي ثم جلست على المائدة الدائرية الصغيرة التي توجد بداخل المطبخ وشاهدت الفتى الصغير يجلس قريباً مني فسألته : - ما اسمك ..؟ ابتسمت والدته وقالت : - يدعى أركيف . لكنه لن يفهم اللغة الانجليزية، فنحن هنا في روسيا . - روسيا؟ هل هي بعيدة عن بريطانيا؟ نظرت لي باستغراب وتساءلت وهي تضع الأطباق : - هل تعرف بريطانيا؟ - نعم فقد جاء أخي إلى هنا من قبل .. ابتسمت وجلست معنا على المائدة وهي تقول: - إنها بعيدة ولكن الطائرات تقرب المسافـة، وأيضأً أنت وشقيقك مميزين ، كيف وصلتم إلى هنا بدون أن يشعر بكم أي شخص؟ قلت بخجل وأنا أتذكر جاميان : - إن أخي بالفعل مميزٌ جداً .. ابتسمت بود وقالت : - ملابسك تبدو مثل الملابس العسكرية . كنت ما أزال أرتدي ملابس الضباط السوداء وظهرت أكثر بعد أن خلعت المطعف .. لكنني لم اعقب على كلامها وابتسمت متسائلاً : - وما أسمك انتِ؟ - نينيل .. وانت؟ - جيرودا. تناولنا الطعام بصمت، كانت الطعام غريباً وغير مألوف بالنسبة لي .. ومع ذلك فقد أكلته جيداً ولم أشعر بالفرق بسبب الجوع الشديد .. وقفت وأنا أقول : - شكراً لكِ على كل شيء، سوف أذهب الآن . تركت طعامها ووقفت وهي تقول : - أعرف شخصاً يمكنه مساعدتك .. إنه يعمل في وكالة خاصة بالابحاث الفضائية .. - حقاً؟ اعطتني معطفي وقالت : - انتظرني للحظات سوف نخرج معاً . ثم قالت جملة طويلة باللغة الروسية لأبنها اركيف الذي وقف على الفور ولحق بها . ركبت إلى جانبها في مركبتها وابنها في الخلف، وقادت بنا طوال الطريق الثلجي وحتى وصلنا إلى مبنى كبير في نهاية المدينة .. وصلنا حتى البوابة ولكنها كانت مغلقة فرددت نينيل والبخار يخرج من فمها بسبب البرد : - لماذا هو مغلق الآن؟ ثم أخرجت جهاز اتصال من جيبها وقامت بضغط ازراره عدة مرات ثم قالت : - ان الشبكة هنا ضعيفة، دعنا نذهب إلى مكانٍ أعلى ... مشينا سيراً على الأقدام نحو تلٍ جليدي صغير، وعندما صعدنا إلى الأعلى قالت : - جيد .. ثم وضعت الجهاز على أذنها . من بعيد شاهدت عدة مركبات مربعة الشكل تقترب، كانت حوالى خمس مركبات، نظرت إليها ولكنها بدأت في الكلام بسرعة مع الشخص الآخر على الهاتف .. بقيت صامتاً ولاحظت أن المركبات تتجه نحو مركبة نينيل التي تركنا فيها ابنها الصغير، انتظرت قليلاً فبدأت تلك المركبات تحوط مركبة نينيل ..! نزل منها الكثير من الرجال، وأول شيء فعلوه أن كسروا زجاج مركبة نينيل الأمامي بمقبضٍ حديدي!! خرجت من حلقي آهة خوف لا إرادية! وفجأة صرخت نينيل واندفعت تركض من فوق لتلة فأمسكت ذراعها لأوقفها وقلت : - من هؤلاء؟! تكلمت قائلة بخوف : - إبني! سوف يؤذون آركيف!! صحت : - من هم؟! - إنهم من العصابات .. انهم يقتلون اي شخص يدخل إلى ممتلكاتهم ..! نزلنا من التلة وتوجهنا نحوهم ونينيل تبكي وتصيح بالروسية! ولكن ما إن اقتربت .. حتى ضربها احدهم في وجهها واسقطها أرضاً! ما هؤلاء البشر؟ التف حولي الرجال في دائرة وبدأوا يطلقون علي سيلاً من الكلام الروسي الذي لم افهم حرفاً، ثم اقترب أحدهم مني وأمسك بذراعي ولكني لكمته في وجهه فطار بعيداً وكأنني أشعلت النار! اخرج الكل سلاحه وصوبه نحوي وأنا أتساءل!!! ما الذي سوف أفعله الآن؟ انهالوا علي ضرباً بأسلحتهم الحديدية ولكنني استطعت التخلص منها ورميتهم واحداً بعد الآخر ولهذا بدأوا بتشغيلها واطلاق رصاصات حية نحوي! علمت بأنني لن أتفادى كل هذا العدد من الأغبياء وأمسكت ذراع نينيل بسرعة وأنا أسحبها نحو مركبتها الخاصة .. كان أنفها ينزف ولكنني تجاهلت الأمر وقلت بسرعة: - اهربي انتِ وآركيف بسرعة .. هيا! نظرت إلي مترددة فصحت : - اسرعي ! كانت الرصاصات ترتطم بالمركبة وتخترقها، وأنا أسمع صراخ آركيف بالداخل .. ولسوء الحظ ابتعدت المركبة بشكلٍ مفاجئ فأصبت برصاصة في كتفي .. شعرت بألم في ساقي وفوجئت برصاصة ثالثة تصيب ذراعي ولهذا ارتميت أرضاً .. شاهدت دمائي الحمراء تسيل فوق الجليد الأبيض .. ولكنني فقدت وعيي أخيراً وأنا أسمع أصوات أحذيتهم تقترب مني ! --------------------------------------------
__________________
الى اللقاء |