إنقضى فصل الربيع ليبدأ فصل الصيف و يحل معه ذلك الجو الدافئ و البحر الهادئ , السماء الصافية و العطلة المنتظرة , كانت هذه الأجواء هي التي تعم مدينة طوكيو الجميلة و المزدحمة بالناس و بعيدا عن هذا الضجيج في حديقة أفخم القصور باليابان جلس رجل في أواخر الثلاثينات من العمر على طاولة بيضاء في الباحة الخلفية للقصر و هو يقرأ جريدة و يحمل بيده كوب قهوة و من حين لآخر يرتشف منه القليل و في هذه الأثناء أقبلت إليه إمرأة ذات شعر بني طويل و مموج و لها عينان عسليتان , ترتدي فستان إلى الركبتين وردي مرصع بياقوتات حمراء صغيرة في منطقة الصدر وينتهي بشريطة عريضة بلون وردي غامق مربوطة حول خصرها مع سندل بنفس لون الفستان ذات كعب عالي , كانت فاتنة لدرجة كبيرة شكلها يوحي بأنها فتاة في أول العشرينات على الرغم من أنها تبلغ الثلاثين من عمرها . جلست بجانبه ثم قالت و هي تبتسم: "ألن تذهب اليوم إلى العمل؟ "
رفع رأسه لينظر إليها ثم قال: "لماذا؟ هل أزعجتك بتواجدي هنا؟ "
ردت عليه: " لا.....لا أقصد هذا , أنت دائما تأخذ خلفية سيئة عن كلامي "
إبتسم بمرح: "حتى أنا كنت أمزح , أردت إغاضتك فقط حبيبتي "
قطبت حاجبيها بطفوليه فانفجر ضاحكا ثم قال و هو يقف: "يبدو أنني إزعجتك فعلا لذا سوف أذهب إلى الشركة "
ركضت إليه و احتضنته من الخلف: " لما الإستعجال , إبقى قليلا أرجوك "
ابتسم بانتصار ثم استدار إليها , حوط ذراعيه بخصرها و شدها إليه لترتطم بصدره و نظر إلى عينيها بعمق: "ما رأيك لو أعطيتني قبلة أولا؟ "
فتحت عينيها بدهشة و هي تحدق بعينيه الزرقاوتان كزرقة البحر النقي بسرحان و لكن بعد مدة دفعته عنها بانزعاج: "في أحلامك , و أيضا إنسى أمر البقاء لقد غيرت رأيي , إذهب إلى عملك فلا أريد رؤية وجهك "
إستدارت لتذهب أما هو فانفجر ضحكا ثم نظر إليها بمكر: " لا تريدين....ها!!"
أمسك بمعصمها و سحبها إليه بسرعة ليقوم بطبع قبلة على شفتيها الورديتين , ابتعد عنها و هو يبتسم بفخر و انتصار أما هي فقطبت حاجبيها بانزعاج لتقول بحنق: " يالك من منحرف "
رد عليها: " صدقيني رينا عندما يقع نظري على شفتيك الجميلتان و المغريتان لا أستطيع إمساك نفسي عن تقبيلك و أيضا ما الخطأ في أن أقبل زوجتي و حبييتي "
صرخت بنفاذ صبر: " كـــــــــــــــايــــــــــــــــد , أقسم إنك إن لم تصمت فسأقطع لسانك الطويل ذاك "
ابتسم بخوف: "حسنا.....حسنا سأصمت فقط لا تغضبي حبيبتي "
و في هذه اللحظات أتت طفلة ذات 3 سنوات تركض نحوهما لها شعر ذهبي مموج يصل إلى فوق رقبتها و عينان بلون زرقة البحر , ترتدي فستان برتقالي فوق الركبتين منتفخ من منطقة الخصر إلى السفل و مطرز بخطوط بيضاء و مربوط من الخلف بشرائط على شكل فراشة كبيرة و قد كان يحوم حولها كلب أبيض ضخم كثيف الشعر , ارتمت إلى حضن رينا ثم أرتها الورقة التي بيديها و هي تقول بسعادة: " ماما أنظري لقد ألفت مقطعا موسيقيا جديدا "
مسحت على رأسها و ابتسمت لسعادة طفلتها: " أحسنت حبيبتي أنت موهوبة , ستصبحين ذا شأن كبير عندما تكبرين "
إنها حقا طفلة مدهشة لها موهبة خارقة في تأليف الموسيقى على الرغم من أنها تبلغ فقط الثلاث سنوات من عمرها . هي تعشق البيان و العزف عليه لكنها لا تستطيع العزف بمفردها لذا خصصوا لها مدرسا يقوم بتعليمها أكثر و يساعدها على الإنطلاق في العزف بدون مساعدة
إقترب كايد منها و حملها بين ذراعيه و قبل وجنتها: " أيانو...... ألن تري بابا أيضا مقطعك الجديد؟ "
رفعت الورقة أمام و جهه وهي تبتسم فقال بإعجاب: "رااااااااااااااائع , طفلتي الحلوة مدهشة فعلا "
زالت إبتسامها لتردف ببراءة : "بابا , أين ذهب أوني شاما؟ "
نظر إليها و قد كاد ينفجر ضحكا: " أيانو.....أوني ساما وليس أوني شاما "
ملاحظة: أوني ساما تعني أخي الكبير إلا أن أيانو بسبب عدم قدرتها على النطق الجيد تقول أوني شاما
وضع يده على رأسه باستسلام: " آه هذه الصغيرة ستجعل والدها يصاب بنوبة قلبية "
أيانو: " بابا ما معنى نوبة قلبية؟ "
ثم أكملت قائلة بسرعة : " ولكن لم تخبرني أين ذهب أوني شاما"
ضحك عليها عندما غيرت الموضوع بسرعة ثم قال: " إنه في مدرسته "
فتح باب الحديقة و دخلت سيارة ليموزين سوداء لتتجه إلى مرأب السيارات فقال كايد: " ها قد وصل "
و بعد لحظات أقبل فتا ذا شعر بني يميل للأصفر و له عينان عسليتان يرتدي زي مدرسي في عمر 11 تقريبا , أنزل كايد أيانو من بين ذراعيه لتركض نحو الفتى و هي تصرخ: " أوني شاما "
ابتسم هو بسعادة حالما رآها قادمة نحوه أما رينا فنادتها: " أيانو صغيرتي لا تركضي و إلا وقعتي "
و ما إن أكملت كلامها حتى و قعت بالفعل , ركض إليها الفتى و رفعها عن الأرض ثم قال و هو ينفض الغبار عن ثيابها : " كوني أكثر حذرا و لا تركضي كما أخبرتك أمي "
رفع رأسه لينظر إليها: "حسنا؟!! "
لكنه فوجئ بها و هي تكبت بكاءها و قد إمتلأت عيناها بالدموع و أخيرا إنفجرت باكية و هي تصرخ بصوت عالي , فأسرعت إليها رينا و حملتها بين ذراعيها: " آآآه صغيرتي ألم أحذرك مرارا "
استمرت أيانو بالبكاء بصوت عالي فاحتضنتها رينا محاولة تهدئتها و هي تمسح على رأسها بحنان: " إهدئي حبيبتي فماما ستكون بجانبك "
و استمرت بتهدئتها ثم اتجهت إلى داخل القصر و لكنها إستدارت و خاطبت الفتى قائلة: " هاياتو صغيري إذهب إلى غرفتك و غير ثيابك ثم تعال لتأكل , أظن أنك جائع "
و في المساء عاد كايد من العمل و دخل غرفته فدخلت رينا خلفه و أغلقت الباب , ساعدته في خلع سترته و هي تقول: " كيف كان الإجتماع؟ "
حول نظره إليها و أكمل: " هل ستسافرين غدا إلى لندن؟ "
علقت رينا سترته على المشجب ثم استدارت له: " أنا حقا قلقة على أبي فهو متعب كثيرا لذا علي أخذ رحلة الغد للوصول في أقرب وقت "
كايد: " ما رأيك أن تأخذي هاياتو معك؟ "
كايد: " ستبقى معي هنا , أنت تعريفينها لا تزال صغيرة و لا أظن أنها ستتمكن من إحتمال الرحلة الطوبلة من طوكيو إلى لندن فهذا كثير على طفلة ذات 3 سنوات "
هزت رأسها بتفهم ثم أغلقت الخزانة بعدما وضعت بعض الأشياء فيها و عادت إليه , ابتسم لها بحب ثم أمسك يديها البيضاء الناعمتين و وضعهما على صدره: " لا تتأخري علي حبيبتي , سأشتاق إليك "
بادلته الإبتسامة و قالت بصوت دافئ: " و أنا أيضا سأشتاق إليك "
فتح الباب بقوة و ظهر خلفه هاياتو الذي قال بسرعة: " أبي ...أمي , لن تصدقا أيانو تعزف على البيانو بمفردها و بمهارة "
نظرا إلى بعضهما لتتسع إبتسامتهما أكثر بسعادة
و بعد مرور أيام قليلة و في هذا اليوم بالتحديد كان الجو مغيما بشدة فيبدو أن الليلة يوجد عاصفة ماطرة . ركنت سيارة ليموزين بيضاء بالمرأب الخاص بالسيارات في القصر ثم خرج كايد من هناك متجها نحو الداخل ليستقبله جميع الخدم منحنين باحترام أمام المدخل: " أهلا بعودتك سيدي "
تقدمت إليه رئيسة الخدم لتأخذ حقيبته فقال: " أين هي أيانو؟ "
أجابته برسمية: " إنها تجلس بالقاعة الرئيسية و تقرأ بعض القصص "
و ما إن أكملت كلامها حتى سمع صوت أيانو قادمة نحوه راكضة و هي تصرخ: " بـــــــابــــــــا "
استقبلها بين أحضانه ثم حملها بين ذراعيه: " كيف حال حلوتي الصغيرة؟ و كيف كانت دروسها اليوم؟ "
ردت عليه بابتسامة بريئة: " جيدة جدا "
أكملت بحزن: " بابا....متى ستعود ماما و أوني شاما "
مسح على شعرها القصير المموج و قبل جبينها: " قريبا جدا صغيرتي "
أخفضت رأسها و هي تقطب حاجبيها بحزن
كايد: " و الآن أيانو أريدك أن تكوني هادئة فلدي اليوم ضيوف "
أعطاها لمربيتها لتحملها بين ذراعيها و اتجه هو لمكتبه ليقوم بالتحضير للإجتماع الذي سيقوم به الليلة مع ضيوفه
أصبحت السماء تسود شيئا فشيئا لتبدأ بعدها الأمطار بالهطول و قد صحبت بالبرق و الرعد كان الجو حقا مخيفا ....هذا نذير على أن شيئا سيئا سيحصل الليلة
نذهب إلى غرفة أيانو ذات الجدران المطلية باللون الوردي , سرير وردي و أبيض عليه العديد من الدمى الجميلة المنوعة , ستائر بيضاء عادية تغطي النوافذ الزجاجية التي تمتد تقريبا من السقف إلى الأرضية المفروشة ببساط وردي مرسوم عليه أرانب بيضاء , أرائك بيضاء و أخرى وردية... كانت تجلس في حجر مربيتها التي تمشط لها شعرها الذهبي بلطف و عندما انتهت لها قفزت أيانو من حجرها إلى الأرض و بدأت تدور بمرح و الإبتسامة لا تغادر وجهها الطفولي الجميل هي حقا كملاك صغير لها جمال وضاء , كانت ترتدي قميص نومها الوردي الطويل فابتسمت لها المربية ثم قالت بحنان: "هيا آنستي الصغيرة إلى فراشك "
صعدت إلى فراشها و تمددت عليه فسحبت لها الغطاء و غطتها به جيدا ثم قبلت جبينها
ردت عليها بابتسامة: " و أنا أيضا.....و الآن نامي حبيبتي أحلاما سعيدة "
ثم أطفأت الأضواء و خرجت لتغلق الباب خلفها و تترك أيانو بمفردها في تلك الظلمة المخيفة و فجأة أضاءت السماء و تلاها صوت الرعد فارتجفت و غطت رأسها بالغطاء و من ثم أبعدته قليلا لتنظر إلى النوافذ التي كان يتسلل من خلالها ضوء البرق
و ما رأيكم بأسلوبي في الكتابة؟
هل تحمستم للتكملة؟ هل تريدونني أن أكمل؟
توقعاتكم؟ هل حقا سيحدث شيء سيء في هذه الليلة؟
تابعونا في الجزء الثاني من فصل ☆ليلة رعدية☆