حينها قرع قلبي بشدة، كانت أول مرّة أحس فيها بدقات قلبي. امتلأ الفضاء فجأة بصوت حفيف قوي، ثم توالت أمواج من العصافير الجميلة، كانت كل مجموعة تمر بي تدور حولي بسرعة خاطفة، لا يكاد بصري يتبعها حتى تخطفه موجة أخرى في اتجاه آخر......لم أشعر بأي خوف منها، بل أحسست بالمتعة ، أدركت أنها تحتفي بي على طريقتها، كنت أود لو أبطأت ونظرت لعيونها.
وفجأة ساد الصمت، واختفت الطيور من الأجواء.......أحسست بحزن، ثم سمعت أصواتها من كل مكان حولي، تلفتّ فوجدتها تملأ ضفاف البحيرة ........أعداد لا تعد ولا تحصى، كلها تنظر لي، وأنا في منتصف البحيرة، ملأتني فرحة متفجرة، لا أدري مالذي كنت أريد أن أفعله، أخذت بالركض نحو الضفة وأنا أطلق ضحكات حبور طفولية، لكنها طارت وانتشرت بعيداً عني واختفت خلف كثبان الرمل المحيطة.......أصبت بخيبة أمل وشعرت بانقباض في صدري، وتراجعت للماء. لحظات وعاد ذلك الذي كان أول من رآني وحيداً، هذه المرّة كان رأسه لأسفل.......اقترب مني حتى صار أمام وجهي، وأنا أنظر له انطلقت من فمي أولى الكلمات -لماذا ذهبتم عنّي؟. قلتها بصوت متقطع منقبض، نظر لي ثم قال - خرجت من الماء وأنت لا ترتدين شيئاً فخجلوا منك..............لا داعي للبكاء يا بنت دوائر الماء. كانت أولى الدمعات تتقاطر من عيني، والنشيج يتردد في صدري........بقي الطائر يكلمني حتى توقفت عن البكاء، بعدها أشرقت شمس أول نهار لي في هذه الدنيا. صار الطائر يكلمني عن كل شيء ويخبرني عن كل ما سألت......حتى قال -سألتني عن أشياء كثيرة....الشمس والقمر والنجوم والرمل والماء والعشب......ولم تسأليني عن اسمي!!! -ماذا تعني؟......وما هو اسمك؟ -كل منّا له اسم...........أنا اسمي راجي، عندما تريدينني ليس عليك إلا أن تنطقي باسمي هكذا "راجي". -وأنا ما هو اسمي؟ -أنت بنت دوائر الماء. -هل هذا اسمي؟......بنت دوائر الماء!!......اسمك أحلى، كلمة واحدة "راجي". -هو ليس اسمك.....هو من أنتِ......ليس لديك اسم بعد، يمكنك اختيار أي اسم تشائين. -احب اسمك، هل يمكن أن تعطيني إياه؟. -راجي اسم مذكر وأنتِ أنثى. -أنا لا أعرف بعد ماذا يعني أنني أنثى، لكني أحب الأسم ولا يهمني شيء آخر.......أرجوك أعطني إياه. - لكِ ما تريدين يا بنت دوائر الماء، لكن المهم الآن أن ننسج لكِ ثوباً رائعاً يليق بجميلة مثلك . -كيف ستصنعون ذلك؟ -سننسجه من خيوط شمس الأصيل، سيستغرق وقتاً طويلاً جداً لكنك تستحقين ........ خلال ذلك لا يمكنك البقاء في الماء. -ماذا سأفعل إذاً؟ -استتري بشعرك الطويل، اسدليه ليغطي جسمك، سآخذك لكهف أعلى البحيرة، وهناك ستنامين حتى ننتهي من نسج الثوب وعندما تستيقظين لن أكون موجوداً ويمكنك أخذ اسمي. لقصتي بقية |