[هــولدآنزآ--> _ <--Holdanza]
[فتحت مارسيلا عينيها ببطئ ولم يكن كل شيئ واضحاً .. ثم أغمضتهما مرة أخرى وغابت مرة أخرى عن الوعى ..
السيدة هيذر : ترى ما الذى حدث يا بنى .. ؟
ماتيوس :كل ما فى الأمر أنها أصيبت وهى تتدرب على الجمباظ فى المدرسة ثم وقعت على رأسها وغابت عن الوعى !..
السيدة هيذر : أنا خائفة عليها كثيراً .. لا أتمنى أن تصاب بإرتجاج أو شيئ .. يقول الطبيب أنها تعرضت لصدمة قوية فى رأسها .. وقد أصيبت بجراحاً قوية فى قدميها .. ولكن الغريب أن أثار الجراح توحى بأن أحداً قد أمسك سكين وقام بجرحها .. !!؟
ماتيوس مستغرباً : سيدتى .. أين تعيشين ..؟
السيدة هيذر : بقرية بعيدة عن هنا .. ليس كثيراً تسمى هولدانزا هى ليست بصغيرة وهى مكاناً يستريح فيه أى مقيماً هناك فهى ذات موقعاً مناسب ورياحاً منعشة فى الصيف وجو معتدل شتاءً هى تشبه المدينة قليلاً ولكن أهم ما بها هى المذارع والمروج الزاهية بالزهور وأشجار التفاح ..
ماتيوس : أعذري فضولى يا سيدتى .. ولكن هل تقرأين الجريدة ؟
لم تشعر السيدة هيذر بالإنزعاج أبداً من أسألته ولاسيما أنها لا تعرفه بل أنها التقته فى المستشفى منذ قليل .. وأجابته بصراحة ولطف :-
السيدة هيذر : بصراحة لا .. أنا أعيش بهولدانزا وحدى لأننى أريد أن أبتعد عن مارسيليا وما بها من صخب وإزعاج .. وكنت أتمنى أن أخذها معى هناك ولكن كيث أصر أن تبقى ..
ماتيوس : كيث إيرسون .. ؟ أهو رجل الأعمال الشهير .. الم يكن عالماً ثم أصبح رجل أعمالاً فى هذا المجال .. الكيماويات والعلوم ..
السيدة هيذر : أجل يا بنى ..
السيدة هيذر بلطف : هل يمكن لى أن أسألك سؤالاً ..؟
ماتيوس : نعم نعم .. تفضلى يا سيدتى ..
السيدة هيذر :كيف إتصلت بى أقصد كيف عرفت أن تتصل بى أو كيف تعرفنى أنظر أنت تفهم قصدى ..؟
ماتيوس : سيدتى فى البارحة حينما كانت هنا بالمستشفى .. بعدما ذهبت صديقاتها .. ظللت أنا معها .. كنت أراقبها حتى فتحت عينيها فإنتبهت لها وقد كانت تقول بصوتاً خافت :-
مارسيلا : ماتيوس .. أين أنا ..
ماتيوس : أنتى فى المستشفى .. لقد إرتطم رأسكى بالأرض بقوة حينما وقعتى أتذكرين .. ؟
مارسيلا :أجل أتذكر .. أرجوك .. إتصل بعمتى هيذر .. إذهب لبيت روتن صديقك وأسأله عن عنوان مارجى هو يعرف أين تسكن هو صديقها سيدلك على بيت مارجى إذهب لمارجى وهى ستخبرك عن عنوان القصر الذى أعيش به .. هناك لن تجد أحداً فأنا أعيش به وحدى .. غرفتى بالطابق الثالث .. لها باب أرجوانى .. ذات مقبض ذهبى .. أدخلها وستجد بمكتبى بالدرج الثانى دفتر أسود ستجد به أرقام صديقاتى وأصدقائى وعائلتى .. ستجد .. رقم عمتى هيذر إتصل بها وأجعلها تأتى بسرعة .. أرجوك أشتقت إليها .. ولا تحاول إخبار مارجى أو روتن بأى شيئ ..
ماتيوس : إرتاحى يا عزيزتى سوف أتى بها ..
السيدة هيذر : بنى .. يبدوا لى أنك زميل مارسيلا بالمدرسة .. هل أنت صديقها..؟
ماتيوس بخجل : أ.. أجل .. صديقها .. الحميم
السيدة هيذر : إذاً .. ما أسمك ؟
ماتيوس : ماتيوس .. ماتيوس ريتسوا ستيل
السيدة هيذر : كيف أحوال أبنة أخى فى المدرسة .. ؟
ماتيوس : ماذا الممــ .. المدرسة ! أجل أجل .. إنها فتاه مجتهدة جداً ذات ذكاء لماح تحصل على علاماتاً ممتازة ولكنها تكره مادة الكيمياء لذلك ليست جيدة فيها ..
السيدة هيذر : أظن أننى أعرف لماذا تكره تلك المادة جيداً ..
كادت العمة هيذر أن تكمل حديثها لولا إستيقاظ إبنة أخيها ..
مارسيلا : عمتى .. عمتى هيذر .. أين أنتى ..
السيدة هيذر : أنا هنا يا حبيبتى ..
ماتيوس : مارسيلا .. هل أنتى بخير ..؟
مارسيلا : أجل .. أجل بخير .. فقط صداعاً سيحطم رأسى ..
السيدة هيذر : حبيبتى .. ما الذى حدث معكى .. قال لى زميلك ماتيوس أنكى أصبتى نتيجة خطأ فى تدريب الجمباظ فى المدرسة وإرتطم رأسكى بالأرض وغبتى عن الوعى .. ! .. ترى ما الذى حدث يا حبيبتى .. أريحى قلقى ؟
ماتيوس : سيدتى أظن أننا يجب أن نترك مارسيلا ترتاح قليلاً ..
السيدة هيذر : معك حق يا بنى .. حسناً يا حبيبتى نحن سننتظر بالخارج لنترككى ترتاحى قليلاً ..
كان ماتيوس يرى فى السيدة هيذر السيدة المثالية كان يسألها وهى تعطيه إجاباتاً بسيطة سريعة .. دائماً على وجهها إبتسامة خفيفة .. وحتى مظهرها يوحى بأنها سيدة مثالية ومنظمة .. ولكن ما أثار غيظ الفتى .. هو أنها لا تعرف بأمر القاتل المجهول لو كانت تعرف بأمره لكانت سوف تدرك أنه هو من فعل هذا بمارسيلا .. ترى ما هذه العائلة ..؟
لقد عرف ماتيوس أن مارسيلا تعيش وحدها فى قصراً مظلم .. والدها الرجل المشهور كيث أيرسون يعيش بعيداً عن إبنته وكذلك والدتها التى لم يعرف من هى بعد ولكنه يعرف أنها مازالت موجودة لم ترحل .. وحتى عمتها السيدة المثالية .. شعر بأنه يحنق عليها لأنها تركتها وحدها ولم تأخذها معها .. وشعر بالإرتياح لأن والدها رفض أن تكون مع عمتها لأنه لو لم يرفض لما إلتقى ماتيوس بمارسيلا .. وهو الوحيد الذى يعلم بأن القاتلة هى مارسيلا إيرسون .. وحتى الأن لا يعرف كيف هى ولماذا هى ولماذا تفعل هذا بل متى حدث هذا ؟؟
لقد إمتاز ماتيوس ستيل بالصبر دائماً وليس من الضرورى أن يعرف بسرعة بل لاحقاً .. ومع كل هذا عجباً !
لم يخف ماتيوس منها و لم يكرهها .. بل ذاد حبه لها أكثر .. و أيقن أن القاتلة ليست بمارسيلا بل فتاه أخرى .. كانت حينها الساعة الثانية عشر صباح الأربعاء وقد مضى ثلاثة أيام على وجود مارسيلا بالمستشفى .. ولغيابها عن الوعى طوال تلك الأيام لم تستطع أرسين أن تفعل شيئ .. وقد كانت الأخبار على القنوات مبهجة لإختفاء القاتل المجهول وقد الغى حظر التجول بصدور قرار اليوم فى الساعة العاشرة صباحاً ..
وفى المدرسة كانت الفتيات الخمسة قلقات على مارسيلا .. مارجى وميليسا ويوجينى وأنجليكا و مارسلين .. مارجى كانت قلقة جداً وتساورها شتى الخواطر .. وقد كانت شاردة الذهن وهى فى الصف أثناء درس علم النفس ..:-
مارجى فى نفسها :علمنا أن مارسى فى المستشفى بسبب غيبوبة أو فقدان وعى قد لا يدوم طويلاً نتيجة صدمة قوية برأسها وهذا ليس غريباً .. ولكن الغريب أن تصاب بجراحاً مؤلمة فى قدميها وقد قال الطبيب أنها نتيجة سكين أو ما شابه .. وهذا هو الغريب .. لقد صدمت رأسى أكثر من مرة بحياتى وهذا عادى ويحدث لأى شخص ولكنــ... هناك إحتمالين ..إما أن يكون قد لحق بها القاتل المجهول وفعل بها هذاكله وقد حدث و نجت منه .. وإما ..لغياب هذا القاتل نفس المدة التى قد غابت فيها مارسى فى المستشفى حتى الأن .. ولغمغمتها بتباً لأرسين القاتلة .. لا .. غير معقول ! .. أيعقل أن تكون مارسيلا أيرسون هى القاتل المجهول .. أم أنها تعرفه .. أرسين ؟! لا بلـ .. تعرفها .. مارسيلا تعيش بقصراً مظلم .. وحيدة .. ياللهول .. ترى ما كل هذا الذى يحدث .. ما هذه الأفكار .. مارسى صديقتى ومؤكد أنها قد نجت من هذا القاتل الحقير ..
وقد كانت خواطر ميليسا تتدفق وهى جالسة فى المكتبة تنظر للكلمات فى صفحة الكتاب بشرود ..:-
ميليسا فى نفسها : لماذا .. لماذا هناك قاتلاًُ فى مارسيليا ..؟ لماذا لا نعيش سعداء .. ليته لا يعود بعد تلك الغيبة الدائبة .. ترى ماذا كان قصد مارجى بتمتمة مارسى .. من تكون أرسين ؟ وما تلك الجراح العميقة على قدميها .. قال الطبيب أنها أثار سكين حادة .. وأنها لن تعود قبل أسبوع هذا لو أستيقظت من غيبوبتها المسترسلة إلى الأن .. إشتقت لكى يا صديقتى .. أتمنى أن تعودى قريباً..
وفى نفس الأثناء كانت يوجينى هى الأخرى شاردة البال تفكر بمارسيلا فى نفسها العميقة .. وهى فى قاعة الرياضة فى المسبح .. :-
يوجينى فى نفسها : مارسيلا .. هل خرجتى ليلاً ..؟ أم أنكى وقفتى فى الشرفة أو نظرتى عبر نافذة ..؟ مارسيلا الحمد لله أنكى نجوتى .. لقد أتمنى أن تستيقظى من نومكى المستمر حتى هذه اللحظة .. الحمد لله لم يظهر القاتل المجهول لثلاثة أيام .. كم أشعر بالأسى عليكى .. ستغيبين عنا كثيراً .. لو فقط أستطيع أن أنتقم من هذا القاتل لقد أصبتى بجروحاً قاسية بقدميكى .. أتمنى ألا تغيبى عنا كثيراً ..
مارسيلا فى نفسها : يبدوا أننى فشلت فى مهمتى .. لقد رأت أرسين ماتيوس فى ذكرياتى .. وعلمت أننى كنت أفكر به .. يا إلهى .. وبعد ما حدث تلك الليلة المخيفة .. ستستهدفه أرسين .. كدت أموت من الألم فى محاولة السيطرة على جسدى وقد كانت الطريقة الوحيدة لأنقذك يا ماتيوس هى فى إصابة قدماى بقسوة حتى لا تستطيع أرسين اللحاق بك أبداً .. كم أعشقك يا ماتيوس .. ليتك تركتنى ولم تذهب بى للمستشفى ليتك قتلتنى بالسيف .. والأن .. بعدما عرف ماتيوس بسرى الخطير .. هل أصبح يكرهنى أم ماذا ..؟
إنهمرت دموعها البراقة من عينيها المعذبتان بالألم .. حتى أصبحت الدموع غزيرة ولا تطاق .. ما تعيش لأجله ذهب .. والأن ليس أمامها إلا أن تستسلم لأرسين .. !
ذهب عن خاطرها أنه لولا ذيادة عشقه لها .. لما أتى بها للمستشفى .. بل كان سيهرب بعيداً قبل أن تقتله .. وبالفعل تلك الليلة حملها على ذراعيه و قام برمى السيف بعيداً ورقد بها إلى أقرب مستشفى .. دون أن يفكر بل حل الخوف عليها محل الخوف منها فى قلبه .. وقد بقى معها .. منذ تلك الليلة لم يعود لبيته إلا مرة واحدة والمرة الأخرى التى عانى فيها ليتصل بالعمة هيذر .. إنها هى ما يسميها عائلته فهو ليس لديه عائلة ..
وحيداً مثلها تماماً .. تركته أمه ورحلت حينما بلغ الأربع سنوات ووالده تركه هو الأخر حينما بلغ الرابعة عشر .. وأصبح يعيش وحده .. يأتى بالمال منــ .. جيران هذا الفتى لا يعرفونه كثيراً فهو غامض بالنسبة لهم لا أحد يعرف من أين يأتى بالمال .. ولكنـ .. يصله كل أسبوع مبلغ كافى من عمه الذى يعيش بنفس القرية التى تعيش بها العمة هيذر .. هو يدعى سميث ستيل .. يعمل مزارعاً بتلك القرية .. ولكن مع ذلك هذه النقود كافية للطعام والشراب وليست للمدرسة والغريب هو أنه يأتى بالأموال أكثر مما يعطيه عمه ..
دخل ماتيوس الغرفة بهدوء و جلس على كرسى بجانب سرير مارسيلا وعيناه تحدق لوجهها فى إبتسامة نصفها حزين .. ورفع يده ببطئ ليمسح دموعها المنهمرة بأصابعه .. وتنهد بإرتياح ثم تكلم ..:-
ماتيوس : لقد رميت بالسيف بعيداً .. وحملتكى على ذراعىّ ورقدت إلى أقرب مستشفى أعرفها ومن حسن حظى لم تكن هذه المستشفى مغلقة وقد ظللت بجانبك .. كنت خائفاً عليكى بشدة .. وقد كنت أبكى كلما تذكرت مظهر قدميكى بتلك الجراح الدامية .. وأتمنى لو أستطيع فعل شيئ لأن كل ما تعرضتى له بسببى.. وأنا لم أصب بخدش.. مارسيلا .. أنا .. أحبك .. أتعلمين .. تلك الكلمة كنت أرددها كلما تذكرتِك .. أو كلما رأيتِك .. يوم الأحد حينما إلتقينا صباحاً كنت سأقول لكى .. ما رأيكى أن نأكل الطعام أنا وأنتى فى الإستراحة خارجاً وفى الإستراحة كنت سأخبركى بتلك الكلمة حينها قاطعتينى وذهبتى .. فشعرت بالإشتياق أليكى .. كنت أريد أن أكلمكى مرة أخرى ولكنكى .. هربتى .. لقد تحطم قلبى حينما جلست تحت الشجرة ورائِك وإستمعت لكى وأنتى تغنين و تبكين أيضاً .. وفى الإستراحة ..ظللت أحدق بكى وبجمالك الهادئ وأنتى مع صديقاتك ..
وأبعدت عينى بسرعة حيمها نظرتى إلي طويلاً .. كنت فى أشد سعادتى .. وأثناء تلك الليلة .. كنت أتأمل صورتكى بخيالى .. وبعد ما حدث الذى حدث إلى الأن .. مارسيلا .. أحبك .. ولن أهتم لو حاولتى مجدداً قتلى ففى النهاية سأموت على يديكى يا حبيبتى ..
مارسيلا : أين عمتى هيذر .. ؟
ماتيوس بلهجة قلقة : فى الخارج .. هل أتى بها .. ؟
السيدة هيذر : أنا هنا يا حبيبتى .. هل مازلتى تتألمين من الصداع ..؟
مارسيلا : عمتى .. أريد أن أعيش معكى فى هولدانزا .. أريد أن أخرج من المستشفى ..
السيدة هيذر : ولكن أنتى لم تشفين بعد ..
مارسيلا : أنظرى أنا لا أهتم .. ولا أعرف كيف ستفهمين .. ولكن أفضل لي ألا أشفى وألا أمشى .. سأخرج من المستشفى وأريدكى أن تقومى بأخذ أسبوعين إجازة لى من المدرسة .. سأذهب وأعيش عندكى لأسبوعين ..
السيدة هيذر : ولكن كيثـ ..
مارسيلا : عمتى لا تأبهى لهذا الرجل .... لقد تركنى أعيش وحدى مع مربية فى قصراً مظلماً كبير .. .. ما يصلنى منه هو مجرد مبالغاً كل أسبوع .. ثم أنه لا يتصل بى ولا يهتم لأخبارى .. وقد أثبت هذا القصر المظلم الذى أعيش به أننى أستطيع أن أعتمد على نفسى .. إنى أكرهه .. .. أكرهه أريد أن أعيش معكى يا عمتى .. أرجوكى ..
ماتيوس : ما..مارسيلـ .. مارسيلا ..
نظرت له مارسيلا بوجه معذباً ضعيف .. وقد بدى له من عينيها .. أنها تحتاج لأن تبتعد قليلاً .. وقد كان يرى نظرى شريرة مبتسمة خلف نظرات عينيها .. نظرى ملتهبة .. و أيقن بأنها أرسين .. تلك الفتاه التى حاولت قتله ..حتى إبتسم لها بحزن وقال فى تقبل وحنان ..:-
ماتيوس : حسناً يا حبيبتى .. سأنتظرك .. ولكن أرجوكى من أجلى حاولى أن تبتسمى .. صدقينى أنا مثلكى تماماً بلا والدين .. وها أنا أعيش متفائلاً وقوياً وناجحاً فى دراستى .. حبيبتى صدقينى أنتى أقوى من تلك الفتاه .. أجل .. أنتى قوية .. أنتى أقوة منها وتستطيعين أن تبتسمى وتعيشين مثل صديقاتك .. لقد كنتى مثل عائلتى .. فأنا عائلتكى والعمة هيذر هاهى بجانبك حنونة وسيدة مثالية .. لا تفكرى بالسيد كيث أيداً ولا تفكرى بوالدتك .. فكرى فقط بأصدقائك وحياتك .. فأنتى أقوة وأذكى وأجمل فتاه قابلتها بحياتى ..
العمة هيذر مبتسمة : عندك حقاً يا بنى .. مع أننى لم أفهم قليلاً ولكن .. لديك حقاً بأنها ذكية وقوية وجميلة .. حبيبتى أنا مثل والدتكى .. وهناك أناساً يحبونك مثل صديقاتك وزميلك ماتيوس هذا .. إنه فتى لطيف وذكى أيضاً .. أنتى محظوظة به يا حبيبتى ..
ضحكت بعد هذه الجملة ثم .. قبلت رأس مارسيلا وذهبت لترتب الإجراءات لخروج مارسيلا من المستشفى .. وقد أمسك بيدها و أعطاها حنانه و بسمته .. ولكنه هذه المرة أخذ يتأملها بملامحاً دافئة و فاتنة .. و حالمة أخجلتها ..
مارسيلا : ماتيوس .. أرجوك أبعد يدك عن يدى .. لو سمحت أخرج من غرفتى .. وحاول أن تنسانى .. سأحاول أن أبحث عن مدرسة أخرى وسأعيش مع عمتى بهولدانزا وسأبحث عن مدرسة هناك .. لو سمحت .. أتركنى وأخرج حالاً .. وأمحونى من ذاكرتك وأمحو ذكرى تلك الليلة و .... أرجوك .. أرجوك يا ماتيوس .. لا تخبر أحد بسرى .. هيا أخرج ..
شعر الفتى بالغرابة والحزن الشديد لرفضها له .. و وقف ليتأهب للخروج والذهاب للبيت وقبل أن يخرج من الغرفة أوقفته مارسيلا وقالت له :-
مارسيلا : ماتيوس .. إنتظر .. لا تخبر صديقاتى بأى شيئ فقط قل لهم أننى أشتاق لهم وقل .. و .. شكراً لك .. شكراً لك على رمى السيف .. وعلى .. إنقاذى وشكراً .. لمشاعرك يا ماتيوس ولكنى أسفة .. كنت بالفعل أحبك وأعتبر أنك الشيئ الوحيد الذى أعيش من أجله .. ولكن أرسين .. ستستهدفك وستستهدف أصدقائى لذا .. سأبتعد .. و ........... لا أعرف ماذا سأفعل ولكنى سأذهب لطبيباً نفسى وأحاول أن أشفى .... شكراً لك ..
ذهب ماتيوس وهو يريد أن ... يرمى نفسه فى البحر ... يقول لنفسه .. لم ينتهى الأمر بتلك السهولة .. لن أترككى يا مارسيلا بتلك السهولة .. فمازلت أحبك .. حسناً .. ليس أمامى إلا أن أذهب لأعيش مع عمى سميث وأبن عمى سكوت بهولدانزا.. لأننى أحبك يا مارسيلا .. أحبك ..
بلغت الأن الساعة الثانية من صباح يوم الخميس .. كانت محطة القطار مذدحمة .. السيدة هيذر تحمل على كتفها حقيبة كبيرة وكذلك تمسك الكرسى المتحرك الذى تجلس عليه مارسيلا لحينما تشفى قدميها من الجراح ..و تضع فوق قدميها حقيبتين واحدة كبيرة والأخرى صغيرة .. وها هما يصعدان إلى القطار .. وكان هناك أيضاً .. ماتيوس يحاول أن يلحق بهما .. ثم حين وجدهما تحرك القطار فأسرع وصعد إليه قبل أن يذهب .. وبالفعل ذهب إليهما وجلس بجانب مارسيلا .. وكانت ملامح الإنزعاج بادية فى عينيها وشفتيها .. ثم أبعدت وجهها عنه وإستمتعت بالهواء بجانب النافذة ..
السيدة هيذر : إذاً يا بنى هل لك أحداً من الأقارب يعيش بهولدانزا ..؟
ماتيوس بلطف : إنه عمى .. سميث ستيل وإبنه سكوت ستيل إنهما يعيشان وحدهما هناك .. منذ فترى كنت أخطط للذهاب هناك وقضاء عطلة ممتعة فى المذرعة التى يعمل بها .. مع سكوت ..
مارسيلا : كم عمر إبن عمك سكوت ..؟
ماتيوس : إنه فى نفس عمرى .. هو يدرس بمدرسة ثانوية على بعد خطواطاً قليلة من المذرعة ..
مارسيلا بإهتمام : وما أسم تلك المدرسة .. ؟
مارسيلا : تبدوا مدرسة رائعة .. ومثيرة للإهتمام ..
ساد الصمت هنيهة ثم بدأت السيدة هيذر بالحديث مع ماتيوس ..من ناحية كانت مارسيلا سعيدة لأن ماتيوس سيبقى معها .. ومن ناحية أخرى تشعر بالغضب .. كم تود أن تصرخ بوجهه لأنه عنيد لا يريد أن يدرك بأن أرسين تستهدفه ولن تستريح إلا حينما تقتله لأنها لو قتلته .... فبلا ريب .... ستفعل ما توعدت به أرسين أن تفعله مارسيلا لم يبقى على الوصول إلى هولدانزا غير نصف ساعة تقريباً والساعة الأن الرابعة إلا ربع .. و مارسيلا قلقة من غروب الشمس الذى إقترب ميعاده
أشرقت البسمة المتفائلة على شفتيّ مارسيلا بجمال القرية .. هولدانزا قرية رائعة الجمال .. مطلة على البحر ذات جو رائعاً ورياحاً أروع تداعب شعر مارسيلا وخصلاتها البنية الداكنة الطويلة .. وأحست بالفعل بأنها سترتاح هنا وقد شعرت بالدفئ والإرتياح النفسى الشديد لأنها لن تكون وحيدة بل مع العمة هيذر و .... ماتيوس .. وقد ذهب عن خاطرها أمر أرسين ..!
السيدة هيذر : إذاً يا بنى أين تقع مذرعة عمك ..؟
ماتيوس : إنها قريبة من المدرسة الثانوية .. هل بيتكى يقع هناك ياسيدتى؟
السيدة هيذر : أظن ذلك .. أنا أسكن فى شارع .. جين والاس البيت الثامن .. قريباً من متجر رونالدين للأدوات و الألات الذراعية .. أظن أن المدرسة قريبة من هناك .. لأننا نطل على البحر أيضاً .. عموماً هل سنراك يا بنى ..؟
ماتيوس : هذا بلا ريب يا سيدتى .. أتمنى أن تأتوا أيضاً لزيارتنا لو ذهبتى للمدرسة أسألى أحدهم عن مذرعة سميث ستيل وهو سيدلك .. عمى سميث رجلاً ودود وإجتماعى يحب التعرف على الناس وكسب مودتهم وسنسر بزيارتكم كثيراً .. حسناً .. إلى اللقاء سيدتى ..
السيدة هيذر : إلى اللقاء يا بنى ..
ماتيوس بلطف : إلى اللقاء حبيبتى ..
مارسيلا بعدم إكتراث : إلى اللقاء ..
أستقل ماتيوس سيارة أجرى من محطة السيارات الخاصة ليذهب لمذرعة عمه سميث وأما مارسيلاوالسيدة هيذر إستقلا سيارة أجرة للبيت ..
مارسيلا بإندهاش : هل هذا حقاً بيتك يا عمتى !؟
السيدة هيذر مبتسمة : أجل يا حبيبتى .. هذا هو مسكنى ..
إندهشت مارسيلا لما تراه .. بعد وصولهما إلى البيت بسيارة الأجرى .. رأت مارسيلا بيتاً كبيراً يشبه القصر .. فخماً إلى حداً كبير .. ولكنه بدى لها من جانباً مجهول بيتاً بدائى .. ولكن مع ذلك كان البيت يفوق الوصف .. المكان هنا ذو ريحاً منعشة تتراوح هنا وهناك .. والوان الزهور التى تغطى الأرض تتوهج مع النسيم .. ومن وراء تلك اللوحة المتقنة الرسم بحراً يذيد الجمال وروعة المكان ومن جهة أجرى كانت ترى مرجاً ممتلئ بأشجار التفاح المثمرة .. والدروب هناك فسيحة وخيالية تختبئ وراء البحر والسماء برتقالية والغروب الهادئ يضيف لمسة بديعة على تلك اللوحة الرائعة .. وفجأة همست :-
مارسيلا : ما أجمل تلك الجنة .. ما أحلى الغروب ...
وفجأة صدمت ملامح وجهها بقوة .. إنه العد التنازلى لغروب الشمس و حلول الغسق و أرسين على وشك أن تأتى .. وتقتل العمة هيذر ويمكن أن تبحث طوال الليل عن ماتيوس لتقتله .. يا إلهى لقد بقى القليل جداً من الوقت .. ماذا ستفعل .. ؟
أخذتها العمة هيذر للداخل فلم تلحظ الفتاه روعة المكان من الداخل بل ذهبت العمة لتغير لتضع الحقائب فى الغرفتين وتأتى لإستحاب مارسيلا لغرفتها .. بينما ظلت مارسيلا مشتتة تفكر بعمق غائبة عن الذى حولها .. جالسة فى شكون وملامح الصدمة مازالت متجمدة على وجهها المختبئ وراء خصلات شعرها الطويلة ..:-
مارسيلا فى نفسها : يا إلهى .. يا إلهى .. ماذا سأفعل .. حسناً عليّ أن أهدء قليلاً لأستطيع أن أفكر .. قدماى مصابتان بجروح لن تشفى إلا بعد أسبوعين ولن يختفى أثرها إلا بعد شهراً تقريباً .. وذاك السيف الذى تستخدمه أرسين فى قتل الأبرياء هناك فى مكاناً ما فى شوارع مارسيليا .. فكيف ستستطيع أرسين أن تتحرك بهذه الجراح .. ولكنها قوية وسريعة بطريقة ليست بشرية وحتى الأن لا أفهم هذا فلا يمكن أن تؤثر عليها الجراح كثيراً ويمكن أن تستخدم شيئً أخر غير السيف .. أكيد يوجد هنا سكاكين فى المطبخ أو أى شيئً يمكن أن يستخدم للقتل مثل المطرقة أو المفك .. يا إلهى سينفذ منى الوقت ماذا أفعل ..؟؟؟؟
ظلت الفتاه تفكر طويلاً وحينما أتت عمتها وأتتها فكرة غيرت ملامحها للتفاؤل ثم سألت عمتها فوراً ..:-
مارسيلا : عمتى هل يمكنكى الذهاب للمتجر وإحضار الكثير من الأطعمة لي وبعض الأشياء الأخرى .. ؟
السيدة هيذر بغرابة : أجل يا حبيبتى ولكن أنا لدى هنا كل ما تحتاجين.. !
مارسيلا : عمتى لا أظن .. لو سمحتى أحضرى ورقة وقلم .. سأخبركى بما أحتاجه ..
السيدة هيذر : هيذر أحضرتهما .. هيا قولى ..
أخبرتها الفتاه بما تريد بلهجة سريعة لكسب الوقت .. وكانت علامات التعجب على وجه عمتها لأنها طلبت الكثير من المشتريات يمكن أن تتأخر عمتها حتى الليل لإحضارها والعودة .. وهذا ما كانت تهدف له الفتاه مع أنها لا تحتاج شيئً مما طلبته غير .. مسجل موسيقى جديد لأنها لم تحضر مسجلها الخاص .. فهى تعشق الموسيقى إلى حداً كبير .. بقى تقريباً أربع دقائق على الغروب و قد خرجت العمة هيذر من المنزل وذهبت
لمكاناً مليئ بالمتاجر والإذدهار .. كان يعج بالناس والعمة أصابتها الحيرة لمشتريات إبنة أخيها الكثيرة .. من أين تبدأ ..!
حينها كانت مارسيلا تفكر ماذا تفعل بعدها وقد وأتتها فكرة أخرى غيرت ملامحها من الحيرة الشديدة إلى الثقة القوية .. وبدأت البحث عن المطبخ وحينما وجدته بدأت بسرعة .. وبصعوبة .. جمع السكاكين وبقية ما يمكن أن يستخدم للأذى فى المطبخ ثم وضعت كل هذا فى حقيبة كبيرة تشبه حقيبة السفر ووضعتها فى الردهة ثم بدأت البحث عن مكان النزول للقبوا .. ثم وجدت السلالم المؤدية لباباً فى الأسفل فأتت بسرعة بالحقيبة الأخرى .. وكان شبه مستحيل أن تصعد وتنزل بالسلالم مع هذا الكرسى المتحرك فلم يكن أمامها إلا المحاولة للوقوف والنهوض عنه وبعد محاولات فاشلة .. نظرت لساعة يدها فلم يتبقى غير دقيقتين تقريباً .. وهى تحاول النهوض ثم بالفعل نهضت ولكنها كانت تتألم كثيراً مثل هذا الألم الذى أصابها حينما كانت تحاول أن تسيطر على جسهدا ومحاربة أرسين .. ولكنها لم تستسلم فنزلت بأسرع ما تستطيع وهى ملتصقة بالحائط وفى لحظة وأتتها فكرة أخرى .. إن أرسين يمكن أن تعرف أين خبأت مارسيلا السكاكين والأشياء الأخرى فهى تشاهد ما تشاهده مارسيلا .. وببساطة أغمضت الفتاه عينيها وهى حذرة حذراً شديد .. والوقت يمر .. ثم فتحت الباب ووضعت بالحقيبة جاناباً وهى تعرف أن أدوات التصليح توضع بالقبو ثم حاولت تشوش يش عقلها لكى لا تعرف أرسين بما تفكر لتذكر نفسها بأغنية قد إستمعت لها من قبل .. وهى مازالت تغمض عينيها وتغنى وهى تتذكر الأغنية ثم حينما صعدت لأعلى جلست مجدداً على الكرسى وكانت قدميها تؤلمانها بقوة ولكنها مع ذلك لم تبالى .. وأحضرت ورقة من جانب الهاتف الذى فى الردهة وذاك القلم الذى كتبت به العمة هيذر .. وكتبت :-
عمتى هيذر .. أسفة لأننى سأخرج من البيت الأن , ولكننى تذكرت أنى نسيت شيئً مهم مع زميلى ماتيوس وسأحاول العثور على مذرعة عمه من ذاك العنوان الذى أخبرنا به .. أراكى بعدما أعود
وتذكرت حينما ذكر ماتيوس عنوان المذرعة وتردد هذا العنوان فى ذهنها كثيراً .. ثم وضعت الورقة فى مكاناً بازغ لتلاحظه عمتها هيذر عندما تعود .. وقد فاتت أخر ثانية من أخر دقيقة لغروب الشمس .. ومارسيلا تتألم نفس الألم الذى تتألأمه كل مرة تغرب فيها الشمس لتحل أرسين محلها وهى تقاوم وتسيطر .. تستحق تلك الفتاه لقب بطلة .. فمع هذا الألم الفظيع وألم قدميها الذى لا يهدء لحظة فهى تحاول أن تسيطر على نفسها وتحاول ألا تبالى بشدة الألم ..
وصل ماتيوس أخيراً لمذرعة عمه سميث فبدت مذرعة ريفية ممتعة جداً .. وكان النظر إليها يذكر ماتيوس بأخر مرة جاء فيها إلى هنا .. وإلتفت بعينيه إلى السماء وشعر بالخوف على مارسيلا والقلق الشديد .. لقد غربت الشمس .. وتلك الفتاه القاتلةقد حان موعد ظهورها الأن يا ترى ما الذى يحدث مع مارسيلا الأن ؟!.. نظر ماتيوس للمذرعة من بعيد .. فرأى عمه السيد سميث يجمع ثمار التفاح من الأشجار هناك .. لم يتغير منذ إلتقاه أخر مرة .. ومع أن المسافة بينهما بعيدة ولكن ماتيوس كان يراه بوضوح .. وشعر بشيئ من الحنين والإشتياق الشديدين فتوجه للمذرعة وحينما دخلها توجه للبيت وطرق الباب مرتين فى إنتظار إطلالة سكوت .. وبالفعل فتح سكوت الباب .. فظهر شاباً ذو قامة طويلة .. رباه ما كل هذا الجمال .. ما أحلاه إنه وسيم جداً جداً جداً .. تظهر على وجهه ملامح اللطف والهدوء ..ذو شعراً أسود غير مرتباً وكثيف وعينين نجلاوين ساحرتان رماديتان .. زاهى .. وبشرة كبشرة مارسيلا ... نقية وبيضاء .. ظل سكوت ثابتاً أمام ماتيوس طويلاً وعينيه تتفحص ماتيوس ..:-
سكوت مقاطعاً : لا أصدق .. ماتيوس ..!.. المشاغب الصغير ..
ماتيوس : أجل هو بعينه .. أمازلت تذكر .. وفجأة إندفع سكوت نحو ماتيوس ليعانقه بحرارة وإشتياق شديد ...
سكوت : إشتقت لك كثيراً يا أخى ماتيوس : وأنا أيضاً .. كبرت كثيراً يا سكوت ..
وبعد عناقاً إستمر طويلاً .. حمل سكوت حقائب ماتيوس وأدخلها إلى الردهة .. ودخل ماتيوس إلى الداخل وجلس هو وسكوت فى الردهة ..
ماتيوس : هيا حدثنى ما أخبارك وما أخبار عمى .. ؟.. سكوت : بخير .. فى أحسن حال .. إذاً كيف الحال .. ؟
ماتيوس : صدقنى لقد جأت إلى هنا لأجل قصة طويلة ومعقدة وخيالية بعض الشيئ .. يمكن ألا تصدقنى .. سأرويها لك لاحقاً ..
سكوت : إذاً لولاها لما كنت أتيت اليس كذلك أيها المشاغب .. ؟
ماتيوس بضحك : ليس بالظبط ..
سكوت : أتعلم لقد تشوقت لقصتك التى سترويها .. .. عموماً مرحباً بك فى مزرعة عمك وإبن عمك .. ماتيوس بسخرية : قلى هل تتحدث بتلك الطريقة فى المدرسة الثانوية ..؟
من ثم بدء ماتيوس فى الضحك على سكوت وكذلك شاركه سكوت الضحك .. وقد بدى كلاً منهما أكثر إبتساماً وجمالاً .. وقد إختفت ملامح القلق من على وجه ماتيوس .. لأنه يعلم أن أرسين طليقة الأن .. قلقاً مارسيلا .. وقلقاً على السيدة هيذر .. وقلقاً على سكان هولدانزا .. وقد إختفى شطراً صغيراً من هذا القلق المسترسل حينما ضحك ماتيوس وسكوت .. :-
سكوت : إنه بالخارج يجمع ثمار التفاح من الأشجار .. ما رأيك بأن نذهب إليه .. ؟
ماتيوس : لا فالننتظره هنا ..
سكوت وقد أمسك بيد ماتيوس : بل ستأتى أيها العنيد .. هيا تعال معى ..
أمسك سكوت بيد ماتيوس وخرجا من البيت ثم بأعلى صوتاً نادى به سكوت على والده سميث ..:-
سكوت : أبى .. لقد جاء إبن عمى ماتيوس إلى مذرعتنا ..
لم يصدق السيد سميث عيناه .. ثم ترك سلة التفاح من يده وأسرع إلى عناق ماتيوس ..:-
السيد سميث : ماتيوس .. كبرت كثيراً .. كم إشتقت لك يا ولدى ..
ماتيوس : وأنا أكثر يا أبى ..
ما أجمله من موقفاً عائلى مؤثر .. كان أفضل يوماً .. بالنسبة لماتيوس هو هذا اليوم .. أخيراً .. ذهبت عنه الوحدة .. قد إحتوى هذا الشعور قلبه من جديد ... هذا الدفئ الذى يشعر به عندما يكون مع مارسيلا فى المدرسة .. عندما يشعر بأنها كل عائلته .. بدلاً من والدته التى رحلت بعدما بلغ الثانية من عمره ووالده الذى لحق بها عدما بلغ العاشرة .. وبدأت تلاحقه ذكريات الماضى ..
حل الليل أخيراً والساعة الأن .. الثانية عشر ليلاً حدقت تلك العينان الزاهية الذرقاء النجلاء فى سقف الغرفة بشرود .. كان الخوف والقلق يهدهد أنفاس ماتيوس الدافئة .. وكأنه لا يريد أن يظل مستلقى على السرير ساكناً هكذا .. يريد أن يذهب إلى مارسيلا .. يريد أن يبحث عنها من وسط ظلام الليل البهيم .. وعادت له ذكريات كل لحظة من تلك الليلة .. وأغمض عينيه لتتجاوب تلك الكلمة اتى قالتها له مارسيلا وقتها .. أهرب .. أهرب يا ماتيوس .. كانت الغرفة ساكنة الصوت .. هادئة الرياح .. غارقة فى الظلمة التى بدء يستهواها ماتيوس .. ولكن ظل الستائر على جانبى النافذة المفتوحة لم يحجب ضى القمر الهادئ ..كانت كل لحظة تمر الأن .. يظل بال ماتيوس مشغولاً بمارسيلا .. ولوعة حبها فى قلبه أصبحت ناراً مستعرة داخل أعماقه تصل السنتها إلى عنان السماء .. وقد أحس بأنه أصبح سجين تلك الغرفة مع هذا الظلام .. وكأن أغلالاً صلدة تلصقه بالسرير .. يريد أن يصرخ بإسمها بدون سبب .. هل جن جنونه عليها يا ترى ؟! .. غير عابئاً بشيئ يريد أن يمحوا ولوا شطراً صغيراً من هذا القلق المرير الذى إعتراه .. وهو لا يزال يتحمل .. وكثيراً من التساؤلات التى تحيره .. أين هى الأن ؟ ماذا حدث لها ؟ هل قتلت السيدة هيذر ؟ هل أرسين تعذبها الأن ؟ ماذا يحدث مع مارسيلا سأجن ؟؟!
فتح عينيه فجأة ونظر لسكوت المستلقى على ظهره على سريره الذى بجانب سرير ماتيوس ..وبصوتاً خافت وهادئ :-
ماتيوس : سكوت .. سكوت .. هل أنت نائم ..
ماتيوس : أترغب بسماع قصتى المعقدة ألتى أخبرتك عنها ..؟
سكوت منتبه : أجل أرغب .. هيا أحكى ..
سأخبرك من البدايــة .. أول يوماً لى فى المدرسة الثانوية .. مدرسة الأسبى الثانوية بمارسيليا .. إلتقيت بفتاه جميلة جداً تسمى مارسيلا إيرسون .. أحببتها من أول نظرى ولكنى رأيتها أول يوماً ..كأيــبة!..تضحك وتبتسم بالضرورة من غير طعـم!..ومن يومها وأنا أفكر بها دوماً .. شعرها عيونها صوتها شفتيها طيبتها ولطافتها وحتى حزنها .. أصبحت أعشقها بتفاصيلها .. أحببتها حتى الإشتياق لها كل لحظة تمر كنت دائماً أراقبها وأراقب الحزن المختفى فى عينيها .. وبرغم الحزن الساكن فيا ليل نهار .. ولكن ذكراها تسعدنى دوماً .. وكنت أريد أن أعرف لماذا هذا الحزن ؟..
هى إبنة كيث إيرسون رجل الأعمال أو العالم عللى ما أظن و لكنى لا أعرف من والدتها كل ما أعرفه أنها مازالت حية ولكنها لا تعيش مع مارسيلا .. ماتيوس : ويوم الأحد من هذا الأسبوع .. أتيت للمدرسة مبكراً كعادتى .. حينما بدأت المدرسة بالإمتلاء بالمدرسين والتلاميذ رأيت صديقاتها الثلاثة مجتمعات .. كانت قد تأخرت كثيراً وهذا لم يكن من عادتها !..
فساورتنى التساؤلات ولكنها لم تستمر طويلاً حيث جائت أخيراً وذهبت لأحادثها ولكنها قا طعتنى وهربت منى .. وكذلك عيناه .. كانت تهاب ملاقاة عيناى ..!.. أحسست بأن هناك أمراً غامض وإحساسى بمارسيلا لا يخيب أبداً .. نظرت لها من بعيد وهى تشغل قلبى وفكرى شيئً قابعاً فى ملامحها .. مأرب .. كلال .. هوان .. غمائر .. تذمر .. رعب .. خوف .. أهوال .. كان محياها يبوح لى بما ينثال فى خاطرها نظرت لى وحدقت لى طويلاً .. وعلى ما أظن كانت تشعر بالملل أو الشرود لا أعرف .. ولكن فى نهاية نظراتها صدمت وأخفت وجهها عنى بسرعة .. شعرت بالغرابة لم أعرف ما خطبها ..؟
وليلة ذلك اليوم عرفت أخيراً ما وراء تلك الملامح الموهنة التى رأيتها فيها .. تلك الليلة التى كان يبزغ فيها القمر ذو الضى الطليق داخل جُنح الليل .. ماجت خواطرى بصورتها الفاتنة .. كنت أتأملها بخيالى كان حبها المجنون يتوغل داخل أعماقى كل لحظة .. ويقتحم قلبى من دون أن أقاوم .. أهــاً من عشقها المجنون المضنى يا سكوت .. أه .. ثم وأنا فى غرفتى كنت أنا والظلام فقط .. سمعت صوتاً خافتاً جداً أتى إلى أذنى بالصدفة .. كان يأتى من خلف باب الشرفة .. إقتربت أكثر فلم أستطع سماعه بوضوح ففتحت باب الشرفة فوجدت .... حبيبتى تقف أمامى .. لا بلــ الــ.... قاتلة ..!..
سكوت بفزع : ماذا قاتلة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!
ماتيوس : أسف يا سكوت نسيت أن أخبرك من بداية الموضوع بهذا الأمر ..
ذات يوم صدر خبراً فى جميع الوسائل الإعلامية بمارسيليا أنه .. قد صدر أمراً بحظر تجول بعد غروب الشمس وينتهى عند شروق الشمس .. فقد ورد أنه هناك مجرماً .. بل قاتلاً مجهول قتل الكثير من السكان قال واحداً من القليلين الناجين من مصيرهم مع هذا القاتل المجهول .. قال أنه يرتدى ملابساً سوداء وحركته سريعة كالصاعقة .. لا يستطيع أحداً معرفة من هو لسرعته الخيالية .. وبيده سيفاً حاد براق .. ولسرعته و مهارته فى الفرار لم تستطع الشرطة الإمساك به حتى الأن .. وكما قلت لك .. وجدتها .. مارسيلا حبيبتى .. لا بل القاتلة .. وقد فزعت حينما أدركت بأن القاتل المجهول هو .. مارسيلا إيرسون .. وكأن قلبى غرق فى بحراً من الرعب حينما وقعت عيناى على ذاك السيف بيدها وعلى .. عينيها !..؟ كانت إحدى عيناها حمراء اللون والأخرى كما هى عسلية .. نصف وجهها هو وجه مارسيلا الذى أعرفه والنصف الأخر كان وجه هذه القاتلة الحقيرة .. وبعدهــا !؟.. لا أعرف .. وكأن الإثنتان يتصارعان على جسداً واحد ثم .. قالت لى القاتلة المدعوة بأرسين .. أنها ستقتلنى بصوتاً يهدهده صوت مارسيلا الضعيف .. ثم عندما سيطرت مارسيلا على جسهدا صرخت بوجهى وقالت لى أن أهرب .. وأنا مازلت ثابتاً مكانى .. كانت تتألم من رأسها وخفقات قلبها سريعة وأنافاسها أسرع .. لقد خلعت قلبى من الرعب .. وقالت لى أن أهرب .. لم يكن أمامى سوى الهروب ففعلت ورقضت بسرعة .. وأرسين القاتلة تلحق بى .. ثم كادت أن تمسك بى وتقتلنى لولا ما فعلته مارسيلا بعدما إستعادت السيطرة على جسدها .. فقد أمسكت بالسيف و .. جرحت قدميها جراحاً قوية كى لا تلحق بى أرسين ثم سقطت على الأرض وإرتطم رأسها بالأرض بقوة لتغيب عن الوعى وأنا حملتها بسرعة لأقرب مستشفى مفتوحة بمارسيليا .. وقد جأت بعمتها السيدة هيذر أيرسون .. وقد إعترفت لها بحبى وهى إعترفت لى بحبها وكذلك بسرها عن موضوع الإنفصال فى الشخصية .. فهى فى الصباح مارسيلا وفى الليل أرسين .. ولكنها رفضتنى .. بسبب أرسين .. فقد توعدت أرسين بقتلى للتغلب على مارسيلا .. وهى تستهدفنى الأن .. ثم قالت أنها تريد أن تخرج من المستشفى وتذهب لتقيم مع عمتها بهولدانزا هنا لمدة إسبوعين .. !.. سكوت : وطبعاً لم تستسلم أنت لهذا الرفض وقررت أن تتحدى أرسين و تلاحق مارسيلا وأتيت إلى هنا .. ماتيوس : بالطبع .. وهذا كل شيئ .. سكوت تنهد بعدم إرتياح : أتقول أنه هناك قاتلة طليقة فى شوارع هولدانزا الأن ؟.. ماتيوس : ليس بالظبط فسيفها موجودً الأن فى شوارع مارسيليا فقد رميت به بعيداً و قدميها مجروحتان .. فهى الأن لا تستطيع أن تمشى ليتنى أنا من أصبت مكانها .. سكوت : ليتنى ما سألتك .. :laaaa: .. هيا أخلد للنوم ودعنى أنام أنا أيضاً فالساعة الأن الثانية تقريباً .. أسلم ماتيوس رأسه لوسادته الدافئة .. وقد عاد حاله السابق .. يريد أن يبحث عنها وذكريات تلك الليلة تخالجة ومنظر قدميها الدامى يؤلم قلبه كثيراً .. فتنهد وبهدوء ترجل من على السرير وخرج من الحجرة بسكون .. لاحظه سكوت ولكنه لم يهتم وإختبئ تحت الغطاء بعدما ضجت رأسه بتلك الأفكار المرعبة .. خرج ماتيوس من البيت وأخذ يتمشى ويستمتع بتلك الأمسية يحاول تصفية ذهنه ومواساة نفسه .. ثم أتاه شعوراً غامض فجأة ليلتفت خلفه .. ظن بأنه رأى شبحاً من بعيد ولكنه بالفعل يرى شبحاً متجه صوب المذرعة من بعيد بسرعة هائلة لم يشهد لها مثيل .. حاول أن يعرف ماذا يرى ولكن الظلام مزعجاً وكثيف جداً .. وحينما أصبحت الرؤية واضحة فزع لرؤية مارسيلا لا بل أرسين ترقض صوبه بسرعة صاعقة وبيدها سكين و الشراسة والقسوة فى ملامحها لا يرحمان .. فوقف ثابتاً مكانه لا يعرف ماذا يفعل .. وأرسين إقتربت من المذرعة كثيراً وستقتله بلا رحمة ..]