| حديتي مع البحر
لله درك يا بحر..
أرى فيك كل تقلباتك تتقلب مع الأجواء والطقس والدهر
تتفاعل مع نسمات الهواء العليلة التي تداعبك فتتفاعل معها بكل هدوء ورقة
وتصارعك الريح بعنفوانها فتصارعها وترد عليها العنف بعنف أكبر و تهيج و تدخل الرعب
على قلوب أشجع الشجعان من قواد السفن
القبطان رغم معرفته القديمة بك لايسلم من غضبك
تعجبني زرقتك الصافية حين تلامس زرقة السماء
ويحزنني رداؤك الرمادي الذي ترتديه اذا ما تلبدت السماء بالسحب
فما أشد وفاءك لهذه السماء العالية البعيدة
وكيف لا وبينك وبينها عطاء متبادل ألا وهو الماء الذي أحيا هذه الدنيا..
وما أجملك حين تتراقص على صفحة وجهك أشعة الشمس التي نشرت
فوقك ضفائر شعرها الذهبية لتستحيل دررا لماعة ترقص مع أمواج البحر وكأنها في عرس
لله درك يا بحر
كم سمعت من شكوى بثها لك الشاكي
وكم من قصة أسمعك اياها مهموم أو حزين
وكم كنت مصدر الهام للشعراء والبلغاء والكتاب
ولكن كم من قصة حياة ابتلعتها في جوفك وعدت لهدوئك و كأن شيئا لم يكن؟
كم من سفن و كنوز ابتلعتها جنوندك من الأمواج العاتية
وعادت لسيرها الرتيب العادي
وكم من مخلوقات أبدع خلقها الخالق أسكنتها باطنك؟
لله درك يا بحر
كم أحب سكينتك و كم أخشى غموضك
كيف تجمع بين السكينة و القوة والغضب والصبر؟
سبحان من خلقك
يا بحر صمتك ليس كأي صمت فهو يحجب تحته ثورة و هيجانا لا ندرك أوانه
تتجدد في كل يوم مرة بصفائك لنرى صفرة الرمال تحتك
وتارة تحجب عنا ما تخفيه
أحبك يا بحر بكل ما فيك لأني أحمل كثيرا من طباعك فهل تشعر بي وتسمعني
يكفيني خرير أمواجك وسير ها لأرى فيها حكايات كثيرة تصورها لنا
فأجابني البحر فجأة :
ذلك أنا البحر...
بكل قطرات الماء التي أحملها و كل الكائنات التي تسكنني
أنا عالم اخرعالم يصوره كل رائي كما شاء عالم يحمل في طياته كلمات قيلت فوق
صفحاته فخبأها في بواطنه ..تارة يكتمها وتارة يشعر برغبة جامحة ليعبر عما خبأه داخله من هموم و مآس
أفلا تتحملون سماع صرخات الطبيعة اذا ما أرادت أن تغضب يوما؟
__________________
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك |