إذا ما سمعت رأيا مختلفاً مع معتقداتك وموروثك
السياسي و الثقافي أو الديني
الذي نشأت وتربيت عليه منذ الصغر ؟؟؟
لماذا تغضب وتنفعل وتثور وتحمر أذنيك وتكشر عن
أنيابك وتقف صامتاً من هول الصدمة ثم ما تلبث أن
تصل لحالة من التشنج الغير مفهومة ليبدأ سيل من
الاتهامات المجهزة سلفاً من
عينة التكفير – والعياذ بالله والعمالة
والتشكيك في الوطنية والمزايدة على الوطن..أو
الاتهام باعتناق أفكار الغرب
المتسرطنة التي تريد التلاعب بعقولنا ومحو هويتنا
وإبادة تراثنا
أو محاولة إفساد الذوق العام وخدش الحياء أو لكسب
الشهرة من منطق
خالف تعرف..أو الاتهام بالجهل ...كل ذلك دون أن
تفكر وتتمعن في رأيه
وتناقشه وتبادله الحجة بالحجة.. وتدحض
رأيه بأسلوب علمي إذا كان خطأ
كما تزعم أنت...
أهي المفاجأة... أم غرابة الرأي والتي جاءت على
خلاف ما تعتقد فيه أو ما
ورثته عن آبائك وأجدادك أو بالكتب
والمناهج المدرسية التي لم تتغير منذ
سنوات طويلة...
بعد أن تهدا ثورتك وتفكر ملياً فيما طرح
عليك...حاول أن تمعن فيه النظر
ستجدأن علينا أن نعيد النظر في أمور
كثيرة في حياتنا...عشنا وتربينا
عليها...
قد يكون لنا الحق في الاندهاش..والغضب..وأحياناً
الثورة..ولكن ليس لنا الحق
في إلقاء الاتهامات جزافاً دون مناقشة..ودون إعادة
ترتيب الأوراق من جديد
فالخطأ متواتر بين كل الأجيال...جيل يسلم الآخر
عادات وتقاليد وموروثات
قد نجهل أصول ومصادر بعضها...ولكننا نأخذها على
ما هي عليه......
كل هذا لا يعنى بصحة الجديد..ولكنها قد تكون دعوة
للتحرر من القوالب التي
وضعنا أنفسنا فيها..دون أن نجور على أصالة
القديم..إنها الموزانة الصعبة
بين القديم والجديد..الماضي والمستقبل..
والمؤسف أن اصبحت ساحات المحاكم هي الملاذ الدائم
الذي تقابل به الأفكار
والآراء الجديدة دون أن نجهد أنفسنا ونناقش هذا
الرأي فيما ذهب إليه
فلقد قصفت أقلام وأغلقت صحف وكفر علماء وإغتيل
أدباء ومثقفين
كل هذا بسبب رأي أو فكرة جديدة!!!
ومن المدهش أن نجد من كنا نتوسم فيهم العقل
والعلم والمنطق أول
المهاجمين وفي مقدمة الصفوف التي تلجأ لمثل هذه الطرق
في مواجهة ما يخالفها من أرآء
فماذا تركنا للعامة والبسطاء !!!
إن لنا ثوابت لا إجتهاد فيها.....ولكن هناك
مادون ذلك يجب أن نحرره من
بعض الجمود الذي شابه..ونفسح المجال للآراء الجديدة
ولا نحكم عليها وعلي صاحبها دون تفنيدها
وتحليلها ... وذلك في مختلف
المجالات...فمختلف النظريات والإختراعات الحالية
قوبلت بوابل من السخرية والإتهام بالجنون حتي
أثبتت صحتها تماماً...فهل لنا عبرة من ذلك
وأن نتقبل ما يخالف رأينا بصدر رحب حتي نثبت أنه
خطأ..
إن الصراع مستمر بين القوالب الثابتة والمتجمدة
وبين حرية الإبداع
والاجتهاد والتجديد ... بين الحق في المحافظة على
الماضي والتراث وبين
الحق في إعادة رؤية الأشياء من جديد ..
.
وإنا لمنتظرون لما يسفر عنه هذا الصراع
الأزلي.... فهي حرب ضارية
فمن سينتصر في النهاية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟