عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 06-16-2012, 05:27 PM
 
– اذهبي إلى الجحيم !


ولكنها لم تر آلان سان كلير ثانية . وبعد يومين عادوا إلى "مومباسا" وكان يخت بيتر جاهزا فى ميناء اليخوت , قارب أبيض جميل يقف بين السفن المتنوعة الراسية في مياه الميناء . وكان اليخت يبدو على ما هو , لعبة رجل غني فاخرة . بيتر يعامل قاربه القوي كما يعامل معظم الرجال سياراتهم الفاخرة , قيادته للقارب في البحر لم تكن سيئة , ولكن نورما كرهت طريقته المتهورة بإطلاق العنان لسرعته داخل المرافئ وبين السفن الاخرى . بعض الاحيان يمكن ان يكون متعجرفا أكثر مما يصدق واحيانا غبي كولد صغير .كان اليخت قد أعيد تزويده بالمؤن والوقود , وانجزوا الترتيبات مع الجمارك ودوائر الجوازات , وبدأ بيتر يقوم ببعض الترتيبات الأخيرة وصعدت نورما إلى اعلى القارب , الى مركز القيادة كي تلقي نظرة على الميناء وتودع كينيا . إنها عائدة الى بلادها الى رالف . هذا التفكير لم يملأها بالسرور كالعادة . فهل هي ايضا اصبحت غير متأكدة ؟ لاقدر الله ! ونظرت الى المدينة التي تمتد حول الميناء تحدها اشجار جوز الهند اللامعة تحت أشعة الشمس , وكان الميناء مكتظ بالسفن من مختلف الاشكال والانواع , ولكن على الرغم من النشاط الحيوي فيه , فإن بعض الحيطة كانت تحول دون التصادم . وبدا أن لا نهاية لأشكال القوارب المختلفة ... القوارب الشراعية العربية بأشرعتها المثلثة المدببة , وقوارب الصيد الصغيرة , والمعديات واليخوت الأنيقة تتهادي بين كل هذه القوارب وكأنها سيدة مجتمع أنيقة .وأصبح يخت بيتر على وشك الانطلاق وأدار بيتر المحرك الكبير الذى يسيره , وجلس بهدوء في غرفة القيادة وحدقت نورما للمرة الاخيرة من حولها بالميناء شاعرة بالأسف , فهي لاتريد أبدا ان تترك كينيا فالوقت الذى أمضته هنا كان قصيرا , ولفتت شتيمة سمعتها انتباهها إلى بيتر , الذى كان يتصارع مع المقود متذمرا من أن الدفة عالقة . لماذا الآن من بين كل الاوقات ؟ في وقت هم على وشك الإبحار ؟وجذب دواسة التختيق , فخفق المحرك محتجا دافعا نافورة ماء إلى فوق عند القارب , واقبل سيلك ستانلي نحوه .- هل تواجه مشكلة يا بيتر ؟- أستطيع تسويتها .فهز سيلك كتفيه . وعاد إلى حيث كان يجلس يتابع شرابه واتخذت سينثيا وجولي مركزهما المفضل على سطح السفينة تستلقيان على وجهيهما مرتديتان اصغر بيكيني ممكن .وأعادت نورما انتباهها إلى الميناء , وراقبت مجموعة من الأطفال تصطاد على متن قارب صيد صغير ورست سفينة شحن أخيرا عند الرصيف ملقية مرساتها , ومراكب الصيد تهتز بحذر من حولها . وصاح بيتر :- حسنا .. لقد اصطلح , تعالوا جميعا لنودع كينيا . بريطانيا .. ها نحن قادمون .واطلق المحرك , فتحرك المركب مبتعدا عن الرصيف . وابتعد الاولاد الصغار بسرعة وفزع , ونظرت إليه نورما بقلق قائلة :- أرجوك .. كن حذرا يا بيتر .. الميناء مكتظ جدا !- أنا أعرف ماذا افعل .وابتسم .. وجهه كان يتصبب بالعرف . وأحست نورما بمعدتها تتقلص وصلت كي يغادروا الميناء الى عرض البحر دون أي حادث , فقد كان بيتر في حالة نفسية غبية وغير مكترثة , ونظر إليها من جديد فتنهدت قائلة :- تمهل .. فأنت تسرع جدا ..- لاتكوني قلقة هكذا , دعي عمك بيتر يريك كيف يتدبر الامر.كان اليخت يمر بين مجموعة صغيرة من قوارب الصيد واجفلت نورما عندما كاد يصطدم بأقرب قارب له , ولاحظت الوجوه الغاضبة في المراكب وضحك بيتر , ثم توقف وقطب . مدخل الميناء كان مكتظا بصفوف من المراكب تنتظر دورها للخروج إلى عرض البحر , وخفف من سرعة القارب وهو قلق فتوقف , واخذ يهتز بتحرك الموج من تحته . واقبلت جولي وهي تلمع من أثر زيت الشمس وقالت متسائلة :منتديات ليلاس

- ماذا ننتظر ؟وتطلعت بسخرية إلي المراكب أمامهم . فقال بيتر :- هذه المراكب اللعينة , انظري إليها . لاجل الله ! أريد ان اخرج الى عرض البحر قبل الظهر .وعادت جولي تنظر الى المراكب :- إنه منظر جميل .- وما هو الجميل فيها ؟ الاغبياء اللعناء يتلاعبون بيخوتهم . أمل ان يسرعوا . بهذه الطريقة سنبقى هنا طوال اليوم .وفجأة تبدل الريح , وامتلأت الاشرعة فأمسك بيتر بالمقود وصاح:- حسنا .. الآن هي فرصتنا . سأنفذ من خلالهم , وليذهب الدور الى الجحيم !واطلق العنان للمحرك فانطلق القارب الى الامام , فقالت نورما بسرعة :- بيتر , توقف ! ستصطدم باحدهم ..- فليذهب الى الجحيم .وشقت مقدمة القارب الفولاذية المياه وكأنها السكين . ولكن المسافات كانت تضيق , واستطاع احد سائقي اليخوت ان يبتعد فى الوقت المناسب ليتفادي الاصطدام . وادار بيتر المقود ليبتعد عن يخت آخر . وامام رعبها شاهدت نورما قاربا ثالثا يقطع المياه أمامهم , يخت رمادي جميل له شراع طويل أبيض واسود وكأنه جناح النورس , وكان فى مواجهة قاربهم مباشرة .وغطت نورما وجهها وهي تصرخ :- بيتر !وحاول بيرت الانحراف بالمقود والشتائم تتدفق من بين شفتيه . وتوقف القارب فجأة , ثم صوت اصطدام جعلهم يرتطمون بكل شئ في غرفة القيادة . وفتحت نورما عينيها لتشاهد الشراع الجميل يمر فوق سطح قاربهم , وصرخ احدهم وسمعت صوت تحطم زجاج . واسرعت جولي لتطفئ المحرك وفي الصمت المرعب الذى تلا , اخذت المركب تستدير بهم في دوائر , وهي ما زالت تصطدم بالمراكب امامها . وصرخت نورما فقد انقلب اليخت الذى اصطدموا به وغاص الشراع الابيض والاسود تحت سطح الماء وهناك شخص يطفو فوق الماء وسترته الواقية من الغرق البرتقالية تلمع تحت أشعة الشمس وهو يسبح ببطء نحو يخته المضروب .وهمست جولي :- أتمني أن يكون بخير ..وبجهد حاول بيتر استجماع رباطة جأشة . وقال بصوت يرتجف وقد اصبح وجهه شاحبا :- بالطبع هو بخير .. لنخرج من هنا قبل أن يصل بوليس المرفأ ..وقفزت نورما امامه قائلة :- لا ! هل جننت يا بيتر ؟ ربما مات شخص هناك ..- اوه .. هراء .. لا تتكلمي كالبلهاء . انظري الرجل يتسلق مركبه ثانية , وانظري لقد عاد اليخت الى وضعه فوق الماء.ونظرت لتري أن الشراع عاد الى وضعه الطبيعى واخذت المراكب تتجه الى قاربهم بسرعة وسمعوا الاصوات الغاضبة منها .وقال بيتر بعصبية :- سأهرب من هنا .ومد يده الى المقود واطبقت نورما قبضتها مستعدة لضربه . ووصل مركب صغير اليهم وصاح من بداخله :- أنت يا من على القارب ! أنتم هناك . ! لقد رأيت ما حدث , لقد صدمته عن عمد , ايها الابله اللعين !ورد عليه بيتر صائحا :- لقد كان في طريقي .- كلام سخيف ! كنت متجها نحوه رأسا , الافضل لك ان تنزل وتقدم المساعدة ايها الشاب . احد البحارة مصاب .وصاحت جولي :- أوه لا ! حقا يا بيتر أنت غبى في بعض الاحيان !واقبلت سينثيا لتنضم اليهم فى غرفة القيادة , وقال سيلك :- الافضل ان تعود الى ذلك اليخت يا بيتر .واحمر وجه بيتر , ولكنه اطلق العنان للمحرك , ثم توجه ببطء نحو اليخت المضروب الذى كان يتهادي كالطائر المجروح فوق الماء . وتمت قائلا :- ارجو ان تقفوا فى صفي جميعا لو حدثت مشاكل .ووصل القارب الى اليخت , فصاح بصوت حاول ان يجعله مرحا :- أنتم هناك ! هل انتم بخير ؟وحدق به وجه غاضب بوحشية , له انف نورماندي ولحية سوداء كثيفة . - يا إلهي القدير ! كان علي ان اعرفكم ايها الاغبياء ! هل أنت سكران ايها المخبول ؟وكان المتكلم آلان سان كلير , فرد عليه بيتر بقلق :- خذ الامر بروية .. هل الكل بخير عندك ؟- لا ... ليس الكل بخير ! لقد كسرت ذراع أحد أفراد طاقمي . إنه ينزف بشدة .وللمرة الأولي شاهدت نورما الرجل مستلقيا فوق السطح وبقعة حمراء تلطخ السطح الابيض وأحست بالغثيان وسمعت سيلك يرسل الشتائم من بين أسنانه , وبدا آلان سان كلير وكأنه على وشك ان يقتلهم جميعا , وصاح بهم :- لأجل الله فى سمائه ! لا تقفوا هكذا , ساعدوني على نقله إلى مركبكم , يجب أن نأخذه الى المستشفى وبسرعة !* * *وخرج الدكتور الكيني من العنبر وهو يخلق قفازاته الطبية ونظر إليهم دون حماس , واحست نورما بأنه يفكر بهم : أولاد أثرياء غرباء ! وتفرس فى وجوههم القلقة بسخرية , وسأل بلطف :- من منكم السيد سان كلير ؟وأجابه بيتر :- انه ليس هنا الآن , لقد ذهب ليجري مكالمة هاتفية , اسمى بيتر اشتون .. وأنا ..- آه . اجل انت الرجل الذى سبب قاربه كل هذه الأضرار بذراع البحار المسكين .- هذا ليس صحيحا بالضبط يا دكتور , لقد كنت ..وسألت نورما بقلق :- كيف حال البحار ؟واستدار الدكتور إليها بعينين متعبتين , ثم ابتسم :- إنه بخير عظم ذراعه تهشم , من الجهة العليا إنها اصابة خطرة , وفقد كثيرا من الدم , ولكن لم تحصل مضاعفات وسوف يشفى تماما .وتنهدت نورما بارتياح , فنظر اليها :- هل أنت صديقة له ؟ودخل فى هذه اللحظة آلان سان كلير إلى غرفة الانتظار وعيناه مسودتان من القلق .- كيف حاله يا دكتور ؟ أنا آلان سان كلير .- إنه بخير , سوف يخرج من المستشفى بعد أسبوع , وربما أقل .وابتعد الدكتور فى الممر , فالتفت آلان اليهم , ونظرة كالحة على وجهه الملتحى :- أرجو ان تكونوا مسرورين من أنفسكم .وخطت سينثيا نحوه مبتسمة ببرود :- لا تأخذ الامور هكذا يا آلان ..منتديات ليلاس

- لا تدعيني آلان , اللعنة عليك !وهزت كتفيها :- سيد سان كلير إذا . سوف يصبح بحارك بأحسن حال بعد أسبوع فلا تقلق !- بأحسن حال ؟ وماذا تظنينه .. نوع من الزينة المنزلية .والتفت إلى بيتر الذى كان يعض شفتيه , وللحظة اعتقد نورما بأنه سيضربه , ولكنه قال وهو يشدد على كلماته بسخرية :- أما بالنسبة لك يا قبطان , يجب ان تحاكم على قيادتك المركب وأنت سكران !- تمالك نفسك .. يا رجل ..فصاح به آلان :- لقد شممت رائحة الخمر من فمك .. يا إلهى .. أتمنى لو أنكم ايها البحارة الهواة لاتقودون المراكب سوى فى الأماكن الضحلة , وأن لا تخرجوا الى عرض البحر تعرضون الأرواح والأطراف للخطر !وتنحنحت نورما وحاولت أن تبتسم قائلة :- سيد سان كلير .. آلان . نحن جميعا آسفون لصديقك وليختك.وشعرت بالخجل الشديد , فحدق بها آلان بغضب , وكأنه يحاول ردع نفسه عن الانفجار بوجهها وقال أخيرا :- أطفال أثرياء . أنتم أطفال اثرياء . اغبياء . سأذهب لأري .واندفع من بينهم متوجها الى حيث يرقد البحار في غرفته . وقالت سينثيا :- إنه شاب لطيف . أعتقد بأن قلت هذا يا بيتر , لقد ظننت أنه كان سيضربك منذ دقائق .وقالت نورما بصوت قريب من البكاء :- لم أكن سألومه لو فعل !ونظر الجميع إليها وقالت سينثيا بكل برود :- ولماذا لا تلومينه يا نورما ؟- لأنه على حق , أنتم فعلا أطفال أثرياء . اطفال لا تتحملون المسؤولية , ألا تدركون أن الرجل كان يمكن أن يقتل ؟ كان يمكن ان تقتلوهما معا ..وقالت لها جولي وكأنها تنصحها :- كفاك ركوبا على حصان مرتفع , لقد كنت أيضا على متن المركب , وأنت تعرفين هذا .- بالطبع أعرف .. وانا خجلة جدا !وحدق الجميع بها لثواني , وقال بيتر وهو يخرج علبة الدخان من جيبه :- لا فائدة من الاستماع إليها ..واشعل سيجارة ونفخ الدخان باتجاه لوحة " عدم التدخين فى المستشفى " وتابع :- الأفضل لنا أن نستعيد غرفتا فى الفندق لقضاء هذه الليلة . فليس من الحكمة أن نبدأ إبحارنا قبل الغد .ونظر إلى نورما من خلال الدخان :- تعالى يا نورما .. لنذهب من هنا .- سأنضم إليكم فيما بعد .وهز كتفيه دون اكتراث , ونظر إليها للحظة , وقال :- لقد أتيت معنا لأن رالف كلارك هو صديق لي , كما تعلمين وإلا لما سمحت لك بركوب مركبي , تذكري هذا يا نورما . لقد حصلت على عطلة سعيدة مجانية فوق مركبي , فلا تعاندي حظك .وحدق بعينيها بغضب وقال :- أوكي يا نورما ؟ سنراك فيما بعد فى الفندق . تعالوا لنذهب الآن .
وراقبتهم وهم يبتعدون بغطرسة مولودة مع أمثالهم , وحاولت ان تقاوم اندفاع الدموع من عينيها ثم جلست على المقعد , واغلقت عينيها والقت برأسها الى الوراء , وعادت إليها ذكرى الاصطدام المريع بينما كان قارب بيتر الحديدي الحاد يصدم اليخت الأنيق . سيحتاج اليخت إلى اصلاحات مكلفة وكانت على حق , فقد كان بالإمكان قتل الرجلين على اليخت . فماذا سيقول والدها عن هذا الامر ؟ والدها الضخم القوي كالدب , والذى علمها الإبحار وهي لم تبلغ العاشرة بعد , والذى كان متشددا جدا في موضوع السلامة في البحر ! ولكنه فى يوم من الأيام أبحر عبر المانش في يوم كثير الضباب , ولم تره من يومها ثانية . وتركها موته لوحدها تماما , ما عدا قبر والدتها التي لم تشاهدها أبدا . ولم تستطع أن تنسى ابدا ان موته كان فى البحر . أما بالنسبة لبيتر والآخين فالألم والمعاناة لم يعرفوهما فى حياتهم . إنهم لا يفهمون مرحم هو كل ما يهمهم , مهما كان مبلغ الأذى الذى يسببونه للناس , وفتحت عينيها والباب يفتح , ودخل آلان سان كلير الى غرفة الانتظار ووجهه حزين بمرارة , فوقفت بعصبية وسارت نحوه لتلقاه :
- لقد .. عنيت ما قلته , حول أسفى لما حدث . اعلم ان الامر لا يغتفر .. اعنى ما فعله بيتر ولكنهم مجرد أطفال وانت محق بهذا , إنهم لا يعرفون شيئا , و .. و ..
- وهكذا أرسلوك لتفاوضيني .. هه ؟
- لا .. أنا أحاول فقط أن اشرح لك . إنهم اغبياء , غير مسؤولين .. ولكنهم سيكبرون يوما . واريد أن اتاسف باسمى فقط . لقد كنت في غرفة القيادة وكان على أن أوقف بيتر . وانا آسفة جدا ..
- أجل .. حسنا , الافضل لك أن تعودى إليهم الآن , فأنت طفلتهم المدللة , أليس كذلك ؟
- ماذا تعنى ؟
واحمر وجهها , فقال ساخرا :
- أنت المسكينة بينهم , أليس كذلك ؟ أري أنك لست من طرازهم . لذا يبقونك معهم من أجل القيام بأعمالهم القذرة .. مثل الاعتذار للأغبياء الذين يصدمونهم !
- أنت مخطئ سيد سان كلير . أنا لست من طرازهم , ولقد جئت معهم لأن بيتر صديق لرالف , ولكننى لست الطفلة المدللة لأحد !
وفكر للحظات ثم هز كتفيه وقال :
- إذا , اذهبى من هنا كائنا من كنت . أنت تجعلينى اشعر بالغثيان!
واستدارت نورما مبتعدة وهي تشعر بالألم . غضبه مفهوم ولاشئ تستطيع فعله لتهدئ هذا الغضب .. أليس هناك شئ من الحقيقة فيما قاله ؟ أليست المسكينة بين هذه المجموعة الثرية بما فيها رالف كلارك ؟ واستدارت إليه :
- قبل أن أذهب .. هل صديقك متمالك وعيه ؟
- تقريبا , ولماذا ؟
- أود أن اتحدث اليه .
- اذهبى إلى الجحيم !
- لدي شعور بأنه لن يكون غير متسامح مثلك .
وتجاوزته متجهة نحو العنبر في زاويته البعيدة كان رجل يستلقى فوق وسائد السرير . وجهه شاحب وتعب . والأربطة تلف صدره وذراعه ملقاة فوق الغطاء , محاطة بجهاز من الالمنيوم . وعضت نورما شفتيها لو أن البقية رأوا هذا . رأوا نتيجة غباءهم!
وانحنت فوق الوجه الشاحب , وانفتحت العينان الغائرتان :
- اسمى نورما ليستر . لقد كنت فوق المركب , الذى صدم يختكم.
وهز رأسه ببطء وعيناه زائغتان من الألم والمخدر . فتابعت :
- الأمر لا يغتفر لنا . أنا آسفة , من اعماق قلبي .
وحدقت بها عيناه الزرقاوان بتعب , ثم ابتسم قليلا . وفتح يده السليمة , فأخذتها بلطف بين يديها , فهمس :
- سأكون بخير . الدكتور طيب وجيد . والممرضات طيبون . سأكون بخير ... لا تقلقى .
وابتسم ثانية وارتاحت قسمات وجهه , وهو يستغرق في النوم . ووضعت نورما يده بلطف على الغطاء ووقفت . وكان آلان يقف إلى جانبها , يراقبها بعينيه الحزينتين . فقال لها بجفاء :
- لن يستطيع الإبحار قبل سنة .
واستدار على أعقابه وسار إلى الخارج . فتبعته نورما ببطء , وكان ينتظرها فى غرفة الانتظار . وقال لها :
- اسمعي .. قولى لأشتون بانه مجبر على دفع كل تكاليف إصلاح يختى , وسوف يكلفه هذا غاليا . لم يمض على بناء اليخت وقت طويل . أما بالنسبة للبحار سوف ادفع تكاليفه بنفسى . فلا أريد ان يدفع ذلك الكلب مصاريف علاجه فى المستشفى . وقولى له إذا حاول أن يناقشنى , فالأفضل له أن يجد محاميا جيدا . وجيدا جدا.
واستدار لينصرف .. فقالت له نورما بهدوء :
- قل له هذا بنفسك .
فتوقف والتفت إليها بغضب :
- ماذا قلت ؟
- قل له هذا بنفسك . فأنا لن أنقل رسالتك إلى أحد .
وواجها بعضهما بغضب . وقال لها فى النهاية وصوته أجش من الغضب :
- حسن جدا . سأقول له بنفسى .. أين هو ؟
- سيكون فى فندق " هيلتون مومباسا ".
والتقت عيناه بعينيها ببرود للحظة أخيرة . ثم ذهب ..
قالت جولي بوقاحة :
- ولكن الغلطة ليست غلطة بيتر .. لقد كان ذاهبا ..
منتديات ليلاس
__________________
سبحان الله وبحمده ~
سبحان الله الـعظيم ~