السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
العطاء التطوعي.. وإدارة العالم!
أسماء الرويشد
تشير دراسات عديدة إلى ضعف العمل التطوعي في بلادنا مقارنة بالدول المتقدمة التي تعد العمل التطوعي وجهاً حضارياً يعكس وعي الأفراد والمجتمعات، ويؤدي إلى تقدم بلادها بسرعة أكبر، وتعمل على تماسك البنية التحتية لمجتمعاتها.. على سبيل المثال: دراسة عن الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001م أظهرت أن عدد المتطوعين يشكل 44% من جميع البالغين، ويقدمون ساعات تطوعية تبلغ أكثر من خمسة عشر بليون ساعة، وهذا ما يقارب عمل تسعة ملايين شخص بدوام كامل!
ومن وجهة نظري أن ذلك القصور لا يتحمله أفراد مجتمعنا، فالغالبية العظمى من شعب بلادنا مع توفر الإمكانات لديه محب لفعل الخير وباذل له؛ متى ما أتيحت له الفرص ودُعي إلى المساهمة في العمل الخيري، ولكن تعدد الاهتمامات لدى الفرد السعودي واتساع دائرة مستلزمات المعيشة وتوفر وسائل الراحة والرفاه جعل لديه جواذب تشغله عن التوجه إلى العمل في ميادين التطوع وخدمة المجتمع، بالإضافة إلى ضعف الدعاية والإعلام فيما يتعلق بالدعوة إلى التطوع وبث وسائل التشجيع والدعم للمتطوعين، بينما نجد التطوع ظاهرة إيجابية منتشرة في أغلب المجتمعات الإنسانية، وقد أصبحت مادة للتخصص العلمي الأكاديمي له مؤسساته التعليمية يدرس فيها أسسه وسبل تطويره، ويرصد فيها تجاربه وأساليبه.
وفي تقرير حديث حول إحصائية العطاء الخيري في أمريكا، هناك ارتفاع لمعدل الاتجاه الحالي نحو مساندة الأعمال الخيرية، ويقول التقرير: "ببساطة فإن أمريكا لن يكون باستطاعتها أن تكون مؤثرة (أو أن تدير العالم) بدون الهبات الخيرية والنشاط التطوعي، وجاء في تقرير حديث لجمعية فرنسا والشؤون الاجتماعية أن عشرة ملايين ونصف مليون فرنسي يتطوعون في نهاية الأسبوع للمشاركة في تقديم خدمات اجتماعية مختلفة تخص الحياة اليومية، من مجالات التربية والصحة والبيئة والصحافة والترفيه وغيرها.
إنه أمر مؤسف جداً، حيث تعج مجتمعاتنا بالطاقات والكفاءات والعناصر المؤمنة والواعية، فلماذا الإحجام عن التصدي للعمل التطوعي؟ ولماذا نتقاعس عن دعم المؤسسات الاجتماعية والخيرية، مع وجود الحاجة لكبيرة في مجتمعنا والتي تتطلب الكبير من الجهود والطاقات لتلبيتها ومعالجتها، فهناك حالات الفقر ومشاكل العلاقات والمشاكل الاجتماعية التي تحتاج إلى علاج واستشارة وقضايا التعليم والتوجيه الديني والسلوكي وأمور البيئة وأوضاع المحتاجين إلى الرعاية، من مسنين ومعوقين وأيتام، وهناك الحاجة إلى المشاركة التطوعية في وسائل الإعلام، لا سيما في الإعلام الإسلامي الموجه، من مجلات ومواقع إسلامية حيث هناك نقص حاد في الأقلام التطوعية.
لذا فإننا ندعو الواعين والمخلصين من أبناء بلادنا المباركة بأن ينخرطوا في الأعمال التطوعية ويتحملوا أعباءها من منطلق التعاون على البر والتقوى، والسعي في خدمة المجتمع وقضاء حوائج الناس، فهو من أفضل الأعمال التي تقرب إلى الله وتوجب المزيد من ثوابه رضوانه
الموضوع منقول