تفسير سورة الملك الحلقة السادسة ان الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا كما أمر والصلاة والسلام على خير البشر محمد بن عبد الله وعلى أله وأصحابه الأجمعين وعلى من اتبع الهدى.\يقول تعالى\أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان ان الكافرون الا في غرور أمن هذا الذي يرزقكم ان أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ماتشكرون قل هو الذي ذرأكم في الامراض واليه تحشرون ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين قل انما العلم عند الله وانما أنا نذير مبين فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون.
يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا الله معه غيره يبتغون عندهم نصرا ورزقا منكرا عليهم فيما اعتقدوه ومخبرا لهم أنه لا يحصل لهم ما أملوه فقال تعالى (أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان) أي ليس لكم من دونه من ولي ولا واق ولا ناصر لكم غيره ولهذا قال تعالى (ان الكافرون الا في غرور)ثم قال تعالى(أمن هذا الذي يرزقكم ان أمسك رزقه) أي من هذا الذي اذا قطع الله عنكم رزقه يرزقكم بعده أي لاأحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق وينصر الا الله عز وجل وحده لا شريك له أي وهم يعلمون ذلك ومع هذا يعبدون غيره ولهذا قال تعالى (بل لجوا) أي استمروا في طغيانهم وافكهم وضلالهم (في عتو ونفور) أي في معاندة واستكبار ونفور على ادبارهم عن الحق لا يسمعون له ولا يتبعونه. ثم قال (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم)وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكبا على وجهه أي يمشي منحنيا لا مستويا على وجهه أي لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب بل تائه حائر ضال أهذا أهدى (أمن يمشي سويا) أي منصب القامة (على صراط مستقيم) أي هل على طريق واضح بين هو وفي نفسه مستقيم وطريقه مستقيمة هذا مثلهم في الدنيا وكذلك يكونون في الاخرة فالمؤمن يحشر يمشي سويا على صراط مستقيم مفض به الى الجنة الفيحاء وأما الكافر فانه يحشر يمشي على وجهه الى نار جهنم.(احشروا والذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم الى صراط الجحيم)الايات أزواجهم أشباههم قال الامام أحمد رحمه الله حدثنا ابن نمير حدثنا اسماعيل عن نفيع قال سمعت أنس بن مالك يقول قيل يارسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم فقال أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرا على أن يمشيهم على وجوههم وهذا الحديث مخرج الصحيحين من طريق وقوله تعالى (قل هو الذي أنشأكم)أي ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا.(وجعل لكم السع والابصار والافئدة)أي العقول والادراك(قليلا ماتشكرون)أي قلما تستعجلون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره.(قل هو الذي ذرأكم في الأرض)أي بثكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم وحلالكم وأشكالكم وصوركم(واليه تحشرون)أي تجمعون بعد هذا التفرق والشتات يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم.ثم قال تعالى مخبرا عن الكفار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه(ويقولون متى هذا الموعد ان كنتم صادقين)أي متى يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التفرق(قل انما العلم عند الله)أي لا يعلم وقت ذلك على التعيين الا الله عزوجل لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة فاحذروه (وانما أنا نذير مبين) أي انما علي البلاغ وقد أديته لكم.قال تعالى(فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا)أي لما قامت القيامة وشاهدها الكفار ورأوا أن الأمر كان قريبا لأن كل ما هوأت أت وان طال زمنه فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك لما يعلمون ما لهم هناك من الشر أي فأحاط بهم ذلك وجاءهم من أمر الله ما لم يكن في بال وحساب (وبدا لهم من الله ما لم يمونوا يحتسبون وبدا لهم سيئاتهم ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون)ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ.(هذا الذي كنتم به تدعون)أي تستعجلون. |