عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 07-10-2012, 01:30 AM
 
النسمة الخامسة "أين الله"

أما آن لك إن تستحيي من

أين الله؟!
من عرف قرب الله استحيا منه..
و اجتنب الإساءة و قدم الإحسان..
و اعترف بالفضل و أقر بالعصيان..
و أسرع بالإنابة..
و أعلن الصلح مع مولاه.
أما آن لك إن تستحي من
1- نفسك:
استح من سمعك و بصرك و جلدك الذين جعلهم الله و كأنهم جواسيس عليك تراك حيثما كنت و تنقل أخبارك يوم الشهادة أمام الله على أعتاب جهنم.
قال سبحانه و تعالى:
"حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
"[فصلت:20]
و هذا هو ما أضحك النبي ،
فعن أنس بن مالك رضى الله عنهكنا عند رسول الله فضحك فقال " هل تدرون مما أضحك ؟ " قال قلنا : الله ورسوله أعلم . قال " من مخاطبة العبد ربه . يقول : يا رب ! ألم تجرني من الظلم ؟ قال يقول : بلى . قال فيقول : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني . قال فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا . وبالكرام الكاتبين شهودا . قال فيختم على فيه . فيقال لأركانه : انطقي . قال فتنطق بأعماله . قال ثم يخلى بينه وبين الكلام . قال فيقول : بعدا لكن وسحقا . فعنكن كنت أناضل " .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2969
خلاصة حكم المحدث: صحيح


و الذي ألهى هذا و أمثاله عن الله و صرفه عن الآخرة هو ما واجه الله عز وجل به أهل النار يوم الحساب فقال: "وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ " [فصلت :22]
لطيــفة
ولقد قال عبد الله بن عبد الأعلى الشامي فأحسن:
العمر ينقص و الذنوب تزيد و تقال عثرات الفتى فيعود
هل يستطيع جحود ذنب واحد رجل جوارحه عليه شهود
و المرء يسأل عن سنيه فيشتهي تقليلها و عن الممات يحيد

2- الخلق:
ذلك إن الخلق – كل الخلق- يسبح الله و لا يفتر عن ذكره... الحيوان و الجماد و الإنس و الجان و الملائكة والبحار و الجبال و السهول و القصور...و صدق ربنا عز وجل إذ يقول:" و إن من شيء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم".
و ها هو النبي يخبرنا في حديث يبين فيه كثرة العابدين لله و ازدحام السماء بهم فقال:
أطت السماء وحق لها أن تئط ، والذي نفس محمد بيده ، ما فيها موضع شبر إلا وفيه جبهة ملك ساجد يسبح الله ويحمده
الراوي: أنس بن مالك المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 1097
خلاصة حكم المحدث: ضعيف


سبحان الله.. السماء تصيح و تئن من ثقل ما عليها من ملائكة سجود لرب العالمين. ( الاطيط: صوت الإبل من كثرة أحمالها).
بل إن من خلق الله ما لا يدركه عقل و لا يتصوره بشر، خلقه الله للتسبيح و الذكر، أخبرك عن عظم خلقه و ضخامة حجمه رسول الله فيقول:
"أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش ، رجلاه في الأرض السفلى ، و على قرنه العرش ، و بين شحمة أذنيه و عاتقه خفقان الطير سبعمائة عام ، يقول ذلك الملك سبحانك حيث كنت"
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 853
خلاصة حكم المحدث: صحيح



قل معي وردد: سبحان الله... و تبارك الله... و تمجد الله... بل تتابع عليك أحاديث النبي :
" ليس شيء إلا وهو أطوع لله تعالى من ابن آدم"
الراوي: بريدة المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 1/57
خلاصة حكم المحدث: فيه أبو عبيدة بن الأشجعي ولم أجد من سماه ولا ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح


سمع هذا الحديث التابعي الثقة عبد الله بن عون المصري فانطلق يقول:
أما يستحيي أحدكم إن تكون دابته التي يركب، و ثوبه الذي يلبس أكثر ذكراً لله منه؟!
قبل أن تحترق
أخي الكريم... أسالك وأقول لك:
أرايت نجماً في المجرة كلها ترك المجرة و استخف المقصدا
لو حاد عن أمر الله عظيمها لهوى من العليا ودك و جددا
و لشاط في جو السماء محرقاً و محذراً من قد عصاه و عاندا
فطرت حياتك للحنفية سمحة و مدار أجرك بالشريعة حددا
أيكون عهدك في الوجود عجيبة و تروح وحدك فاجرا أو ملحدا

أخي... كما إن النجم إذا ترك مداره الذي حدد الله له...احترق كذلك الإنسان الذي يخرج عن مدار طاعة الله و مسار الخضوع لله يحترق ليس في الدنيا بل في دار جهنم.. فلا تنحرف عن المسار ... وتشذ عن المدار و تصادم الأقدار حتى تنجو من حر النار.
3- الملائكة:
استح من الملكين الحفظة اللذين يرصدان عليك الكبيرة والصغيرة و ينقلان إلى الله أخبارك و يرقبان أفعالك و يحصيان أنفاسك ما كان لهما أن يغفلا... ما كان لهما أن يناما و يريان منك العصيان وهما لا يعرفان معنى العصيان بل يفعلان ما يؤمران شاهدان لك أو عليك واقفان في صفك إن أطعت و ضدك إن أسات و سيقومان بأداء الشهادة و تسليم الأمانة في اليوم الذي قال لنا الله عز وجل عنه:
"وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً" [الكهف :49]
. قال ابن عباس رضي الله عنه: الصغيرة التبسم الكبيرة الضحك.
و لذا أخلص لك مجاهداً لنصح حين أشفق عليك فقال:
" اشتكى القوم الإحصاء و ما اشتكى أحد ظلما فإياكم و محقرات الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه".
إن من يفعل الفواحش سرا حين يخلو بسره غير خال
كيف يخلو و عنده كاتبان شاهداه و ربه ذو الجلال

لطيفة
روى مالك بن دينار أن رجلاً كان على حماره بجوار نهر فنزل عنه و أطلق بفمه صفيراً فاختلف ملك الحسنات و ملك السيئات، قال ملك السيئات : ما أراد إلا اللهو، و قال ملك الحسنات: أراد إن يسقي حماره، فبعث الله لهم ملكاً يقول: اكتبا الصفير و على الله التفسير.
إن من يعتدي و يكسب إثماً وزن مثقال ذرة سيراه
و يجازى بفعله الشر شرا و بفعل الجميل أيضا جزاه

هكذا في قوله تبارك ربي في ( إذا زلزلت ) و جل ثناه
أخي.. استح كذلك من...
4- الرجل الصالح من قومك:
لقول النبي :
"أوصيك أن تستحي من الله تعالى ، كما تستحي من الرجل الصالح من قومك"
الراوي: سعيد بن يزيد أبو سلمة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2541
خلاصة حكم المحدث: صحيح


أخي... أصدقني القول ما الذي ستفعله لو أن رجلاً صالحاً من أقاربك نزل دارك و زارك ثم طلب إليك أن تصلي معه.. ما هو حالك إذا كنت لا تصلي؟!أو طلب إليك أن تقرا معه في كتاب الله... ومصحفك يعلوه التراب لم تمسه منذ شهر رمضان الذي فات أو طلب إليك أن تريه أقرب مسجد و أنت قعيد البيت و طريح الوسادة لا تصلي إلا في البيت... ما هو حالك و ما هو رد فعلك؟!
لا شك أنك ستصلي و تقرأ وتذهب إلى المسجد حياءً منه ومراعاة لشعوره وستراً لنفسك فأين هذه المشاعر مع الله؟!
أخي... حذار أن تكون كما قال فرقد السنجي حين وصف المنافق فقال: إن المنافق ينظر فإذا لم ير أحداً دخل مدخل السوء و إنما يراقب الناس و لا يراقب الله.
5- الحياء الأكبر من الله:
أخي... استح من الله " الذي يراك حين تقوم و تقلبك في الساجدين"، ألا تعلم أن من صفاته أنه" يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"، و أنه يطلع عليك حال سرك و جهرك، في ليلك ونهارك " وهو معكم أينما كنتم"، هذا الذي يتمادى في غيه و يغرق في ذنبه " ألم يعلم بان الله يرى"، لا تظنوا الله غافلاً عما تعملون، لا تحسبوه لا يرى ما تصنعون" إن الله كان عليكم رقيباً"، بل هو سبحانه القائل عن ذاته أنه" قائم على كل نفس بما كسبت" كل نفس... بما فيها أنت أيها القارئ.
قال حميد الطويل لسليمان بن علي:
لئن كنت إذا عصيت الله خالياً ظننت أنه يراك لقد اجترأت على أمر عظيم، لئن كنت تظن أنه لا يراك فقد كفرت.
ويحك...
قال أبو الفرج ابن الجوزي:
الله...الله...الله... دافع عنك قبل وجودك فقال مدافعاً عن خلقك:" إني أعلم ما لا تعلمون"، و استكثر قليل عملك فقال:" و الذاكرين الله كثيراً و الذاكرات". واعتذر لك من زلة أبيك وأمك فقال (فدلاهما بغرور )وغطي قبيح فعلك برداء (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم) وأربحك في معاملته فقال (فله عشر أمثالها ، ومن دافع عنك وأنت مفقود لا يخذلك وأنت موجود ، وكما قدمك علي سائر المخلوقات فقدمه في قلبك علي سائر المطلوبات
الله أم الملك
راقب الله في كل حركاتك وسكناتك ، وخطراتك ولفظاتك ، أما ترضي أن تراقبه وتعامله كما تعامل ملكاً من ملوك الأرض؟ وتخيل حالك لو كلفوك بحراسة الملك ؟فكر ابن القيم بالنيابة عنك فقال :
هان سهر الحراس لما علموا أن أصواتهم بسمع الملك




__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس