السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة قرأتها أرويها لكم لما تتضمنه من عبر سامية قد نستفيد منها في حياتنا وطريقة معاملتنا لذوينا ونستنتج العبر القيّمة منها.
ولا يعرف راوي هذه القصة إن كانت حقيقية أو من صنع الخيال. وإليكم القصة المثيرة:
كأس الحليب
في يوم من الأيام وفي قرية أمريكية ريفية كان هناك طفل فقير يقرع أبواب البيوت محاولاً بيع بعض السلع الرخيصة لإشباع جوعه وجمع بعض الفلوس ليتمكن من تكميل دراسته ولكن الحظ لم يساعده واشتد جوعه فقرر التوسل إلى طلب بعض الطعام. وعندما قرع باب إحدى البيوت فقد أعصابه وخجل فلما فتحت له فتاة الباب توسل إليها أن تمده بكأس من الماء. ولكنها عندما رأته شاحباً وهزيلاً أشفقت عليه فدعته إلى دخول البيت وقدمت له كأساً من الحليب شربه ببطء وسألها كم يترتب عليه كثمن هذا الكأس فنظرت إليه بحنو قائلة: لا شيء لأن والدتي قد علمتنا بأن لا نقبل أي مبلغ من المال لأي عمل خير نقوم به. فشكرها من صميم فؤاده وغادر منزلها وقد استعاد قوته الجسدية وإيمانه بربه سبحانه وتعالى وقرّر المضي في سعيه إلى متابعة دراساته بكل شجاعة وعزم رغم كل الصعوبات التي قد تعترض طريقة.
وبعد عدة سنوات أصيبت تلك المرأة الكريمة التي أكرمت على هذا الطفل بكأس الحليب بمرض خطير في قلبها لم يتمكن الأطباء المحليون من تشخيصه ومعالجته فنصحوها بأن تستشير أخصائياً مشهوراً في الأمراض القلبية في إحدى المستشفيات الجامعية البعيدة عن قريتها ولكنها ترددت لأنها لم تملك المال الكافي للمعالجة. وفي آخر المطاف وعندما زادت حالتها سوءاً اتجهت إلى هذا المستشفى متوسلة الله سبحانه وتعالى أن يساعدها طبياً ومالياً وعاينها الجراح المشهور الدكتور كيلي وقرر إجراء عملية دقيقة ومستعجلة على قلبها لينقذ حياتها ونجحت العملية وتعافت بسرعة ولكنها ما لبثت أن راودتها الهواجس لعدم قدرتها على تسديد تكاليف علاجها الطبي الباهظة ولكن الله سبحانه وتعالى كان بعونها إذ أنه من اللحظة الأولى التي رآها الدكتور كيلي في عيادته تذكر تلك الفتاة الحنونة التي أمدته في الماضي بكأس الحليب عندما كان جائعاً فقرر عندئذ بذل كل جهوده لإنقاذها وطلب عندئذ من مكتب المحاسبة في المستشفى أن يحوّل إليه حسابها للموافقة عليه.
ولما وصلته الفاتورة كتب على طرفها بخط يده وأرسلها إلى المريضة التي كانت مرتبكة وخائفة من فتح الظرف لعدم إمكانيتها المادية بتسديد تكاليف عنايتها الطبية. وبعد التردد الطويل فتحت الغلاف مقتنعة أنه سوف يلزمها عمر كامل للتمكن من تسديد الفاتورة وكم كانت دهشتها كبيرة عندما قرأت ما كتبه الدكتور كيلي على جانبها "إن هذه الفاتورة سددت كاملاً بكأس من الحليب". فعمت الفرحة قلبها وانذرفت الدموع من أعينها ونظرت إلى السماء شاكرة الله سبحانه وتعالى لكون حبه قد انتشر في القلوب والأيادي السخية والكريمة.
فكم لتلك القصة من عبر قيّمة تؤكد الأقوال المأثورة بأن الخير المرمي على سطح الماء لا بد أن يرجع إليك. وأن أي عمل خير تقوم به اليوم قد ينفعك أو ينفع أحد أحبائك في المستقبل في وقت لا تتوقعه، وحتى إذا لم يثمر عليك عملك الخيري في الحياة الدنيا بفائدة مادية، فسوف تنال الأجر من الله عز وجل في الآخرة على أية حال، وستكون على الأقل قد نجحت بجعل هذا العالم مكاناً أفضل للعيش