ساكفرُ بالهوى ما دمتُ حيّا = وأهجرُ كلَّ عاشقةٍ مَلِيّا
.
وأحرقُ ما لدَيّ منَ القوافي = وأحبسُ أدمُعي في مُقلتيا
.
وأشربُ من كؤوسِ الصبر مُراً = وأطوي الشوقَ في الاعماق طيّا
.
أعضُّ على الجراحِ ولا أُراعي = ولو رَدَّ النّوى صبَّاً شقيّا
.
وأَرتادُ المَصارِعَ في التَّناجي = وأتي الجاهلينَ بها نبيّا
.
أُبَصِّرُهُمْ بتجربتي وحُزني = وآلامي وأَعرضُ ما لديّا
.
جراحاتي سُهاديَ وانتظاري =عذاباتي التي تقضي عليّا
.
وأُخرجُهُم من الظلماتِ حتى = أَقيهمْ ما مَررتُ بهِ فتيّا
.
وأَشرحُ من عباراتِ التّناجي = طلاسِمَ ناظريكِ وناظريّا
.
فيا أهلَ القلوبِ لكم عِظاتٌ = بتجربتي فمن يُصغي إليّا ؟
.
أنا منْ أَلهَمَ العُشّاقَ شِعراً = ومن أَدنى القلوبَ لهُ نجيّا
.
ومن جعلَ التناجيَ ذا شجونٍ = يُساقِطُ في الهوى رُطباً جنيّا
.
أنا الصّبُّ الذي أفنيتُ عمري = وأشعاري وما أبقيتُ شيا
.
بذلتُ نفائسي عن طيبِ نفسٍ = وكنتُ بما أجودُ بهِ سخيّا
.
لأَجتازَ الحواجزَ في هواها = وأشربُ من شفاهِ الحُبِّ ريّا
.
وأَتَّخِذُ اللواحظَ لي مَقيلاً = وصدرَ الشوقِ مُتّكئاً هنيّا
.
وكم ذلّلتُ ناصيةَ القوافي = وكم اطلقتُ نحوكِ ساعِديّا
.
جعلتُ حروفَ إِسمَكِ في الأغاني = شُموساً والبَهاءُ بها حَفِيّا
.
أتذكرُ كيفَ كنتَ تَسيرُ جنبي = تُعَلِّقُ إِصبَعَيكَ بإِصبَعَيّا
.
تُعانِقُني أمامَ الناسِ عصفاً = فتُدهِشُني وأَرفعُ حاجبيّا
.
أتذكرُ كيفَ سِرتَ على عُيوني = بخطوكَ تستثيرُ الشوقَ فِيّا
.
وكنتَ كما العصافيرِ اللّواتي = تُرفرفُ كيْ تَحُطَّ براحتيّا
.
وكم في العيشِ أَقتحِمُ المَنايا = ولكني لديكَ فتاً صَبيّا
.
ألينُ براحتيكَ أَذِلُّ طوعاً = تَجوسُ شفاهُ ثغركَ وَجنتيّا
.
فما زالَ الفؤادُ بهِ صُدودٌ = وما زالَ الذي أرجو قصِيّا
.
وكم طالَ انتظاريَ في دروبٍ = رَجَوتُ بأَنْ تَمُرَّ بها عَشِيّا
.
ولكن لو يُساقُ إِليَّ عُمراً = كَعُمري ما بلغتُ بهِ رَضِيّا
.
وما زالتْ جراحيَ دامياتٍ = وقلبُ الحبِّ جبَّاراً عَصِيّا
.
فقد طافَ المَشيبُ على الحنايا = طوافاً ما عرفتُ لهُ سَمِيّا
.
وقلبُ حبيبتي جُلمودُ صخرٍ = وسَيْري فيكِ أَدمى أخمَصَيّا
.
قِطافي بعدَ جُهديَ في هواها = وُعوداً كالقيودِ بِمِعصَمَيّا
.
فيا أهلَ الهوى آليتُ نفسي = طبيبَ العاشقينَ أخاً وَفِيّا
.