من باع ذرا على الفحام ضيعه فلاتبغ ذرا فحام نشأنا انا وابن خالي في قرية جميلة احتضنت طفولتنا بخضرة ربوعها وزرقة سمائها لتروينا من ماء نهرنا الرقراق الذي يغني للعاشقين ترنيمات الهوى العذري. نقضي وقتنا لاهثين بين الركض واللعب تجمعنا براءة طفولتنا ولنستريح عند الترعة نحسب امواجها المتراقصة مرحا لتداعب نسيمات النهار الجميل المطل على الربوع اشراقا. تدور عجلة الزمن لندخل المدرسة سوية اكملنا المرحلة الابتدائية لأحرم بعدها رغم تفوقي ورغبتي فيها بسبب التقاليد المتعارف عليها وليبقى وليد مستمر. اكمل وليد دراسته الجامعية ليتأثر بجو المدينة متنكرا لواقعه ولمحبيه ساخرا من حياة الريف الذي اصلب عوده ومن معيشة اهله الذي نشأ بينهم! ونحن صغار كنا نسمع من اوينا اننا مخطوبين لبعض وان فاتحتي قد قرأت وانا في لفة المهد تقاليد ليس الا احببته حبا يفوق الخيال فهو طيف احلامي الذي يشدني الى عالم الذكريات. حيث الطفولة اللاهية ويالها من ايام خوالد حبيبات الى النفس وكأنها قبلة الندى لعاشق على شفاه ورود خجلى. اكاد لا اصدق بعده عني فهو بالنسبة لي شلال الحياة المتدفق عطاء ليروى ظمأ الارض ولتختفي فيها شقوق الهجر والبعاد كم سهرت الليل لأبادل سهرها وكأن لألآتها امتدادا لخفقات قلبي المعذب هل نسيتني يا وليد؟ هل نسيت اياما قضيناها ونحن نعدو فرحين لانعرف من الحياة شيئا فأنك اول من احببت واخر من احب بحبك اطاول الزمن امد يدي التي ابردها البعاد لعلك ترحمها لتضمها بين يديك دفئا وحنينا. هل رحمت توسلات عواطفي وندائها اشكيك ضعفي وقلة حيلتي وما اعانيه من الم البعاد هم لاتحمله الجبال لاقدرة لي عليك اذهب حيثما شئت سوف ابقى امينة لذكرك وفية بحبي اليك لاتؤثر في عواطفي مسافات البعد مهما امتدت ومهما اشتدت اعاصير الهجر... انجرف وليد وراء اهواء النفس ورغباتها متأثرا بالمدينة واضوائها البراقة وزخارفها الزائفة من دون الرجوع الى لغة العقل. واحتساب الخطوات والى اين سيصل ؟ تأسيا انه استبدال الدر بأرخص معادن الارض. اعماه الطمع ليتزود من فتاة لم تكن اجمل من حبيبته. سوى انها من عائلة غنية لتجعل منه لعبة شطرنج تحركه كيف شاءت وليصبح هامشا رخيصا في شماعة الذل والهوان. الامر الذي جعله يلوم نفسه ويندب حظه.ليستعرض الذكريات مرارة فكيف الحل؟ الطريق مسدود امامه ولا امل في نيل حريته من جديد ليكون اسيرا لقيد الزمن..المه التفكير كثيرا ليعيش بين نارين نار علاقته بزوجته التي لاتقيم له وزنا ونار الحنين لأهله ولحبيبته ليدخل في صراعات مع النفس لايستطيع البوح بها ليكمنها نارا متأججة بين الضلوع. الامر الذي جعله يلازم الفراش ليكون سببا في تركه عمله وليجعل زوجته تعيش حالة من اليأس المطبق في شفائه لتتنازل من كل شيء طالبة الطلاق. ليعود الى اهله هزيلا بسبب المرض ذليلا بسبب تمرده على واقعه خجلا مما عاناه لتستقبله ابنة خاله "امل" بأبتسامة وجهها المشرق ورحابة صدرها المعهودة ولتسدل الستار على الماضي المؤلم بروح التسامح والتفائل مراعية فيه الآم الزمن ومعالجة جروح الذل التي عاشها مع اضواء المدينة التي اخذته زمنا لتعيد في نفسه الامل بالمستقبل والثقة بالنفس. ومع مرور الايام والرعاية المخلصة تماثل للشفاء لتأخذه امل التي ادخلت في نفسه الامل الى محطة الذكريات حيث ترعة الطفولة لتحسب امواجها المتراقصة لتمتلىء عيناه دمعا يسيل على خديهندما وحزنا خجلا من ان ينظر الى عينيها الجميلتين فتأخذ بيده وتشد عليها لتقوي عزيمته. مبينة له ان كل واحد منا معرض للخطأ ليتعلم وليسير في المسار الصحيح وتأكد مهما حصل لايؤثر فينا فأرتباطنا روحي وحبنا لايموت لذا علينا ان لا نتأثر بالمظاهر السطحية وان نحسب خطواتنا خطوة خطوة كي لانقع في هوة الندم السحيق اتمنى ان تعجبكم |