حديث ومعناة
معنى حديث " من غسل واغتسل وبكر وابتكر "
ar
Share |
السؤال:
السﻼم عليكم ورحمة الله وبركاته أنا سمعت أحد الشيوخ يقول : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن للماشي إلى الجمعة بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها ، وذكر قول رسول الله : ( من غسل واغتسل ، ومن بكر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من اﻹمام ، كان له بكل خطوة أجر سنة صيامها و قيامها ) أنا سؤالي لم أفهم بكر وابتكر يعني يذهب إلى المسجد قبل أن تبدأ الخطبة ؟ أو ماذا ؟ وهل ممكن تشرح لي كملة بكر وابتكر و دنى من اﻹمام ؟
الجواب :
الحمد لله
الحديث المشار إليه رواه الترمذي (456) وغيره عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا ) وصححه الشيخ اﻷلباني رحمه الله في صحيح الترمذي .
ومعنى الحديث :
قال النووي رحمه الله : في قوله - صلى الله عليه وسلم – ( غسل واغتسل ) : " روي غَسَلَ بتخفيف السين , وَغَسَّلَ بتشديدها, روايتان مشهورتان; واﻷرجح عند المحققين بالتخفيف..
, فعلى رواية التخفيف في معناه هذه اﻷوجه الثﻼثة:"
أحدها: الجماع قاله اﻷزهري ; قال ويقال: غسل امرأته إذا جامعها.
والثاني: غسل رأسه وثيابه.
والثالث: توضأ .., والمختار ما اختاره البيهقي وغيره من المحققين أنه بالتخفيف وأن معناه غسل رأسه , ويؤيده رواية ﻷبي داود في هذا الحديث من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل . وروى أبو داود في سننه والبيهقي هذا التفسير عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز .
قال البيهقي: وهو بين في رواية أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أفرد الرأس بالذكر; ﻷنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما وكانوا يغسلونه أوﻻً ثم يغتسلون .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - "وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ":
فاختلف أهل العلم في معناه على أقوال:
فقيل: أي: راح في الساعة اﻷولى و" ابتكر ": أدرك باكورة الخطبة، وهي أولها.
وقيل: "بكر" أي : تصدق قبل خروجه، وتأول فيه الحديث " باكروا بالصدقة فإن البﻼء ﻻ يتخطاها " .
وقيل : معناهما واحد كرره للتأكيد والمبالغة ، وليس المخالفة بين اللفظين ﻻختﻼف المعنيين ..
قال المبارك فوري رحمه الله : " والراجح ـ كما صرح به العراقي ، أن "بكر" بمعنى راح في أول الوقت ، "وابتكر" بمعنى أدرك أول الخطبة " انتهى من "مرعاة المفاتيح " (4/472) .
ويؤيده ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ) رواه البخاري(832) ومسلم (1403) .
قال الحافظ رحمه الله : " قَوْلُهُ : ( ثُمَّ رَاحَ ) زَادَ أَصْحَاب الْمُوَطَّأ عَنْ مَالِك " فِي السَّاعَة الْأُولَى " انتهى من "فتح الباري"
وقال النووي رحمه الله: " الْمُرَاد بِــ "الرَّوَاحِ": الذَّهَاب أَوَّل النَّهَار " انتهى من "شرح مسلم"
وينظر " معالم السنن " للخطابي (1/108) و " شرح السنة " (4/237) و " شرح المهذب " (4/416) وشرح " أبي داود للعيني " (2/167) .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " ومشى ولم يركب " :
قال النووي رحمه الله : " حكى الخطابي عن اﻷثرم أنه للتأكيد , وأنهما بمعنى .
والمختار أنه احتراز من شيئين :
أحدهما: نفي توهم حمل المشي على المضي والذهاب , وإن كان راكباً .
والثاني: نفي الركوب بالكلية ; ﻷنه لو اقتصر على " مشى " ﻻحتمل أن المراد وجود شيء من المشي ولو في بعض الطريق , فنفى ذلك اﻻحتمال , وبين أن المراد مشى جميع الطريق , ولم يركب في شيء منها .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " ودنا واستمع " فهما شيئان مختلفان ، وقد يستمع وﻻ يدنو من الخطبة , وقد يدنو وﻻ يستمع فندب إليهما جميعاً " . انتهى من "شرح المهذب" (4/416)
وقال المبارك فوري رحمه الله : " وفيه أنه ﻻ بد من اﻷمرين جميعاً ، فلو استمع وهو بعيد ، أو قرب ولم يستمع ، لم يحصل له هذا اﻷجر " انتهى من مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/472)
وقوله صلى الله عليه وسلم " ولم يلغ " معناه ولم يتكلم ; ﻷن الكﻼم حال الخطبة لغو, قال اﻷزهري : " معناه استمع الخطبة ولم يشتغل بغيرها ". ينظر " شرح المهذب " ( 4/416) .
وقال العيني رحمه الله: " واللغو قد يكون بغير الكﻼم كمس الحصى وتقليبه بحيث يشغل سمعه وفكره وفي بعض اﻷحاديث : ( ومن مس الحصى فقد لغا ) " انتهى من " عمدة القاري شرح صحيح البخاري "(10/26) .
والله أعلم
|