رد: مسابقه أفضل قصة .. بعنوان / في ذمة الذكرى . في ليلة باردة يرقد القمر على أكتافها تمهيداً لإغفاءته الشهرية ابتلع الظلام معالم المكان إلى أن غص في ضوء شمعة مسافر في وحشة الليل ليكشف عن وجه عاشقين تسمرا فوق كرسييهما كالدمى تجثم بينهما طاولة خشبية تحمل الشمعة وبضع ورقات وقلم... جمود كل مايحيط بتلك الليلة وتفاصيلها البائسة..هي تصب نظراتها على الشمعة كما لو كانت في تحدٍ معها... وهو شاخص العينين صوبها لا يكاد يرفرف بعصفور عينيه عنها ،، كانت نظراته أشبه بأشعة ليزرية تتعدى الجسد لتخترقه وصولاً إلى الروح في حالة أشبة بمطابقة البصمات.. ليس بصمات اليد بل بصمات تلك الروح الماثلة امامه ببصمة روحه هو .. بقي على هذه الحال سابح بتأملاته شغوف بعمله إلى أن امتدت يد هوينا للورقة ودونت شي مااااا وهبت واقفة .. قلبت الورقة امامه سارت بتثاقل ونظراته لاتزال ترافقها إلى أن ذاب جسدها في الظلام وسط المنزل .. تنهد حكيم وقلب الورقة وقرأ ( ... وماذا بعد ) دون ادنى تردد كتب (احبك ) وعاد للغرق في سلسلة تأملاته الروحية .. مضى مامضى من الوقت فعادت هوينا تحمل فنجان واحد من القهوة كما اعتادا تناولها من ذات الفنجان ارتشفت منه القليل ووضعته في المنتصف وقلبت الورقة.. قرأت (... احبك) لحظة صمت ...دونت ( أيضا وماذا بعد) لم تكد تكمل ما كتبته حتى اختطف حكيم الورقة بحركة سريعة ورماها بعيدا وهب : ماذا بعد احبك واحبك واحبك اسمي احبك وعملي احبك وعمري حبك وهوايتي هي حبك وانا بأكملي حبك ما انا لو لم احبك ... عما تبحثين غير الحب .. لا شي أجمل منه دعينا نكتفي بما ما يحدث بيننا هذا الشيء الذي لن يتكرر لن يتكرر ابداً .. احبك احبك ألا تشعرين بجحيم دمائي ... كان صوته تيار اجتاحها وكاد يقتلعها لو لم تتصدى له بهدوء وانا ايضاً (احبك احبك احبك) كان صوتها هامساً بما يكفي للإيقاع برجل يعشقها .. ركض صوبها بشغف قبلها من جبينها.. رقبتها...يديها.. وأطاح بجسده على الأرض إلى جانبها وهو يخبئ رأسه في احضانها كالهارب من النار إلى أقصى الجنة أما هي فبقيت كالدمية لا يتحرك منها سوى ماينفخه في روحها من قبلات فتتهاوى من قمم صمودها بالتنهيد ... عادا للصمت مجدداً وكاد حكيم أن يغفو لو لا ما اجتاح قلبه من قلق لما يرى هوينا عليه .. رفع رأسه لها رأى ذلك الذبول همس بحرقه: (ماذا تنوين ).. صمت..( لا لا ارجوكِ .. كوني اقل جنوناً هذه المرة .. ارجوكِ .. لن احتمل طيشك ثانية .. لن اسامحك ).. ابتسمت بألم : (لم اقل شي ).. هو : ( عيناك قالت الكثير )..( إذن لنفترق) ! ( اجننتي تقولينها ببساطه نفترق .. هكذا نفترق كما لو لم نكن ذات يوم .. أنفترق مخيرين ياحبيبتي ..؟! )(بل مجبرين ياحبيبي) .. (لا شي يجبرنا).. (بل هو القدر) ...( القدر ذاته هو ماجعلني أعرفك.. أحبك.. أدمنك) .. (والقدر هو من سيقول كلمته) .. (حسناً إذن امهليه إلى أن يقول كلمته لما تسابقين القدر) ... (لا اهوى الانتظار تحت انياب اليأس) .. (ولا أنا لكن ... ) عادا للصمت من جديد وقد ألتهبت كل ذرات الحب المزروعة تحت جسديهما .. تكلم بعزم .. (عرفيني إلى اهلك .. دعيني أجرب .. خمس سنوات ونصف من الحب وأنتي كالنور آره ولا تلمسه يداي .. اخبريني من انتي دعيني أرى اهلك بيتك جيرانك كوني مره واحده حقيقة في حياتي لا محض خيال !) ( اوااانا محض خيال ) (تكادي أن تكوني وأنتي تودين أن تمري بي مجهولة وتذهبي مجهولة) (اخبرتك الكثير) (لا أود أن اسمع اكثر .. تلك العادات الباليه تلك الوعود الحجرية والحدود الجغرافية ليس انا وأنتي من يخضع لها.. ابتعدنا كثيراً عن عصر التحجر والجواري.. هويناااا ألا تفهمين انا عربي مثلك تماما ماذنبي أن كنت من بلد آخر ألا يكفيهم أني مسلم) ( لا فائدة من هذا الكلام اليوم ...أنت تعلم جيداً أن الأمر يتعدي الحدود الجغرافية وصولاً إلى العقليات ومروراً بالوعود والعادات .. آه حكيم بت آرى مصيري بعيني بت اعرف قدري بقدر ماغرسه أهلي في مسمعي منذ الصغر انتي خلقتي لفلان انتي وفلان حياتك وفلان مماتك وفلان .. تلك ليست قضية وأدافع عنها .. انه قدر..وقدري ياحكيم الذي اخذني إلى حبك هو ذاته الذي يمنعني عنك) ( يااااالك من ضعيفة قليلة الحيلة مستسلمة .. أين اخبئتي هذا الضعف كله أين هي قوتك في الحب .. أين اعتزازك بي أين حبك ) ( ياإلهي كل مره تعيد الكلام ذاته وبنبرتك الحادة ذاتها .. انا أحببتك منذ البداية وأخبرتك بكل شي وتماديت بحبك دون ادنى التفاته مني للواقع لأني أحيك حب الروح للروح وروحي تحلق معك ماحييت مهما ابتعدنا بجسدينا.. ألا تشعر بحرقتي وانا من أنيط به دور الرحيل !! ) ..
تجبر بحبه وكتم غيضه منها وخوفه عليها وأيضا ثقته بها.. وكبت اعصار ألمه ... طال الصمت هذه المرة وتحول كل شي إلى زفرات وبكاء وانين مبطن بالجمود إلى أن استندت هوينا على بقايا عزمها وأحاطت يديه بقبله وسارت إلى الباب وهو يتبعها كالمقيد بها .. وقبل أن تخرج التفت إليه وأطلقت نفسها أقصى صدره كالرصاصة وأجهشت... وراح هو يوزع على شفتيها غله وحبه وتخوفه ويطبق ذراعيه عليها كالبركان يلتهمها بنيرانه .. إلى أن انتزعت نفسها منه وهربت مودعه خلفها رجل لا تعلم أين يأخذها القدر وإياه ..
وصلت هوينا إلى غرفتها المستأجرة في احد البيوت التي كانت تسكنها وبقية زميلاتها في الجامعة وعلى خفية من أعين الجميع اختبأت في سريرها تصارع سيناريو ليلة مذنبة فاجرة في حق الحب .. وعلى الطرف الآخر كان حكيم قد افتقد روح هوينا وجسدها .. وشعر بوحدة موحشة أخذ يشعل سجائره الواحدة تلو الأخرى وهو في شبه تحدي مع نفسه بأنها سوف تتصل به قبل الفجر تمسح عنه مانفثته في جسد حبه من ألم .. مر الوقت وشيئاً فشيء بدا الأمل يتلاشى لأنه يعرف جيداً أنها لاتتأخر لكن إن تأخرت لاتأتي ابدآ .. ومع طلوع الفجر وهو يقود نفسه إلى النوم بحبال اليأس تمتم (احبك هوينا أيها المتمردة حتى على القدر ... احبك بجنونك ولن اصدق ابدآ أنك تستطيعين العيش بعيداً عن قوقعة جنوني بكِ ).. وراح في نوم الشبه مستيقظ ..
مع ساعات الصبح الأولى كانت هوينا شبه نائمة إلى أن تسللت الشمس إلى عينيها وأطبق على عنق إرادتها العزم الشبه مؤكد بالسفر .. السفر بعد أن أنهت دراسة الجامعية وانتهى كل مايربطها بتلك المدينة سوى شي واحد كان بمثابة المدينة بأكملها ( حكيم .. حكيم ذاك الشاب العربي الذي لا يربطه بهذه البلد سوى هوينا التي اتخذ في عينيها وطن له )
وصلت هوينا إلى قريتها الصغيرة يرافقها غروب كئيب للشمس وحمرة بائسة تنبأ بالنهايات الموجعة لكل شيء مشرق.. كانت تحمل بيد شهادتها وباليد الآخرى كيوبيد حب وتذكارات عديدة .. تعلم جيداً أنها مقدمه على تحطيمها ...
ي ت ب ع |