عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 07-03-2007, 10:20 PM
 
رد: مسابقه أفضل قصة


يوسف والذئب
لم أكن قبل ذلك اليوم أؤمن بالصدفة ولابتلك المقولة التي طالما رددتها أختي فرح على
مسمعي مرارا بأن لكل أمرئ من اسمه نصيب وكنت في قرارة نفسي أقول لو صح ماتزعمه أختي فرح لما كانت بهذه التعاسة ولأنقذها ما لها من نصيب من اسمها .ولكن يبدوا أن ذلك اليوم كان كفيل بتغيير أشياء عديد ة في ذهني .يوم غريب أطل برأسه بكل ملل وبلكاد كان يخلع معطفه الأسود الليلي المطرز بأسرار صبايا نسجن أحلامهن وطموحهن بنجوم الليل المتناثرة على أمل أن يجدنها في الصباح تزين فضاء الواقع إلا أن النجوم في ضوء النهار ما تلبث أن تختفي لتتحطم كل تلك القصور الشامخة في ظل مجتمع ذكوري لا يرحم .
كان يتوجب علي ذلك اليوم بناء على إلحاح من صديقاتي أن أحضر إفتتاح معرض الفنانة مريم التي طالما أحبتها أختي فرح وكانت تقنعني بأن لوحاتها الفنية جز لا يتجزأمن أسمها كطهارة مريم العذراء. ما كان يجذبني بمريم نضالها المستميت لتصل إلى ما وصلت إليه على الرغم من كونها أنثى في مجتمع ذكوري.
ومراعاة للمناسبة كان يتوجب علي أن اذهب للصالون لأضع على وجهي قناع كحال الكثيرين ممن حولي ممن أرتدوا أقنعة كلا بما يناسب غرضه فما دامت الغاية تبرر الوسيلة فما المانع من ذلك . كانت رنات العم محمد المتعالية تستحثني على الاستعجال بعد أن قطعت حبل أفكاري مددت يدي إلى فستاني الأحمر لا اعلم لماذا لعله نذير بيوم ساخن الاحداث. حقيبتي القابعة الحاملة لأغراضي دون احتجاج هي من سيرافقني هذا اليوم
لازال العم محمد يواصل عزف رناته لإستعجالي من المؤكد أن لديه مشكلة ما لعلي أفهم منه الموضوع هذا ما قررت أن افعله وأنا اقفز السلم مسرعة بدل من أن أمشيه
-صباح الخير عم محمد أنا في الطريق لم كل هذا الاستعجال
-حاولي أن تستعجلي يابنتي اتصل المستشفى لابد أن زوجتي في حاله خطره
هذه الكلمات كان يرافقها تشنجات على وجه الرجل الفقير لمحتها وهو يطل من زجاج السيارة قبل أن يخترق بنا الطرقات بسرعة نفاثة اندمجت فيها المعالم الخارجية للشارع
مسكين العم محمد لم يرحمه الفقر ولم يرحم أبنائه الصغار وزوجته التي ناضلت لتعيش صغارها وكان نهاية عملها كخادمة منازل امراض التهمت جسدها لتهددها بترك أيتام ورائها لأب فقير مسن .وقبل أن تحملني خطواتي داخل الصالون علمت بأن رفيقتي اليدوية قد خذلتني في المجيء معي إلى الصالون لترافق العم محمد في رحلته إلى المستشفى ربما كان يجدر بي أن أطلق عليها لقب أرقى من حقيبة فهي بالرغم من كونها جماد إلا أنها شعرت بمعاناة العم محمد وشاركت رحلته بينما الكثير ممن تضخ دمائهم لا يشعرون ببعضهم البعض .
رائحة العطور الفواحة التي التهمت جزء من أجساد هؤلاء الفتيات المنتظرات دورهن في التصفيف كانت تشعرني بأنني ادخل لمكان قد طلق المشاكل ثلاثا لاهم له إلا تزيين قاصديه واعطائم مهلة من هموم الحياة الجميع كان مشغول هذه تصبغ شعرها والأخرى تقص وأخريات لايزلن في الانتظار
وكعادة النساء لابد أن تحل الثرثرة ضيفة لتكسر من جمود الانتظار لعلها عاده صحية في بعض الأحوال بادرتني جارتي القابعة في طابور الانتظار بسؤالي
-هل من الممكن أن تعرفيني على نفسك
-بالطبع لا مانع لدي
ولكن يبدوا أنها نسيت أني لم اعرفها على نفسي لتكتفي مني بهذه الكلمتين وتبدءا بسرد قصتها من الواضح انها قصة مثيرة أنستها أني لم أتحدث بعد
-أنا إخلاص مدرسة ابتدائي عرض علي ان ادرس الثانوي إلا انني رفضت أريد ان ارتاح وأعيش حياتي طالما أن تدريس الابتدائي أسهل من سلق البيض
-لكن الابتدائي مرحلة مهمة. في الغرب يسلطون عليها اهتمام كبير قاطعتها بهذه العبارة لتقاطعني بقولها
- ليست هذه المشكلة الوحيدة في التعليم. لدينا سياسة الحشو التعليمي أولى بالحل
(أيقنت وقتها بان الأخت ممن يزيد الطين بله)
لتقطع خلوتنا امرأة مسنة تجاعيد وجهها لا توحي بأن مبتغاها من المجيء هو طلاءه بالمساحيق
-أهلا يا أم يوسف هذا ما استطعت أنا وصديقاتي أن نجمعه لك هذا الشهر كانت تقولها إخلاص وهي تخرج من حقيبتها ظرف لتناوله لام يوسف
-من هذه يا إخلاص (في هذه اللحظة كان فضولي يسبق كلماتي )
-هذه أم يوسف امرأة تبرءا منها الحظ منذ طلقها زوجها والمشاكل تتوالى عليها
-لم طلقها وما المشاكل
-أنجبت طفلها الأول يوسف ولم تستطيع الانجاب غيرة لذلك تزوج عليها زوجها وتوالت المشاكل التي انتهت بالطلاق
-يوسف سيغنيها عن معاناتها
لم انهي حديثي حتى تربعت اخلاص في جلستها لإفهامي القصة بوضوح
-المشكلة أن يوسف لم يعيش مع والدته بل مع زوجة أبيه ويقال انه خرج من المنزل عندما كان عمره ست سنوات لسوء معاملة زوجة أبيه له ولم يعد بعدها وهذا ما جعل والدته تهيم على وجهها وتترك عملها للبحث كل يوم عن ابنها وتعيش على الصدقات
كانت إخلاص في كل حرف يغادر شفتيها تعيد لمخيلتي صورة أم يوسف كم من الدمعات مرت على وجنتيها لتخلف ورائها كل هذه التجاعيد وكم من الهموم حملت على ظهرها لتحنيه حتى يخيل لمن رآه انه لم يكن ليرتفع بها يوما عن سؤال الناس كانت صورة أم يوسف في مخيلتي تبددها صورة أختي فرح كنت اسمعها وهي تقول أن لكل امرئ من اسمه نصيب صدى صوتها المتكرر جعلني أيقن أن قصة يوسف علية السلام التي طالما تلوناها في القران أخذت تنسج أحداثها على أم يوسف وابنها يوسف
يوسف الصغير ذو الست سنوات يخرج دون ان يعود .ما الذي جعل طفل صغير يقرر الهروب لابد أنه الذئب القابع المتخبيء برداء زوجة الاب صراع عنيف دب ما بين الأفكار التي تسللت لعقلي لتكون نتيجة الصراع صداع قررت على اثره الانسحاب من الصالون وأصوات آلاته المزعجة لاحظت إخلاص تأثري وحاولت أن تقنعني بالجلوس
-اعتذر منك لا استطيع المكوث أكثر من هذا الوقت
-إذا ليبقى بيننا اتصال وأخرجت هاتفها المحمول لتسجل رقمي
-بإمكانك أن تسجلي رقمي أما انا فقد نسيت حقيبتي بما تحويه في السيارة دعيني اكتب رقمك على يدي لأسجله حال عودة العم محمد بحقيبتي التي التهمت هاتفي المحمول ونسيت أن تحضر معي ودعت إخلاص وقبل أن أغلق باب الصالون خلفي لمحت أم يوسف وهي مستندة إلى جدار الصالون حق لها أن تبحث عن شيء يسندها بعد أن فقدت سندها أغلقت الباب خلفي وتذكرت أنني يتوجب علي انتظار العم محمد الذي انقطع اتصالي به بعد أن خانتني ذاكرتي في أن احضر هاتفي المحمول معي أو حتى أحفظ رقم هاتفه سأسند ظهري إلى هذا الجدار كما فعلت أم يوسف فلعلي لا اجد يوما من يسندني في الحياة طالت لحظات انتظاري لابو محمد وازدادت سيارات الأجرة العارضة خدماتها علي
قررت أن امتطي إحداها بعد أن يئست من مجيء العم محمد لأخذي وما أن تحركت السيارة لأمتار حتى استوقفتنا سيده يبدوا أنها على عجلة من أمرها لذلك لم تمانع من مشاركتي نفس الرحلة طلبت من السائق أن يوصلها للمطار بأسرع وقت دون أن تنتبه بأنني من جاء أولا والمفروض أصل أولا ازداد غيضي من هذا اليوم الممتد وودت أنني لم اخرج من باب المنزل
يبدوا أنني كنت ارمقها بنظرات ناطقة مما جعلها تبدي اعتذارها مني
-أسفه بشأن تأخيرك واخذي لدورك في الوصول لكنني على أحر من الجمر لان أقابل والدتي بعد ان اخذوا مني والدي
-اخذوا والدك ؟؟ من أخذه؟
-والدي كان يعمل بأمريكا ووالدتي رافقته طوال هذه الفترة الماضية إلا انه اعتقل ورحل إلى غوانتانامو
- لابد أن والدك كان على خطاء
-بالعكس والدي إنسان لا علاقة له بشيء سوى عمله لكنه منذ ان كان طفلا والمصاعب تلاحقه
-مثل ماذا ؟؟
-عندما كان والدي صغير وقع ضحية لزوجة أب ظالمه كانت تتفن في تعذيبه حتى قرر الهروب من المنزل
-إلى أين؟؟
-كان صغيرا فقط يريد الهروب من براثنها
نظرت إلى ساعتها بعد اختنق الشارع بالزحام وتوقف بنا السير أما أنا بعد ان جزمت ان لا نصيب لي في حضور حفلة مريم تابعت سرد اسألتي عليها حتى لانشعر بطول الانتظار
-كيف تزوج والدتك؟؟لابد انه اكمل دراسته حتى يتاح له فرصة العمل بالخارج؟ كنت اطرح اسألتي وأنا أتوق إلى انتزاع الإجابات من شفتيها قبل ان تصل للمطار وتترك علامات الاستفهام تؤرقني
-وجده جدي ملقى على وجهه في إحدى الحدائق بعد ان أنهكه التعب والعطش حمله بين يديه إلى المنزل اهتم به ورعاه وعندما كبر لم يبخل عليه بان يزوجه ابنته
قاطعتها وقد بدا عليها الملل من اسألتي
-أأسف على كثرة الأسئلة لكننا نتسلى فالسيارات قد أجمعت اليوم على عقد لقاء تعارف بينها وعزفت عن الحراك المهم كيف اكمل تعليمه بدون اسم؟ اقصد هل عرف جدك اسمه ؟هل حاول إعادته إلى أهله ؟ماذا حدث بالضبط؟؟
-جدي يقول بأنه عندما وجد والدي كان يحفظ اسمه واسم والده وعندما بحث عن أهله لم يمانعوا بإبقائه لدى جدي ليربيه. زوجة الأب القاسية حاولت إبعاده ووالده لم يمانع
قالت هذه العبارة وهي تحمل أغراضها وتفتح الباب مدت يدها بورقة كتب عليها اسمها ورقم هاتفها
-هذا رقمي لعلنا نواصل مشوار الصداقة الذي بدأناه اليوم
أخذت الورقة وقد قررت التحنط في هذه السيارة حتى تأمرها عزة نفسها بالحراك لكنني لمحت شيء مريب في هذه الورقة عيناي ماذا حل بها أم ان ما أراه حقيقة كررت قراءتي لاسم الفتاة مرارا حتى أنني طلبت من السائق ان يتهجى الاسم فربما كنت واهمة
-أسراء يوسف الهاشم لكنة السائق الشرق أسيوية زادتني يقينا فكلانا قراء الاسم ذاته مما يؤكد أنها حفيدة أم يوسف
لكن ما الذي يحدث يوسف مرة أخرى القصة ذاتها التي طالما قرأناها لكن الفرق في الزمن والمكان الاسم ذاته يوسف يضيع من والدته كما ضاع يوسف من أبيه ليلتقطه أيضا بعض السيارة فاعل خير يضمه لعائلته ولكن المريب هنا ان الذئب لم يكن خدعة كما فعل إخوة يوسف إنما كان حقيقا بل كان ذئبين بدل من ذئب واحد
ذئب ارتدى قناع أنثى ليحطم في يوسف طفولته ويحرمه من والدته وذئب أخر يقبع يوسف ألان تحت رحمة سوطه بعد أن كسي بالبرتقالي وعزل في قفص تحت لهيب الشمس
إزداد بأفكاري الصراع وخطر على بالي فكرة ان أتحدث مع إخلاص لتخبر أم يوسف بذلك ناولني السائق هاتفه لاكتشف ان العرق الذي اجتاح يدي من حر الانتظار لم يبق لرقم انتصار أثرا سوى لون الحبر الأزرق لم اشعر كيف وصلت إلى سريري كنت في غيبوبة طوال الطريق
ألقيت بجسدي المرهق على السرير لأجد ورقة من أختي تخبرني فيها بأنها ذهبت لمريم بعد أن يئست من عودتي من الصالون أو من أن أرد على الهاتف صور مرت أمامي تلك الليلة لم تتح لعيني أن تهنا بنومها صور مركبة تمر أمامي أرقتني الصدفة التي جمعتني بأم يوسف وابنته ، الأسماء وعلاقتها بالحظ هل كانت أختي فرح على حق فهذا يوسف يأخذ نصيبه من اسمه ليفارق أمه هل اجمعهما لتكتمل القصة ؟هل اخبر أمه بأنني وجدته ؟ لا سأمزق هذا الرقم واترك أم يوسف تعيش على أمل لقاء ابنها بدل من أن تكتشف انه وقع في براثن ذئب آخر. لعله يفلت منه ويلتقيا يوما لم انهي كلماتي إلا بعد أن حولت هذه الورقة إلى أشلاء لا توحي بأنها كانت تحمل رقم , لم تتركني أفكاري ارتاح أعادت إلي صورة إخلاص كلامها عن عملها لم يوحي إلي بأنها مخلصة كأسمها وهل جميع المريمات كطهارة مريم العذراء أسئلة لا تزال تراودني منذ ذلك اليوم
-لابد انك مازلت تدورين في محيط ذلك اليوم قالتها فرح وهي تفتح باب حجرتي وعلى وجهها مزيج من مشاعر تحتاج إلى تفسير
-دعينا من هذا يا فرح لديك شيء تريدين إخباري به هذه واضح من عينيك دفعتها كلماتي هذه نحوي كانت تغدق على نفسها بعطر ملاء أرجاء الحجرة كانت رائحته الناعمة تدل على
خبر سعيد قادم

-في الحقيقة لدي خبرين احدها سعيد والآخر حزين

-أبدائي بالسعيد أو لا لا انتظري إبدائي بالحزين أو أو لا اعلم أبدائي بأي منهما

-سأبداء بالسعيد إذا. تلقيت اتصال يؤكد قبولي كطالبة مبتعثه بإحدى الجامعات الراقية

هنا أيقنت أن الخبر الحزين مساوي لما تقول فرح في المقدار ومعاكس له في الاتجاه
ففرح التي طالما قلنا عنها أنها تعيسة لكونها بالرغم من ارتفاع معدلها لم تأتها بعثة لسنوات
في اليوم الذي تتحقق فيه أمنيتها تخيم على وجهها تعاسة غريبة لابد أن هناك مصيبة في طريقها الينا

-فرح قولي الخبر السيئ و انهي حيرتي

-هل تذكرين عندما تأخر العم محمد عن احظارك لحفلة مريم

(يا لسخرية القدر ذلك اليوم مجددا أيقنت أنها مصيبة )

-نعم اذكر

-وهل تذكرين الزحام الشديد الذي أخبرتني به

أزداد غيضي لأسئلتها التي تعيدني لذلك اليوم دون أن اعرف ما الذي حصل ليهز صوتي المرتفع الممزوج بنبرة عصبية جدران الحجرة


-فرح اذكر كل دقيقة مرت في ذلك اليوم لقد نحتت في ذاكرتي هلا دخلت بالموضوع
-ذلك الزحام الشديد كان سببه حادث مروري توفي فيه العم محمد لابد أن تذهبي لتواسي زوجته
سرت في جسدي رعشة شديدة العم محمد الذي كان في طريقه إلى زوجته وهو على يقين برحيلها يرحل قبلها وكأن أفكاري المتصارعة منذ ذلك اليوم ينقصها أفكار أخرى تتصارع معها
لاحظت فرح تأثري طلبت مني أن اخرج معها لعلي اكسر حدة الصراع المتغلغلة في أفكاري هذه الأفكار المزعجة التي ألحت علي بسؤالي عن اسم زوجة العم محمد وليتني ما سألت

-اسمها مرح قالتها أختي فرح وهي تغلق باب حجرتي وتتركني حبيسة الأفكار

أي مرح هذا الذي يقلدها بوسام أرملة ويتركها فريسة للأمراض والفقر---- لكن ---- ماذا ؟؟؟ مرح؟؟ أنا؟؟؟
أفكاري لمتعاركة أنستني أن اسمي أيضا مرح
فكرة حمقاء أخرى تنظم لحلبة المصارعة القابعة برأسي هل سيكون بحياتي مرح حقيقي؟؟أم أن نهايتي كمرح زوجة العم محمد جذبني الإعصار مره أخرى أدخلني في أفكار دائرية ما أن بدأت حتى نسيت كيف تنتهي
تبا لك يافرح أنت من شوش أفكاري بالأمثال التي رددتها مرارا على مسمعي حتى سيطرت علي