عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 07-05-2007, 04:37 PM
 
رد: مسابقه أفضل قصة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عذراً... فقد إختلط علي الأمر وحسبت أن

التاريخ بالميلادي وهو بالهجري ...

وحقيقة فالوقت ضيق وكنت أود أن اشارك معكم

بقصة جديدة.. ولكن ما باليد حيلة...

واسمحوا لي بالمشاركة بتلك القصة المتواضعة

" الفكرة الشيطانية "


بخطوات متثاقلة … ووجه شاحب…ويد ترتعش في حركة مضطربة…

وعينان زائغتان… تحامل ( أحمد ) علي نفسه وبدا في اجتياز الممر الطويل

المزدحم بالبشر والذين جاءوا من كل حدب وصوب…حتى وصل لضالتة

المنشودة وهي القاعة رقم (69) بالمحكمة..والتي ستشهد بعد قليل نظر القضية

التي أقامها ضد عائلته (الأب والأم والأخ الأكبر)…. وقد أصبحت مثار حديث

كل من علم بتلك القضية..لذلك

فالقاعة كانت تضج بأنواع مختلفة من البشر..وأغلبهم جاء خصيصاً ليشهد

بنفسه أغرب وأعجب قضيه في وقتنا الحالي ...

واستلقي ( أحمد) علي اقرب مقعد أمامه..خائر القوي..يتصبب عرقاً..لا يستطع

ملاحقة أنفاسه اللاهثة من شدة التعب والإعياء...وفوجئ بيد تربت علي كتفه

برفق فاعتدل ليواجه صاحب تلك اليد الحانية ليعرف أنها لمحاميه الخاص

(أحمد):- أهلاً أستاذ ( محمد ) ... أنا لسه واصل حالاً.

(المحامي):- الم اقل لك ألا تتعب نفسك وتجهدها بهذا الشكل..خاصة وأن

الأطباء منعوك من بذل أي مجهود لخطورة حالتك الصحية.. و و ( وبإشارة

من أحمد توقف المحامي عن الكلام ) .

(أحمد) :- أستاذ ( محمد) سبق وأن تكلمنا في ذلك الموضوع كثيراً

بالتليفون..كان لابد وأن أكون موجوداً.. هذا مصيري وهذه حياتي ... وبدأ

الانزعاج بادياً علي قسمات وجهه

فهدأه (المحامي) قليلاً.... ولكن وجد نظره ينصرف بعيداً..فالتفت ليري إلام

ينظر

فوجد عائلة (أحمد) تلج من باب القاعة وهم شاخصون بأبصارهم إلي (أحمد)

ووضح عليهم السهر والأرق..وخاصة والدته التي وضح جلياً انهيار حالتها

النفسية إلي الحضيض..فهاهو فلذة كبدها مريض وفي اشد الحاجة إليها ولا

تستطيع أن تضمه بين يديها كالسابق....

بدأت الأصوات العالية بالقاعة تتخافت رويداً رويداً بمجرد ظهور الحاجب وهو

يحمل ملفات القضايا بين يديه ويضعها علي المنصة...معلناً عن قدوم هيئة

المحكمة بعد قليل.. وبدأ الجميع في اتخاذ أماكنهم ...وخيم الصمت المطبق علي

المكان..

(الحاجب):- محكمة..

ودلف رئيس المحكمة وتبعه باقي الأعضاء ثم كاتب الجلسة..ووقف كل من في

القاعة..حتى جلس القضاة وجلس من ورائهم الحاضرون...

( القاضي):- بسم الله الرحمن الرحيم...فتحت الجلسة.. القضية الأولي

( الحاجب) :- القضية الأولي ..(أحمد.... ضد عاصم....وآخرين )

(المحامي) :- حاضر عن المدعي بالحق المدني .. وأطلب من سيادتكم التكرم

بجعل المحاكمة سرية... حرصاً علي العلاقات الأسرية التي تربط طرفي

القضية..(صوت من آخر القاعة معترضاً علي كلام المحامي)لا سيدي

القاضي..بل علنية

( القاضي):- من أنت...وهل أذنت لك بالكلام..

(أحمد):- أنا أحمد عاصم (المدعي ) في تلك القضية..وأرغب في استمرار نظ

ر القضية هنا وأمام الجميع..فلا يوجد ما أخفيه..وهي ليست قضية نسب أو

ميراث حتى نجعلها سرية..

(القاضي) :- لك هذا..نستمر في نظر القضية علي ما هي عليه.. أين المدعي

عليهم؟

(العائلة):- حاضرين سيدي القاضي جميعاً .

(القاضي) :- هل معكم محام للدفاع عنكم .

(العائلة):- ( ويتكلم عنهم الوالد / عاصم ):- لا يوجد ولسنا بحاجه إليه..فنحن

موافقون علي جميع طلبات ابني ( المدعي)..وسأدفع له النصف مليون جنيه

التي طلبها وأوفر له المسكن الخاص الذي يتمناه..وأكثر من ذلك لو أراد.

(القاضي):- ما رد (المدعي) علي ذلك ؟

(أحمد):- (وهو يخطو ببطء يكاد يقع من فرط الإعياء)..سيدي القاضي أنا ما

قصدت من تلك القضية ربحاً مادياً ( والله شاهد علي ذلك ومطلع علي ما في

نفسي) واشهد الله أني ما زلت أحب عائلتي تلك...ولكني بشر لا أستطيع أن

أسامح بهذه السهولة..خاصةً إذا كان يتعلق بجريمة كهذه...فأبي وأمي كل شئ

عندي..و(سالم ) أخي الأكبر طبيب مشهور...لم اشعر مطلقاً بأي كره أو عداوة

تجاههم في يوم من الأيام..فلقد عانوا بسببي الكثير والكثير..وتحملوا

مرضي...ولكن ما اكتشفته منذ فتره جعلني عاجز عن التفكير..أنه شئ مهووول

لا يصدق...

(القاضي) :- تفضل واقصص في عجالة ما تريد لكي تتجلي لنا الحقيقة .

(أحمد):- (وهو يسترجع الذاكرة للوراء)..سيدي لقد أصبت بمرض عضال منذ

الصغر...وطاف بي ابواي علي جميع الأطباء والذين أكدوا لي استحالة الشفاء

منه ...يجعلني لا أستطيع التركيز في شئ مطلقاً..وإذا حاولت أصاب بانهيار

كامل

وبما أنني أحب الرسم والكتابة فكنت لا أستطيع الابتعاد عنهما..وحاولت عائلتي

كثيراً أن أتوقف..ولكني كنت أثناء انشغالهم أحاول أن أداعب فرشاتي أو

قلمي..

(وبدا أحمد وكأنه تحول إلي شبح من الإنهاك والتعب..وزادت إرتعاشة يده

بشده)

(أحمد):- لو سمحت لي سيدي القاضي أن أكمل كلامي جالساً..لإحساسي

ببعض الألم

(والعائلة تنظر لابنها في لهفة شديدة....يمنعون الدموع من التساقط..)

(القاضي):- تفضل..وأمر الحاجب بإحضار كرسي له..

(أحمد):- ( بعد أن جلس وتناول رشفة ماء).. وفي ذات يوم..والمرض

يحاصرني بضراوة..وإشفاقاً مني علي أبي وأمي واللذين سهرا معي كثيراً

وأرهقا بشده...تظاهرت بالنوم من شدة التعب...وبالفعل قاما بعيداً عني بعض

الشئ ليتحادثا سوياً بصوت هامس ولكني سمعت الحوار جيداً...فقد توهمت

أنهما يلومان نفسيهما علي إهمال حدث منهما في صغري نتج عنه ما أنا

فيه..ولكنه ( يا للهول) تأنيب ضمير..نعم,, نعم...هو تأنيب ضمير..وإحساس

بذنب شديد اقترفاه في حقي..لم يفصحا عنه حينها...ولكن دموع أمي المنهمرة

زادت من شكوكي في أن هناك سراً عظيما يخفياه عني...

وبعد ذلك بأيام قليلة وأثناء وجودي بمكتبة (أبي) وقعت عيناي علي مذكراته

الشخصية..وكان من الواضح أنها حديثة الكتابة...وكما تعلم سيدي القاضي فكل

إبن يتمني معرفة بعض الأسرار عن أبويه..والتي من غير الممكن معرفتها

بالطرق الطبيعية..ولكن يا لهول ما وقعت عليه عيني..حتى هذه اللحظة لا

اصدق ما قرأت بأم عيني...هل ما زال هناك من بهذه الصورة ويتنكرون في

هيئة البشر؟؟؟؟

( وبدا كل من بالقاعة وكأن علي رؤوسهم الطير...منتظرين المفاجأة الكبرى

التي سيفجرها ذلك الشاب المسكين المريض...وسبب تلك القضية الغريبة)

(القاضي):- ( وكأنه لا يطق صبراً علي توقف احمد عن الاسترسال)..كمل يا

بني كلي آذان صاغية.

(أحمد):- لقد عرفت( وكما جاء بمذكرات أبي) بأن أخي سالم كان مريضاً

بمرض سرطان الدم ( اللوكيميا) والأمل في علاجه يكاد يكون معدوم...أجمع

الأطباء ألا أمل في الشفاء سوي بزرع نخاع شوكي لشخص آخر....وانهار

الأب والأم وطافا بالصغير ( سالم) في كل مكان إلي أن استقرا علي الذهاب

لأميركا لعرض حالة الصغير علي أكبر الأطباء هناك..وكنت أنا قد تمردت

علي بطن أمي وقربت ساعة ولادتي...

واختمرت الفكرة الشيطانية هناك...فكره اقترحها الأب ووافقت عليها الأم

وباركها الشيطان...يحتفظا بالطفلين معاً بدلاً من واحد...والصغير لن يعرف

والأطباء أكدوا علي نجاح عملية زرع النخاع...وبالفعل تمت العملية

بنجاح...ولكن بعد فتره ليست طويلة اكتشفوا ما أصابني جراء لعنة تلك

الفكرة...وأصابني المرض اللعين..وعاش أخي (سالم) وأصبح طبيباً مشهوراً

يشار إليه بالبنان...وأنا كيف أصبحت ( قالها وعلي شفتيه ابتسامة الم..وجاء

صوته وكأنه قادم من قبر سحيق..يتردد في جنبات المحكمة..) نصف

ميت..ونصفي الحي يتعذب في اليوم ألف مره ومره..لقد سرقوا حياتي سيدي

القاضي..عمري..أحلامي..طفولتي..رجولتي...فمن يعيدها لي..من يعيدها..من

يعيدها...( قالها وهو يندفع خارجاً من قاعة المحكمة..مترنحاً...يري الوجوه

من حوله تتراقص وتتمايل...العرق يتصبب منه أنهاراً... وما لبث أن سقط علي

الأرض )..وجري أبوه مهرولاً نحوه وهو يصرخ من شدة اللهفة علي ولده

( احمدددددد)... وتلقفه وحمله بين ذراعيه وهو يصرخ...طبيب

أرجوكم...بسرعة

ونظر إليه أحمد بعين تشبة شمس النهار وهي تغرب عن سطح الأرض بلونها

الأحمر الدموي وهو يقول ( لا داع للطبيب يا أبي... أين أمي ؟؟؟؟؟) وكأن

الأب لم يفهم كلام ابنه وعينية تفيض بالدمع ....وأسرع ( سالم) إليه يمسك

بساعده ويقيس النبض...وتغيرت ملامح وجهه..وانسكبت دموعه حاره علي

وجه وكأنها صنعت لنفسها مجري طبيعي منذ القدم... وهز رأسه لأبيه وأمه

بإشارة أنه لا فائدة من المحاولة..فقد فاضت روح ( أحمد) قبل أن ينطق

القاضي بحكمه... وانخرط الأب في بكاء عميق وهو يحتضن ابنه ويصرخ

ملتاعاً ( أنا القاتل..قتلت ابني...قتلته وأبكي عليها بدموع تماسيح...أنا القاتل

سيدي القاضي....)....وأمه مازالت تقف غير واعية لما يحدث..... تري جسد

ابنها مسجي علي الأرض بين يدي والده... حاولت أن تصرخ ولكن شيئاً ما

منعها من الصراخ...أرادت أن تجري عليه..لم تسعفها قدماها..وكأنها قد

تسمرت في الأرض..... وانهارت قواها دفعة واحده..وكأنها شلالات تتدافع

خلف بعضها...وهي تصرخ صرخة مدوية زلزلت جنبات المحكمة ...

( ولددددددددددددددددددي)...

تمت

فارس