بعدما بثته قبل يومين أعادت قناة الجزيرة القطرية في الساعة " الخامسة " بتوقيت " مكة المكرمة " من صباح اليوم الخميس ، الموافق 10 / ربيع الثاني / 1428ه - 26 / إبريل / 2007م بثَّ فيلم وثائقي مهم شاهده الملايين حول العالم ، وعنوانه : ( في عرين طالبان ) .
وقد كان الفيلم مثيراً حيث كان مُعده صحفي بريطاني شهير خاطر بحياته بين ضجيج السلاح الجوي الغربي وزخات الرصاص التي كانت تدور في مواجهات بين الجهاديين الأفغان والأجانب وبين المحتلين وعملائهم في جبال " أفغانستان " المتميزة بشموخها وعلوها الشاهق وتعقيدات تضاريسها الجغرافية .
عودة طالبان :
وفي مستهل الفيلم بدَا الصحفي تمهيداً قال في مُجمله بأن الطالبان التي انسحبت للجبال قبل خمس سنوات وانتهى سلطانها على البلاد إثر الحرب العاتية التي شنتها أمريكا ضدها بمساعدة الدول الغربية وغيرها تبدو اليوم أكثر قوة وعدة وعتاداً ، وتدل المؤشرات على أنها مرشحة للعودة إلى حكم البلاد من جديد .
وأضاف الصحفي بأن أحد القادة الطالبان في " باكستان " أخبره بأن لديهم الآن [ 12 ] ألف مجاهد لقتال الأمريكيين وحلفائهم في أفغانستان (1) .
الفتى الاستشهادي :
وفي هذا الفيلم التقى الصحفي باستشهادي أفغاني من حركة طالبان له من العمر ( 15 ) عاماً ، وقد بدا هذا الاستشهادي - الذي يلبس حزاماً ناسفاً - هادئاً مبتسماً ووجهه يشع بالنور والسرور ، وكان الصحفي يسأله : هل أنت غير قلق من الاقدام على عمل مخيف كهذا ؟! ، فأجاب مبتسماً : ( بالتأكيد لا ، وأنا أنتظر أوامر القادة للتنفيذ ) ، ثم سأله : وهل عَلِم والداك بهذا ؟! ، فأجاب الفتى : ( نعم ، وهما سَعِيدان بذلك ) ، ثم أضاف : ( لي أخ شقيق أكبر مني وقبل فترة قُتِل شهيداً إن شاء الله ؛ ولي إخوة أصغر مني سِنًّا ، ومع ذلك فوالداي سعيدان بما أقوم به لإيمانهما بأن ذلك من نصرة الإسلام ) ، ثم سأله الصحفي : وما هدفك أنتَ تحديداً من هذه العملية ؟! ، فأجاب الفتى : ( إنني أريد نصرة الإسلام وإخراج الكفار الغزاة من بلاد الإسلام ) ، ثم سأله الصحفي مازحاً : هل ستقتلني ؟! ، فأجاب الفتى : ( لا ، فأنتَ صحفي ، ولكن لو أمرني القادة لتقتلتك بالتأكيد ! ) في إشارة لثقته بقادته وأنهم لا يأمرون بقتل إلا مَن يستحق القتل حيث إن بعض الصحفيين قد يكونون جواسيساً وعملاء .
وكان القائد الطالباني الشهير " الملا داد الله " قد قال في لقاء مع مؤسسة " السحاب " الإعلامية التابعة ل " تنظيم القاعدة " ومع قناة " الجزيرة " القطرية بأن الكفار لديهم سلاح نووي ، والله تعالى فتح على المسلمين من السلاح ما هو موازي لهذا السلاح النووي وهو ( العمليات الإستشهادية ) التي خص الله بها أهل السنة والجماعة حيث قال ما نصه في مقابلة قبل شهر ونصف مع " قناة الجزيرة " حينما سأله " أحمد زيدان : " هل حصلتم على أسلحة جديدة " فأجاب الملا داد الله : ( نعم والحمد لله ، فنحن لسنا طالبان التي كانت قبل خمس سنوات ، لدينا طرق عدة في الحصول على السلاح ، وإذا كانت الدول تمتنع عن تصديره لنا فإننا نخترعه بأنفسنا ! ؛ على سبيل المثال : نحن اخترعنا القنبلة النووية للمسلمين من الاستشهاديين وهي قنبلة قضت على القنابل النووية التي لدى الكفار ، ولو استخدم الكفار جميع صواريخ الكروز والقنابل النووية التي بحوزتهم فإنهم لن يصدوا الاستشهاديين ! ، اخترعنا أشياء أخرى لا تقل أهمية ولم يحن الوقت بعد للإفصاح عنها ) (2) .
لقاء مع قائد من " الحزب الإسلامي " :
وفي هذا الفيلم الوثائقي النادر التقى الصحفي بقائد كبير من " الحزب الاسلامي " الذي يقوده الزعيم المعروف " حكمتيار " فسأله : هل بينكم عرب ؟! ، فأجاب ب ( نعم ) ، وسأله : إذاً بينكم وبين تنظيم القاعدة تحالف ؟! ، فأجاب ب ( نعم ) وأن التعاون مشترك بين طالبان والقاعدة والحزب الاسلامي في جهاد الاحتلال الأمريكي وأعوانه من أعداء الإسلام .
وسأله : إذاً هذا جهاد عالمي ؟! ، فأجاب القائد - الذي يُحيط به عدد كبير من المسلحين الجهاديين - : ( إنه بالتأكيد جهاد عالمي ، ونحن نرحب بأي مسلم يأتي من خارج أفغانستان ليساعدنا في الجهاد ضد أعداء الإسلام ) .
فسأله الصحفي : لقد أعلنت بريطانيا قبل فترة بأن هناك عشر طائرات بريطانية كاد أن يُلغمها تابعون ل " تنظيم القاعدة " ليتم تفجيرها هناك في بريطانيا انتقاماً للاحتلال البريطاني في أفغانستان والعراق ، فما رأيكم ؟! ، فأجاب القائد : ( نحن مع أي عملية جهادية في العالَم ضد الأعداء ) .
ثم سأله : هل معسكراتكم في أفغانستان فقط أم أن ما يُذكر كثيراً بأن لكم معسكرات في باكستان صحيح ؟! ، فأجاب القائد : ( نعم بالتأكيد لنا أيضاً معسكرات في باكستان ) .
قائد أفغاني : " نريد حكماً إسلامياً " :
وعلى أحد ضِفاف الشِّعاب الجبلية التقى الصحفي بقائد أفغاني يبدو في الستين من عُمُره ويحف به مع كل جانب عدد كبير من الجهاديين المسلحين بالرشاشات والآر بي جي ، فسأله الصحفي : لماذا أنتم في هذه الجبال تقاتلون الأمريكيين وحلفاءهم ؟! ، فأجاب القائد : ( إننا نريد حكماً إسلامياً ، إننا نريد أن يحكم شرع الله البلاد والعباد ) .
وفي معسكر خاص للطالبان قال قائد من قادة الطالبان الميدانيين : ( إن الناس هنا فقدوا الثقة بحكومة « كرزاي » المدعومة من الأمريكان ، ولهذا فهم يأتون إلينا لحل مشاكلهم ) .
وفي هذا المعسكر بدَا أحد الجهاديين الأفغان وبجانبه عدد كبير من أصحابه وفي يده " ساطور " فسأله الصحفي مازحاً : هل تريد أن تقتلني ؟! ، فأجاب : ( لا ، ولكني سأقتل به الأمريكيين ) .
عسكري أفغاني :
وفي أحد المناطق التي تسيطر عليها طالبان تجمع حول الصحفي في أحد الأسواق بعض الأفغان ، وكان من بينهم عسكري أفغاني تابع لحكومة " كرزاي " ، وكان مما قاله للصحفي حيث بدا بلباس مدني : ( إنني ألبس لباسي المدني خشية من أن تطالني يدُ الطالبان حيث لو ظهرت بالباس العسكري لعلموا أنني تابع لحكومة « كرزاي » وبالتأكيد سيقتلونني ) .
وقال أفغان يسكون مناطق تسيطر عليها طالبان : ( ما إن أحكم طالبان سيطرتهم على هذه المناطق حتى بدت الحال كما ترى في الأسواق حيث النساء محجبات ولا مكان لبيع أدوات اللهو ) .
ثم قال الصحفي : ( لقد علمت من جنود طالبان أن قيادتهم أصدرت تعليماتها الصارمة لجميع أفرادها بالتحرز جداً بانتقاء أماكن العمليات لتفادي سقوط المدنيين ؛ وأن لا تأخذهم بجنود « كرزاي » والمحتلين رأفة ورحمة ) .
جنود بريطانيون : " نحن في حيرة ! " :
وفي لقاء مع جنود بريطانيين مدججين بالسلاح قال بعضهم للصحفي وهم يسيرون في أحد الأسواق الأفغانية : ( إننا لا ندري أين طالبان من هؤلاء الناس ، فطالبان لا تتميز بلباس معين بل هم يبدون كالمدنيين ، إننا في حيرة ولا ندري مَن هم من بين هؤلاء المدنيين ولا ما سيحصل لنا ؟! ) .
جنود أمريكيون : " أفغانستان أشد من العراق ! " :
وفي قاعدة أمريكية تحفها الجبال الشاهقة من كل مكان التقى الصحفي بجنود أمريكيين .
وما إن دخَل الصحفي البريطاني هذه القاعدة حتى حصل عليها هجوم مباغت وبدأت النيران الأفغانية تنهمر على القاعدة كالمطر من كل مكان ، فأسرع الأمريكيون باللجوء إلى ثكناتهم في المعسكر وبدؤوا بمواجهة مصادر النيران بالمدافع والأسلحة الرشاشة .
وظهَر في الفيلم بعض الجنود الأمريكيين في هذه القاعدة وهم يغطون في نوم عميق ، فأضاف أحد الجنود : ( إننا مُرهقون ، وإنني بحاجة للنوم ) - في إشارة إلى التعب الكبير الذي يعتريهم من كثرة مواجهتهم للجهاديين الأفغان والأجانب بشكل لا يكاد يتوقف ! - .
ورغم ضراوة العمليات الجهادية التي تملأ بلاد الرافدين " العراق " إلا أن قائد هذه القاعدة الأمريكية قال للصحفي : ( بيننا في هذا المعسكر جنود أمريكيون كانوا في العراق قبل فترة إلا أنهم يقولون بأن أفغانستان أشد عليهم من العراق ، ففي العراق تستطيع رؤية العدو ولكن في أفغانستان لا تدري من أين تأتيك النيران من بين هذه الجبال الشاهقة ، إنها ساحة حرب مخيفة ! ) .
وأضاف القائد قائلاً : ( سأقول لك الحقيقة ! .. إننا نبدو في أفغانستان كعَالِقِين في عُنق الزجاجة ! ) .
وأردف القائد الأمريكي قائلاً : ( إن الشعب الأمريكي مشغول بحرب العراق وكأنه لا جبهة هناك سواها ، بينما لا يعلم حقيقة ما يدور في أفغانستان من مواجهات شرسة وحرب حقيقية ) في إشارة للتعتيم الإعلامي المضروب على أفغانستان أكثر منه على العراق .
" تنظيم القاعدة محظوظ ! " :
وفي نهاية الفيلم أضاف الصحفي مشيراً إلى ساحة جبلية كبيرة في عمق البلاد قائلاً : ( إن " القاعدة " منتشرة في هذه الجبال العملاقة ، وهي تخطط بجدية للعمل الإرهابي التالي ! ) في إشارة لعملية موازية لعمليات 11 سبتمبر 2001م التاريخية الشهيرة .
وأضاف الصحفي : ( إن " تنظيم القاعدة " تبدو محظوظة حين دَخلَت أمريكا وبريطانيا في حرب في العراق حيث كان ذلك سبباً رئيساً من تخفيف الضغط عليها في أفغانستان حيث العبء الكبير من القوات الأمريكية والبريطانية يتركز في العراق ) .
وأضاف : ( إنه من الوهم أن نقول " إن « أسامة بن لادن » وأصحابه معزولون في هذه الجبال ! " ) في إشارة إلى ضراوة العمليات التي ما يزال يقوم بها " تنظيم القاعدة " في أفغانستان والعراق والجزائر وغيرها من المناطق الساخنة حول العالم .
وخلص صاحب الفيلم الصحفي البريطاني إلى هذا القول الذي اختتم به فيلمه : ( كانت الحرب على الارهاب مأساةً ، لكن في بعض الأحيان تبدو كمهزلة