المغرمون بمشروبات الكولا الغازية عليهم أن يضعوا في حسبانهم أن سلوك الإكثار من شربها قد يُعرض كليتيهم للخطر، لأن الباحثين من الولايات المتحدة لاحظوا أن تناول أكثر من عبوتين من أحد المشروبات الغازية للكولا، يرفع إلى أكثر من الضعف لاحتمالات الإصابة بأمراض فشل الكلى المزمنة.
وتأتي هذه الدراسة الحديثة كإضافة إلى ذلك الرصيد المتزايد من الدراسات الطبية، التي ما فتئت تُحذر من المخاطر الصحية للإكثار من تناول مشروبات الكولا الغازية، والتي تشمل التسبب بهشاشة بنية العظم وحصاة الكلى وضعف الأسنان، لكن الأهم هو ارتفاع الإصابات بمرض السكري وبالسمنة.
وبعيداً عن الحديث حول المركبات غير المعلومة في مكونات سائل مشروب الكولا، بغض النظر عن اسم الشركة المنتجة، وبغض النظر أيضاً عن الحديث حول حقيقة التركيبة الغامضة، التي تُعدها بعض الشركات المنتجة لمشروبات الكولا الغازية، سراً من الأسرار المودعة في إحدى الخزائن الحديدية، فإن ما هو معلوم من مركبات كيميائية فيها يكفي للتعقل من الإفراط في تناولها، ناهيك عن اتخاذ جانب أكبر من الحيطة حيال الإقبال عليها بالأصل. ولعل إشارات عابرة ومختصرة جداً، لضرورات العرض الصحافي، عن تأثيرات الفوسفور والكافيين والسكر والكاربونات والبنزين فقط، من دون ذكر غيرها، تكفي لإيضاح جوانب من المقصود.
والحقيقة التاريخية التي تفرض على الأطباء الحديث عن مشروبات الكولا الغازية، ليس مردها ذلك الكم المتنامي من الدراسات الطبية التي أُجريت خلال العقود الماضية، والتي تحتاج إلى عرض صحافي كلما أتتنا بما هو جديد فعلاً من تأثيرات تناولها. وليس أيضاً هو الأقوال المتعاقبة للهيئات الطبية العالمية في إجاباتها عن استفسارات عامة الناس عما يُثار من تساؤلات صحية حول عواقب الإفراط في تناولها أو حتى مجرد ذلك، بل هو ما يغيب عن الكثيرين من أن أصل مشروبات الكولا الغازية، إنما هو عقاقير صيدلانية اخترعها صيادلة معروفون، وليس غيرهم من ذوي التخصصات الأخرى أو الهواة. وأصل تسمية أشهر نوعين منها في العالم، إنما هو مُشتق مما كان يقصد مخترعيهما دلالة عموم المستهلكين على تلك التأثيرات الطبية العلاجية لهما، التي تم إنتاجها لمعالجتهما!.
* الكولا وفشل الكلى ووفق ما قالته الدكتورة دالي ساندلار، وزملاؤها، من المؤسسة القومية لعلوم الصحة البيئية في كارولينا الشمالية، في دراستهم المنشورة بعدد يوليو (تموز) من مجلة "علم الأوبئة"، فإن ارتفاع احتمالات الخطورة هذا لم يُلاحظ عند تناول مشروبات غازية أخرى. وأضافت بأن دراستها تُشير إلى وجود شيء ما في مشروبات الكولا الغازية، من دون بقية أنواع المشروبات الغازية، له ارتباط وثيق برفع مخاطر الإصابة بالفشل الكلوي المزمن، وبأنها لا تعتقد أن السبب في ذلك وجود مادة الكافيين ولا وجود السكريات، بل عناصر أخرى غيرهما.
وقالت بأن ذلك هو بسبب مركب حمض الفوسفور phosphoric acid ، الذي يُكسب مشروبات الكولا الغازية تلك النكهة والطعم المميز، والذي يُضاف بالأصل إلى المشروبات تلك كمادة تعمل على حفظ مكوناتها، بخلاف المشروبات الغازية الأخرى التي يُستخدم فيها حمض الستريك citric acid لتلك الغاية.
وأكدت أن تعرض الجسم لكميات عالية من حمض الفوسفور، مرتبط برفع احتمالات تلف أنسجة الكلى وفشلها عن أداء وظائفها في تصفية الدم وغير ذلك من الوظائف العديدة الأخرى، إضافة إلى تسببه في رفع احتمالات تكوين حصاة الكلى. والمعلوم أن مرضى الفشل الكلوي المزمن يُنصحون عادة من قِبل الأطباء، بتحاشي تناول مشروبات الكولا الغازية، كذلك الابتعاد عن تناول الأطعمة عالية المحتوى من حمض الفوسفور والفوسفور نفسه، مثل اللحوم.
وقامت الباحثة وفريقها بمتابعة حوالي 500 شخص تم تشخيص إصابتهم حديثاً بأمراض الكلى، وقارنوا جوانب شتى في ما بينهم وبين حوالي 500 شخص آخر من الأصحاء، المماثلين لهم في العمر والجنس والعرق الذين ليس لديهم أي اضطرابات في وظائف الكلى.
ولاحظ الباحثون من نتائج دراستهم أن الأشخاص الذين يتناولون يومياً عبوتين أو أكثر من أحد مشروبات الكولا الغازية، هم عُرضة بنسبة تتراوح ما بين الضعفين إلى ثلاثة أضعاف للإصابة بالفشل الكلوي المزمن. كما لاحظوا أن لا فرق على الإطلاق في احتمالات هذه الخطورة بين من يتناولون مشروبات كولا غازية محلاة بالسكر العادي، وبين من يتناولون أنواع ال "دايت" منها الخالية من السكر. كما لفت نظرهم أن الخطورة تلك لم تكن موجودة عند من يتناولون عبوتين أو أكثر يومياً من المشروبات الغازية الأخرى، أي غير الكولا.
* هشاشة العظم
* وثمة إشارات وملاحظات طبية، تربط بشكل وثيق بين حمض الفوسفور، وبين تدني كثافة البنية المعدنية الصحية السليمة للعظم في الجسم. وأحد التعليلات العلمية المتعددة لجوانب إضرار حمض الفوسفور ببنية العظم، هي عمله على الالتصاق بكل من الكالسيوم والمغنسيوم الموجودين في القناة الهضمية مع ما نتناوله من أطعمة، ومنع خلايا الأمعاء من امتصاص أي منهما، وبالتالي حرمان أجسامنا من الاستفادة من أعضاء عدة في الجسم، كالقلب والعظم وغيرهما، في أمس الحاجة إليهما.
وكان الباحثون من جامعة تفتس في بوسطن ومركز أبحاث التغذية البشرية للمتقدمين في العمر، التابع لوزارة الزراعة الأميركية، قد أكدوا في دراستهم المنشورة بعدد أكتوبر (تشرين الأول) عام 2006، من "المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية"، بأن تناول مشروبات الكولا الغازية وثيق الصلة بانخفاض مقدار كثافة معادن العظم لدى النساء المتقدمات في العمر. ووفق نتائج دراستهم المسماة بدراسة فرامنغهام لهشاشة العظم، فإن هذا الضرر على بنية تركيب مكونات معادن العظم لم يُلاحظ عند تناول أنواع أخرى من المشروبات الغازية. أي غير مشروبات الكولا الغازية.
وقال الباحثون آنذاك في مقدمة عرضهم لدراستهم، بأن الدراسات الطبية السابقة أعطت نتائج متضاربة في حقيقة تأثيرات تناول المشروبات غير الكحولية عموماً على بنية تركيب العظم. وأن مشروبات الكولا الغازية تحتوي كلاً من حمض الفوسفور والكافيين، اللذين لهما تأثير سلبي معروف في العظم. وتابعوا في دراستهم، لمدة خمسة أعوام، أكثر من 2500 رجل وامرأة من ناحية مكونات وجباتهم الغذائية، ومن ناحية نتائج فحوص كثافة معادن العظم bone mineral density (BMD) في فقرات الظهر وثلاثة مواضع من عظم الورك. وتم المقارنة بين جملة من العناصر التي شملت الوزن والطول والعمر والنشاط البدني والتدخين وتناول المشروبات الكحولية وتناول الكافيين من غير مشروبات الكولا الغازية وكمية تناول الكالسيوم من الغذاء والهورمونات الأنثوية، وغيرها من المؤشرات.
وتبين من النتائج أن تناول مشروبات الكولا الغازية سبب مباشر في انخفاض كثافة معادن العظم في عدة نقاط من عظم الورك بالذات، وليس عظم فقرات الظهر، لدى النساء على وجه الخصوص وليس الرجال. وأن النساء اللواتي يتناولن عبوة واحدة من مشروبات الكولا الغازية يومياً، كانت كثافة معادن العظم أقل بمقدار الثلث عمن يتناولن أقل من عبوة واحدة يومياً منها. وأن نسبة تناول الكالسيوم إلى تناول الفوسفور كانت منخفضة بين من يتناولن مشروبات الكولا الغازية مقارنة بمن لا يتناولنها. كما لوحظ أن لا فرق تقريباً بين مشروبات الكولا المعززة بالكافيين، ونفس الأنواع منها الخالية من الكافيين. كذلك لا فرق بين أنواع الدايت، والأنواع المُحلاة بالسكر العادي.
ولعل من المضحك، تلك الدراسة الطبية التي تبنت دعمها مادياً إحدى شركات إنتاج مشروبات الكولا الغازية لإثبات عدم تسبب حمض الفوسفور في أي أضرار صحية، كذر للرماد على العيون، التي توجهت نحو دراسة تأثير تناول مادة الفوسفور في الصحة، وتغافلت تماماً عن حمض الفوسفور كمركب مستقل. ومعلوم بداهة الفروق الجوهرية بين الفوسفور وحمض الفوسفور.
* أحماض الكولا وحمض الفوسفور Phosphoric acid، أحد الأحماض المعدنية غير العضوية. واستخداماته الصناعية عديدة جداً، لعل من أبرزها الاستخدام المباشر في إزالة صدأ الحديد. وله خصائص حارقة، للجلد والعينين، ما يتطلب العناية والحذر أثناء استخدامه. ويُستخدم أيضاً لإضفاء حموضة للأطعمة والمشروبات، بالرغم من الشكوك العلمية والطبية حول عواقب تأثيرات تناوله في الصحة. لكن نظراً لسهولة إنتاج كميات كبيرة منه بكلفة زهيدة، ونظراً لذلك الطعم المميز بالحرقة الحادة والنكهة النفاذة tangy التي تكتسبها الأطعمة أو المشروبات عند إضافته إليهما، فإن المنتجين يفضلونه على إضافات مُكلفة مادياً ومشتقة من الزنجبيل مثلاً لإعطاء النكهة المُقاربة أو حمض الستريك citric acid الطبيعي المشتق من فاكهة الحمضيات لإعطاء الطعم الحمضي اللاذع.
ولا يُقال بأن الطب لا يستخدم حمض الفوسفور، بل يستخدمه حقيقة كمادة تعمل على تخشين طبقة الأسنان الخارجية وإذابة أجزاء منها أثناء مراحل عملية تلبيس الأسنان، نظراً لقدرات المادة على إذابة تلك الطبقة الخارجية اللامعة والبراقة!.
والحمض الآخر في مشروبات الكولا هو حمض الكربونيك carbonic acid، المكون من إذابة غاز ثاني أكسيد الكربون في الماء.
ومن النادر عموماً أن يستخدم منتجو الأطعمة مصادر طبيعية لحمض الستريك. وهذا الحمض الذي تشير الموسوعات العلمية إلى أن أول من اكتشفه هو جابر بن حيان في القرن الثامن، وتمكن العالم السويدي كارل شيل من استخلاصه بصورة بلورية من فاكهة الحمضيات. وظل مصدره تلك الفاكهة، وظلت إيطاليا المصدرة العالمية الأولى له، إلى أن اكتشف العالم الأميركي جيمس كيوري، طريقة لإنتاج كميات تجارية هائلة منه من دون الاستعانة بفاكهة الحمضيات أصلاً، بل عبر تصنيع أنواع من الفطريات لملح سترايت الكالسيوم حين تغذيتها بالسكر، ثم معالجة هذا الملح بحمض الكبريت لاستخلاص حمض الستريك. وهذا هو المصدر الرئيسي اليوم لإضافات حمض الستريك، كمادة حافظة، للمنتجات الغذائية المعلبة وأنواع المشروبات الغازية وغير الغازية.
وإضافة إلى المواد الكيميائية في الأحماض تلك، فإن الإشكاليات الناجمة عن مقدار فقط "درجة حموضة المشروبات الغازية" لدى الناس الأصحاء تطال بالدرجة الأولى سلامة طبقة غلاف الأسنان. وما يزيد الأمور تعقيداً، العمل على تنظيف الأسنان جيداً بالفرشاة بعد تناول تلك المشروبات الحامضة. وقد يُقلل من تأثر الأسنان، استخدام أنبوب أو قشة المص. أما غير الأصحاء ممن لديهم اضطرابات في وظائف الكلى أو الفشل الرئوي، فإن تناول الأحماض قد يزيد من تعقيدات حموضة الدم والجسم نفسه، بكل تبعات ذلك الصحية.
* مراجعة علمية شاملة لمشروبات الكولا الغازية
* نشرت "المجلة الأميركية للصحة العامة"، التابعة لرابطة الصحة العامة الأميركية، في عدد ابريل (نيسان) الماضي، نتائج أحد أوسع دراسات المراجعة الطبية للباحثين من جامعة يال في نيو هيفن بولاية كوننيكتيكت الأميركية، حول التأثيرات الصحية لتناول أنواع المشروبات المسماة ب "سوفت درينك" Soft Drink.
والمعلوم أن المشروبات تُقسم إلى ثلاثة أنواع، مشروبات محتوية على الكحول بتركيزات مختلفة، وتُسمى "هارد درينك" hard drink. ومشروبات خالية من الكحول، لكنها في الغالب غازية، وتُسمى "سوفت درينك"، مثل مشروبات الكولا الغازية والمياه الغازية وعصير الفاكهة وغيرها. ومشروبات متعادلة، مثل الشاي والقهوة والماء والحليب وغيرها.
وتمت مراجعة نتائج 88 دراسة طبية تمت حول التأثيرات الصحية والغذائية لتناول مشروبات "سوفت درينك". ولوحظ أن ثمة علاقة وثيقة بين تناولها وبين زيادة وزن الجسم، كما أن تناولها ارتبط بقلة تناول الحليب ومصادر الكالسيوم وغيره من العناصر الغذائية، وبقلة تناول الألياف الغذائية والفاكهة الطبيعية. كما أنه وثيق الصلة بارتفاع نسبة الإصابة بعدد من الاضطرابات الصحية والمرضية. كما لاحظ الباحثون أن الدراسات الطبية التي تم إجراؤها بدعم مادي من الشركات المنتجة لأنواع "سوفت درينك"، كانت تشير إلى تأثيرات خفيفة في الصحة مقارنة بالدراسات العلمية غير المدعومة من قبل الشركات تلك، وهو المتوقع في الغالب. ونصح الباحثون، وبقوة، ضرورة ضبط تناولها من قبل الناس وتفهيمهم أضرارها الصحية المحتملة، التي توصل البحث العلمي إلى معرفتها.
وقالت الدكتورة مارلين شوارتز، الباحثة المشاركة في الدراسة من جامعة يال، إن الباحثين وجدوا علاقة واضحة بين تناول أنواع "سوفت درينك"، وارتفاع كمية السعرات الحرارية (كالوري) المتناولة يومياً، وأن الناس لا يحسبون كمية الطاقة في هذه المشروبات ضمن كمية الطاقة الكلية للوجبات الغذائية اليومية.
والمعلوم أن المشروبات الغازية هي المصدر المستقل الأعلى لطاقة كالوري الطعام في الولايات المتحدة. ووفق وصف تقرير عام 2005 لمركز العلوم التي تهم الناس Center for Science in the Public Interest (CSPI)، تم وصفها بأنها حلويات سائلة Liquid Candy. وأضاف التقرير بأن ما يتم إنتاجه سنوياً للاستهلاك المحلي في الولايات المتحدة من تلك المشروبات الغازية، يُؤمن كمية 52 غالونا لكل رجل وامرأة وطفل في تلك الدولة!.
وقالت الدكتورة شوارتز: تأثيرات تناول هذه المشروبات الغازية في زيادة الوزن، لا تقتصر على محتواها العالي من الكالوري، بل في فتح الشهية لتناول المزيد من الطعام والشعور بالجوع والرغبة في تناول السكريات أيضاً. لذا، عقبت بالقول: إن كان المرء يُريد انتقاء أمر واحد يبدأ، من خلال تركه، حمية غذائية لإنقاص الوزن، فليكن ذلك الأمر هو ترك تناول المشروبات الغازية.
أما رد رابطة المشروبات الأميركية، فكان على صفحات موقعها الإلكتروني: إن من التعسف لوم أحد مكونات الوجبة الغذائية كسبب وحيد للسمنة، وأنه لا تتوفر معلومات علمية تدعم هذا القول. وهو ما عقبت عليه الدكتورة كيلي براونيل، الباحثة المشاركة في الدراسة، بالقول: إن أحداً لم يلم سبباً واحداً في تفشي مشكلة السمنة، لكن النتائج العلمية الحالية بالتأكيد تضع المشروبات الغازية على رأس قائمة المسببات الرئيسية للسمنة.
لكن الأهم من كل ما تقدم، هو تلك العلاقة الوثيقة القوة بين تناول المشروبات الغازية وارتفاع الإصابات بمرض السكري.
ولا يتسع المقام للحديث عن التساؤلات حول المواد المتسببة بالسرطان في مشروبات الكولا الغازية، ولا عن الخطوات التي تم اتخاذها في مناطق شتى من العالم للحد من تناول الأطفال لتلك النوعية من المشروبات.
* السمنة ومرض السكري.. أهم أضرار المشروبات المحلاة
* لا يزال من المحير والصعب على الكثيرين فهم تلك العلاقة الوثيقة بين الإصابة بالسمنة أو مرض السكري، وتناول المشروبات المحلاة بالسكر، بالرغم من أن صحة وجود علاقة تناسبية طردية، أمر ثابت اليوم من نتائج الدراسات الواسعة التي بعضها شمل عشرات الألوف من الناس. لكن ثمة جوانب يُمكن بمعرفتها إدراك جوانب من أسباب هذا الارتباط الوثيق.
ومشروبات الكولا الغازية عالية المحتوى من الطاقة. والمصدر ذلك هو إما سكر القصب أو سكر الذرة المركز. وسكر الذرة السائل يُصنع من نشا الذرة عبر تفاعلات أنزيمية، ومكون من الغلوكوز. ويُستخدم اليوم بشكل واسع في الأطعمة الجاهزة والمشروبات الغازية وغير الغازية كمادة مُحلية للطعم وكمادة تُعطي كثافة للسوائل في العصير أو غيره، وأيضاً كمادة تُعطي مظهراً طازجاً وندياً لتلك الأطعمة، إضافة إلى تحسين الطعم والنكهة. كما يمكن زيادة طعم الحلاوة فيه عبر تفاعلات كيميائية تُعطي كمية أكبر من سكر الفركتوز (سكر الفاكهة) بدلاً من الغلوكوز فقط.
والأصل في إرشادات التغذية، أن لا تتجاوز كمية السكر (وليس السكريات عموماً)، التي يتناولها الشخص يومياً، 10 ملاعق شاي للأشخاص الذين تبلغ الكمية الكلية لطاقة الوجبات الغذائية لهم 2000 كالوري، سواء كان السكر لتحلية المشروبات الباردة أو الساخنة، أو كان السكر ذلك ضمن الحلويات أو المعجنات أو غيرها.
ووفق نتائج دراسة واسعة للباحثين من جامعة هارفارد، فإن تناول المشروبات المحلاة للكولا وغير الكولا الغازية أو غير الغازية عموماً، يعني تناول كميات كبيرة من السكر، وبالتالي من طاقة السعرات الحرارية، والنتائج لذلك تشمل تراكم السكريات التي يُحولها الجسم إلى شحوم. كما أن تناول السكر الحلو بحد ذاته، يرفع من شهية تناول الطعام الحلو الطعم. وآلية ذلك من خلال نشوء تعود أو نوع من إدمان تناول الطعم الحلو للسكريات، كذلك من خلال ارتفاع نسبة الأنسولين في الدم. والمعلوم أن الأنسولين أحد العوامل في رفع شهية تناول الطعام عموماً، وهو ما يُؤدي إلى السمنة وإلى مرض السكري.
لكن ما صعب على الباحثين تعليله هو اختلاف نسبة الإصابة بالسمنة لدى الأطفال في الولايات المتحدة عند الإكثار من تناول المشروبات الغازية، عن نسبة السمنة لدى الأطفال في الدول النامية الذين يُكثرون أيضاً من تناول المشروبات الغازية. وهناك من فسر ذلك بقلة النشاط البدني أو ارتباط تناول المشروبات الغازية بتناول وجبات الأطعمة السريعة العالية بالطاقة، أو أن السكر المُضاف إلى المشروبات الغازية هو من نوع سكر الذرة العالي الحلاوة والفركتوز، أو أن ثمة أسبابا لا تزال مجهولة.
ومع هذا، فإن هناك ملاحظتين علميتين جديرتين بالتأمل الواعي، الأولى هي الدراسة التي نشرتها العام الماضي مجلة طب الأطفال، الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال في الولايات المتحدة، التي مفادها أن الطفل الذي يتناول يومياً عبوة بسعة 330 ملليلترا من المشروبات المحلاة عموماً، عُرضة لزيادة في الوزن بمقدار حوالي نصف كيلوغرام شهرياً. اما الثانية، فهي الدراسة المنشورة عام 2004، التي شملت أكثر من 50 ألف امرأة، وقالت بأن تناول عبوة أو أكثر يومياً من المشروبات المحلاة عموماً، يرفع خطورة الإصابة بالسكري بنسبة 80% مقارنة بمن لا يتناولونها أو يتناولون أقل من عبوة واحدة شهرياً.