يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)
(شرح النداء)
دعا الله الناس كافة في هذه الآية للدخول في الإسلام . فان الإسلام أساسه السلام، وشعاره «السلام عليكم» . فالله سبحانه يأمر الذين آمنوا بالعمل بشرائع الإسلام كلها. . . خذوا الإسلام بجملته واعلموا به تكونوا قد دخلتم في السلام، واعتصتم بحبل الله. يومذاك تدخلون في عالم كله سلام. سلام مع النفس والضمير، ومع العقل والمنطق، سلام مع الناس ومع الوجود كله، سلام في الارض وسلام في السماء.
ومعنى «كافة» أي في جميع أحكام السلام والإسلام، لا في بعضها فقط، وكان بعض مؤمني أهل الكتاب يعظّمون السبت ويحرمون الإبل وألبانها، وغير ذلك مما كانوا يفعلون، فأمرهم الله تعالى ان يتركوا كل ما كان سابقا ويدخلوا في الإسلام ويعملوا بجميع شرائعه.
{وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشيطان} أي لا تسيروا في طريق الشيطان الذي يدفعكم الى الشقاق والنزاع.
{إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} . هذه الآية نص واضح في دعوة المؤمنين الى السلام، فالحرب والخصام سيرٌ وراء الشيطان. والآية تدعو المؤمنين الى ان يكونوا مسالمين مع أنفسهم. . .
ويدلّ هذا النص على أن الأصل في العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها هي السلم، ففي الوقت الذي كان فيه قانون الغاب يجدد العلاقات بين الدول جاء الإسلام بهذا المبدأ السامي. فالحرب التي شرعها الإسلام إنما هي لتثبيت دعائم السلم، وتحقيق العدل لا للعدوان على الآخرين.