يمكننا الآن أن نحمل غنائمنا من السرقة الأولى ...لننتقل إلى الضحية الثانية ..
ولنبدأ بتعريفه أنه يشكل وجه التناقض (لأجاثا ) لماذا ؟
لأنه نمطه في السرد يعتمد على وصف وقائع الحياة العادية بظواهرها الطبيعية البحتة( بصور خيالية فائقة تبهر النفوس !)بينما يقف النمط الذي تعتمده أجاثا على جعل الحيل الخيالية (بالنسبة لمحيط الواقع ) أمرا واقعيا طبيعي الحدوث !!
ومع أن هذا هو أكبر وجه للتناقض بينهما ..!
إلا أن كل نمط منهما يشكل فنا بحد ذاته !!
فهل حزرتم الكاتب الذي أتحدث عنه ؟
يلا عاد . .من يمكن أن يكون أكثر تناقضا من أجاثا كريستي غير مصطفى المنفلوطي ؟
صدقا ...
أي قدرة خارقة للطبيعة يمتاز بها هذا الكاتب في أسلوب الوصف والسرد ؟
يمكننا أن نجعل هذه القدرة هي (فنه الروائي الأساسي الخاص الذي يتفرد به دون غيره ) فما عرف عن المنلفوطي بما يختص بالروايات ، هو اختياره قصصا عالمية بمؤلفين مشهورين ،يقوم بإعادة صياغتها بذلك الأسلوب الخارق الساحر ،والتي تتضمن نمط يحاكي الحياة الواقعية ،فليس في تلك الروايات أي نوع من الذكاء أو الحبكة أو الحيل أو الألغاز أو التفنن في طابع الشخصيات أو الجرائم !
هي حياة واقعية بأحداث واقعية جدا ..يحولها بفنه وسحر أسلوبه إلى صور خيالية قوية تتربط معها (جوهريا ) ،فعندما يصف هذا الشخص بأن البطل كان غاضب ،فهو يستطيع أن يحلل كلمة غاضب هذه إلى عشرة صفحات من السرد والوصف الملي بالصور الخيالية!
كذلك يستخدم هذا الأٍسلوب في وصف الظواهر الطبيعية .. ليكن هذا الاقتباس من رواية (ماجدولين ) خير مثال ..
"خرجت ليلة أمس أرتاض على شاطئ النهر ،فلما استقبلتُ الفضاء شعرت أن أوراق الأشجار تضطرب اضطرابا سريعا في خفوت وهمس ، وأن الهواء يمشي متثاقلا مترجحا ،يتحامل بعضه على بعض ،ورأيت قطع السحاب الضخمة تنتقل في صحراء السماء تنقٌل قطعان الفيلة في غاباتها ،وخيل إلى أني أسمع في أعماقها قعقعة مبهمة ،تدنو حينا وتنأى أحيانا .."
"ورأيت السواد قد صبغ كل شيء حتى لون الماء ،ورقعة الأرض ،والأفق الذي يصل بينهما ،منجم عميق من مناجم الفحم ،يحاول البرق أن يجد له في جدرانه العاتية الصماء منفذا ينحدر بجوفه .."
<<<كلمات اخترتها عشوائيا من أول صفحة فتحتها من كتابه الذي أمامي لماذا اخترت هذا الفن بالذات ؟
لأنه جعل واحدة مثلي (تتململ من القصص الواقعية البحتة ذات الطابع المأساوي وتمقتها) تفتح عينيها على اتساعهما بين سطور رواية من أعمال ترجمته (لماجدولين ) !!
لأواصل تلك الساعات الطوال في القراءة فقط لأنني أخذت بسحر أسلوبه !!
فقد كان هذا سببا كافيا لي لأَضمه تحت قائمتي للفن الروائي فأي عامل يجعلني أعجب برواية وأكملها حتى النهاية يمكنني أن أطلق عليه فنا !! !! والآن هل عرفتم المغزى الذي جعلني أختار كاتبين متناقضين ؟
كل ما أردت الوصول إليه هو أنه ليس هناك قاعدة محددة وأساسية تجعل من أسلوب ما فنا أو تنكر آخر !
هم قالوا مرة أنه (لا يصح على الكاتب أن يتكلف في الوصف والسرد ويضع تلك الزخارف والصور الخيالية والعبارات التركيبية المعقدة في رواياته وعليه أن لا يبالغ فيها بتاتا لأن القارئ سيمل ولن يفهم شيئا وقد يتشتت !!)
ثم رد آخرين بعكس قولهم تماما ! وأين وجه الصحة من القولين !!
لا يوجد !!
المسألة لا تتحمل صحة أو خطأ وإنما المسألة مسألة أذواق ووجهات نظر ليس إلا فكما هناك أِشخاص يستمتعون بالدغدغة الناجمة عن قشعريرة المذاق الحامض هناك آخرون يجدون تلك اللذة في اللذعة التي تتركها الشطة الحارة عندما (تتفلفل ألسنتهم ) !! فلا يمكن لأحد ولا أي أحد أن يأتي وينص بنودا للفن الروائي بأن يحدد أبعاده وأشكاله لأنه نوع من التأثير !
وهذا التأثير لا حصر لأشكاله !!!
تابع يرجى عدم الرد
__________________ للاسف اعتزال:"( |