][ الفصل الأول ][
سارت سامانثا بين ممرات المدرسة اللامعة و البيضاء و على وجهها الجميل ملامح الحزن ،
كانت مرتبكة و هي تحتضن كتبها المدرسية تتبع بصمت نائبة المدير إلى حيث فصلها الجديد في هذه المدرسة الجديدة ،
فكرت سامانثا أنها ستحتاج كثيرا من الوقت لتعتاد هذه المدرسة الكبيرة و ممراتها الواسعة ،
و وقتا أكثر بكثير لتتأقلم مع وفاة والديها و كونها أصبحت وحيدة في هذه المدرسة الداخلية.
إنه يومها الأول في هذا المكان ... و ها هي تشعر بنفور شديد منه ،
كيف ستبقى فيه سنتين أخريين حتى تتخرج و تنهي دراستها الثانوية ؟!
رفعت رأسها قليلا لتنظر إلى اللوحة الكبيرة التي توسطت مجموعة من اللوحات المتشابكة الألوان بدت لها دون معنى ،
لكن اللوحة التي في المنتصف أكبر لوحة بين الاخريات كانت مختلفة ،
تحمل رسم واضحا لامرأة كئيبة حزينة العيون رغم جمالها و فخامة ثوبها الأسود ...
لم تشغل تلك اللوحة عقل سامانثا سوى للحظات قصيرة استغرقتها في قطع البهو خلف نائبة المدير ،
و التي لم تتردد في حدجها بنظرة غاضبة نافذة الصبر عندما شعرت بتلكؤ خطواتها.
عندما وصلت إلى باب فصلها لاحظت فتى يتقدم من الطرف الآخر للممر الأبيض اللامع ،
لم تستغرب توقف نائبة المدير و لا نظراتها الغاضبة الموجهة نحو ذلك الطالب ،
فقد كان من الواضح أنه متأخر كما هي ... الفرق أنه هي لديها عذر !
مررت نائبة المدير نظراتها على هيئة ذلك الفتى الطويل كما فعلت سامانثا التي ذهلت لمظهره الغريب الفوضوي ،
فعوضا عن زي المدرسة العريقة المكون من سروال و سترة بلون أزرق داكن و ربطة عنق رمادية فوق قميص أبيض ،
كان ذلك الفتى يلبس تيشيرتا أسود بكتابات فوضوية بيضاء كان نصفه مدسوسا تحت سرواله الداكن و قد ترك سترته المدرسية تتدلى من أحد كتفيه ،
نظرت سامانثا بفضول إلى وجهه الوسيم بشعره الاشقر المبعثر مصدومة من الحلقة الذهبية في أذنه اليسرى ،
و عيونه السوداء التي ضاقت تتفحصها قبل أن يبتسم لها الفتى و قد علم أنها جديدة.
لم تملك سامانثا سوى أن ترد على ابتسامته الجميلة بأخرى مترددة ،
فقد أحست بأنه لطيف رغم هيئته التي دلت بامتياز أنه مثير للمتاعب.
قالت نائبة المدير بغضب واضح :
_لماذا أنت خارج الفصل في هذه الساعة سيد ستيوارت ؟
ارتفع حاجبا سامانثا دهشة عندما تثائب الفتى بملل قبل أن يقول :
_لقد تأخرت في النوم.
صرخت نائبة المدير موبخة :
_ألا تخجل من نفسك و أنت تقول هذه الكلمات ؟ سيد ستيوارت أنا لن أتسامح أبدا مع أفعالك المستهترة هذه و سوف ...
قاطعها الفتى وهو ينظر إلى سامانثا التي تراقبهما قائلا بمرح :
_هذه الأحاديث الخاصة بيننا يمكننا أن نستكملها في وقت لاحق سيدتي ، لكن ليس من المعقول أن تتركي ضيفتنا الجديدة واقفة هكذا على الباب.
ارتبكت سامانثا و احمر وجهها عندما غمزها ذلك الفتى فجأة قائلا :
_قولي أنني سأجلس مع هذا الجمال كله في فصل واحد ، يبدو أنني سأجد سببا يحملني على الاستيقاظ باكرا !
صرخت نائبة المدير و هي توشك أن تفقد عقلها من جرأة هذا الطالب :
_ستيواااااارت !!! ... و كأنني لا أقف أمامك ، يالوقاحتك !
ابتسم الفتى لسامانثا دون أن يهتم بكلمات نائبة المدير ، ما جعلها تغضب أكثر وهي تصرخ :
_شرفني في مكتبي بعد انتهاء الدرس سيد ستيوارت سأحرص على أن أجعل عقابك لا ينسى هذه المرة !
ارتفع حاجبا الفتى مدعيا البراءة وهو يقول :
_لكن سيدتي ما الخطأ في الترحيب بزميلتنا الجديدة ؟!
ضحكت سامانثا بخفة هي لم تضحك منذ وفاة والديها ،
لكن نظرة واحدة من نائبة المدير الغاضبة جعلتها تطرق برأسها بسرعة و تبتلع ضحكاتها.
قالت نائبة المدير وهي تلتقط نفسا لتهدأ أعصابها :
_حسابك فيما بعد ستيوارت ، الآن هيا إلى الصف.
برب بالتكملة ^^
|