انظر إلى مفاتيح النجاح الخمسة السابقة. كل واحدة منها تحوي خمس صفات شخصية تساعدك على تحديد نقاط القوة والتغلب عليها ونقاط الضعف والاستفادة منها.
ابدأ اختبارك لكل صفة من الصفات الخمس بفكرة عامة عن هويتهم وأهميتهم.
مفتاح التحفيز
إن أهم وأعظم صفة من الصفات الشخصية الخمسة التي تندرج تحت مفتاح التحفيز - ودافعك الأساسي لإنجاز أي شيء، والمؤثر الحقيقي على مفتاح التحفيز ككل، وعلى بقية مفاتيح النجاح، هي:
تقدير الذات: فلا يمكنك أن تحرز أي شيء ما لم تعتقد أنك تستحق ذلك. لكن إذا كنت ترزح تحت تأثير شعور متدن بالذات ستجد من الصعب عليك إحراز أية نجاح. بل وستصبح الحياة نفسها بالنسبة لك غير محتملة.
مع هذا لا يجب الخلط بين تقدير الذات وتضخيم الذات. فإذا كنت تعتقد أنك النعمة التي اسبغها الله على البشرية، فمن الجائز أن هذا الاعتقاد هو مجرد محاولة لسد النقص في تقديرك لذاتك. فمن المعروف أن أصحاب التقدير العالي لذواتهم يمتازون بالتواضع. أما أصحاب التقدير المتدني لذواتهم فيقعون في مصيدة تضخيم الذات.
تقدير الذات يعني أنك تعرف مصلحة نفسك، وافتقادها يؤدي بك لأن تصبح أعدى أعداء نفسك. تقدير الذات شعور إيجابي، طبيعي بأنك ذو قيمة لدى نفسك والآخرين.
لكن المسألة أكبر من هذا فيما يتعلق بالتحفيز. فتقدير الذات لا يكفي وحده لتحفيزك. فتقدير الذات أشبه ما يكون جوهر التحفيز - أو تحفيز التحفيز، إذا ما صح هذا التعبير - لكن هناك مظهر آخر من مكونات التحفيز الحيوية، وهو:
غرض: بغض النظر عن مدى تقديرك لذاتك لا يمكنك أن تملك التحفيز الكافي لحياتك إلا عندما تدرك بنفسك ما هو الغرض الذي تسعى لتحقيقه في الحياة.
الغرض هو السياق الروحي والأخلاقي الذي تجري على أساسه حياتك. وهو ذلك الإحساس بأن لديك رسالة ما لتحقيقها. فإذا كنت لا تؤمن بقوة عليا أكبر منك، فمن الصعب أن تطمح لتحقيق غاية سامية طوال حياتك.
من يقدرون ذواتهم التقدير الكافي يؤمنون بوجود غرض معين لحيواتهم. أما من لا يمتلكون مثل هذا التقدير فيصعب عليهم إيجاد مثل هذا الغرض.
رغم ذلك فالتحفيز لا يقتصر فقط على تقدير الذات وتحديد الغرض من الحياة، فما زال هناك:
خطة: لا تزيد نسبة من يحددون أهدافهم من الأمريكيين على 5%، ولا تتعدى نسبة من يضعون خطة جيدة مكتوبة لتحقيق هذه الأهداف عن الواحد في المائة. ورغم ذلك يمكننا أن نقول أن وجود خطة مكتوبة وأهداف محددة يرتبط بشدة بتحقيق النجاح.
الخطة هي عملية تحدد فيها ماذا ستفعل لتصل إلى النجاح. فهي تحدد لك أي مجالات التعليم ستفيدك أكثر من غيرها، وفي أيها يتوجب أن تركز جهدك.
كما توفر لك الخطة قاعدة لقياس الإنجازات التي تحرزها، وهي طريقة جيدة لاستمرار التركيز على الأشياء الهامة.
وبينما نطلق على تقدير الذات تحفيز التحفيز وعلى الغرض تعليم التحفيز، فيمكننا أن نطلق على الخطة تركيز التحفيز.
لكن أيعني هذا أن الأمر ينقصه اتصال للتحفيز؟ بالتأكيد! وهو:
الحماس: وهذه الصفة الشخصية بمثابة القمة لجبل الثلج. فالحماسة هي الطريقة التي توصل بها حافزك لذاتك وللآخرين من حولك. وهي تمنحك الإلهام المشتعل، الذي يؤدي بك لتحقيق أهدافك وتنفيذ خطتك وتحقيق غرضك والأكثر من هذا أنه يمنحك المزيد من تقدير الذات.
تحت سطح الحماسة تكمن قوة الطاقة الذهنية والجسمانية. وكلما علت الحماسة على السطح دل ذلك على شدة اشتعال الطاقة الذهنية والجسمانية تحت السطح - بداخلك.
الصحة والعافية هما منشأ الطاقة الذهنية والجسمانية. وطريقة اعتناءك بنفسك بديناً تؤثر على مستوى طاقتك، وبالتالي مستوى حماسك.
إذا افتقدت للطاقة فستجد حماسك يخور. كما يعتمد مستوى طاقتك على طريقة اعتناءك بنفسك - حتى كيفية وكمية الغذاء الذي تتناوله، والتمرينات الرياضية التي تمارسها.
كثيراً ما يحرص أصحاب الحماس المتقد على الالتزام بعادات غذائية صحية مع ممارسة الرياضة. من النادر أن تجد مثل هذا الالتزام بين الكسالى الذين يقطنون بلدة مثل ماليزيا.
رغم كل ذلك ما زال هناك الكثير ليقال عن التحفيز. كيف تحافظ على حافزك للعمل؟ ما الذي يبقيك متحفزاً للعمل مهما عركتك المصاعب؟
إنه إنجاز التحفيز:
المرونة: إذا ما كنت تعاني من تلاطم الأمواج في حياتك باستمرار، فربما يكون من أكثر الصفات الشخصية فائدة لك.
ما لم تتميز بالمرونة فكيف تصمد في وجه التغيرات والطفرات الهائلة، وكيف تبقي متحمساً للعمل؟ كيف تتمسك بتنفيذ خطتك؟ وكيف تظل مخلصاً لغرضك، وتصون تقديرك لذاتك من الهبوط للقاع؟
الأشخاص ذوي المرونة يستمرون في العمل رغماً عن كل المخاطر المحدقة بهم وهم في ذلك يشبهون سفينة عصية على الغرق مهما عصفت بها الرياح. ومهما اعترضهم من مصاعب، يزداد إصرارهم على المضي للأمام والفوز.
ما مدى المرونة التي تتحلى بها؟ متى يفتر حماسك؟ وتنسحق روحك؟ ويتبدد تقديرك لذاتك؟
المرونة تعني الإصرار والعزيمة. المرونة تعني الهجوم المضاد والارتداد بدلاً من الانسحاق تحت الضغط والاستسلام. تعني عمل كل ما يمكن عمله لمنع الضغوط من تعطيل طاقتك، والإحباط من تحطيم آمالك. إنها تعني أن كل الأزمات تمر، ومهما بلغت شدتها، فإنك لابد محقق آمالك.
لا تعينك المرونة فقط على التغلب على الصعاب التي تعترض طريقك، ولكنها تخلصك أيضاً من مشاعر الفشل التي قد تعتريك. بهذه الطريقة يتحول ما يعتبره الآخرون بمثابة فشل إلى تجربة مفيدة بالنسبة لك.
بذلك تصبح المرونة الجسر بين التحفيز و:
مفتاح التعليم
التعليم هو ما يتبقى بعد نسيان كل ما درسناه.
لورد هاليفاكس
إذا كنت من أؤلئك الذين يساوون بين التعليم والدراسة بالمدارس، فألق نظرة أكثر عمقاً. إن الذي يمكنك أن تتعلمه داخل أروقة أفضل جامعات العالم، قد لا تمكن مقارنته بما تكتسبه من مدرسة الحياة وتجارب الحياة.
نقطة البداية للتعليم - أو تحفيز التعليم - هي:
الاستعداد: وهو ما يمكن اعتباره حافزاً أو عائقاً للتعليم. الاستعداد هو قدرتك الفطرية للتعلم أو للعمل. وهو يمثل موهبتك أو كل الأشياء التي يمكنك أن تتفوق فيها. قد يصبح الاستعداد عائقاً في سبيل التعلم إذا لم يكن إيجابياً فيما يتعلق بإمكانياتك. وهو باعتباره الجانب التحفيزي للتعليم يمكنه أن يتحول إلى محبط ومقعد عن التعليم.
كم مرة تخليت عن تعلم شيء ما، وحتى دون محاولة، لأنك اعتقدت بأنك لن تحرز أي تقدم فيه؟ إذا ما قال الناس عنك أنك تفتقد لمهارة ما لتحرز النجاح، فهل تصدقهم؟ هل تعمل على اكتساب تلك المهارة؟
يمكنك تقريباً أن تفعل أي شيء تعد ذهنك لفعله. تعتمد قدرتك على فعل أي شيء على إيمانك بقدرتك. باستثناء حالات قليلة، يمكنك أن تفعل كل ما تصدق أنك فاعله، إذا ما توفر لديك الحافز.
مفهومك عن حالة الاستعداد الواجبة - وإيمانك بقدراتك - هي التي تضع الحدود على ما يمكنك أن تتعلمه طوال حياتك، وبالتالي على ما يمكنك أن تنجزه.
إذا ما كان حافز التحفيز هو تقدير الذات، فإنه من الواضح أن جوهر التعليم - تعليم التعليم - هو:
تطوير الذات: وهو رغبتك في إيجاد فرص التعليم والاستفادة منها بصورة كاملة.
قد تعتقد أن سنوات تعليمك قد وصلت إلى ذروتها أثناء الدراسة الجامعية والمدرسية، لكن حتى تصل لأقصى ما يمكنك تحقيقه عليك أن تتسلح بنفس الروح مرة أخرى.
يجب أن تزداد رغبتك في تطوير نفسك بعد تخرجك في الجامعة. كثير من الناس يكبحون رغبتهم في التعليم بعد مغادرة أبواب الجامعة، معتقدين أن عقولهم ما عادت تحتمل عبء الدراسة. وهم يظنون أن تطوير الذات يعني الإبقاء على الحد الأدنى من العلم الذي يكفي لاستمرارهم في فعل ما كانوا يفعلون. وتكون نتيجة ذلك أن تظل حياتهم كما كانت دون تقدم، ورغم أنهم قد يهدفون للوصول إلى "مكة" أو حتى مدينة التخمة فإنهم يبقون داخل نطاق مدينة ماليزيا العقيمة.
إذا ما بقيت على حبك للتعلم، فهذا يعني أنك تعمل على تطوير ذاتك بصفة مستمرة. فأنت تبحث دائماً عن فرص لزيادة معلوماتك وتطوير مهاراتك، وتلك العناصر الأساسية لتنفيذ خطتك وتحقيق غرضك.
التوسع وتطوير الذات باستمرار يتطلب التحلي بصفة شخصية التي هي تركيز التعليم:
الابتكار: لا تحاول أبداً أن تقنع نفسك - أو تدع أحداً يقنعك - بأنك لست مبتكر. كل الأشخاص مبتكرون، لأن كل شخص لديه حد أدنى من القدرة على التخيل والنظر للأشياء من زوايا مختلفة.
باستخدام قدراتك الابتكارية لا يمكنك أبداً أن تعدم وسيلة لاكتشاف طرق جديدة للنجاح. بدون الابتكار يفقد التعليم كل معنى له، ويتحول التحفيز إلى دافع أعمى يقودك في دائرة مفرغة.
الابتكار هو صنع شيء جديد، وهو أيضاً وضع الأشياء القديمة في شكل جديد. جذوره تمتد إلى أعماق الصفة الشخصية التي هي بمثابة الاتصال للتعليم:
الاهتمام: تتعدى قوة الفضول الشديد كونه المناخ اللازم للابتكار.
فأبعاد وأعماق اهتماماتك الشخصية تتأصل داخلك وتساعدك على أن تصبح شخصاً ناضجاً. أما خارج شخصك، فإن اهتماماتك تخبر الآخرين بالكثير عن شخصيتك. فأنت تصبح شخصاً ذا أهمية إذا ما تشابكت اهتماماتك مع اهتمامات الآخرين.
كيف توجه اهتمامك؟ هل تبقى عند تلك الأشياء التي تراها جديرة باهتمامك أم يتسع فضولك ليشمل ما يعتقد الآخرون أنه جدير بالاهتمام؟
هل تحصر دائرة اهتماماتك داخل إطار ضيق مريح، أم مازلت تبحث عن مجالات جديدة للتعلم والتطوير؟
كما أن الاتصال بالنسبة للتحفيز هو الحماسة التي تقودها الطاقة، فإن الاتصال بالنسبة للتعليم هو الاهتمام. الاهتمام البالغ مصدر عظيم للطاقة.
ماذا عن إنجاز التعليم؟ إنها صفة غالباً ما يساء فهمها:
المعرفة: المعرفة قوة. صحيح؟ خطأ! المعرفة يمكن أن تتحول إلى قوة. فالأمر يعتمد على نوع المعرفة التي تمتلكها، وكيف تحتفظ بها، وماذا يمكنك أن تفعل بها.
المعرفة التي تمتلكها قد لا يكون لها قوة إذا تكونت من معلومات تافهة. كما قد تفتقر إلى القوة إذا لم ترتبط بما تسعى لتحقيقه في حياتك.
قد تفتقر بعض المعارف للقوة ولكنها تبقى محل اهتمام للبعض، وبهذا قد يكون لها قدر ما من القيمة.
بعض المعارف الأخرى قد تصبح ذات أهمية كبرى، بحيث يمنحك امتلاكها قوة هائلة. معرفة الناس واللغات، على سبيل المثال، من أهم المعارف التي تساعدك على جني ثمار التركيز والاتصال، المتطلبين اللذين يقفا بينك وبين الإنجاز.
إن قدرة عقلك على تخزين المعلومات غير محدودة، إذا ما استطعت أن توظفها إلى أقصى طاقاتها. لكن كي تصل إلى أقصى توظيف لمعلوماتك عليك أن تعبر جسراً أخر
- وهو الذي يقودك إلى:.......... انتظروا باقى المقال المرة القادمة
من كتاب"الطريق الى مكة"