رد: صحيفة عيون العرب ظروف اجتماعية قاسية تدفع التلاميذ للبحث عن فرص عمل عوض التمتع بالعطلة بآزمور يختار العديد من أطفال آزمور المنحدرين من الأحياء الهامشية البحث خلال العطلة الصيفية عن فرصة عمل عوض التمتع بالعطلة أو تمضية الأوقات على الشواطئ، من أجل البحث عن دخل مادي للمساهمة في مصاريف الأسرة وكذا الاستعداد لمصاريف الدراسة المرتقبة. تجدهم في شوارع مدينة آزمور وقد صنعوا علبا من الخشب من أجل مسح الأحذية أو بيع السجائر و منهم من اختار الاشتغال بعشر دراهم لليوم عند أرباب المقاهي والمتاجر، وتشاهدهم قد هضموا حقوقهم بأيديهم رغما عنهم نتيجة الفقر والحرمان والتهميش. إنهم فئة من أبناء مدينة آزمور لكل واحد منهم روايته التي جعلته يبحث عن دخل عوض التمتع بالعطلة الصيفية كباقي رفاقه. يحكي أحمد ذو الثالثة عشر سنة، الذي يدرس في السنة التاسعة، أنه يشتغل بائع سجائر بالتقسيط خصوصا أنه ينحدر من قرية تعاني ويلات الفقر والجفاف. والده رجل عجوز عاطل وأمه تشتغل بالضيعات المجاورة ولا تكفي الأجرة التي تتقاضاها أمه، خاصة أنها الوحيدة التي تشتغل في العائلة. ونظرا لكون إخوته صغار السن فقد قرر أن يحمل هذه العلبة لبيع السجائر بالتقسيط من أجل مساعدة عائلته و تسديد مصاريف الدراسة للسنة المقبلة. أما كمال، الذي يدرس في السنة السابعة إعدادي ويشتغل ماسح أحذية بالمدينة، فيسرد لنا سبب تفكيره في العمل في الصيف عوض الراحة “إنني أقطن أنا وأمي في غرفة واحدة باجر شهري يقدر ب 400 درهم وأبي توفي نتيجة حادثة شغل بعدما كان هو من يتحمل مصاريف العائلة فاشتغلت أمي بعد وفاته في المقاهي كمنظفة و خلال هذه الأيام الأخيرة انقطعت عن العمل ورفع عنا مالك المنزل دعوة قضائية وأنا الآن اخترت هذه الوسيلة كي أغطي كل هذه المشاكل وأسدد واجبات الدراسة لأني متفوق فيها وكل سنة أنال ميزة حسن من طرف الأساتذة ، ولكن ربما ظروفي هذه إن بقيت على هذا الحال ستجعلني أنقطع عن الدراسة». تتواصل مشاهد البؤس في شوارع آزمور، حيث يتحدث مصطفى بائع مثلجات في شاطئ الحوزية -يدرس في السنة الأولى ثانوي ويقطن بأحد الدواوير العشوائية المجاورة لآزمور- عن سبب ولوجه هذا العمل وعدم التمتع بالاستجمام في مكان عمله، موضحا أن هذا الصندوق الخشبي يؤلمه في كتفه بثقله لكنه يتحمله كي يبحث عن دخل مادي حيث يلتحق باكرا ولا يعود حتى الغروب من أجل مدخول قدره 25 درهما كي يساعد أسرته في المصاريف اليومية كواجب عن كراء الغرفة التي تكتريها، لأن أمه تشتغل في حمام مجاور لمنزلهم ووالده يشتغل في إحدى المقاهي كنادل وأجرتهما لا تكفي لاستمرار مشواره التعليمي. أما مريم ذات السادسة عشر، التي تشتغل في أحد متاجر بيع للملابس، وتدرس في السنة الثانية ثانوي وتسكن بآزمور، فيبدو عليها الخجل وهي تتكلم عن أسباب اشتغالها. تقول إنها تشتغل هنا بحد أقصى للأجور لا يتعدى 10 دراهم يوميا، ولكن لا يوجد بديل. ونتيجة الفقر الذي تعيشه يمكن أن يدفعها للاشتغال في أي شيء، فوالدها رجل معاق ولها خمسة إخوة صغار، فكيف يمكن لطفلة مثلها أن تذهب إلى البحر أو إلى المخيم و ووالدتها تجد صعوبات في اقتناء السكر والشاي وقد تستعيره أحيانا من عند الجيران؟ تضيف الفتاة أن مثلها لا يمكنه أن يتابع دراسته ويجب أن تعمل بصفة مستمرة لكن ضغوطات الأساتذة وملاحظاتهم لمستواها المتفوق هي التي تجعلها تتردد وتأمل في الحصول على شهادة الباكالوريا والبحث عن عمل أحسن تنقذ به عائلتها.
__________________ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {...فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ}(الرعد : 17) |