الموضوع
:
هدي النبي – صلّ الله عليه وسلم – في السلام
عرض مشاركة واحدة
#
1
10-02-2012, 07:31 PM
محب الصحابه
هدي النبي – صلّ الله عليه وسلم – في السلام
بين أوّل الأنبياء وآخرهم رابطة مشركة وعادة متّبعة لا يعلمها كثيرٌ من الناس ،
فآدم
عليه السلام هو أوّل من استخدم التحيّة الإسلامية حينما علّمه ربّه السلام على الملائكة ،
ومحمد
- صلّ الله عليه وسلم – جعلها رمزاً خاصّاً لأمته تميزّها عن باقي الأمم .
فاليهود كانوا يحيّون بعضهم إشارةً بالأصابع ، والنصارى كانوا يشيرون بأكفّهم ، أما المسلمون فقد أبدلهم الله تعالى عن هذا كلّه بخير تحيّة وأفضل سلام : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .
وهذه التحيّة المتميّزة في ألفاظها – فهي مأخوذة من اسم الله " السلام " كما في الحديث الصحيح – العميقة في مدلولاتها – بما تحمله من معاني الرحمة والمودّة – العظيمة في تأثيرها – فأثرها واضحٌ في توثيق العلاقات وصفاء القلوب – هي خير بديل عن تحايا أهل الجاهليّة ، فلا عجب إذاً أن يحسدنا اليهود عليها ، كما ثبت في حديث
عائشة
رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال :
( ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين )
رواه الإمام
البخاري
في الأدب المفرد .
وقد دلّت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية على فضل هذه التحيّة ، فبيّن الله عزوجل كونها تحية أهل الجنة ، قال تعالى :
{ وتحيتهم فيها سلام }
( يونس : 10 ) ، وفي السنّة ذكرٌ للأجر المترتّب عليها ، فعن
أبي هريرة
رضي الله عنه أن رجلا مرّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلس فقال : سلامٌ عليكم ، فقال له :
( عشر حسنات )
، ثم مرّ آخر فقال : سلام عليكم ورحمة الله ، فقال له :
( عشرون حسنة )
، ثم مرّ ثالثٌ فقال : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال له :
( ثلاثون حسنة )
،رواه
ابن حبان
في صحيحه .
وكذلك بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – أثر هذه التحيّة في تقوية الروابط الأخويّة فقال :
( أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم )
رواه
مسلم
، وأوضح أنها سببٌ من أسباب دخول الجنّة فقال :
( اعبدوا الرحمن ، وأطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، تدخلوا الجنة بسلام )
رواه
الترمذي
، وجعلها النبي – صلى الله عليه وسلم حقّاً من حقوق الأخوة فقال :
( حق المسلم على المسلم ست – وذكر منها - إذا لقيته فسلّم عليه )
رواه
مسلم
، ونهى عن تركها واعتبر ذلك دليلاً على بخل صاحبها فقال :
( أبخل الناس من بخل بالسلام )
رواه
الطبراني
، وجعلها علامة المصالحة وعود الود فقال :
( لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )
متفق عليه .
وبالعودة إلى سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، نجد أنه كان من أكثر الناس إفشاءً للسلام ، دون أن يفرّق بين صغيرٍ وكبير ، وصديقٍ وغريب ، ورجلٍ وامرأة ، فها هو عليه الصلاة والسلام يمرّ على قومٍ لا يعرفهم ولا تربطه بهم علاقة ، في مكانٍ يُقال له " الروحاء " فيبتدرهم بالسلام ، رواه
أبو داود
، وأشار إلى فضل ذلك عندما سئل : أي الإسلام خير فقال :
( أن تطعم الطعام وتقرأ السلام ، على من عرفت ومن لم تعرف )
متفق عليه .
وكان يمرّ على الجماعة من الغلمان فيسلّم عليهم ، كما حكى عنه خادمه
أنس
رضي الله عنه ، ويمرّ عليه الصلاة والسلام على جماعة من النساء فيسلّم عليهنّ ويعظهنّ – كما حدّثت بذلك
أسماء بنت يزيد
رضي الله عنها - .
وفي كيفيّة سلامه عند الدخول على أهل بيته يقول الصحابي الجليل
المقداد بن عمرو
رضي الله عنه : " ..يسلم تسليما لا يوقظ نائما ، ويسمع اليقظان " رواه
مسلم
.
وقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه جملةً من الآداب المتعلّقة بهذه التحيّة ، منها : أن الراكب يسّلم على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير ، والصغير على الكبير ، ويُرشد عليه الصلاة والسلام إلى الإكثار من السلام فيقول :
( إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه )
رواه
أبو داود
، وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم – السلام عند المجيء إلى القوم ، والسلام عند الانصراف عنهم ، كما قال :
( إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم ، فإن بدا له أن يجلس فليجلس ، ثم إذا قام فليسلم ؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة )
رواه
الترمذي
، إضافةً إلى هدي القرآن في الحث على ردّ التحيّة بأحسن منها أو مثلها كما قال تعالى :
{ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا }
(النساء86
.
وهذه الآداب المذكورة سابقاً إنما هي مختصّة بالمسلمين دون غيرهم ، فلا يجوز ابتداء الكفّار بتحيّة الإسلام كما قال - صلى الله عليه وسلم - :
( لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام )
رواه
مسلم
، والنهي هنا عن لفظ السلام خاصّةً لما يتضمّنه من معانٍ خاصّة لا تنبغي لكافر ، ويُمكن بدلاً عن ذلك تحيّتهم بغيرها من ألفاظ الترحيب ، وأما ردّ السلام عليهم فيكون بمثلها دون زيادةٍ في ألفاظها أو تعدٍّ على أصحابها ؛ فإن ذلك منافٍ لمعاني الرفق والحلم مع المشرك ، يشير إلى ذلك حديث
عائشة
رضي الله عنها أن يهوداً أتوا إليه - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : السام عليكم ، فردّت عليهم : عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم ، فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
( مهلا يا
عائشة
، عليك بالرفق ، وإياك والعنف والفحش )
، فقالت له : أو لم تسمع ما قالوا ؟ ، فقال :
( أو لم تسمعي ما قلت ؟ رددت عليهم ، فيستجاب لي فيهم ، ولا يستجاب لهم )
متفق عليه
وكان هديه – صلى الله عليه وسلم – إذا مرّ بجمع يضمّ مسلمين وغيرهم أن يسلم قاصداً بتحيّته المسلمين ، فقد أخبر
أسامة بن زيد
رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ بمجلس وفيه أخلاط من المسلمين واليهود فسلّم عليهم ، رواه
الترمذي
.
والمشهور من تحيّة النبي – صلى الله عليه وسلم – قول : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" ، وفي الرّد : " وعليكم السلام ورحمة الله " ، وأحيانا كان يردّ بقوله : " وعليك ورحمة الله " ، كما جاء في حديث
أبي ذر
رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ردّ على تحيّته بقوله :
( وعليك ورحمة الله )
رواه
مسلم
.
وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يكره أن يقول المبتديء : " عليك السلام ، فقد جاء عن
جابر بن سليم
رضي الله عنه أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : عليك السلام يا رسول الله ، فقال له :
( لا تقل عليك السلام ؛ فإن عليك السلام تحيّة الميت ، قل السلام عليك )
رواه
أبو داود
.
كما جاء النهي عن السؤال أو دعوة أحدٍ إلى الطعام قبل السلام ، كما جاء في قول النبي – صلى الله عليه وسلم - :
( السلام قبل السؤال . فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه )
رواه
ابن النجار
، وفي حديث آخر :
( لا تدعوا أحدا إلى الطعام حتى يسلّم )
رواه
الترمذي
، وكذلك جاء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله :
( لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام )
رواه
أبو يعلى
.
وللمعاني التي تحملها تحيّة الإسلام والآثار التي تحقّقها شرع النبي – صلى الله عليه وسلم- تبليغ سلام الغائبين إلى أصحابه ، أو طلب توصيل السلام إليهم ، كما بلّغ النبي – صلى الله عليه وسلم – سلام
جبريل
عليه السلام إلى زوجته
خديجة
رضي الله عنها ، وإلى
عائشة
رضي الله عنها .
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا بلغه أحد السلام عن غيره أن يرد عليه وعلى المبلغ ، كما ثبت في سنن
أبي داود
أن رجلا قال له عليه الصلاة والسلام : إن أبي يقرئك السلام ، فقال له :
( عليك وعلى أبيك السلام )
.
أما رد السلام فقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – وجوبه ، وجعله حقّاً من حقوق الأخوّة الإسلاميّة فقال :
( حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام )
متفق عليه ، إلا
في حال الصلاة فكان عليه الصلاة والسلام يشير باليد ولا يردّ التحيّة باللفظ ؛ لتحريم الكلام في الصلاة كما جاء في الحديث الصحيح :
( إن في الصلاة لشغلاً )
متفق عليه ، وفي حديث
عبد الله بن عمر
رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – خرج إلى قباء يصلي فيه ، فجاءته الأنصار فسلموا عليه وهو يصلي ، فكان يرد عليهم هكذا – وبسط كفّه – " ، رواه
أبو داود
، وعن
جابر
رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم لحاجة - ، ثم أدركته وهو يصلي فسلمت عليه ، فأشار إلي ، فلما فرغ دعاني فقال :
( إنك سلمت علي آنفا وأنا أصلي )
رواه
النسائي
.
ومما يُشار إليه هنا أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ترك السلام أو الرّد عليه في بعض الأحوال وعلى بعض الفئات ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يكره أن يسلّم على غير طهارة أو وقت قضاء الحاجة ، ففي حديث
ابن عمر
رضي الله عنهما قال : مرّ رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه السلام ، رواه
النسائي
، وفي رواية
أبي داود
: ثم اعتذر إليه فقال :
( إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر ، أو قال على طهارة )
.
وترك النبي – صلّ الله عليه وسلم – السلام على بعض العصاة إشعاراً لهم بمعصيتهم وعظيم جرمهم ، كما فعل مع
كعب بن مالك
رضي الله عنه وغيره من المتخلّفين عن غزوة تبوك ، ومع الرجل الذي اتّخذ خاتماً من حديد كما عند
البخاري
في الأدب المفرد .
تلك إشراقةٌ من إشراقات أدبه عليه الصلاة والسلام وخلقه ، ومنهجه وسنّته ، فمن تمسّك بها سعد بآثارها ، وتنعّم بأجورها ، ومن تركها فقد فاته الخير العظيم ، والمحروم من حرمه الله .
اسلام ويب
محب الصحابه
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى محب الصحابه
البحث عن المشاركات التي كتبها محب الصحابه