وهاهو البارت السادس...
البارت السادس (زيارة لبيت جدي..) **
أخذت مارشا التي تعمل في شقة مارك بتنظيفها ركناً ركناً حتى وصلت إلى غرفة ذاك الأخير ..فدخلتها وصدمت مما رأته..إنها مقلوبة رأس على عقب .. غطاء السرير الذي كان مرمياً على الأرض والوسادات التي كانت موضوعة بشكل عشوائي على السرير نفسه ..باب خزانة الملابس المفتوح بأكمله والثياب المتناثرة بجانبه ..والنافذة المفتوحة التي يدخل من خلالها الهواء ليحرك الستائر البيضاء برشاقه.. وأوراق الكتاب المفتوح الموضوع على الطاولة التي تحت النافذة مباشرة ... تنهدت مارشا باستياء..فهذه الغرفة تحتاج إلى أن تبذل ضعف جهدها الذي بذلته لتنظيف الشقة بأكملها ..لكنها تركت هذه الأفكار خلفها.. وشرعت ترتب الغرفه ...أتجهت إلى السرير وأعادت الوسادات إلى مكانها ثم حملت الغطاء من على الأرض ووضعته على السرير بشكل مرتب.. ثم إلى الخزانه فحملت الثياب المتناثر على الأرض وأعادتها في مكانها و أغلقتها ثم اتجهت إلى الطاولة التي تحت النافذة وفي تلك اللحظة هب الهواء لتتطاير خصلات شعرها برقة فابتسمت بهدوء والهواء لا يزال يحرك شعرها فأنزلت نظرها إلى الكتاب الذي تتحرك صفحاته بفعل الهواء ولما حملته..
(مالذي تفعلينه في غرفتي يا مارشا؟..)
استدارت تلك الأخيرة إلى الخلف على الفور لتجد مارك يمسك بمقبض الباب وهو ينظر إليها بعينيه العسليتين نظرة جامدة..فقالت بارتباك وهي تغلق الكتاب وتضعه على الطاولة: أنـ..أني أرتب ..الغرفة وحسب... صدقني لم أكن افعل شيء اخر..
فقال وهو يدخل للغرفة متجهاً لسريره: حسناً أخرجي الآن..وشكراً لك على ترتيبك للغرفة..
فأومأت مارشا برأسها إيجاباً ثم خرجت من الغرفة بخطوات سريعه..واغلقت الباب خلفها بهدوء..
استنشق مارك هواء ملئ به رئتيه ثم زفره بهدوء..والتفت إلى الطاولة الملتصقة بسريره والتقط صورة تلك المرأة الموضوعة في إيطار ذهبي واخذ ينظر إليها بعينين ملؤهما الحزن..
....................................**
أنتهى رين من دراسة تلك الصفقه وأغلق الملف الأزرق ثم أخذ يفرك عينيه بأطراف اصابعه..بعدها ألقى بنظرة على ساعة يده وإذا بها الساعة الثالثة عصراً فنهض من على الكرسي وخرج من المكتب متجهاً إلى المصعد دخل فيه ليهبط به إلى الطابق الأول ثم خرج منه ليتفاجئ بوجود أوليفان جالساً خلف مكتبه وهو لايزال يعمل ..فاتجه إليه وقال: أوليفان ألن تذهب إلى منزلك ..لقد خرج الموظفون منذ زمن؟..أم أنك لم تنتهي من عملك بعد؟.
فقال ذاك الأخير وهو يغلق الملف الذي بين يديه ويدخله في الدرج الأول للمكتب: بلى يا سيدي لقد أنتهيت وأنا الآن عائداُ إلى المنزل..
فقال رين بابتسامة ساخره: يبدو أن مارك أول الخارجين ..أليس كذلك؟
فابتسم أوليفان وقال: بلى هو كذلك ..
فابتسم رين بهدوء وقال: حسناً إذا.. انا الان ذاهب إلى المنزل اراك غداً..
فبادله أوليفان الأبتسامه وقال: إلى اللقاء سيدي..
ثم خرج رين من الشركة وركب سيارته الفخمه عائداً إلى منزله.. وتبعه بذلك أوليفان..
وفي منزل رين ..دخل ذاك الأخير في غرفته وخلع سترته الرسميه للعمل ثم دخلت خلفه ماري وقالت بصوتاً هادئ: رين ..
فلتفت إليها وقال: ماذا؟..
فجلست على السرير الفخم وقالت: انا لم أرى مارك منذ زمن..لذلك أود أن أدعوه إلى هنا ..لقد أشتقت إليه..
ابتسم رين وقال: افعلي ما تشائين عزيزتي ..
فبادلته تلك الأخيره بابتسامه سعيدة وقالت بحماس: سأجهز له الكعك الذي يحبه،والعصير الذي يحبه أيضاً ،سأجهز له كل مايروق له...ثم نهضت من على السرير وغادرت الغرفة..بينما ظل رين يتطلع لمكان جلوسها وهو يقول بتعجب: أكل هذا حماس؟..
..........................**
رنّ هاتفه الموضوع على الطاولة التي تحت النافذة بتلك الأغنية التي تطرب من يسمعها على الفور.. فالتقطه صاحبه وأجاب دون أن ينظر إلى اسم المتصل وقال: مرحباً ..
-أهلاّ بك بني..
سكت الشاب قليلاً وهو يقول في نفسه: صوت أمرأة ..ثم نظر إلى هاتفه وإذا به رقم منزل..دقق فيه قليلاً ثم رفع حاجبيه للأعلى ووضع الهاتف على أذنه من جديد وقال بذهول: جدتي ماري؟..
فقالت تلك الأخيرة بابتسامة حنون: أجل مارك ..أنها هي...
فرسم ابتسامة على شفتيه وقال: أهلاً وسهلاً بك جدتي..لقد أشتقت إليك كثيراً..
فقالت الجدة بنبرة عتاب: مشتاقاُ إلي وأنت منذ شهراً لم تأتي لزيارتي و رأيتي.. ؟؟
فقال مارك وهو يدس أصابعه في شعره وابتسامة متوترة مرتسمة على شفتيه: أوه جدتي، أستميحك عذراً..فلدي أعمال منعتني من المجيء إليك ..
فقالت وهي لاتزال تعاتبه: انا لا اصدقك.. فلقد قلت لي هذا الكلام مسبقاً..ثم أستطردت قائلة بصوتاً حرك مشاعره وهز وجدانه: لكن هذا لا يهم الآن...بني لقد اشتقت إليك ..اريد رؤية وجهك وعيناك ..أريد رؤيتك.. تعال إلى المنزل..أرجوك..
صمت مارك قليلاً وهو لا يعرف ماذا يقول صمت لأنه شعر بشيء غريب حرك قلبه ومشاعره فقالت الجدة بعد ان طال صمته: بني مارك ..هل انت معي.؟؟.
فقال بصوتاً هادئ يمتزج بالحنين: حاضر ياجدتي..سأتي إليك الليلة في الساعة السابعه..
فقالت بفرح كبير: حقاَ؟..سأنتظرك على أحر من الجمر يا حبيبي..
فقال بابتسامة حزينه: حسناً ..إلى اللقاء..
الجدة: إلى اللقاء..
أغلق الهاتف وأنزل يده ثم أتجه إلى النافذة الأخرى التي على الجهة اليسرى من نفس الجدار ووقف أمامها لتهب نسمة هواءً عليلة وتحرك شعره البني الداكن نظر للسماء الزرقاء التي زينت بغيوم بيضاء صافيه وشد على الهاتف بغبضته وقال: أمي..
............................**
جهزت الجدة ماري كعكة كبيرة الحجم بمساعدة خادمتين ..ثم زينتها بالكريما وبحبات من الفراولة فهي أعلم الناس بحب مارك للفراوله.. ثم قامت بتجهيز عصير التوت ووضعت فيه الكثير من مكعبات الثلج ثم وضعته في الثلاجه..ابتسمت بسعاده عندما انتهت..لقد كان الفرح عنوانها هذه الليله..فهي جهزت كل شيء بنفسها تقريباً..وكل هذا كان من أجل مارك..من اجله وحسب..فلقد اشتاقت إليه حقاً ..كلامه.. صوته..عيناه .. افعاله..ابتسامته وضحكته ..وعلى الرغم من أنه مشاكس ويفتعل المشاكل في اغلب الأحيان إلا انها لاتستطيع ان تكف عن حبها له..فهو شبيه والدته الراحله التي احبتها واعتبرتها مثل ابنتها بل اكثر..
مضى الوقت سريعاً..واتت الساعة السابعة التي انتظرتها الجدة بفارق الصبر ..طرق مارك باب منزل الجدين ولم يلبث في الخارج إلا دقائق حتى اتت إحدى الخادمات وفتحت له الباب فرحبت به ودخل للمنزل واتجه لغرفة الضيوف ..جلس على الأريكة المخملية ذات اللون الرمادي ووضع حقيبته السوداء ذات السيرالطويل -الذي اعتاد على حملها- بجانبه..كان شاب وسيماً..فهو يرتدي بنطالاً رمادياً داكن ..وبدلة سوداء من دون أكمام وفوقها سترة بيضاء خفيفه من دون أكمام أيضاً مرفقة بقبعة ..وبعد دقائق معدوده اتت ماري والأبتسامة شقت طريقها على شفتيها عندما رأته وفعل هو المثل ثم نهض من على الأريكة ليسلم عليها ويقبل رأسها لكنها فاجأته باحتضانها له ..أحضنته بكل معنى للشوق ..بينما هو ظل واقفاً في حضنها ولم يلف ذراعيه على جسدها كما هي فعلت بل ظل ينظر للفراغ بعينين متسعتين فآخر مرة يتذكر بأنه أحتضن من قبل احدهم كان قبل سبع سنوات..
فابتعدت ماري عنه وهي لا تزال مبتسمه وتضع يديها على ذراعيه وتقول: آه يا حبيبي..ما أروعك..
فقال بابتسامة متوترة: شكراً ..لك جدتي..
فقالت وهي تمسك بيده وتشده للجلوس معها على الأريكة الرماديه: تعال ،تعال واجلس بجانبي ...ولما جلسا بجانب بعضهما قالت له بسعاده: آه يا بني لكم كنت مشتاقة لرؤيتك..وأخيراً ها قد فعلت..ثم أستطردت قائله: قل لي بني هل انت مرتاح مع جدك في عملك في الشركة..
فقال مارك باستغراب: وكيف عرفتي بأني أعمل مع جدي في شركته؟..
فقالت وهي تغمز له بعينها: لقد سألته واخبرني..
فقال مارك بابتسامة مصطنعه: جدي إذاً؟..
أومأت ماري برأسها إيجاباً ثم شهقت وكأنها تذكرت شيئاً ما فقالت وهي تقف من على الأريكة: المعذرة بني ..سأذهب لدقائق عدة ثم سأعود..
أومأ مارك برأسه ثم قال بتعجب: حسناً..
فذهبت ماري للمطبخ بينما كانت على وجهه علامات الأستفهام.. ؟
********************
نزل رين من الأعلى واتجه إلى غرفة الضيوف فوجد هناك مارك يجلس على الأريكة وهو يعبث بهاتفه المحمول فاتجه إليه وجلس على الأريكة الأخرى التي بجانبه وقال: يبدو وانك تشعر بالملل؟..
فرفع مارك رأسه وقال: أجل هذا صحيح..لقد تركتني جدتي هنا وذهبت إلى حيث لا اعلم..
فقال رين بابتسامة:لا عليك ..لن تشعر بالملل بعد قليل..
رفع مارك حاجبيه للأعلى وقال باستغراب: ماذا تعني؟.
تجاهل رين سؤاله ونظر إلى ساعة يده وابتسم ثم وقف من مكانه وامسك بيده وسحبه معه قائلاً: تعال معي..
استغرب مارك فعله هذا ثم قال: ما الخطب يا جدي ؟..تبدو انت وجدتي غريبا الأطوار ..
فالتفت رين إلى مارك وهو لايزال يسحبه من يده ثم عاود النظر إلى الأمام وقال: ها قد وصلانا..
توقفا امام غرفة مغلقة فقال رين وهو يهم بفتح الباب: أغمض عينيك..
فأغلق مارك عينيه بحيرة ليفتح رين باب الغرفة ويسحبه من يده برفق لداخلها فمشيا عدة خطوات ولما اصبحا في الموقع المطلوب توقفا فقال رين: افتح عينيك الآن يا مارك..
ففعل ذاك الأخير ماطلبه منه جده وكانت المفاجأة شيء كبير..طاولة كبيرة ..وضع في وسطها كعكة كبيرة مزينة بالكريما والفراولة ..وكؤوس زجاجية مرتبة بشكل رائع بجانب كل منها صحن زجاجي وسكينة وشوكة..ولن أنسى أبريق عصير التوت أيضاً.. بالأضافة إلى حلويات أخرى وكثيرة..أما بالنسبة للزهرية فلقد وضعت بها ورود كثيرة بألوان زاهية مرتبة بعناية فائقه..والشموع كذلك فلقد أضافت على الطاولة مظهراً رائعاً وخلقت من ذلك جواً شاعرياً..وربما لن ينسى للأبد..
فقالت ماري التي كانت موجودة في الغرفة مسبقاً: ها؟؟ ما رأيك يامارك ؟..
فقال ذاك الأخير بتفاجئ كبير: في الواقع..لا أعلم ماذا اقول..لكن لا اعتقد بأني سأنسى هذه الليلة مطلقاً..
ابتسمت ماري بسعادة ثم قالت وهي تمد السكين له: حسناً إذا عليك بتقطيع الكعكة التي صنعتها من أجلك..
أخذ مارك السكين من يدها وقال: حسناً....ثم قطع الكعك ووزع ثلاث قطع صغيرة في ثلاثة صحون وسكب رين العصير في ثلاث كؤوس أيضاً وشرع الثلاثة بالأكل بفرح وهم يتبادلون أطراف الحديث.. فقالت ماري وهو تقرب قطعة صغيرة من فمها بواسطة الشوكة: مارأيك بالكعكة يا مارك؟
فقال بابتسامة: إنها لذيذة يا جدتي.. لم يتغير طعمها ابداَ..شكراً لك..
فقالت بابتسامة: إن هذا يسعدني..
وبعد قليل وقفت ماري وقالت: سأجلب آلة التصوير لنلتقط صوراً تذكاريه..
رين: أجل ...فكرة رائعه..
ماري: دقائق وسآتي..ثم غادرت الغرفة لجلب الكاميرا.. بينما قال رين وهو يقطع كعكته بالشوكة: ما رأيك يا مارك بأن تنام عندنا هذه الليلة؟..
فقال ذاك الأخير تعجب: ماذا؟..
.................**
اتمنى بحق ان اجد من الردود مايكفي.. |