تكملة البارت السابق وقف أمام البحر الذي انعكست عليه أنوار إنارات طرقات المدينه فأصبح كقطعة من قماش الحرير الناعم الذي نثرت فوقه الكثير من الجواهر واليواقيت بجميع ألوانها وأشكالها لتتلألأ عند سقوط الضوء عليها..
وقف امامه طويلاً جداً ونظر إليه لكنه لم يشعر بأنه تخلص من أحزانه وآلامه كما هي العادة ..فهو عندما يجتاحه الألم والحزن ومشاعر الضيق يذهب للبحر ويقف طويلاً عنده ينظر إليه وإلى الأمواج التي ترتطم بالصخور ..وبعد ساعات ليست بطويلة يشعر بمشاعر آخرى غير تلك التي تشعره بأنه وحيداُ في هذا العالم..أما في وقفته هذه شعر بأنه قد حمل أحزاناً وآلاماً أكثر مما يطيق ويستطيع.. لذا قرر أن يعود من حيث أتى ..
..................................**
ولما أتى منتصف الليل و أصبحت الساعة الثانية عشر وقفت ماري من مكانها وقالت بنفاذ صبر والقلق يكاد يتلف اعصابها: لا لا ..لم اعد أطيق صبراً ..إذهب يا رين وابحث عنه ..
فقال رين وهو يقف من على الأريكة هو الآخر: ماري..اهدئي وكفي عن قلقك هذا..فلربما تجدينه الآن أمامك..
وبالفعل دخل مارك إلى المنزل بعد جملة رين التي قالها وهو مطأطأ برأسه في الأرض.. فاتجهت إليه ماري بسرعه واخذت تتفحص كل عضو في جسمه وهي تقول بخوف: مارك..هل انت بخير يا بني .الم تصب بمكروه..كنت اتصل بك ولا تجيب ..لماذا تفعل بي هذا وأنت تعلم بأني أخاف عليك حتى من الهواء...؟
طال صمته وهو لا يزال على وضعيته السابقة..فقال له رين بنبرة عتاب: مارك ..لما تتعمد إثارة قلقنا عليك دائماً و...فصمت فجأة عندما رفع ذاك الأخير رأسه وعيناه العسليتان قد تلألأتا بالدموع التي سقطت على خديه فقال ووجنتيه قد أصبحتا محمرتين: أنا آسف ..آسف..لكني لم أعد استطيع التحمل اكثر..لقد تعبت حقاً..أشعر وكأني أحمل جبلاً على صدري ..أريد رؤيتها..لقد أشتقت إليها كثيراً..تعبت يا جدتي.. ثم أخذت الصورة باتباطئ عندما أخذ يسقط على الأرض وعيناه تغلقان ببطء وشعره البني يرتفع بفعل الهواء الذي كان بعكس سقوطه وهو يقول بخفوت يكاد يسمع: تعبت يا جدي..
سقط على الأرض مغمى عليه ..ففزع رين وماري وجلسا بجانبه بخوف شديد فأخذا يناديان بأسمه يحركان جسده لكن..دون مجيب...
........................**
أغلق الطبيب يسيولا الخاص بعائلة داني حقيبته التي تحتوي على أدواته الطبية ثم وقف من على الكرسي الذي يجاور سرير مارك وقال:لا تقلقا سوف يكون بخير ..إنه مجرد إرهاق ..فقط يحتاج إلى الراحه..
فنظرت ماري بارتياح إلى مارك الذي يستلقي على سريره بهدوء وقد سكن روعها وفعل رين المثل ثم قال: حسناً شكراً لك دكتور يوسيولا ..
فقال وهو يستعد للخروج: لاشكر على واجب سيد رين..ثم خرج من الغرفه وبعدها من المنزل بأكمله بينما اتجهت ماري إلى مارك وجلست بجانبه على طرف السرير ثم أخذت تنظر إليه بتمعن وحزن وهي تمسح على شعره بهدوء..ثم قالت بصوت منخفض: مسكين يا مارك اشعر بالأسف تجاهك..
فقال رين بنفس مستوى انخفاض صوت ماري: منذ الصباح وهو لم يكن على مايرام.. لذا أنا لا أعجب من الذي حصل..لكن ما يحيرني تلك التي يريد رؤيتها والتي اشتاق إليها،من هي؟... ثم رفع نظره إلى ماري وقالا في نفس الوقت: إنها والدته..
ثم أردف رين وهو يقول: هيا بنا لنخرج وندع مارك يرتاح..فلقد مكثنا هنا بما يكفي..
فأومأت ماري برأسها ثم قربت شفتيها من جبين مارك وقبلته لتنهض بعدها خارجة من الغرفة هي ورين تاركين مارك خلفهما لوحده... |