~ 1 ~
~ الأمنية ~
الجو عاصف و هزيم الرعد يغطي المكان الموحش , فتاة راكضة حافية القدمين تغطي جسدها النحيل بملائة بالية , كانت تركض بقلق و عينيها تنصبان على تلك القلعة المهجورة في وسط الغابة .
توقفت للحظة ملتقطة ً ماتبقى من شجاعتها البسيطة و عينيها الخضراوين ملئتهما الدموع الدافئه , مسحتها على عجل و هبت الرياح القاسية نحوها فطارت الملائة التي تحميها و ظهرت لنا بشعرها الأحمر ووجهها الهادئ الجميل .
ركضت لتلحق بالملائة فوجدتها عالقه بأعلى شجرة ميتة المظهر لا تشبه الأشجار الأخرى , أرادت أن تتسلق الشجرة لكن الآخرى تحركت نحوها بشكل مخيف .
إرتعدت من فم الشجرة المتحركة التي كان واسعاً و طلبتها بهدوء :
" أرجوكِ ؟... أريد ملائتي ؟..".
تحدثت الشجرة بصوت خشن :
" هل أنتي أنجي ؟... أنجي بريكسل ؟ ".
أومأت أنجي بخوف موافقه .
تحرك غصن الشجرة المقفر العلوي و رمى بالملائه عليها و تمسكت أنجي به براحه فقالت الشجرة :
" إنه ينتظرك في ذلك القصر المهجور ... عليكِ الإسراع ... إنه يكره التأخير ".
أومات أنجي برأسها و إرتدت الملائة عليها ثم ركضت نحو القصر المهجور بينما نظرت الشجرة نحوها و قالت بصوت ضحكةِ مخيفة :
" فتاة أخرى حمقاء تقع في شركه ...! ".
و إشتد ضوء البرق حول المكان وسط ظلام الغابة المخيفة .
...#...
كان القصر مهجوراً فعلاً فلم ترى أنجي أي تحرك من أي كائن بشري أو حيواني بها و كأنها لا تمس من قبل أي شيء , و أكثر ما أدهشها هي تلك الأبواب الخشبية القديمة التي تفتح لها مرحبه و كأن هناك من يسكنها !.
لم تهتم أنجي بشيء من هذا فالأهم هو لقائه .
تحركت في وسط القصر الفارغ و فتح الباب الأخير لترى أمامها ذلك الظل الطويل المخيف ...إنه هو !.
ركضت نحوه و عندما دخلت الغرفة أغلق الباب من خلفها ليملئ قلبها الصغير الخوف .. وهذا ما أرده !.
" أنجي بريكسل ؟!"
قالها ذلك الرجل الطويل الذي يغطيه رداء أسود , إلتفت بجسده نحو أنجي و لم يظهر لنا وجهه , كان يغطيه بذلك الرداء الأسود و كأنه يخاف من أن يراه أحد !.
أكمل الرجل حديثه بصوت مخيف و هادئ :
" لقد وصلتي أخيراً ! ".
صرخت أنجي نحوه :
" نعم !... لقد أتيت كما أردت فأين هم ؟ ".
ظهرت يدي الرجل و ياله من شيء مخيف !... لم تكن أيدي أنسان كانت نحيله جداً و ذات أظافر طويله .
" من تقصدين يا أنجي بريكسل ؟ ".
كانت أنجي تحاول أن تكبت نفسها الباكيه الثائرة قفالت بصوت مخنوق حزين :
" أبي ؟.. أمي ؟ .. أختاي الصغيرتين ؟ ".
أشار الرجل الطويل - الغريب - بيده النحيله اليمنى لتراهم أمامهم !... وصعقت مما رأته بل و كأن قلبها طعن بسكين ناريه و جعله يتعذب للأبد .
لقد كانت هناك أربعة أسرة أمامها و كل واحد منها مغلف بحاجز ثلجي قوي .
إنهمرت دموع أنجي و ركضت نحوهم و لكن هناك شيء يبعدها عنهم ... إنه سحر ذلك الرجل الطويل !.
لقد رمى بها بعيداً نحو جدار الغرفه و شعرت بألم في كل أنحاء جسدها , صرخت باكيه و إقترب منها بهدوء و ردائه يصدر فحيحاً جميلاً .
" أسف يا صغيرتي يصعب عليكِ أن تقابلهم الآن ".
تغلغل الحزن كلمات أنجي القائله :
" مالذي تريده ؟... لماذا لا تتركنا نكون سعداء كالبقية ؟".
رفع جسدها الرجل بيده اليمنى وقال بغضب :
" و من قال بأنكم سعداء ؟ ... حمقاء !. ".
نظرت أنجي بعينين غاضبتين دامعتين :
" و مالذي تعرفه أنت ... عن السعادة ؟! ".
صدر صوت ضحكة صغيرة مخيفه من الرجل الطويل و قال :
" إذ لم أحصل على النهاية السعيدة ... لن يحصل عليها أحد في هذا العالم !".
ورمى بها نحو منتصف الغرفة , وقعت أنجي متألمه و أمسكت بمعدتها التي ألمتها بشدة و خرج بعض الدماء من شفتيها الصغيرتين , سعلت دماً و رفعت رأسها لتجد قدمي الرجل الطويل أمامها ينظر نحوها من أعلى قائلاً :
" يجب عليكِ تنفذي ما أريده إن أردتي أن تري عائلتكِ مجدداً ".
مسحت الدم بكفها و نظرت إليه بحنق :
" قل ما تريد أيها اللعين ! ".
ضحك الرجل الطويل بصوت عالي و كأنه أعجب بما قالته و قال :
" يبدو بأنكِ أصبحتِ مختلفه قليلاً ".
" أخرس و أخبرني ما تريده الآن ".
" حسناً يا أنجي بريكسل ".
فرقع الرجل الطويل بإصبعيه فظهر باب في الجدار , كان مختلفاً عن أي باب رأته أنجي في حياتها , لقد كان براقاً و يكسوه اللون الأزرق الفاتح و جميل بشكل غريب !.
نظرت أنجي نحو الباب بإستغراب :
" ماهذا ؟ ".
إقترب منها الرجل الطويل و قال بصوت منخفض و كأنه لا يود أحد أن يستمع لهما :
" إنه باب يؤدي إلى مكان مختلف و أود منكِ أن تجلبي شيئاً من هناك ".
نظرت أنجي نحوه بجديه :
" ما هذا الشيء ؟ ".
" لنقل بأنه ... شيء زجاجي جميل ... ! ".
" ماهو ؟ ".
" ... حذاء سندريلا الزجاجي ! ".
...#...
إستمرت أنجي بالتحديق نحوه و لم تكن على نظراتها الدهشه ,
كانت موقنه بأن عالمها مرتبطاً بعوالم أخرى و لكن لم تتوقع يوماً بأنها من ستذهب إلى هناك .
" وكيف سأعود إلى هنا ؟ ".
أدار الرجل الطويل جسده حولها و قال :
" لا تقلقي !... عند حصولكِ على ماتريدين ستفتح لكِ باب إلى هنا كل ما عليكِ هو القفز نحوها قبل إغلاقها ".
نظرت أنجي نحو البوابة البراقة و إقتربت لها أكثر قائلة :
" و إن لم أستطيع الخروج في الوقت المناسب ".
وضع الرجل يديه المخيفتين على كتفي أنجي و همس برعب :
" عندها يجب أن تودعي عائلتكِ و تنسي أمرهم ! ... فأنا لا أستطيع أن أفتح الباب مرة أخرى ! ".
حركت أنجي رأسها نحو عائلتها المتحجرين داخل أسرة ثلجية , و نزلت دمعة حارقة من عينيها .
" أوه ! ... إنكِ حزينة يا أنجي بريكسل ! ... لماذا كل هذا البؤس الذي يعتريكِ ؟ ... كل ما ستفعليه أن تجلبي لي ما أريد و عندها سيعود شمل عائلتكِ البسيطة ".
طوال حديث ذلك الرجل الطويل شعرت أنجي بأن هذة آخر مرة سترى فيها عائلتها و
عند وصول دمعتها الدافئة للأرض الغرفة و إصطدامها وضعت كفها على شفتيها الداميتن و أرسلت قبلتها لهم بكل دفئ .
شعرت أنجي بأن يدي الرجل قد وضعت مرة أخرى على كتفيها ليرمي بعض الشفقة إليها , فأبعدتها عنها و إلتفتت للرجل الطويل :
" حسناً ... حذاء زجاجي ! ... لك ما أردت أيها اللعين ".
توجهت نحو الباب البراق و إلتف الرجل الطويل من السعادة التي تعتريه :
" أحسنتِ يا أنجي بريكسل !... أحسنتِ !!... ستكونين الآولى بالتأكيد ! ".
لم تفهم أنجي كلماته و عند وصولها للباب نظرت نظرة أخيرة مطولة نحو عائلتها
و لكنها لم تطول فلقد دفعها الرجل الطويل بحركة من يده لتدخل الباب و تصطدم بضوء قوي و غريب جعلها لا ترى شيئاً !.
...#...
تحركت حشائش كثيفة وسط الغابة و ظهرت فتاة صغيرة ذات شعر ذهبي من بينها , كانت ترتدي لباساً نيلي اللون و بقيت ثابته لا تبتعد عن الحشائش , إبتسمت سريعاً و حدثت نفسها :
" لن يجدونني هنا ! ".
سمعت الصغيرة صوت أحدهم قادم إليها و شعرت بالقلق بأن يجدوها فإستمرت بالتوغل داخل الحشائش الخضراء الكثيفة ثم وقعت فجأة على الأرض و بكت ,
و أتى صوت الشخص الذي خلفها من الحشائش فكانت إمرأة جميلة البشرة و شعرها الأصفر يتدلى خلفها و ردائها الملكي الأبيض أجمل من اأي حرير نسج !.
" إيزابيل ؟ ... صغيرتي أين أنتي ؟ ".
" أمي ! ... إنني هنا !. ".
إستمرت الصغيرة بالبكاء و أتت نحوها المرآة و حضنتها بهدوء .
" هل أنتي بخير ؟! ... هل حدثِ لكِ مكروه ؟ ".
أومات إيزابيل برأسها بلا و أشارت بيدها نحو المكان التي وقعت فيه , إلتفتت المرأة نحو المكان و شعرت بالخوف مما رأته .
أتى حارس ملكي من بين الحشائش صارخاً :
" هل أنتي بخير أيتها الملكه سندريلا ؟! ".
حملت سندريلا إبنتها بين ذراعيها و نظرت نحو المكان الذي وقعت فيه صغيرتها لتجد بأن هناك فتاة ذات شعر أحمر مستلقيه فاقدة الوعي بين الحشائش .
لقد كانت ...أنجي بريكسل !.