الجزء العاشر( محاولة في البقاء ..والعودة للعمل..)
عاد الجدين وحفيدهما إلى المنزل بعد أن حل الليل واصبحت الساعة الحادية عشر والنصف والأبتسامة لم تفارق شفاههم وكل واحداّ منهم يحمل عدداّ من الأكياس المحملة بالثياب التي اشتروها من المجمع التجاري ثم ذهبوا إلى غرفهم ليرتاحوا.. وفي غرفة مارك..خلع ثيابه واستحم ولبس ملابس نومه والتي هي عبارة عن بنطال واسع من القماش الخفيف وقميص واسع أيضاً باللون الأبيض..ثم خلد للنوم ليستعد للغد الذي سيكون حافلاً بالأحداث..
أشرقت الشمس كعادتها بأشعتها القويه التي لا تمل ولن تمل من الشروق على تلك المدينه.. لتبشرهم ببداية يوم جديد مختلف في كل شيء عن سابقه.. فاستيقظ مارك على صوت المنبه الذي تعالا صوته كثيراً فضغط على الزر ليسكت ويكف عن ازعاجه..ثم نهض من على السرير بتكاسل وذهب إلى دورة المياه ليغسل وجهه ولما انتهى خرج ليجفف وجهه بالمنشفه..فرمى بها على السرير وخرج من الغرفه لينزل إلى غرفة الطعام دون أن يبدل ملابس نومه حتى..جلس على الكرسي حول طعام الأفطار برفقه ماري ورين ثم تناول بيده خبزاً وأخذ يأكله بكسل... فقالت له ماري بابتسامة: لم تلقي التحيه يا مارك..
فنظر إليها ذاك الأخير نظرة بلهاء ثم استوعب ما قالته وقال: أه صحيح..ثم قال وهو يتثائب ويفرك شعره بيده: صباح الخير يا جدتي .. صباح الخير يا جدي..
فابتسم رين وماري في نفس الوقت ثم قالا معاً: صباح الخير يا مارك..
بعدها حل الصمت حتى انتهى الجميع من الأفطار..وعاد مارك إلى غرفته ليبدل ملابسه ويلبس بدلته الخضراء ذات الأكمام الطويله وبنطاله الأسود..ثم نزل إلى الصالة وجلس على الأريكة الرماديه الداكنة لمشاهدة التلفاز..فوضعه على فلم رعب وأخذ بمشاهدته ..فهو يحب مشاهدة هذه الأفلام..
.........................................**
ولما حلً العصر أخذ مارك بترتيب ملابسه في حقيبته التي وضع فيها ملابسه مسبقاً وأخذ مفتاح سيارته وهاتفه المحمول وخرج من غرفته ليتجه إلى غرفة جدّيه فطرق الباب وانتظر خارجاً حتى سمع صوتاً يدعوه للدخول.. ففتح الباب وبقى مكانه ليقول بابتسامه هادئه: أرجو المعذرة..
فالتفت ماري التي تجلس على الكرسي الذي تقابل به المرآة وقالت: مارك..ماذا هناك بني؟..
فقال وهو لايزال واقفاً في مكانه: اممم..لقد اتيت إلى هنا كي اسلم عليكما فأنا عائداُ إلى شقتي..
فرفع رين حاجبيه ووقفت ماري من مكانها واتجهت إليه لتقول: ماذا قلت؟..
فأعاد مارك ما قاله لتقول ماري بشيء من الحزن: لكني لم أشبع من رؤيتك بعد بني ..
فنظر مارك إلى جده الذي يجلس على الكرسي بالقرب من النافذة ثم أعاد النظر إلى جدته وقال: لكني هنا منذ يوم الأربعاء واليوم يوم الجمعه..
فقالت ماري وقد وضعت يديها على صدره: اعلم هذا..لكني اريدك ان تبقى هنا..
فوضع مارك يده على يدي جدته ثم رفعهما عن صدره وقبلهما ليقول: حسناً..سأبقى هنا إلى أن يحل الليل..ما رأيك..؟
فأبعدت ماري يديها عن يديه واستدارت لتعطيه ظهرها وقد تجمعت الدموع في عينيها لتقول: أنت لم تفهم قصدي..
فعقد مارك حاجبيه ونظر إلى جده الذي أكمل قائلاً: إنها تعني أن تنتقل إلى هنا لتعيش معنا إلى الأبد..
في تلك اللحظة قال مارك بانفعال: مستحيل..
فالتفتت ماري إليه وقالت بنبرة صوت مرتفعه وحزينه: ولما هومستحيل؟؟
فقال مارك بحزن وقد اشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى: لقد تناقشنا في هذا الأمر مسبقاً..لا داعي لفتحه مرة أخرى.
فوقف رين من مكانه وقال: مارك.. إلى متى ستتهرب من والدك ولا تريد رؤيته؟
فقال مارك وقد رفع حاجبيه للأعلى باستنكار: أنا الذي لا اريد رؤيته أم هو؟
رين: بل كلاكما لا تريدان رؤية بعضكما..
عندها أشاح مارك بوجهه مرة أخرى لتقول ماري بهدوء يغلب عليه الحزن: مارك..لما لا تحاول ان تحسن الأمور مع والدك؟؟ فعندها لن تضطر إلى التهرب منه ولن تعيش في تلك الشقة مجدداً.. وستعود الأمور كما كانت عليه ..
فصمت مارك لبرهة ثم قال بصوت اشبه بالهمس وشعره قد غطى على عينيه: لقد حاولت وأنت تعلمين ذلك ..في ذاك اليوم ..لقد طلبتي مني الشيء نفسه ..ففكرت ووجدت بأن كلامك صحيح فلما لا أحاول معه ؟؟فلربما تتحسن الأمور بيننا ونعود كما كنا قبل ان تدخل في حياتنا أمرأته...فبقيت هنا كي ألتقيه فهو لن يستقبلني في بيته..ولما أتى أستقبلته بابتسامه ..أستقبلته كي أشرح له الأمر وأوضح له بأني بريء تماماً من تلك التهمة ..لكنه..لم يستمع لي..لم يستمع إلى ما كنت سأقوله.. صدق أمرأته وكذبني..صدق بأني فعلت ذاك الشيء المشين..فأتى وضربني بقسوة ضربني حتى كاد أن يقتلني..ولقد شهدتما ما حدث ولو أنكما لم تبعدها عني لما كنت واقفاً أمامكما ..وبتأكيد لم تنسيا أنه قالي لي بأنه لايريد رؤيتي إن أتى إلى هنا من جديد وإلا سيقتلي .. لايرد رؤيتي طول حياته....ثم رفع راسه وقال بشيء من الأنفعال : فكيف الأن يا جدتي تطلبين مني ان احاول تحسين علاقتي به من جديد..؟؟ إن بقيت هنا وجاء ورآني سيقتلني ..لذا فعلت ما أراده ..ما أراده وحسب.
فـأمسكت ماري بعضديه قائلة بترجي: أعدك بأني لن أدعه يقترب منك على الأطلاق..لن يؤذيك..فقط أبقى معنا هنا..وإن أتى ناجاي ورآك لن أدعه يقترب منك مطلقاً..سأمنعه من أذيتك..
فنظر مارك إليها بعينين حزينتين ثم قال وهو يبتعد عنها: أنا آسف..لا أستطيع أن ابقى هنا..فأنا لا اريد أن اسبب لكما المشاكل..
ثم غادر المكان تاركاً خلفه ماري التي سقطت على الأرض تبكي بحزن شديد ورين يجلس بجوارها ليهدئها...بينما حمل مارك حقيبة ملابسه المتوسطة الحجم وحقيبته الأخرى ذات السير الطويل وخرج من غرفته لينزل للأسفل حيث سيارته فأدخل حقيبتيه فيها وركب هو الأخر ليقول في نفسه وهو يستعد لتحريك السياره: آنا أسف جدتي..أرجوا ان تسامحيني حقاً..فأنا لا أود أن اسبب لك ولجدي المشاكل..ثم داس على فرامل السيارة وانطلق إلى حيث شقته..ولما وصل إليها رحبت به مارشا..لكنه كعادته لم يوليها اهتماماً..فدخل إلى غرفته واستلقى على سريره ثم أخذ يقول في نفسه: ارجوا ان يسامحاني...ثم اغمض عينيه ليحل عليه النعاس ويغط في سباتاً عميق..
وفي الصباح الباكر فتح عينيه ببطء ثم نظر إلى ساعة يده التي تشير إلى السادسة فنهض من على السرير وذهب للأستحمام وبعد مرور نصف ساعة خرج وهو يلف المنشفة حول الجزء السفلي من جسده فارتدى بنطالاً اسود ضيق وحزاماً بني داكن وضعه عليه وقميصاً أسود كذلك وجعل ثلاثة أزرة تكشف عن شيء بسيط من صدره ثم جعل شعره رطباً ولم يجففه وهذا مازاده وسامه وجاذبيه اكثر .. ثم حمل مفتاح سيارته الذي يكون في حمالة المفاتيح التي تكون على شكل ذاك الوجه الأبيض الذي ارتسمت على وجنتيه حمرة وكأنه على وشك البكاء وهاتفه المحمول كذلك واتجه إلى المطبخ ليتناول فطوره ولما انتهى خرج من الشقه وركب سيارة لينطلق إلى الشركة ...ولم يمضي الكثير حتى اصبح مارك أمام الشركة فترجل من سيارته ودخل إليها ليجد أوليفان يجلس خلف مكتبه وهو يعمل ..فتذكر مافعله به في الحديقة فغضب وقال في نفسه: سأردها لك اليوم أيها الوغد.. ثم أتجه نحوه وجلس على الكرسي الذي بجواره وقال بجمود: هيه أنت.. فلنبدء التدريب..
فنظر أوليفان إليه وبالتحديد في عينيه العسليتان الداكنتان ثم قال بنفس نبرة صوته: ألقي التحية أولاً..
فقرب مارك وجهه من وجه ذاك الأخير وقال: لا ألقي التحية على أمثالك..ثم عاد إلى وضعيته السابقه ليقول أوليفان وهو يرتب الملفات على بعضها ليضعها في الدرج: لا بأس ..ألقيتها أم لم تفعل فلا يهمني..لأني لن أجيب ..
فقال مارك بسخريه: لماذا قلت لي أن القي التحية إذاً يا فهيم؟..
أوليفان: فقط لأعلمك آدب الحديث ..إن كنت لا تعرفها..
فرمقه مارك بنظرة حادة لكن أوليفان لم يهتم له أبداً..بل بدأ بشرح ما لم يشرحه مسبقاً دون أن يهتم لنظراته..
وبعد القليل من الوقت..رنّ الهاتف الذي على سطح المكتب فقال أوليفان: هيا أرفع السماعة ..أعتقد بأن هذا وقت مناسب لأختبار ما تعلمته مسبقاً..
فقال مارك باستنكار: ماذا؟..لكني لم أنهي تدريبي بشكل كامل..
أوليفان: أعلم..لكني قلت لك لاختبار ما تعلمته.. ثم شدّ على كلمة وقال: ماتعلته..
فنهض مارك من على كرسيه والتقط السماعه ليقول: مرحباً..
-هل هذه شركة رين داني؟.
فقال وهو يضع يده في جيب بنطاله: هي كذلك..
-انا عميل لهذه الشركة وأدعى تاتسو مارا..ولدي صفقة أود تقديمها من شركة (بابري سانو)وسآتي إلى هنا غداً في تمام الساعة العاشرة صباحاً.. لكي اسلمها لكم ..كما اني أود مقابلة السيد رين ..
فقال مارك بعدم أهتمام: لا بأس..
-حسناً إلى اللقاء..
مارك: إلى اللقاء.. ثم أغلق الهاتف وجلس على الكرسي مجدداً.. ليقول اوليفان: ماذا؟..
فالتفت مارك إليه ليقول بملل: يقول بأنه عميل يدعى تاتسو مارا..ولديه صفقه من شركة بابري سانو وسيأتي إلى هنا في الغد في تمام الساعة العاشرة صباحاً ليسلمها لنا و أيضاً هو يريد مقابلة جدي..
فقال أوليفان ببرود: ولما لم تسجل هذه المعلومات في ورقه؟؟..
فقال مارك بالامبالاة: ولما قد أفعل ذلك؟؟..
في تلك اللحظة شد أوليفان شعره بكلتا يديه ليقول بجنون: لاااا..كل ماقلته لك مسبقاً تبخر في الهواء..ثم نظر إليه بجديه وقال بشيء من العصبيه: لقد قلت لك بأنه عليك تسجيل أسماء الذي يتصلون على الهاتف والأشياء التي يقولونها كالكلام الذي قاله هذا العميل قبل قليل في ورقه حتى تذهب بها إلى سبستيان وهو يرتبها على جدول أعمال السيد رين ..
فقال مارك ببلاهه متعمده: حقاً؟..
فجُنّ أوليفان وقال باستياء واسى لاحدود لهما: لا..لقد ذهب جهدي سداً..
في تلك اللحظة رسم مارك أبتسامة ساخرةعلى شفتيه وألتقط قلم و ورقه من جانبه وأخذ يدون اسم ذاك العميل وما قاله..
..............................................**
أخذت الساعات تمشي ببطء كبير جاعلةً مارك يشعر بالملل وهو يجلس على ذاك الكرسي بجانب اوليفان ..وفجأة رنّ الهاتف الذي على سطح المكتب والذي يتصل به مع السكرتير فرفعه أوليفان ليقول: مرحباً سبستيان..
-هل مارك بجوارك؟.
أوليفان: أجل..
-حسناً قل له بأن السيد رين يريده الآن..
اوليفان: حاضر.. ثم أغلق الهاتف والتفت إلى مارك الذي يسند ذراعه على الطاولة بملل ليقول: إن السيد رين يريدك الآن..
في تلك اللحظة خفق قلب مارك بشكل غريب ..بشكل لم يعتد عليه، شعر بالتوتر..ولم يعلم ما السبب فأبعد ذراعه عن الطاولة ببطء والتفت إلى أوليفان كذلك ببطء ليقول بارتباك: مـــ ..ماذا قلت؟..
فرفع أوليفان حاجبيه وقال: أقول لك بأن السيد رين يريدك الآن..ألم تسمع؟..
فقال مارك وهو ينهض من مكانه:بلى بلى سمعت..ثم أخذ يتوجه إلى المصعد تحت مراقبه عيون أوليفان المستغربه.. |