11-03-2012, 09:09 AM
|
|
ومن مضار استماع الأغاني والاشتغال بها وجعلها ديدناً وعادةً ومفتخراً : أنها سبب لأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة . قال ابنُ القيم : " والذي شاهدناه نحن وغيرنا وعرفناه بالتجارب أنه ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم وفشت فيهم واشتغلوا بها إلا سلط الله عليهم العدو ، وبلو بالقحط والجدب ، وولاة السوء " اهـ .
ولقد ارتكبت أمة الإسلام في الأندلس ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذت القينات والمعازف وأسرفت في ذلك إسرافاً شديداً ، وصرفت الأموال الطائلة في الأغاني والمعازف، فالدور والبساتين توقف على الموسيقي ، وأصبح المرضى يعالجون في المستشفيات بالموسيقي ، فكان الغناء من جملة ماعصوا الله به فحل بهم بلاء استأصل شأفتهم ودمر دولتهم،(وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (البقرة:57).
ومن مضار الأغاني ومفاسدها التي نراها في عصرنا هذا : ما فيها من تدمير للغة العربية لغة القرآن ونشرٍ للعامية ونشرٍ لكلمات الفساد وتجريء الناس على الجهر بالسوء من القول, فكلمات وعبارات لا تقال إلا في المخادع, أصبحت تملأ المسامع ويرددها الشباب علناً بلا حياء ولا رادع ، والله جل وعلا لا يحب الجهر بالسوء من القول ، ناهيكم عن الكلمات التي تحمل الكفر والاعتراض على القضاء والقدر وسب الدهر والتأفف والتضايق من والأوامر الشرعية والقيود الاجتماعية والأعراف النبيلة مما يشجع السامع على التمرد على فطرته والثوران على قيمه الإسلامية .
ومن مضارها السيئة: أنها تغير معنى القدوة فيُصدرُ هؤلاء السفلة من المغنين على أنهم نجومٌ وأبطال وإذا ماتوا سموا شهداء!! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإن تعجب فعجبٌ فعلُ صحافةٍ وشاشاتٍ وموجاتٍ أثير لا هم لها إلا المغني المشهور, ولا صوت لها إلا المطرب المغرور, ولا رصيد لها إلا الحفلات والمهرجانات والجلسات, مما يضل شباب الأمة ويفتنهم بل ويعلقهم بالفسقة والسبهلل من المغنين والمغنيات، وقد تكون المغنية نصرانيةً أو يهوديةً بل لربما كان اسم المغني يُفصح عن نصرانيتة وفسفة، والقدوة محمد صلى الله عليه وسلم وصحبُهُ قال تعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21), القدوة هم العلماء الربانيون والدعاة الصالحون وأبطال الجهاد في الماضي والحاضر قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) (الأنعام:90). إن في تصدير هؤلاء المطربين والمطربات وتلميعهم إشغال لشباب الأمة عن الجهاد والعمل لدينهم ، إن أعداءَنا يريدون شباب الأمة أن يعيشوا على الآهات والنغمات ويحيوا على الفسق والغرام يريدونهم أن يناموا في أحضان البغايا لا أن يناموا في أحضان المنايا والجهاد والعمل لهذا الدين، إذ لو فعلوا لدمروهم واستأصلوا شأفتهم .
إن من أعظم أسباب سوء الخاتمة والعياذ بالله ، الإصرار على المعاصي وإلفها كالغناء وغيره ، فإن الإنسان إذا ألف شيئاً مدة حياته وأحبه وتعلق به ، يعود ذكره إليه عند الموت ، ويردده حال الاحتضار في كثير من الأحيان وفي هذا يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله : " إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت، مع خذلان الشيطان له ، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان ، فيقع في سوء الخاتمة ، قال تعالى : (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً) (الفرقان:29) ا.هـ.
فينبغي علينا جميعاً أن نحذر من سوء الخاتمة وليكن من رأيناه يسقط ميتاً وهو يدندن بالأغاني عبرةً لنا وعظةً في المبادرة إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: " أن المرء يبعث على مات عليه ", وقال أيضاً : " إنما الأعمال بالخواتيم " .
وإنه لابد لكل من أراد حسن الختام أن يعمل بالتوبة النصوح قبل فوات الأوان إن كان ممن يزاول مهنة الغناء أو يستمع إلى الغناء أو يُصدره فعليه أن يسارع بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى حتى لا يقبض وتأتيه منيته وهو على تلك المعصية حينها لا ينفع الندم.
هذا هو الغناء ، وهذه هي أضراره ومفاسده ، ووالله ما أكثرها وما أشدَ خطرها ، وإن الغناء حرام حرمه الله ورسوله ، وهذا حكمٌ صريحٌ واضحٌ في منع الغناء وتحريمه وتفسيقِ فاعِله والمستمعِ إليه ، يقول ابنُ القيم – رحمه الله تعالى - : " ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك فأقلُ ما فيه : أنه شعارُ الفساق وشاربي الخمور " ا.هـ . وقال مالك – رحمه الله تعالى – لما سئل عن الغناء : " إنما يفعله عندنا الفساق " ا.هـ . نعم – عباد الله- هو حرام لا يجوز فعله ولا استماعه البتة .عن نافع قال : سمع ابنُ عمر مزماراً قال : " فوضع أصبعيه على أذنيه ، ونأى عن الطريق ، وقال لي يا نافع هل تسمع شيئاً ؟ قال : فقلت : لا ، قال : فرفع أصبعيه من أذنيه ، وقال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا " [ رواه أبو داودَ وصححه الألباني ]يتبع
__________________ |