السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يروي ابنُ خلكان في كتابه الشَّهير والعظيم وفَيات الأعيان،
وعلى لسان الخطيب التبريزيِّ عالم النحو الشَّهير
وتلميذ أبي العلاء المعرّي البار أنَّ رجلاً سماه الرَّاوي أبا الحسن
علي بن أحمد بن سلّك الغالي كان يمتلكُ نسخةً نفيسةً
من كتاب الجمهرة لابن دريد، فدعته الحاجة إلى بيعها،
وعندما عرضها في سوق بيع الكتب وقعَ عليها الشَّريف المرتضى
شقيق الشَّريف الرَّضي، فاشتراها بستينَ ديناراً، وتصفَّحها،
فوجد بها أبياتاً بخطِّ بائعها أبي الحسن الغالي على ورقتها الأولى، تقولُ: أنستُ بها عشرينَ حولاً وبعتُها
لقد طالَ وجدي بعدَها وحنيني
وماكان ظنِّي أنَّني سأبيعُها
ولو خلَّدتني في السُّجون ديوني
ولكنْ لضعفٍ وافتقارٍ وصبيةٍ
صغارٍ عليهم تستهلُّ شؤوني
فقلتُ - ولم أملكْ سوابقَ عَبرةٍ
مقالةَ مكويِّ الفؤادِ حزينِ:
وقد تخرج الحاجاتُ ياأمَّ مالكٍ
كرائمَ من ربٍّ بهنَّ ضنينِ
ولأنَّ النَّفس النَّبيلة تُدميها حالات انكسار الكرام، قام الشَّريف المُرتضى
بإرجاعِ النسخة لصاحبها ، ووهبَ له الدَّنانير هنا انتهت القصة ولم ينتهي عجبي من حسن الأبيات
وسلاستها ، وكأنها عسلاً مذابا
وآهٍ يا أم مالك ما أصعب أن يبيع الإنسان كرائم لديه
ولكنها الحاجات ... اسأل الله ألا يوقعني وإياكم
في موقف ذلة ولا حاجة ... وأن يجعلنا أغنى عباد الله به تعالى
وأفقرهم إليه تبارك وعز
وأن يغنينا بفضله عمن سواه .. ويكفينا بحلاله عن حرامه
سافرت مع هذه الأبيات وأحببت أن أسردها لكم
لعلها تصادف قلباً خالياً
__________________ إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " ! |