عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-04-2012, 02:22 AM
 
المدينة المُنوّرة عاصمة الإسلام الاولى

بسم الله الرحمن الرحيم ووبعد هذه نبذة يسيرة عن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم

لمسجد النبوي الشريف يمثل قلب المدينة ووجهة زوارها.
03 / 12 / 2012
المدينة المنورة مدينة مثقلة بالرمز في المخيال الجماعي الإسلامي، مجرد ذكرها يحيلُ رأسا إلى ظهور الدين الإسلامي وإلى الهجرة النبويّة وبداية إرساء المشروع الحضاري للإسلام.

تأسست المدينة المنوّرة قبل الهجرة النبويّة بنحو 1500 عام وقد عُرفت قبل بزوغ الإسلام باسم "يثرب"، ووردَ هذا الإسم في القرآن الكريم. كما أشار حديث نبويّ إلى ان النبيّ محمد غيّرَ اسمها من يثرب إلى المدينة، ونهى عن استخدام اسمها القديم.

وتتفقُ المصادر القديمة على ان "يثرب" اسم لرجل من أحفاد نوح أسس البلدة فسميت باسمه، وهو "يثربَ ابن قاينة ابن مهلائيل ابن ارم ابن عبيل ابن عوض ابن ارم ابن سام ابن نوح" وقد شاع الاسم قديما حيث وُجدَ في نقوش وكتابات غير عربيّـة وظهر- مثلا- في كتابات بطليموس اليوناني باسم "يثربا" كما ظهر الاسم في نقش على عمود حجريّ بمدينة حرّان.

استوطنتها في الاحقاب القديمة قبيلة عبيل ثم خَلفهم العماليق وهم أحفادُ نوح الذين جاءوها من بابل. وفي سنة 586 ق م هاجرَ إليها اليهودُ في عهد الملك نبوخذ نصر "605-563 ق م وهو أشهر ملوك بابل" وتعتبرُ قبيلة القينقاع أشهر القبائل اليهوديّة وأغناها، ثمّ سكنها العرب من العماليق قبل وفود القبائل العربية القادمة من اليمن بعد سيل العرم الاول "450 ق م"، أما الفترة الفاصلة بين 447 32 قم فقد مثلت بداية هجرة القبائل العربية إليها ومنها الأوس والخزرج.

يمكنُ أن نتبيّن أن المدينة او يثرب القديمة شهدت تعاقبا كبيرا للحضارات والقبائل القديمة التي كانت تحرصُ على تسيطر على المدينة لأهمية موقعها في الوسط الغربي للجزيرة العربية وكذلك لقربها من البحر الأحمر الذي تفصلها عنه مسافة لا تتجاوزُ 150 كلم.

لكن أهميتها وشهرتها اتخذتها بعد بزوغ الإسلام باعتبار الدور الذي لعبته المدينة في انتشار الإسلام في الجزيرة العربية ومنها إلى باقي أرجاء العالم.

في القرن السابع ميلادي ظهرَ الإسلام في مكّة على يد النبيّ محمد بن عبد الله الذي دعا الناس إلى الدخول في الدين الجديد، وهي دعوة كانت سببا في غضب سادة قريش وأرستقراطيتها فاعدوا خطة لإحباط الدعوة المحمدية وهو ما اضطرّ النبيّ محمد إلى الهجرة إلى يثرب بعد ان أبرمَ اتفاقا مع قبيلتي الاوس والخزرجُ على حمايته وتامينه.

دخل النبيّ محمد مدينة يثرب يوم الجمعة 12 من ربيع الاول من السنة الأولى للهجرة الموافق ل27 سبتمبر 622 م، وبنى المسجد النبويّ الذي مثّلَ نواة ومنطلق الدولة الإسلاميّة الوليدة.

اكتسبت "يثرب" مكانتها وقداستها بعد هجرة الرسول وصحبه إليها، وأصبحت تبعا لذلك ثاني الحرمين الشريفين وأوّل عاصمة إسلاميّة يحكمها رسول مبعث وتداول على الحكم من بعده الخلفاء الراشدون حتى وفاة عثمان ابن عفّان، لان علي ابن أبي طالب نقل العاصمة إلى الكوفة لأسباب ودواع سياسيّة.

شرعَ النبيّ محمد في تنظيم العلاقات بين سكّان المدينة فصاغَ كتابا عُرفَ "بدستور المدينة او الصحيفة" وهو كتاب يحدد التزامات جميع الاطراف المقيمة في المدينة من مهاجرين وأنصار ويهود، ونصّ "الدستور" على تحالف القبائل المختلفة في صورة وقوع هجوم على المدينة، وعاهد النبيّ في الوثيقة اليهودَ وآمنهم على دينهم ومالهم.

مثلت المدينة منطلقا لكلّ الغزوات التي قادها النبيّ محمد بغاية نشر الدين الجديد، ومنها انطلقت غزوة بدر الكبرى "صيف 624 م" وشهدت تخومها معركة احد "625م" وغزوة الخندق ومعركة بني قريظة.

بعد حوالي عشر سنوات عاد المسلمون إلى مكّة وفتحوها في العاشر من رمضان سنة 8هـ، ورغم الانتصار الكبير إلا ان النبيّ اتخذ المدينة عاصمة للدولة الإسلامية الناشئة، حيث ظلّ في المدينة حتى وفاته في شهر ربيع الاول سنة 11هـ.

تعجُّ المدينة المنوّرة بالمعالم الأثرية الدينية التي تؤكّدُ ثقلها واهميتها في التاريخ الإسلامي، وتحتوي المدينة على عدد كبير من المساجد لعلّ اهمها؛ المسجد النبوّي وهو المسجد الرئيس للمدينة ويقع في مركزها، ويحتوي بدوره على العديد من المعالم التي تميّزهُ من أبرزها القبّة الخضراء والروضة.

تحتوي المدينة ايضا مسجد قبـاء وهو اوّل مسجد بُنيَ في الاسلام ويقعُ جنوب غرب المدينة المنوّرة ولا يفصله عن المسجد النبويّ سوى خمسة كيلومترات. نذكرُ كذلك مسجدَ القبلتين الذي سُمي كذلك لانه المسجد الوحيد الذي صلّى فيه المسلمونَ صلاة واحدة وإلى قبلتين مختلفتين هما المسجد الأقصى والكعبة.

مسجد العنبرية هو مسجد شيّدهُ السطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1908، إضافة إلى مسجد الفتح الذي كان مصلّى للنبيّ محمد وأصحابه خلال غزوة الاحزاب. ومسجد علي ابن ابي طالب الذي سمي كذلك لان علي ابن ابي طالب قتلَ في موقعه 'عمرو ابن ودّ" قائد فرسان قريش الذي تمكّن من اجتياز الخندق في اثناء غزوة الاحزاب، مسجد ذو الحليفة الذي يسمى كذلك مسجد آبار علي ويقال له مسجد الميقات لانه ميقات الإحرام لاهل المدينة ومن يمرّ بها.

تحتلُّ المدينة المنوّرة أو يثرب موقعا متميّزا ورمزيا في الضمير الجمعي الاسلامي، وهي اهمية اكتسبتها المدينة من تاريخها الضارب في القدم ومن كونها شهدت أهمّ محطات ومفاصل نشوء وانتشار الدين الإسلامي، وكذلك من احتواءها المسجد النبويّ وغيره من المعالم الإسلاميّة التي تؤرخُ لفجر الاسلام.

لكن كتاب تاريخها لا يقتصر فقط على الصفحات الإسلامية بل يضمّ أيضا مراحلَ عديدة أخرى لعبت فيها المدينة دورا رياديّا مهما سواء في التاريخ الحديث او المعاصر، لكن مع اضطلاعها بأدوارها التاريخية في كلّ الأحقاب إلا انها ترمزُ دائما إلى الإسلام.
رد مع اقتباس