عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-17-2012, 04:51 PM
 
.§. و تحققت الأمنية .§.

-١-







.§. و تحققت الأمنية .§.


رفعت رأسي إلى الجزء الصغير من السماء الظاهر لي من نافذة غرفتي ،
شبه غرفة في الحقيقة .. فارغة إلا من سرير قديم تغطيه ملاءة رثة نظيفة و صندوق خشبي أضع فيه ملابسي القليلة ،
لكنني كنت شاكرة رغم كل شيء لكوني أنام وحدي بخلاف بقية الفتيات هنا في هذا الميتم !
تنهدت بهم و أنا أسند ذراعي على حاجز النافذة المهترئة أتأمل ذلك الجزء الصغير من السماء و النجوم اللامعة جدا هذه الليلة ،
لم أستطع أن أبكي رغم شعوري بالحزن فلم يعد واقعي المرير يبكيني !!
و أيضا ... مازلت أملك أملا في أن يتغير ،
أحلام جميلة ، خيالية ، تظل تراودني منذ بدأت مؤخرا أمضي ساعات فراغي القليلة اقرأ الروايات الحالمة في مكتبة الأستاذ بيترسون العجوز ،
حكايات أحببتها و صرت أتمنى أن أعيشها ... يحق لي أن أتمنى فلا أملك شيئا غير هذا.
رفعت نفسي على أطراف أصابعي و أخرجت الجزء العلوي من جسمي خارج النافذة ،
النسيم البارد كان منعشا .. عبث بشعري الكستنائي المموج و لفح بشرتي البيضاء فبث شيئا من الراحة في أعماقي ،
أغمضت عيني ،
الليلة ... الليلة أكمل السابعة عشرة من عمري ،
الليلة يوم ميلادي .. لا أحد تذكره و لا أحد كان سيبالي حتى لو تذكره !!
إنني وحيدة في هذه الحياة ... منذ وضعت في هذا الميتم البغيض لا أعرف لي أبا أو أما ،
لم أجد حتى من يتبناني رغم أنني لطالما كنت طفلة هادئة و مهذبة في صغري .. و رغم أنني أملك ما تسميه بقية الفتيات (جمالا إرستقراطيا مبهرا) !! لا ينجح في إخفائه حتى الملابس البسيطة التي أرتديها على الدوام ،
لكن مظهري لا يهم ... لا شيء يهم عندما أشعر بالألم لوحدتي هذه ..... لا شيء !!!
دمعة لامعة فاضت من عيني المغمضتين و سالت دافئة على وجنتي لتحط على إطار النافذة السفلي ،
كانت لدي أمنية ... أمنية واحدة فقط من أجل يوم ميلادي التعيس ،
فتحت عيني ببطء لأرى شهابا كبيرا إلتمع بسرعة في السماء ،
متزامنا مع أمنيتي اليائسة التي شعرت يقينا أنه لن يكون لها معنى .. مثلما لم يعد لذلك الشهاب أي أثر في السماء بعد أن مر سريعا و اختفى ...
رددت أمنيتي لمرة أخرى بصوت مسموع ، متألم :
((لا أريد أن أبقى وحدي .... أتمنى أن أجد مكان أنتمي إليه .. أناس أحبهم و يحبونني ، أتمنى أن أعيش ... حلما ، قصة ، مغامرة تبعث في مشاعر لم أعرفها مسبقا ... أتمنى أن لا أبلغ عيد ميلادي القادم وحدي من دون عائلة))
حدقت للحظات في السكون المخيم على البيوت الصغيرة حولي كما لو أنني أنتظر شيئا ...
مسحت تلك الدمعة بظاهر يدي ، فقط لتتبعها المزيد من الدمعات ،
ثم تحركت بهدوء لأندس في فراشي تحت الغطاء ،
كانت قد مرت دقائق قليلة و كنت نصف نائمة عندما إلتمع ضوء ساطع خارج نافذتي الصغيرة فجأة ...
ليتلاشى ذلك الضوء بهدوء و يخلف وراءه رجلا ثلاثيني العمر عجيب الهيئة !!
وقف الرجل خارج نافذتي طافيا في الهواء بشكل خرافي ،
لم أعلم هل كنت أحلم ؟! لكنني كنت أشعر بخدر مدغدغ لطيف منعني حتى من النهوض بينما أنظر في وجه ذلك الرجل الأبيض ،
كان يبدو خياليا على نحو ما .. وجهه لطيف و ساحر يشع بضياء عجيب مثل شعره الأبيض الطويل و مثل ملابسه الغريبة البيضاء ...
كان قد همس بعبارة واحدة فقط وصلت مسامعي قبل أن استسلم للنوم ،
صوته كان كلحن عذب تسلل إلى أعماقي يغمرها براحة ، بهمس دافئ قال :
((لقد حصلت على أمنيتك .. إلينور !!!))



يتبع ,,,
‏‏