: ما الأمر جين؟
التفتت جين و على وجهها تلك النظرة مجيبة
:انها تلك الفتاة الحقيرة .أقصد الفقيرة لقد حملت الصينية مثلما تفعل الخادمات لطالما عرفت أن مكانها ليس هنا
ثم التفتت الى الفتى الجالس أمامها قائلة بغنج و دلال
:لقد كانت تريد أن تأخذك لنفسها أتصدق هذا.لكنني حذرتها أنك لن تلتفت لها
حينها تكلم ذلك الفتى بصوت يدل على طبيعته المرحة لكن لا يخلو من الفضول و التعجب
:أين هي تعيسة الحظ التي سقطت أمام عينيك
:لا تتعب عينيك الجميلتين بالبحث فقد خرجت
أجاب صوته بنبرة احباط لم يحاول اخفاءها
:يال الأسف أردت رأيتها فالجميع يتحدث عنها
ثم انقلب الى السؤال قائلا
:يقال أنها جميلة هل هذا صحيح؟
اكتس الغضب ملامح جين من هذا التساؤل و لا ننسى الغيرة ، فجأة تكلمت احدى الفتيات الجالسات مدركة أن الوضع يكاد يخرج عن السيطرة
:انها عادية الجمال حتى أن جمالها لا يضاهي جمال جين
و اكملت أخرى مؤيدة
:هذا صحيح لا أدري لما يبالغون في وصف جمالها ، ربما لأنها جديدة فقط
استرخت ملامح جين جراء هذا الاطراء و عادت الى طبيعتها
:هذا صحيح لذلك لا تشغل بالك بها
:لا يهم
هذا ما أجاب به الفتى الغريب
:سوف أذهب الآن فلدي درس بعد خمسة عشر دقيقة و علي أن ألاقي أكيرا بعد دقيقة ، آسف يا فتيات.و الى اللقاء
:الى اللقاء
بعد مغادرته زفرت جين بطريقة حالمة قائلة
:أليس رائعا
ثم التفتت الى صديقتها ذات الشعر البني القصير و العينين بنفس لو الشعر ، ذات بشرة بيضاء و فم وردي صغير
:نحن أيضا لدينا درس الآن فهيا بنا يا بالما
نهضت الفتاة المدعوة بالما من دون كلام تتبع سيدتها التي هي حسبما يقولون صديقتها
لننسى أمرهم و لنعد الي أنا التي كنت أسير بلا هدى في هذه الأرض الواسعة أمزح ، أنا الآن متجهة الى غرفتي و علي الاسراع و الا فان الدرس سيبدأ من دون و سأعاني مثل حصة الموسيقى على أمل أن لا يكون أستاذ هذه المادة مثل تلك الأستاذة .
لقد وصلت للمبنى المطلوب ، فتحت الباب فوقعت عيناي على الفتاة الجالسة وراء المكتب بزيها الأزرق مثل المضيفات و ووجها البيضاوي و عينيها البنيتين و ثغرها المبتسم و لا أنسى شعرها الأشقر الذي تتخلله بعض الخصلات البنية ، اتجهت نحوها و أنا أرسم ابتسامة بسيطة ، أنا حقا أشعر أني أعرفها منذ زمن ، بادرت بالكلام قائلة
:مرحيا آنستي كيف كان يومك أرجو أن لا يكون قد أزعجك أحد ، ما الذي تفعلينه هنا أليس لديك درس الآن؟
انها لطيفة لكن بطريقتها الخاصة ، و كأنها أخت كبرى لي
:هذا صحيح لدي درس الآن لكني أتيت ....
احمرت وجنتاي خجلا و أكملت بهمس
:في الحقيقة لا أدري لماذا قادتني قدماي الى هنا
تقدمت مني و قد ازدادت ابتسامتها اتساعا
:لا داعي لكل هذا الخجل اعتبريني أختك الكبرى أنا أدعى أكينا هيروشي يمكنك دعوتي أكي ان أحببت
ثم مدت يدها باتجاهي ففعلت المثل قائلة بمرح و حبور
:و أنا أساكو كاشريو يمكنك مناداتي أساكو فقط
رفعت رأسي بغية رأيتها الا أن نظري وقع على الساعة و راءها ، لقد بقيت عشر دقائق على الدرس علي بالاسراع و لا لن أصل . ابتسمت معتذرة
:آسفة علي الذهاب و الا فأنني سأتأخر
و ركضت نحو الفصل و أعين آكي تراقبني بسرور ، لقد أصبحت لي صديقة في وقت قياسي و أظنه أمرا ايجابيا.
مرت الحصتين التاليتين من دون أن أعي،
ربما لأنني كنت منتبهة الى الدروس بكل حواسي الى أن نسيت الوقت، انها الثانية و النصف الآن و أن الآن في غرفتي أنظر الى خزانتي ،
هذا ما سأرتديه ، نزعت اللباس المدرسي من علي و ارتديت سروالي المحبوب
و هو سروال من الجينز الأزرق و انتقيت له قميصا أبيض طويل به بعض الكتابات الذهبية
و رفعت شعري الأسود على شكل طماطم و حملت حقيبة صغيرة ، ثم أغلقت الباب و خرجت من المدرسة،
لم أرتدي الملابس الجميلة الموضوعة في الخزانة حتى لا يضنوا أنني من النبلاء و يحاولوا سرقتي و عندها لن أجد من ينقذني.
سرع على طول الطريق الرئيسي و كما لاحظت فان هذا الحي فقير الا من بعض المنازل العملاقة التي لا يتعدى ععدها العشرين لها حدائق خضراء شاسعة أقرب الى الغابات ،
انها لأصحاب الأموال، وصلت الى موقف الحافلات و جلست أنتظر وصول الحافلة،
نسيت أن أخبركم بما قررته ، لقد قررت العمل ، أجل قد تتساءلون لماذا و المدرسة تغطي جميع نفقاتي ، و هذا الأمر لعدة أسباب أولها لكي أغير جو المدرسة و ألتقي بأناس لا أرى على وجههم نظرة الغرور و الاستعلاء
و ثانية لكي أجمع مالا أشتري به ما يعجبني ، أما السبب الرئيسي لهذا الأمر هو أن أجد اي دليل يقودني الى أهلي.
مدينة طوكيو حقا مدينة كبيرة و أجمل مما سمعت او قرأت عنها
فبناياتها الشاهقة تكاد تلامس السماء ، و طرقاتها لا تخلو من الحدائق ، و أناسها، لا أدري عن أناسها لكن حسبما أرى فهم سعداء.
توقفت أمام محل صغير ، واجهته من الزجاج عليها بعض الصور لممثلين أو مغنين معروفين.
دخلته و اشتريت جريدة و خرجت.
لمحت كافيتيريا قريبة من مكاني فاتجهت نحوها ، و لما أتى النادل طلبت شاي ،
ثم فتحت الجريدة على ركن الاعلانات علي أجد وظيفة شاغرة، مضت ربع ساعة و أنا أبحث بين الاعلانات لكن بدون جدوى، وضعت النقود على الطاولة و انصرفت
الآن علي البحث عن طريق سؤال كل المتاجر. و فعلا هذا مابدأت أقوم به.
ها هو الغروب قد شارف على الوصول و الى الآن لم أجد عملا ، ان الأمر أصعب مما توقعت حقا،سوف أعيد المحاولة غدا.
زفرت بحدة ، و جلست على كرسي من الخشب في احدى الحدائق ،مقابة للنهر و أنا أتأمل الغروب.
أنني أعشق هذا المنظر ، حين تمتزج الألوان ، و تتبتلع الأرض الشمس ، فتشكل لوحة تشعرك بالدفئ و الحنين.
أجبرت نفسي على المغادرة، فأنا متأكدة أنني أن أطلت المشاهدة أكثر، فلن أجد و سيلة نقل للعودة ، و سأضطر للعودة سيرا على الأقدام.
و ربما أجد الباب مغلقا فأبيت في الخارج.
و لكن لم يحدث ما تصورته فقد و جدت أن الباب لم يقفل بعد و هذا أمر جيد.
عدت الى مبني اقامتي لأجد أن آكي ليست هناك بل حلت محلها امرأة أخرى سمراء البشرة ، طويلة و ذات قوام مثل عارضات الأزياء.
وجهها ملطخ بالمساحيق التجميل ابتداءا من عينيها الزرقاوتين الى فمها الأحمر الممتلئ
ملابسها تشبه ملابس آكي، يبدو أنها ملابس العمل الرسمية هنا.
صعدت الى غرفتي بدون تعليق، و أنا أتساءل هل يختارون الموظفات على أسس معينة أهمها الجمال؟
جلست أمام المكتب ، و قد غيرت ملابسي الى بيجاما زهرية ، مكونة من قميص طويل الأكمام و سروال.
و تناولت قلمي لأخط على دفتر مذكراتي ما حدث لي اليوم و آ بعدها الى الفراش.