عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 12-20-2012, 06:22 PM
 

]





انسابت الألحان من حيث لا أعلم كما تنساب سلاسل الشمس الذهبية من بين جذوع الشجر المُلتَفة ... هَبَ النسيم حاملاً معه عَبَقَ الورد و عبير الزهور ... ناشراً جواً من الصفاء و العذوبة ... تحرك بؤبؤ عينيَّ حيثُ تحسَسَت أُذُني ازدياد تدفقِ الألحانِ بنعومة بليغة ... جاعلةً من بحرِ الأزهارِ الذي أمامي يتمايلُ بطريقة ما ... يتراقص في تناغم ... مشكلاً لوحةً فنية تَرجفُ لها القلوب ... تلك الأجواء التي احاطت بالمكان , جَعلت مني تِلقائياً أنحني جالسة ً على ركبتي ... و تمر الثواني , ليتراخى جسدي غاطساً في ذلك البحر الزّهي ... و الأنغام التي تزداد انسياباً تُغلِفني من كل زاويةٍ بجسدي ... إن هذا الدفء الذي يعتريني ليس بطبيعي ... أين انا ؟ ... هَممتُ بالوقوف لولا باقةُ الوردِ تلك التي أُلقيَت على وجهي مرافقةً لانعدام صوت العزف ... لونٌ أحمر هو كل ما أراه ... و عَبَقُ الجوري هوَ كُلُ ما يصلني ... ثوانٍ مَرت و المكان في حالةٍ من الصمت ... لِتَمر اخرى شعرت فيها بصوت خفيف بجواري تَبِعته لمسات رقيقة على شعري و رأسي ... بدا التحرك حينها امراً مستحيلاً ... و جسدي بدا مشلولاً ... ذلك زاد من تدفق الغيظ لرأٍسي ... دع شعري و شأنه اياً كنت !

همس برقة || إن كان زهر الجوري قد اعجبكِ ... فستعجبينه كذلك ... إن احببته ... سيحبكِ ايضا ... ثقِ بهذا ... و الآن استسمحك عذراً ... يجب عليَّ الرحيل ... لكنني كزهر الجوري ... وقتما رَغِبتِني سآتي على الفور ||
و فجأة ... لم أشعر بنفسي إلا و انا ادخل بدوامة من الظلام الدامس ... فتحت عيني برفق لأجد أمامي ضوءا شديداً زاد تألم عينيَّ ... اجفلت عدة مرات لتعتاد عيني على شدة الضوء ... اظن بأنني استيقظت من غفوتي تلك ... ثم وجدت نفسي على سريرِ ابيض باردٍ ... التفت يميني ... فإذا بي اجد باقةً من وردٍ احمر اللونِ على منضدة بجوار سرير ذاك ... يا تُرى ... ماذا حدث لي ؟ ... أين انا ؟ ... و .. و ذلك اللمكان ... أكان حُلُماً يا تُرى ؟ ... اكاد اموت لأعرف ماذا اراد مني ذاك الشخص ؟ ... اخبرني ان رغبته سيعود ... صحيح ؟ ... اذا ... هيا يا غريب الأطوارِ ... عد !
لم يحدث شيء ... انه لم يعد ... انا أريد ان استفسر منه عن اشياء عِدة ... لذا ... فلتعد !
صوت انفتاح الباب جذب مسامعي ... نظرت ... فإذا بشابة ليست بكبيرة في السن و لا صغيرة ... تدلف الى الغرفة بوجه غريب ... عينيان تغزوانها الدموع ... و فم مبتسم بارتجاف ... انها " شارول " اختي ... اوووه تعالي هيا لدي الكثير لأطلعك عليه يا عزيزتي ... اقتربي ... الجلوس بجانبي يفي بالغرض ... أتعلمين ما حدث لي ؟ ... حسناُ لنبدأ برواية الأمر منذ بدءه ... ما رأيك ؟ ... "شارول" ! ... " شارول " اجبيني ؟!
شارول بابتسامة راجفة || عزيزتي الينور ... ان كنتِ تريني او تسمعينني فاومئي برأسكِ ||
اومئ برأسي ؟ ... و لما افعل ذلك ؟ ... الا تسمعينني " شارول " ؟
شارول و قد تلاشت بسمتها تلك || حسناً ... ان كانت اجابتكِ ( نعم ) فاغمضي عينيكِ مرة ... و ان ( لا ) فمرتين ... اتفقنا حبيبتي ؟ ||
اوه لا ! ... ماذا يجري ؟ ... لا أشعر بجسدي ... ولا رأسي ... و لا يدي ... و لا حتى فمي !
لم اجد بُداً سوى اغماض عيني مرة ... سارعت " شارول " بامساك يدي و الابتسامة عادت لتزين وجهها من جديد .


شارول بفرحة || اوه الينور ! ... صغيرتي ... انتِ هنا ... لا تقلقِ ... لقد سقطتِ اثناء تسلقكِ الجبل ... انتشر خبر تواجدكِ هنا بالصحف ... لكن كما قلت لا تقلقِ ... سيسير كل شيء على ما يرام قريباً ... ستكونين بخير ... انا متأكدة من ذلك ||

لما انتِ متأكدة هكذا ؟ ... أشعر بأن كل شيء يسوء ... ماذا هناك " شارول " ؟ ... أين انا ؟
عاد ذلك الظلام من جديد ... مهلا ... "شارول " ! .
صوت ما من قريب ينادي ... صوت مألوف || آسف لأنني تأخرت عزيزتي ... انتِ لم ترغبيني حينها كما كنت اعني ... كنت تريدين تفسيراً لكل شيء وحسب ... بالمناسبة ... اعجبك باقة الوردِ التي بعثتها لكِ ؟ ||
ورد ؟ ... يا الهي عقلي المشوش لا يساعدني على الوصول لأي شيء ؟
سألته || ارجوك ... أخبرني ماذا يجري ؟ ||
ظهر من حيث لا أعلم ... بشعر طويل بلونٍ اسود يناقض في لونه القاتم لون الزهور الزهية المحيطة به ... عيناه رمادية كالفضة يلمع بريقها في وسط هذه الاجواء السحرية ... هالة من الهيبة و الفخامة غزت المكان ... ابتسم بسخريةٍ بدت كما لو انها سبيله الوحيد حالياً للتعبير .
تدفق صوته المبحوح الهادئ الى مسامعي مجدداً || الينور , الينور , الينور ... آآآه يالكِ من مُتَهورة كبيرة ... اما كان لكِ ان تتسلقِ ذلك الجبل بحذر اكثر ؟ ||
نيران ... نيرانٌ هي ما تُشعل راسي الآن ... || ما دخلك بي ؟ ... هذا عملي ... من انت ؟ ||
لكم اكره هذا الاسلوب ... يرد على سؤالي بسؤال ؟ || و ماذا ترين ؟ ||
الاجابة حينها كانت اسهل ما امكنني فعله ... اسهل من اي شيء || ارى امامي شخصاً يعرف كل شيء ... و مع ذلك يعشق اللعب بالنيران ... كذلك تعشق ان تسلك طريقا منحنياً معوجاً دون مباشرة ... اسمع يا هذا ... انني نيراناً مشتعلةٌ على الدوام ... فلا تلعب بي علّني احرقك ||
ازداد ميلان فمه الساخر ... و فلسفة هي كل ما ينجح فيه هذا الشخص || كما توقعت ... الينور ... تعلمين ؟ ... لم يسهل علي يوماً قراءة افكار احدهم كما يسهل علي الان قراءة مشاعرك ... عيناك العسليتان هما دربيّ الذي اسلكه لشغاف قلبك ... ميلانهما الان للاحمرار لا يبشر بخير على ما اعتقد ||
تبا ! ... ذلك الطريق المعوج الملتوي مجددا ... تنهدت لأخفف من حدة اعصابي الان ... حسناً ... اظن بانني سارافقك نفس الطريق يا عزيزي الماكر || جيد انك تعلم بأي حالةٍ انا الان ... هل تعلم يا ترى ان اطلت اكثر من هذا ما الذي يمكن ان يحدث ؟ ||
سار ببطء نحوي ... المسافة التي تضيق ليست بجيدة ... توقف على بعد ثلاث خطوات ... || ماذا يا تُرى ؟ ... اقصى ما يمكنني تخيله هو قليل من الصياح الذي لا يجدي نفعاً || .
صدقاً دونما قصد ... خرجت تلك الضحكة العالية من فمي الذي لم يُعرف الا بالبسمة الجميلة ... ضحكة وقحة ربما ... لم اتمالك نفسي || آسفة على ذلك ... يا الهي لم تعلم كم اضحكتني ... يا غريب الاطوار ... الا تعلم بانني يمكنني تجاوز الحدود بكل راحة بال ؟ ||
تلك الثلاث خطوات تجاوزها هو بلحظة ... الانحناء لمستواي يقلل من قدرتي على التنفس ... بنعومة النسيم الذي هب برقة الان ... تلمس خصلة من شعري الكستنائي ... ابتسم ابتسامة بدت بعيدة كل البعد عن السخرية مما اثار ريبتي ... || في هذه اللحظة ... في هذه اللحظة يا الينور ... انطفأت الموجة المشتعلة بعينيك ... عيناك الان صافيتان كالعسل ||
تـ ... تباً ما الذي تتفوه به ؟ ... مال برأسه قليلا ليتشمم رائحة شعري || الينور ... يا الهي انه عبق الجوري ||


ما عُدت بقادرة على الكلام الان ...





ابتعدت عنه بخمول ... وشيء ما تشعر به يحدث ... قالت بوهن || ما الذي تفعله ؟ ||


ضحك بصوت خفيض جدا ... و عاد ليهمس باذنها || هل يثير بك ما افعله شيئاُ ؟ ||
عادت لتسأل || من انــــــت ؟ ||
ابتعد عنها برفق قائلاً || انا هو ما تمنيته في كل ليلة قبل منامكِ ... انا هو من ناجيتِ القمر عني ... انا هو الذي كلما رأيتِ زهور الجوري اخطر على بالكِ ... فلم اجد بُداً الا من الظهور لكِ في الخيال ... عسى يوماً ان آتي لكِ واقعاً ||
||مــ ... مهــ ... مهلاً ارجوك !||
ذلك الظلام عاد ليحيطها من جديد ... يوقظها على واقع مرير ... اصوات متفاوتةٍ تصلها .
اكثر ما ذبح قلبها هي كلمات اختها الباكية || الينور !! ... لا الينور ... انها لم تمت ... دعوها ... هي لازالت هنا ... الينور ! ||
ايعقل ؟ ... ايعقل ان كل ما عاشته سينتهي بهذه اللحظة ؟ ... لم يتسنى لها الوقت لوداع اختها ... " شارول " !

فعلاً

(( يا اسفاه على حُلمٍ ينتهي فور الاستيقاظ منه ... يا اسفاه على واقع يلاحقك اينما كنت ))
((مؤلــــم.....أن تغيب ولا يفتقدك ألا أنــــــــــــــت
مؤلــــم....أن تضيع ولا تجـــــــــد من يلتقطك
مؤلم...أن تبني حلما فيسقط عليك
مؤلم...أن تموت وأنت حي ولا تجد من يترحم عليك ))



__________________
All the love from an empty broken heart
all the love from a ruined damaged soul


Insta
book1

التعديل الأخير تم بواسطة *BLACK ; 12-20-2012 الساعة 06:51 PM