عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 12-23-2012, 01:45 PM
 


الجزء الخامس
وسارت الأمور بعد صلاة العصر فى الطريق الذى رسمه الأب بعد أن آب للمنزل وسلم آله ما ابتاعه من إ حتياجات الرضيع وانتظر ثمه حتى انتهت - فى جو من السعادة والمرح - مراسم رعايته وتوجيبه ثم خرج به وبإبنته قاصدا قسم الشرطة ومع قربه من المسكن فإنه آثر أن يستقلوا سيارة \" أجره \" ليتجنبوا نظرات الجيران وفضول المارة من أهل الشارع الذين يعرفونه جيدا .
وهناك فى القسم قدم البلاغ على الوجه الذى أملاه عليه الضابط \" النوبتجى \" وشرح فيه بكل دقة كيف وأين ومتى عثرت الفتاة على الرضيع .. وفى النهاية طلب إليه مراجعة ماتوصلت إليه النيابة العامة من قرار
بعد إستطلاع رأى الشئون الإجتماعية ومؤسسة رعاية الأيتام بعد ظهر اليوم التالى وكان هذا يعنى عودتهما بالطفل ثانية للبيت وفرحت البنت - أيما فرح – وأعلنت ذلك بطريقة إبتسم لها الضابط بإستغراب وخشى
والدها أن تفوه بكلمة من أوهامها تثير ريبته فعاجله موضحا بقوله :
- إنها مغرمة بالأطفال الرضع بصورةغريبة وتضع نفسها وأسرتها فى مواقف لاتحسد عليها كا ترى سعادتك !
فهز الضابط رأسه متفهما .. وإنصرفا بالطفل .
وكان الصباح التالى غاية فى التأزم وسقوط الأمور غير المقبولة فى الأيدى العاجزة فقد أمر الوالد إبنته بالتوجه للمدرسة تاركة له \" وحده \" تصريف المستجدات التى تراها جهات الإختصاص مناسبة للوليد وكيف
أنه من الآن فصاعدا لن يلبى لها أية رغبة - مهما كانت هينة - إن ركبت رأسها ! والغريب أن تهديده لم يزدها - كما تخوف - إلا تمسكا متعللة بأن تغيب يوم واحد عن الدراسة لن يضيرها ويمكنها بمراجعة مع زميلاتها تعويضه والأغرب أن يتنازل – وهذا خطأ فادح - لفتت الأم نظره إليه متذرعا لها بأن وجودها مع الوليد سيهدىء من روعه ثم أنه فى حد ذاته من الأهمية بمكان لأنها التى عثرت عليه .
وبعد صلاة الظهر ذهبا بالوليد لقسم الشرطة يستعلمان فوجدا السلطلة المعنية قد توصلت إلى قراربتواريخ تنفيذية محددة بأن يتم تسليمه لأم بالأجر ترعاه إلى أن يبلغ العام ومن ثم يدفع به إلى أحد ملاجىء الأيتام
التى لا تقبل الأطفال الذين تقل سنهم عن سنة !
ومرة ثانية تفرح رضوى فرحة عارمة تستدعى بسمة أكبر منها علامة الإستفهام التى ملأت وجه الضابط من غرابة أطوار تلك الفتاة الصغيرة التى إعتقدت أنهم سيتركونه لها عاما بأكمله .. واشتد بأبيها الخوف من أن يصدر عنها مالا تسعفه حيلته هذه المرة لتبرير ولعها بهذا الصغير بالذات !ونظر إليها كأنما يستعطفها وفى ذات الوقت اشفق على نفسه من أن يتدنى حاله معها إلى هذه الدرجة فأدخله هذا فى حالة شبيهة
بحالة إنعدام الوزن وألفى نفسه – بلا إرادة – يستشعر وكأنه طائر بجناحين يساير محبوبته الصغيرة محلقا فى أجواء لم يعتد علوها الشاهق من قبل ولاحتى فى قابل أيامه عندما كان مراهقا مشبوب العاطفة واسع الخيال .. أجواء صافية وضاءة لم ير مثيلا لنقائها ونورها .. كأنهما يرفان معا فى سماء ليلة معجزة مثل ليلة القدر او فى إحدى سموات الجنة السبع الأقرب إلى \" عليين \" التى يطير فيها أبرار بين قمم أشجارباسقة لكلمات طيبة لم يقدرعلى قولها من أهل الأرض إلا القلة النادرة ولم يرتقيها لأعلى إلا كل ذى نفس مطمئنة وهم ليسوا من الكثرة التى تناسب ثبات أصول الشجرة فى الأرض ! .. أبرار بوجوه إنسانية ملائكية وبأجساد وأجنحة طيورالجنة الفيروزية النورانية أتوا من بلاد وأراضين عدة غير أن الذين جاءوا منهم من أرض الأنبياء أكثر لأن هناك \"ضحية\" عالم ظالم تبحث لنفسها بالمذابح والمحارق عن أرض وطن! معها
حق والله محبوبته فى ولعها بهذا الرضيع بالذات .. معها حق !
- معها حق !
- أفندم !
تساءل الضابط فإنتبه ألأب من حلمه - الذى إستحوز عليه وهو يقظ يقف على قدميه - بسرعة فائقة ..وأرخى النظر عن إبنته التى فوجئت بعدد من السيدات الجالسات فى غرفة الضابط تتهافتن عليها كل واحدة
تبغى خطف الطفل منها بمجرد أن وقعت أبصارهن عليه بين ذراعيها وتنافسن فى ذلك لدرجة هددت سلامتة وأمنها .. فأسرع الضابط بإبعادهن على حين صاحت الفتاة فيهن مكشرة عن أنياب لم يسبق لوالدها أن
رآها قبلا :
- على جثتى لو أخذه أحد منى ! انا التى وجدته وأنا الأحق به ! لايظنن أحد أنه لقيط أو رزق حدفه الله عليه .. إن له إسم ووطن وأهل جبابرة لاقبل لأحد بملاقاتهم ! وهو لى .. لى .. أنا التى أعرف قيمته !
وعلا صراخ الطفل لما سمع صياحها وكأنه يعلن للقاصى والدانى تضامنه معها ولم يهدأ إلابعد أن إنتحت به جانبا حالسة على \" دكة \" خشبية منزوية فى أحد الأركان وإلتقطت من حقيبة يد صغيرة كانت تحملها
طول الوقت \" بزازة رضاعة \" وألقمتها فى فيه فسكن تماما ومضى فى شفط محلول اللبن بنهم مصدرا صوتا شبه منتظم من توالى إلتحام وإنفراج شفتيه بين الفينة والفينة بجلد \" البزازة \" المصنوع من مادة بلاستيكية شفافة ومرنة فيما يشبه \" المزمزة \" ! وأنظار الحضور جميعا بما فيهم النسوة اللائى أتين ينشدنه لسبب لا تعلمه حتى ذاك الحين فهى لاتدرى .. من إستدعاهن ؟ وكيف بلغهن خبره ؟ ومن أين أتين ؟
ولماذا هذا التكالب على إقتنائه ؟ ,
كانت رقة الحال تبدو عليهن من ثيابهن ومن طريقتهن فى الحديث والتعبيرات والألفاظ التى تتبادلنها وكأنهن فى سوق شعبى للخضار أو على شفا معركة تستخدم فيها بإفراط قاذفات الشتائم ! ثم على حين غرة وقع ما لم تحلم رضوى بحدوثه ...

تابع ...





__________________
إن كانت غزوة أحد قد انتهتْ
فإن مهمة الرماة
الذين يحفظون ظهور المسلمين
لم تنته بعد..!!
طوبي للمدافعين عن هذا الدين كل في مجاله،
طوبى للقابضين على الجمر،
كلما وهنوا قليلاً
تعزوا بصوت النبيِّ
صل الله عليه وسلم
ينادي فيهم:
" لا تبرحوا أماكنكم " !
رد مع اقتباس